في اليوم العالمي للّغة الأم- جريدة الشرق الأوسط- ملحق ثقافة

 

 

في عدد جريدة الشرق الأوسط، صفحة( ثقافة) ليوم الخميس 23-2-2023، مساهمتي في اليوم العالمي للّغة الأم ، ضمن استكتاب حول واقع اللغة العربية ،وما تتعرض له من تردٍّ وضعف بسبب سوء استخدامها..شكرا للمشرفين على الصفحة ، وللصديق الأستاذ علاء المفرجي الذي اقترح المساهمة.
AAWSAT.COM

من المهم تنقية الكوادر الثقافية والأدبية من غير المتخصصين

الخميس – 2 شعبان 1444 هـ – 23 فبراير 2023 مـ رقم العدد [ 16158]
د.حاتم الصكر

الضعف المهيمن على استخدام اللغة العربية، أو التردي الذي وصفَ به واقع اللغة العربية، هو موضوع ذو شقين:
– في الاستخدام العام الذي يجري في اليوميات العادية.
– والاستخدام الخاص الذي يجري في الجوانب الثقافية والأدبية، والمكاتبات، وعبر وسائط التواصل، والمطبوعات، والأنشطة، والبرامج السمعية والبصرية.
وإذا كان إصلاح الضعف المتحصَّل من استخدام العامة متشعباً، وله صلة بصعود العاميات، وهيمنة الشعبوية على الخطاب التداولي والجماهيري، فإن التردي يكون مؤشراً لأزمة حقيقية لا تتعلق بالهوية فحسب، بل بجماليات اللغة ووجودها الثقافي. وهو خطر يرتّب مهمات عسيرة على المثقفين والتربويين، ليس أيسره النظر في برامج تدريس اللغة العربية ومفرداتها ومقرراتها، وتيسيرها بتنقية الزوائد والترهلات والفرضيات غير المناسبة لعصر متعلمي اللغة ومتلقي أدبياتها. كأن نقرأ في متن أهم الكتب المقررة لتدريس النحو في الجامعات أمثلة من شاكلة: حضر القوم إلا حماراً، وسواها من الأمثلة البائسة نثرية وشعرية، تصاغ نظماً لتأكيد الشواذ في القواعد، وما يَرد بسبب اختلاف اللهجات. كما أن التعليم لا يتضمن أي استعانة بصرية أو سمعية تقترب من ثقافة المستخدم اليوم، وتحبب له الدرس اللغوي. وهو ما يقال أيضاً في الدرس الأدبي، حيث أغلب المقررات لا تزال تقليدية تجترّ القديم، أو تستعرض النظريات التي لا يخرج منها المتعلم إلا بالأسماء دون محتواها.
ومن المهم أيضاً تنقية الكوادر الثقافية والأدبية من غير المتخصصين أو الضعاف في مستوياتهم وتكوينهم. فهؤلاء يُشيعون الأخطاء حيث يوجدون، ويتساهلون في استخدام اللغة العربية دون إدراك لجمالياتها. فتظهر العبارات مغلوطة على الشاشات، وتستقر في وعي المتلقين، وتعمّق وسائط التواصل تلك الأزمة بالاستخفاف باللغة العربية، وتشجيع العاميات المعوجّة والهجينة، والمصطلحات الأجنبية وإهمال مرادفاتها العربية.
ولكوننا مهتمين باللغة ومشتغلين في الثقافة وشؤونها، نجد أن من واجبنا تأشير الضعف البيّن، والتردي في مؤهلات القيمين على الثقافة والتدريس، لا سيما في الجامعات، والتساهل في تداول اللغة بأخطاء فاحشة وصياغات غريبة.
ولا أجد تفسيراً لركون كثير من المثقفين إلى التحدث بالعامية في مقابلاتهم وفي المحافل العامة.
وأحسب أننا مطالبون بأن نزيد وتائر التأليف باللغة العربية وتقريبها للقارئ، كي لا يحل الكتاب الرقمي بما فيه من تساهل وضعف محل الكتاب المقروء، فضلاً عن تشجيع القراءة في المراحل العمرية المختلفة والتأكيد عليها في الصغر. بالقراءة وحدها نضمن لنسغ اللغة العربية الحياة، وبتنقيته من الشوائب والزيادات والتمحل والاستعراض، وإضاءة سبل قراءة الموروث الثقافي، والتجارب الأدبية الحديثة التي تحفظ جماليات اللغة وتحببها للمتلقين.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*