المدينة في مرايا المثاقفة الشعرية

دراستي في العدد الثاني من مجلة مثاقفات الصادرة في لندن خريف 2020 .وهنا استكمال للدراسة من إضافات كتبتها خصيصاً لتابي (تنصيص الآخر)..
 
النص والصورة
المدينة في مرايا المثاقفة الشعرية
 
 
 
 
 
 
 
 
 
جسر بروكلين! لكنه الجسر الذي يصل بين ويتمان و وول ستريت،
بين الورقة -العشب، والورقة – الدولار..
أدونيس : قبر من أجل نيويورك
 
توسيعات الجماليات المدينية
لم تعد (المدينة ) مكاناً فحسب تخضع لفحص جمالياتها الفرضية، ويتم إسقاط مفاهيم – ومصطلحات – علم الجمال الظاهراتي عليها ، وتوصلات غاستون باشلار خاصة  كما هو شائع في الدراسات الأكاديمية العربية التي تلقفت جماليات المكان الباشلاري ووظفته لتعيين نقاط تماس مع الأمكنة الكبرى كالمدن، والصغرى كالأبنية والمعالم.
لا يدخل الشعراء المدن بأرجلهم ولايقيمون فيها بأجسادهم كما يفعل الزوار العابرون والسيّاح،بل يبحثون فيها عادة عن(مدنهم) التي بها حلموا ،ولكن كثيراً ما تنخذل تلك الأحلام بوقائع المدن ذاتها وصورها في نفوسهم. ولما كانت لاتهبهم مافي أخيلتهم فقد أضافوا إليها تفصيلات من فيض الحلم الذي قاد خطاهم، فتخدشت تحت قسوة الواقعة المكانية الماثلة مافي دواخلهم من خرائط متخيلة لها في المكان والزمان.
لقد أصبح للمدينة وجود معمق مستل من تاريخها هي لا من وعينا بها فحسب.ولها وجود بالقوة والفعل على مساحة النص الذ ي يتناولها .ومن المفارقة أن المدن تخذل الشعراء بإخفائها صورتها الذئبية الجارحة وراء وداعة أو بهرجة لاتسمحان باكتشاف جغرافيتها الروحية .
ولعل القصيدة بإسقاطات الوعي الخاص على المدينة أكثر انتباهاً لهذا من الرواية التي تتوسع بالمدن أفقياً ،وتلاحق تفاصيلها عبر ما يختزنه عنها  شخصياتها الفاعلة في الرواية ، وما تفرضه حالة التعيين المكاني بالإلتزام بتلك الأمكنة التي تقع فيها أفعال السرد وأحداثه، فتتصاغر مرائي المدن وتتفتت بفعل تنوع أماكن وقائعها.
في القصيدة يشف المكان ويمتزج بالذاكرة والصورة المؤلفة عنها.وتستوقفنا مفردة ( الصورة) لنناقش كيفية – وإمكان تنميط المدينة لتنتج عنها صورة نمطية لها ستكون فاعلة في اختصارها أو تحديد موقعها في وعينا. وتتخذ المثاقفة والحالة هذه شكلاً أحادياً لا يستمع فيه المنمِّط إلى ما في الآخر من مكنونات تبرر وجوده.وكذلك المدن تصبح مناسبةً للتنميط كشكل متخلف من المثاقفة ،غير حيادي أو منتج.ويتبع ذلك بالضرورة تبرير كراهية أو محبة المدينة عبر الصورة النمطية لها.
يلاحظ دانييل باجو ،أستاذ كرسي الأدب المقارن في السوربون خلال الثمانينيات  في دراسة  مهمة عن صورة الآخر المختلف، أن مفهوم الصورة ((من أكثر المفاهيم غموضاً ، فأية صورة إنما تنتج عن حضور الوعي مهما كان بسيطاً ب(انا) مقابل (الآخر) وب(هنا) مقابل(هناك)، لأن الصورة هي محصلة لآنزياحٍ أو تباعد  دالٍ بين
ثقافتين))(1).
هذه الصورة ستكتسب بسبب التباعد والإنزياح الثقافي قوة النمط.ويتم على أساسها تمثيل الآخر سواء بشخصيته الثقافية وما يتبعها من أخلاقيات إجتماعية أو بالرؤية إلى دلالة المتمثَّل ؛كالأمكنة الكبرى وما يلازمها من نتاج الوعي بها بدوافع سنجملها بما يلي:
– إيديولوجية، أو حضارية، أو سياسية ،أو فكرية.
تنتج الأولى من التسلح بالمعتقد وقياس الآخر وتمثيله على أساس مبادئه. والثانية -الحضارية- التي تتكون كصورة من نداء الماضي والتعويل على التراث والمنجز البشري، والسياسية تنساق لمواقف وأحداث يومية تترجم الصراعات ذات الطابع السياسي الأدنى من المعتقد ؛لأنه محكوم بأولوليات إجرائية  وردود أفعال، ربما تزول بزوال الموقف.
يمكن للدافع أو المشغّل الفكري أن يكون أكثر دلالة ،كونه يقارن أو يحاكم ثقافتين، ويترجم رؤية متقدمة وشخصية ، للذات فيها دور أكبر من التجويق النمطي.
وسنرى في ما تتضمن النصوص المختارة في دراستنا  التشكلات الفنية لتلك التمثيلات التي تعكس (أنماطاً )من المثاقفة ،يكون للوعي فيها دورفاعل- لامنفعل- ولكن وفق الدوافع التي حصرناها آنفاً.
يرصد باجو في دراسته للصورية وتمثيل الآخرما يجلبه النمط من ((تراتبية صارمة وفصل متعسف وحاد بين العوالم والثقافات)).كما أن الإيديولوجيات تخلط بين المعيار الأخلاقي والإجتماعي وبين الخطاب ذاته، ويقدم النمط الخلط ذاته ليُحدث التأثير في المستوى الثقافي والإجتماعي العام.(2) ولذا يلجأ النمط إلى اختيار واقعات من الفضاء المكاني والزماني في ظن أنها تعبرعن- أو تمثل- الآخر أو الأجنبي،وتقيم معادلة ال(هنا وال(هناك) بتوازن يرضي الذات المتمثلة .
إن الهجرات والمعايشة الجسدية للآخر أنتجت المثاقفة التي لاتزال غير واضحة المعالم لوجود طرفين في تقرير حقيقتها وبيان تنويعاتها الممكنة.
لقد كانت الهجرات بدافع اقتصادي ذي تلوين إجتماعي.فالفقر ونتائج الحروب في المنطقة العربية القرن الماضي ،وفي ثلثه الأول خاصة ،سمحت بالهجرة بشكل لافت
في الأمريكتين ،وفي أمريكا الشمالية خاصة أقام المهاجرون العرب في مدن كبرى تعج بالصناعات الجديدة وتنمو بصورة سريعة .ونشأ من هنا اغتراب ذو منشأ إجتماعي واقتصادي.قام الشعراء بتمثيله بكيفيات مختلفة لكنها مؤطَّرة دوماً بذلك الإفتراق الثقافي والصورة التي جاء بها هؤلاء إلى المكان الجديد.وقد جرى ما  تنطبق عليه تسمية باجو(إعادة تنظيم المكان الأجنبي)  بأساليب تعبير أو توصيف للمكان تحكمه هيمنة الثنائيات المتعارضة بحدة؛ كثنائية الشمال والجنوب، والمدينة والقرية، والبعيد والقريب….ثم تنهض أسس  فنية للتماهي مع المكان أو الإقصاء والنفور من فضائه الأجنبي؛ لأن تصويره يتم كفضاء أسطوري يستمد عناصره أسطورياً بإعلاء شأن المكان أو تهميشه.(3) بمعنى أن المثاقفة تتم على أساس تنصيص الآخر عبر مفردات المكان التي تتشكّل منها صورة المدينة الضد.ثم تكتسب قوة النمط الذي يهرب من التنصيص المضاد ولا يقرّه.
نيويورك:الحديد  والشبح
لايزال الأمريكان يعتبرون نيويورك صورة مصغرة للعالم ،ويزدهون بما وصلت إليه ثقافتها ومعالمها. لكنّ للشعراء رأياً آخر.فهم خاضعون للتنميط الذي يحملونه خلال إقامتهم أو زيارتهم للمدينة.
فهي تبدو مدينة تلتهم رؤى الشعراء وتصوراتهم عنها.ما إن تُذكر حتى يرد سيل أسماء هجت قصائدُهم المدينةَ وحشاً أو شبحاً ، يمتد السيل  من أبنائها :والت ويتمان وألن غزينبرغ، وروادها الأوائل العرب: جبران وأمين الريحاني، والأجانب الزائرين: لوركا وسنغور ، والشعراء العرب المعاصرين: أدونيس والبياتي  وسعدي يوسف و راشد حسين وأحمد مرسي، وثمة آخرون كأودن ولانكستون هيوز وسواهم.أوصاف عدة أطلقها الشعراء وهم يواجهون نيويورك بضجيجها وصلادتها وعمائرها واشتباك مرائيها بين حضارة وصناعة وآلية واكتظاظ… وبتلك الروح الهاربة التي لاتمسك.
وهذا ينطبق على شعراء من قارات العالم.فنجد سنغور الأفريقي مثلاً يقتطع من نيويورك حي هارلم الفقيرويختزل ما يراه ب( نسيم أخضر من القمح ينبت من بين البلاط المحروث بأقدام الراقصين العارية، أرداف كأمواج الحرير،و أثداء من حديد..) وكان لوركا الأسباني قبله قد صرخ :يا أمريكا المتوحشة.. و استحضر حي هارلم أيضاً..هارلم  التي (يهددها حشد من ثياب بلا رؤوس)، ويرى(صدأ الحديد على الجسور) .وحتى ويتمان ابن المدينة  سيراها  كما رآها مَن هم مِن خارجها ،  فيتحدث حين عاد إليها عن (فراغ يعم  في القلب) ، فكأنها ليست  قلب أمريكا التي قال في ( أوراق العشب)  إنها  في جوهرها أعظم قصيدة . وأنها خلاصة الأجناس البشرية.
إنها الآن بعد عشرين عاماً من وصفه ذاك تبدو له((أرضاً زائفة ، شخصيتها الثقافية غائبة..جسداً عظمياً مكتملاً ولكن بروح هزيلة..)).
لقد وصل المهاجريون الأوائل إلى نيويورك بدوافع أخف ثقلاً من البحث عن صدمات حضارية أو إيديولوجية. إنها أمريكا  العالم الجديد كما سمعوا ،وكانوا هاربين من الحروب وتداعياتها،ومن الفقر غالباً، لكنهم  اصطدموا أيضاً بما  كانوا يريدون في أحلامهم ، وما رأوابالمثاقفة المباشرة مع المكان.
وإذا اقتربنا من التنصيص الذي أجراه المهجريون الأوائل للمدينة  ،  فسنجد في تجربة جبران خليل جبران مثلاً انزياحاً نفسياً حاداً وصراعاً يتمحور في محاولة التوفيق بين شرق روحي وغرب مادي.وسوف يتجسد ذلك لدى جبران في حبه  العفيف لماري هاسكل ، ورغبته الجسدية بميشلين. حين تعرف على ميشلين تمنى لو كانت لها روح ماري، ولو تركَّب شخص ثالث له جسد ماري وروح ميشيلين.ويمكن للمؤوّل أن يوسّع هذا المطلب ليجده مجسداً في تنصيص أمريكا  والغرب كله كما في أمنية جبران: لو كانت للغرب ومدنيته(  المتوحشة) روح الشرق الوادع وسلامه الفطري.
في كتابه (النبي) أفاد جبران من كتاب  نيتشه (هكذا تكلم زرادشت) .فكان المصطفى  وزارا بعيديْن عن وطنهما يمزجان الحلم بالواقع ، والجنون بالشعر. يقول نيتشه(( ما شهوة الشاعر إلا شهوة النسر والنمر.تلك  هي شهوتك  المقنَّعة بألف وجه أيها المجنون أيها الشاعر)) .وسوف يستلهم جبران تلك الشذرة من نيتشه ،فيقول في إحدى شذرات (رمل وزَبَد): ((لا يكسر الشرائع البشرية إلا اثنان المجنون والعبقري))، ذلك الجنون الذي لا يطابق خطابُه الخاص الخطابَ السائد، لكن له عناصره ورؤاه التي لا توافق مايراه العقلاء ،فهوليس خطاباً لا عقلياً كما يسود في النفهم التقليدي .
تلك واقعات يمكن للتأويل أن يربط بينها ليكتشف التنصيص الجبراني المقترح، لا سيما وأن جبران يخضع فكرياً لتلك الثنائيات الضدية. فهو متأثر بنيتشه في القوة والإنسان السوبرمان، حتى قال: إن يسوع ((ما عاش مسكيناً خائفاً، ولم يمت شاكياً متوجعاً، بل عاش ثائراً  وصُلب متمرداً ،ومات جباراً)) . بينما يكرر بعباراته ماقاله المسيح في التسامح والمحبة ونصرة الضعيف.
هنا تظهر إشكالية جبران مع الآخر ويمكن تفسير قراءته الإنتقائية له.
لقد وجد في مدن الغرب (ناساً بنفوس متعجرفة ) هو الشاب القادم من قريته.لكن الغريب أن يقول  في رسالة لميخائيل نعيمة: إن مدينتهم – أي الغرب – اليوم مدينة التقاليد . ويصبح حلمه هو العودة العكسية إلى الشرق الذي هجاه وهجره.
يكتب عام 1952 إلى مي زياده عن حنينه ذاك قائلا :(( سوف يجيء يوم أذهب فيه إلى الشرق.إن شوقي إلى وطني يكاد يذيبني)).وبهذا خلق ثتائية مستعصية تعيق التثاقف الحقيقي ؛لأنها تجعل الوعي بالمكان – والمدينة كتشخيص له  – متأرجحاً بين النكوص إلى مكان بعيد مرفوض من قبل ، وآخر غريب اختاره الوعي ثم صُدم بواقعه.(4)
أما أمين الريحاني الذي سبق جبران في الهجرة إلى أمريكا ، فقد كتب عام 1910 قصيدته(نيويوك) مدججاً بما حمله من صورة نمطية عن غرب قاس ومتوحش. وفاجأته عمائرنيويورك بشكل خاص.فهجاها بقسوة فيها مبالغة وتشفٍ  يلخصه قوله عنها إنها مجد كاذب و قلب خاوٍ، صانعاً ثنائية ضدية  بين جوهرها ومظهرها ، عمائرها ومقابرها، وانسحاق الناس تحتها، فيكتب في قطعة من شعره المنثور:
قبابٌ هي دمامل الأرض
وأنفسٌ تحتها هي دمامل  الأرض
وغداً تصير أبراجك في أنفاقك
ويُدفن مجدك الكاذب تحت أنهارك، فتبكيك عندئذ نينوى وتترحم عليكِ بابل.
…نهر من الكهرباء ، على ضفتيه جبال من الرخام، وغابات من الحديد
هذا هو جمالك .(5)
في هذا المقتبس نجد عدة مظاهر لما ذكرناه في مدخل الدراسة.لقد  بدأ الريحاني  مهجره معجباً بالمدينة-نيويورك-، بل يسألها كونها تضم تمثال الحرية :متى تولين وجهك صوب الشرق ، وكوالت ويتمان الذي يكنُّ له الإعجاب، وتأثر بطريقته في كتابة الشعر المنثور، سيرجع بعد الإقامة ليختزل المدينة في ثنايا التضاد بين الإنسان والمدنية،ويستحضر مدناً قديمة في الحضارة ليجعلها نقيض المدينة المعاصرة.ولابد من ذِكر الحديد والخشونة التي تهبها المدينة  لناظرها، كما في كثير من القصائد التي كُتبت في نيويورك، وكذلك تصويرها كنهر من الكهرباء للدلالة على  البهرجة.
و قد يصل الإغتراب المدني حد تصوير ناطحات السحاب النيويوركية بأنها( على الأفق/ تتناسل في ضجر وبلا حياء)، كما يقول الشاعر المصري أحمد مرسي في ديوانه (صور من ألبوم نيويورك). ويمتد هذا الإقصاء المناوئ للمدينة لدى الشاعر حتى يرى(على درجات المتحف / وفوق  وجوه الناس والنافورات سلسال دم).
لكن شاعراً  مثل سركون بولص  يحفر عميقاً في الصورة وترميزها، ويوغل في تبني خطاب الحداثة  سيجد لاحقاً في أمريكا الموسّعة عن المدينة ترميزاً لثقافتها المزاوجة بين الأعلى الأسطوري والأدنى اليومي. كان يقود سيارته في  (شارع الملوك)وهو أطول شارع في كاليفورنيا عام 1975 بعد ستة أعوام من هجرته إلى أمريكا  ،فتنبه إلى حانة اسمها (حانة الكلب).فكتب قصيدته(حانة الكلب في شارع الملوك) التي لخّص في عنوانها صورة أمريكا: الملكية التي يمثلها طريق ملوك الروح، والكلبية التي يعرضها البارفي اسمه ، في حضارتين تتعايشان في صراع.وجرى بذلك تنصيص المكان عبر مثاقفة استعانت رغم تطوير آلياتها وإجراءاتها بعناصر خطاب تقليدي يرى الغرب متناقضاً كنص ذي فاعلين أو كاتبين متناقضين (6 ) . وهو يعيد التنصيص عبر تقليد خطابي عن البشر المنسحقين ومستغليهم ،فيكتب عن (شوبنغ مول): أهرام من البضائع الجاهزة/عرق البشرية المستحيلُ أحذيةً وحقائب/ في ثكنة جنودها جيش من المستهلكين…
الشارع الخامس
يقدم محمود درويش  في مناسبتين مشاهد من نيويورك ولكن بالواسطة .أي عبر وسيط عاش في نيويورك واختزل  الشاعرمن خلاله مأساة المنفي المسلوب وطنه.        المناسبة الأولى قصيدته (كان ماسوف يكون) في رثاء الشاعرالفلسطيني راشد حسين الذي مات غيلةً في أمريكا، والثانية (طباق) المهداة إلى إدواردسعيد عن لقائهما في
نيويورك .كلتا  القصيدتين تبدأ من الشارع الخامس ،وهو من  أغلى شوارع العالم وأكثرها ضجيجاً وزحاماً ،ويمر بمنهاتن و حي هارلم الفقير فيجمع المتناقضات.
في قصيدته عن  راشد حسين يمتزج المكان بالفقد، ويتحمل وزره، وتسقط على المدينة أشعة من حزن درويش وغضبه المكثف في صور: الشمس شاحبة الضوء ولا فجرولا نجمة، والصفصاف الأليف غائب من المشهد النيويوركي، وأيضاً الموتيف المعتاد: غابة الإسمنت القاسية ونافورة إسمنتية ، فقط ثمة اللحم البشري موزع بين إشارتين مكانيتين متناقضتين: دار الأوبرا حيث الروح والموسيقى، والبنك حيث الخزائن والأموال. نيويورك كذلك ميتة لاروح فيها، تلبث في (تابوتها الرسمي) تنتظلر التشييع بموت قيمها، فيما يموت راشد حسين هناك:
في الشارع الخامس حيّاني . بكى . مال على السور
الزجاجي ، ولا صفصاف في نيويورك
أبكاني،
. شاحباً كالشمس في نيويورك :
من أين يمرُّ القلب ؟ هل في غابة الأسمنت ريش لحمام؟
وبريدي فارغٌ . والفجر لا يَلْسَعُ .
والنجمةُ لا تلمع في هذا الزحام .
ومسائي ضيّقٌ . …..من
أين يمرّ القلب ؟ من يلتقط اللحم الذي يسقط قرب
الأوبرا والبنك ؟

كانت نيويورك في تابوتها الرسمي تدعونا إلى تابوتها
في الشارع الخامس حيّاني . بكى . مال على نافورة
الإسمنتِ . لا صفصافَ في نيويورك . أبكاني .(7)

ويهدي محمود درويش قصيدته (طباق) “إلى إدوارد سعيد” ويتمثل فيها صوته في حوار يديره الشاعر الذي لا يشترك مع سعيد في الجذور فحسب، بل في حالة النفي التي عاشها بعد خروجه من فلسطين.. وفي مقاطع من هذه القصيدة يشخّص درويش إشكالية وجود سعيد وما أسماه دارسوه (مفارقة الهوية) والانشطار بين مكانين يرتّب
ـ ويتطلّب ـ كل منهما وعياً مختلفاً، إن لم يكن مضاداً في بعض مفرداته وعناوينه .. لا سيما وأن المكانين يحف بهما تقابل عدائي يسبّب الانشطار، وسنجد هنا في مصدات المثاقفة مع جماليات الأمكنة وثقافتها مفردات كالمعدن والكهرباء:
 
نيويورك/ نوفمبر/ الشارعُ الخامسُ/
الشمسُ صَحنٌ من المعدن المُتَطَايرِ/
قُلت لنفسي الغريبةِ في الظلِّ:
هل هذه بابلٌ أَم سَدُومْ؟
هناك, على باب هاويةٍ كهربائيَّةٍ
بعُلُوِّ السماء, التقيتُ بإدوارد
قبل ثلاثين عاماً,
إدوارد سعيد في القصيدة يجيب في حوار افتراضي مستعاد وسؤال عن (أناه)  التي يكون أكثر واقعية في تقبل الآخر وثقافته ثم كشف خطابه من داخله، وهو ما نجح درويش بمهارة في تمثله:
 
–   أنا من هناك
أنا من هنا
ولستُ هناك ولست هنا
لي اسمان يلتقيان ويفترقان (8)
رؤى  ومثاقفات مكانية جديدة
الأجيال اللاحقة التي لم تدجج بصور مسبقة لها أيضاً قراءتها للمثاقفة المدينية ونيويورك خاصة.   فهي لم تعد ترى في  المدنية رعبا يدعو لهجائها بخطاب تقليدي لسببين: شيوع التقنيات الحديثة والأجهزة الشخصية وحداثة المدن بشكل ما. ولخلو معتقدات الجيل الجديد من النظرة التنميطية التقليدية عن المثاقفة بالضد من الغرب ككتلة واحدة. لذا تبدو ذواتهم واضحة  بقوة.إنهم صوت أنفسهم لا الجماعة وإن حملوا أثقال اوطانهم ومجتمعاتهم.
فالشاعر العراقي الشاب حسام السراي يواجه المدينة الشبح أيضاً في زيارة يعود بعدها بقصيدة طويلة، ضمّها ديوانه (حي السماوات السبع)(9) عام  2017 .
وصف الشاعر فاضل العزاوي عمل السراي  بأنه قصيدة عن المدينة جعلها الشاعر( قصيدة عن نفسه قبل كل شيء).وقد لامس بهذا ميزة وامتياز القصيدة الطويلة التي تليق بمعاناة الشاعر في الوصول إلى نيويورك زائراً، لكنه يحمل معه هموم العراقيين وعذاباتهم وسط العنف الأعمى ومصادرة حرياتهم وخراب بلدهم.
لا تكتمل المتع القليلة التي التقطها من شباك غرفته المعلقة في الفندق ذي الطوابق الثمانية والثلاثين، كما أن مصادر مثاقفته مختلفة عن الجيل السابق. يستشهد بأغنية لمروان خوري عن عالم (تهرب فيه الطيور من الشجر..) ،ويزور قصراً  في مانهاتن كان سكناً للممثل من أصل إيطالي روبرتو نيرو، وعبر التغيرات يرصد الفراغ الذي تركه:
 
……نوافذ المسكن
الإيطالي الذي في الأعالي،
شرفته فارغة إلا من مائدة المجد المستحيل
لا ينتظر بهاء الشمس
إنها الغرابة التي تهبها نيويورك، والألم المحمول في القلب ،والواقف بين كل منظر وإمكان استيعابه جمالياً.
تصبح صلة الشاعر بنيويورك ثانوية في ظني إزاء ما يحمل النص من تقاطعات الذاكرة بين ما كان وما سيكون، بلد يحترق هناك ، ومكان هجين هنا لا تبصره عين مترمدة  بغبار الوطن.
القراءة السياسية
أقام سعدي يوسف  في نيويورك مدعواً.وكتب سلسلة قصائد قصيرة عن المدينة  ترصد يومياته ومرائي المدينة من خلالها.وهي (قصائد نيويورك) التي تصلح تماماً لنموذج القراءة المتأرجة بين السياسة كموقف يومي، والإيديولوجيا كاعتقاد نظري.
AMERICA AMERICAلكنّ هذه ليست قصيدته الأولى في هجاء أمريكا لأن   التي كتبها  عام 1995أقدم منها ،وفيها يذكر نيويورك ضمن المرفوضات من عالم الغزاة.
لقد كتبها  عقب غزو العراق مضمناً القصيدة شعارات من الخطاب الأمريكي مثل وطني وطني اللذيد، يا رب احفظ  أمريكا، ومهمشاً على دعوات وتهديدات الأمريكان قبل الحرب بأنهم سيعيدون العراق إلى العصر الحجري! وهي تصور حدة التقابل بين عالمين يمثلهما العراق المتجذر في الحضارة وناسه البسطاء،والجندي الأمريكي القادم بسلاحه عارضاً حضارته وما فيها من تناقضات:
لا البترول أريد ولا أمريكا  لا الفيل أريد ولا الحماراترك لي أيها الطيار بيتي المسقوف بالسعف وقنطرة الجذوع، لا أريد البوابة الذهبية ولا ناطحات السحاب أريد القرية لا نيويورك.
رغم أنه أراد في رسالته لنادي القلم الذي دعاه لملتقى حول التثاقف! أن يمدد إقامته  أربعة أيام((قلت لهم إنني أريد أن أتآلف مع الحاضرة العظمى: نيويورك,مع مانهاتن،وجسر بروكلين,و…..)
يأتي سعدي هذه المرة أيضاً مدججاً بالنظرة الأولى للغرب كما تَمثّله  في وقت مبكربتعميم وبتنميط شائع. تلك النظرة التي جسدها في جزء من مرثيته للسياب التي كتبها عام 1965. فالغرب هنا مسؤول عن موت السياب، وموصوف بما تهب الذاكرة من جزئيات عن الغرب كله، ونورد جزءاً من المرثية لنرى من بعد ما الذي  تغير مضمونياً ، وما استجد في شكل المثاقفة مع الغرب في نتاج الشاعر:
ياعالم المتوحشين ذوي البنادق
حيث الحديث عن الورود سدى، وحيث النسل يزرع في الحدائق
ونساؤه يجهضن في المستشفيات ، وخلف أستار الفنادق
.. ياعالم المتوحشين ذوي الخزائن
والجامعات وجدول الإحصاء والفرموث والحرف المداهن
حيث الدواء يباع ويشترى، حيث المداخن
تتنفس الآلات فيها
ويحشرج الإنسان فيها
نلتقي في هذا الهجاء بجزئيات تنتجها الصورة النمطية ،وتجتر ما قيل من قبل عن المداخن التي تتنفس بينما يختنق الإنسان ،كمظهر للمدنية الجديدة التي يصطدم بها الشرقي، لاسيما وهو قادم من حاضنة تختلط فيها الإيديولوجيا اليسارية بالموقف السياسي كترجمة لها.
وهنا أيضاً نجد المداخن والخزائن وإبتذال الجنس والنسل، ولا يصبح للورد من معنى في عالم مسلح متوحش. وهي كما نرى مفردات الخطاب التقليدي المنبثق من رؤية سياسية. كُتبت قصائد الديوان بين الثاني عشر من تشرين الثاني 2006 والأول من أيلول2007في لندن ونيويورك.وتضم سردية تبدأ بأول الكلام حيث سائق التاكسي التي تأخذه من المطار ، وتمر بمرائيها التي يبرع سعدي يوسف في التقاطها ممتزجة برؤيته وإسقاط وعيه ، فتصير أمكنته التي انتخبها وأطّرها أو نمّطها.ويختم بالوداع عائداً للمطار بقصيدة (لا تقل) التي تلخص الهجاء للمدينة وأمريكا بالضرورة وبجرم ما فعلت بالعراق..
لا تَقُلْ في خفوتٍ : وداعأً!
لا تَقُلْ أيَّ شــيء
للبلادِ التي أورَثَـتْكَ الجنونَ
البلادِ التي هدمَتْ وطناً فوقَ رأسِكَ
واستأجرتْ زُمْـرةَ القتلِ
واقتلعتْ من حديقةِ بيتِكَ معنى الغصون
و يتماهى مع والت ويتمان أيقونة المدينة وشاعرها، حدّ أن يثبت له ثلاث  قصائد بنصها الإنجليزي ، ويستطرد منهما ليتحدث عن الجيش الذي احتل الوطن، ولمناسبة الغربة في قصيدة ويتمان يكتب عن مأساة تعذيب سجناء(أبو غريب). وكما استوقفت سركون بولص (حانة الكلب) يقف سعدي عند(مطعم   الخنزير الأعمى). ودوما المعادلة ذاتها: الموتيف المقتطع من المدينة وأشهر معالمها، ثم التقاط المهمشين والبائسين والملونين ، ليخلق تلك الصورة التي اعتدنا أن نراها في مثاقفة السياسيين من الشعراء.لكن أسلوب سعدي وقدرة التصوير وبساطة التعبير مع عمق الفكرة تنقذ خطابه من التكرار الممل .. ثمة موازنات دوماً:(في قصيدة أمطار آب) ثمة البنك والكنيسة، وفي قصيدة ( أبواب هارلم) الحي نفسه جاذب الشعراء وأهاجيهم يصرح سعدي(كأني هبطت على كوكب ليس فيه نيويورك).يقدم سعدي تلك الإلتقاطات المرشوشة ببهار سياسي شائع ،لكنه يلتقط نوادر نيويورك كسواه من الشعراء الزوار ويؤرخ لطبوغرافيا المدينة بالإحالة إلى مآسيها وعطفاً على مآسي الوطن. ماجرى في العراق يقف بين الجميل ومبصره، وتنخلق صورة نمطية معلقة على جدار الحرب، ولا تخلو القصيدة من مناظر مجتزأة من مشاهدات الشاعر البصرية وطريقته في لمِّ تلك الأجزاء في سيناريو شعري، تعطيه الإيقاعات في القصيدة عذوبة خاصة.
الإقصاء الفكري
قصيدة أدونيس الطويلة (قبر من أجل نيويورك) نموذج فذ للرؤية الفكرية المتشعبة لنيويورك. نشرها في أحد دواوينه الهامة ( وقت بين الرماد الورد)  لآحتوائه على قصيدته اللافتة(هذا هو اسمي) ، وقصيدته(تاريخ لملوك الطوائف). يوسع أدونيس  ثنائية المدنّس والمقدس .ولايراها في اللاديني بل في اللا إنساني.وبذا تفقد نيويوك القداسة.لكنه يقع في التكراروتنميط المكان، حين يرضخ للثنائية الشعبوية: الحيوان  المحترم،والإنسان المهان. فيقول مختزلاً نيويورك وأمريكا كذلك بالقول(  للقطط والكلاب القرن الواحد والعشرون/وللبشر الإبادة/هذا هو العصر الأمريكي).
وكما في قصائد سعدي يوسف يخاطب أدونيس والت ويتمان ويستحضره شاهداً على الصدمة. لكن البدء في القصيدة البانورامية التي يمتزج فيها الشعر بالفكر يكون بتعريفات حاذقة للمدينة:
حتى الآن تُرسم الأرضُ أجاصةً
أعني ثدياً
لكن،ليس بين الثدي والشاهدة إلا حيلة هندسية:
نيويورك
نيويورك،
امرأة – تمثال امرأةٍ
في يدٍ ترفع خرقةً يسميها الحريةَ ورقٌ نسميهِ
التاريخ وفي يد تخنق طفلة ً اسمها الأرض
إن هذا الإستهلال الملخص لرؤية الشاعر وخطاب نصه ، سيجعل كل مايلي من بعد توصيفاً مضاعفاٍ للموقف من المدينة. وكان أدونيس زمن كتابة نصه هذا (1971) يعيش ذروة لحظة حضارية توَّجها بقصائد نثر طويلة، وبأسلوبية لافتة ومحتلفةعن سواها . هنا يستثمر العنوان والإستهلال لرسم المدينة لغوياً وصورياً.وبالتشكيلات البيتية وتوزيع الجمل الشعرية والتكرا،ر والغوص في تاريخ المدينة بالتوازي مع تاريخ الإشكال الفكري معها، والعودة إلى بيروت بالمرائي والأحداث.. كل ذلك صنع تلك العمارة الشعرية الباذخة التي ضمت القصيدة وعناصرها. ادونيس هو السارد المتحدث لذا يدير الخطاب أنى شاء: لنيويورك وبيروت وويتمان الذي (لم يره في منهاتن)  ورأى كل شيء. ومنه وفي هارلم يرى الزمن يُحتضر، وتقوم هي البائسة بأهلها المهمشين بضبط الزمن: أنت ِ الساعة. وكذلك كان ويتمان كلمة السر ، لكنه لم يفتح شباك  وجه نيويرك المغلق،فصار غريباً مثله.وجسر بروكلين غدا جسراً يوصل الروح بالمادة: ويتمان وول ستريت، ورقة العشب (إشارة إلى عمل ويتمان الأشهر) ،وورقة الدولار. فتخسر الروح جوهرها وتغرق.
حشد من الأسماء  يستحضرها  أدونيس من التاريخ والأدب والفلسفة والسياسة ،لكنه يعود للنواح على ماحل بالعرب ومدنهم..
ينهي ب :سلاماُ لوردة الظلام والرمل/ سلاماً لبيروت. وكأنه يسلك طريق العودة يائساً حيث لم تنفع كلمة السر: ويتمان  لفتح مغاليق هذه المدينة الأعجوبة بوجودها الواقعي وتمثيلاتها الشعرية.
 
 
قدّاس على روحها
بعد ست سنوات من نشر قصيدة أدونيس (قبر من أجل نيويورك) كتب عبدالوهاب البياتي قصيدته (قداس جنائزي إلى نيويورك) ( 13)
ورأى كثير من دارسيها  أنها تقترب منذ العنوان من قصيدة أدونيس (قبر من أجل نيويورك) التي كتبها ونشرها  قبل نص  البياتي بست سنوات. العنوان في قصيدة البياتي  يتكون من (قدّاس جنائزي) هو بعض تداعيات القبر وملحقات التشييع وهو ما أثبته أدونيس. وتخصيص نيويورك بكلمة (من أجل)  لدى أدونيس تصبح حرف جر (إلى) وكلاهما يمثلان العائدية. وينتهي العنوان بآسم المدينة في العملين.
من المؤكد أن أدونيس قضى الفترة المؤشرة في القصيدة في نيويورك ، لكن سيرة البياتي لا توضح زيارته بشكل مؤكد، أوعلى الأقل لاتدل – حتى القصيدة – على معايشة كالتي وجدناها في قصيدة أدونيس وسعدي يوسف.
البياتي كأدونيس وسعدي يهجو المدينة.ويلصق بها صفات غير بعيدة عن القصيدتين. فهي وحش حجري،  وفيها  عين الوحش  الرابض ( تذرف دمعاً فسفورياً..قرب البحر) كإشارة  مختزلة لتمثال الحرية، ولكونها المركز المالي الأكبر فقد ذكر نقود صيارفتها .وكذلك تعرض للظلم الإجتماعي والتفاوت الطبقي ممثلاً في حي هارلم الذي لم يغب عن القصائد التي  كتبت في نيويورك وهجائها.
وكذلك ذكر الشارع الخامس الذي حضر في قصيدة أدونيس وسعدي يوسف. و. استمد الرموز الدينية ليسقطها على نيويورك لتوسيع الدلالة وتجسيم مصيرها الذي يتوقعه خراباً ودماراً ،كما زالت سدوم وعامورة ، مؤطرة  هذه المرة بالموسيقى الزاعقة التي تردد شوارع المدينة أصداءها في ليلها الطويل:
موسيقى تعلن عن «عامورة» في القرن العشرين
وسادوم المجهول المعلوم
للأجساد البشرية في علب الليل المهزوم
وقد اختار البياتي  لقصيدته بذكاء تفعيلات البحرالمتدارك(فعلن فعلن..) وتنويعاتها الممكنة ليخلق ما يوازي إيقاع نيويورك الصاخب وزحامها البشري وعتمة فضائها المحتشد بالعمائر وناطحات السحاب، ساعده في تكريس ذلك إلحاحه على القافية وترددها بكثافة كما هو شأنه في خلق موسيقى قصائده.
خلاصة
هذا ما رأوه في نيويورك التي دخلوها شعراءحالمين ، وخرجوا منها ثائرين عليها، فجرى ترميزها بدوالٍ  ثنائية محدودة وموحدة الدلالة ،يمكن استتلالها من القصائد، فهي :
الورقة العشب- والورقة -الدولار، أدونيس
الكنيسة والبنك،    سعدي يوسف
الأوبرا والبنك، محمود درويش
عين وحش حجري:عبدالوهاب البياتي
شارع الملوك وحانة الكلب، سركون بولص
مجدٌ كاذب وقلب خاوٍ ،أمين الريحاني
لعلها عناوين مختزلة للمدينة :الشبح الحديدي الذي يبحث فيه الشعراء عن صورهم، فلايجدون إلا صورتها التي خلقتها تراكمات التنميط والمساءلة مختلفة الدوافع.
* هوامش وإحالات
(1) نحو منهجية لدراسة الآخر المختلف: د.ه.باجو، ترجمة معجب سعيد الزهراني،مجلة نوافذ،النادي الأدبي الثقافي بجدة، العدد2،ديسمبر 1997، ص74.
(2) باجو، نفسه ،ص 81
(3) نفسه ، 86
(4)المقتبسات من جبران من  المجموعة الكاملة لمؤلفات جبران خليل جبران ، دار كتابنا ، بيروت 1964
(5)  الريحانيات : أمين الريحاني، ج4،مكتبة  هنداوي ،الموسوعة العامة 2014 ج4
(6) قمت بتحليل قصيدة  سركون بولص (حانةالكلب في شارع الملوك)في كتابي (قصائد في الذاكرة- قراءات استعادية لنصوص شعرية) ، كتاب دبي الثقافية 52، أغسطس2011،ص203 -209.
(7) القصيدة في ديوان (أعراس) محمود درويش: الديوان- الأعمال الأولى2،ط1،رياض الريس للنشر،بيروت 2005،ص239
(8) درستُ قصيدة(طباق) في بحثي الإستشراق /الهوية/ المكان- مفارقات معرفية في فكر إدوارد سعيد، المجلة العربية للثقافة، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم-، تونس ، العدد65-2019. وسترد في ملحق  لفصل عن الإستشراق في هذا الكتاب.
(9) حي السماوات السبع: حسام السرّاي،دار الرافدين للنشر، بيروت-بغداد 2017.
(  10) الأعمال الكاملة :سعدي يوسف ،المجلد الأول ،منشورات الجمل،بيروت – بغداد 2014، ص442 . وديوان قصائد مرئية 1965
(11) قصائد نيويورك: سعدي يوسف، 1988- من الموقع الإلكتروني للشاعر.
(12) قبرمن أجل نيويورك،في الآثار الكاملة: أدونيس /المجلد الثاني،ط2دارالعودة،    بيروت1971،ص 647
(13) قداس جنائزي إلى نيويورك:عبدالوهاب البياتي،ديوان البياتي ،المجلد الثاني،بيروت 1990 ص