أن يكون النقدخطابا أولا .. قراءة في كتاب نقد الحداثة لحاتم الصكر

أ.م.د. علي متعب جاسم
جامعة/ ديالى
اولا . كشف اولي . ” على سبيل التقديم ” .
1.
حين يتم الحديث عن اجيال الشعرية العربية , ربما يقفز تساؤل الى أي حد ايضا يمكن الحديث عن اجيال النقد العراقي , سؤال يقودنا الى اخر  هل يمكن افتراض ان الجيل الشعري يخلق معه  جيلا نقيا ؟ وهذا الافتراض يواجهنا بافتراض تساؤل اخر هل الجيل النقدي يمكن ان يتبنى طروحات جيل الشعر  معه ؟ تساؤلات ليس من السهل الخوض فيها وليس من المستحسن تركها .
غير اني اود من خلالها دخولا الى عالم الصكر النقدي . وربما اجد من خلال ذلك بعضا من الاجابة على تساؤلاتي واترك ما تبقى منها لموقف ات .
والبداية نشير الى ان الصكر من جيل النقاد العراقيين الذين وقعوا تحت تأثير النقد النصوصي , ما يعني مؤشرا اوليا عن تبنيه مفاهيم حداثوية , واختار لنفسه رؤية يتعامل بها مع النصوص ومنهجا الفناه قريبا منه في اغلب دراساته وسناتي على ذكره .
كانت الثمانينيات شاهدة على اولى نتاجاته النقدية – فيما وقفنا عليه – اذ ابتدأ بنشر مقالات تواكب الحركة الشعرية , ثم بكتابه البكر ” الاصابع في موقد الشعر ” الصادر عام 1986 , وكان قادما من منطقة الشعر اذ اصدر ” مرافئ المدن البعيدة” عام 1975 ومن ثم ” طرقات بين الطفولة والبحر ” 1980 . وهو ما يعني انتماؤه زمنيا الى السبعينيين الذين اعلنوا عن ولادة جيلهم عام 1973 .
واستنادا على هذا سنفترض ان الصكر ناقد سبعيني , بالانتماء الزمني اما بالرؤية الفنية فالأمر يحتاج الى متابعة .
لقد طرح الصكر اولى آرائه النقدية وسجل بدايات متابعاته على الجيل السبعيني نفسه . وفيما اطلعنا عليه كانت الندوة التي عقدها جوزيف تيرزو في نيسان من عام 1983 والتي جمعت الصكر مع ماجد السامرائي وخيري منصور وتناولت هموم الابداع ورؤى اخرى حول الشعر , بضمنه الشعر السبعيني او ” الشعراء الشباب ” كما كانوا يسمون آنذاك وقد اخذ النقاد على هؤلاء الشعراء مآخذ مختلفة تصب كلها في ” القصور الابداعي وعدم وضوح رؤية شعرية لديهم “. من هنا يبدا حاتم مشواره النقدي . والاصح حين كتب اعنف رد من وجهة نظري على ردود الشعراء السبعينيين الذين عقدوا ندوة اخرى في المجلة نفسها وردوا على النقاد .
كتب حاتم مقاله الاوسع شهرة ” البيضة التي لم يضعها ديك النقاد الاربعة ” وجه بها خمسين اتهاما للشعراء ونشرها في ايار عام 1983 في جريدة الجمهورية لينتظر ردا منهم بمقال ” خمسون بيضة فاسدة في سلة الشعر السبعيني ” نشر في مجلة الف باء في السنة نفسها .”1″
2
هذه البدايات تؤشر لنا الاتي :
ان الصكر وعلى الرغم من انه ينتمي – زمنا – الى الجيل السبعيني الا نه يختلف معه رؤية , بدليل انه بدأ مشواره النقدي بتشخيص عيوب تجربتهم وقصورها , ألى ابعد من ذلك حين يصدر كتابا عام 1986 مخصصا لهذا الجيل ” مواجهات الصوت القادم ” تضمن مجموعة من الاختيارات الشعرية لهم ومصدرا بمدخلين يمكن القول فيهما انهما اجملا بشكل عام الرؤية النقدية التي احاطت بالسبعينيين على مدى العشر سنوات الاخيرة من عمرهم الابداعي آنذاك , ومنها مآخذه عليهم كما كتبها في مقالاته السابقة ومواقفه . لكن المهم في هذا الكتاب انه تضمن ثلاث عشرة قراءة في دواوين الشعراء الصادرة , كما تضمن قراءة سريعة فيما اسماه بالمكتبة السبعينية .
ب. ان الصكر هنا كان قد طرح نفسه ناقدا اذ اصدر قبل هذا الكتاب كتابا هو باكورة اعماله المطبوعة ” الاصابع في موقد الشعر متخليا عن عرشه الشعري وربما الادق مذوبا رؤيته الشعرية برؤيته النقدية .
ج.  الاهم في كل ذلك , اننا لمسنا ان الصكر تعامل مع هؤلاء الشعراء , من منظور ما وصلت اليه القصيدة العربية والعراقية آنذاك , بمعنى ان معيار الشعرية عنده كان قصيدة الرواد وادونيس ومن ثم الستينيين وهو ما يدعونا الى القناعة المطلقة من انه تعامل معه من واقع اختلاف الرؤية , لذلك حين نتصفح تاريخه ومدونته النقدية , نجدها في الاغلب متجهة الى دراسة شعراء الريادة الشعرية او من توازى معهم مثل درويش وادونيس والقباني وغيرهم فضلا عن ارتياده مساحات منتقاة من التراث الشعري والسردي , وخلت تلك المدونة في الغالب من دراساته لشعراء هذا الجيل .
د.  يلفت النظر ان حاتما , ومنذ مشروعه الاول نقديا كان قد انتبه الى قضيتين اساسيتين , الاولى انه يتعامل مع النص الشعري بحساسية عالية . حساسية لا تكسر هيبة الشعر وانما تحافظ على ملكوته وكبريائه . ولذلك يختار ” منطقة القراءة ” منهجا يبقى وفيا له ربما الى هذه اللحظة . والاخرى انه يلتفت مبكرا الى اهمية ” نقد النقد “. بوصفه عملا يكمل الرؤية النقدية يراقب ويصحح ويضيف ويعدل . وهو امر لم يتخل عنه الى اخر كتبه ” موضع قراءتنا ” وهو ” نقد الحداثة “.
ثانيا : من النقد الى قراءة النقد .
ا.
يطرح كتاب ” نقد الحدثة “2” نفسه بوصفه قراءة في ” النقد ” , وهو بالتالي وبحسب هذا الافتراض نص ثالث يتأسس على نصين سابقين له . ومع ان اجراءات نقد النقد ومنهجياته يحتاج الى وقفة متأملة فيما قدم به على مستوى النقد العربي , الا انني سأتركه لموقف لاحق , مكتفيا بفحص مقدمة الكتاب فحصا دقيقا نظرا لما تشكله من اعلاني منهجي سيقوم الناقد بالسير على هداه .
واول ما يضعنا الناقد فيه انه ينتقي مجموعة من ” القراءات والمواقف النقدية ” العربية حصرا , وشرط انتقائه محصور في زاويتين :
ا. انها تنتمي الى المدونات النقدية التي روجت للحداثة او قدمتها من بعيد او قريب .
ب . انها كتبت في زمن سابق , وشكلت – الى حد ما – ثلاث مراحل مهمة في تطور الفكر النقدي الحداثي عند العرب هي مرحلة النهضة  ثم التجديد ثم التحديث .
بناءا على ذلك يقترح الصكر اصطلاحا يخوله الوقوف من هذه الدراسات موقف قراءة  وهو ما يسميه ب ” القراءة الاستعادية ” التي اعلن عنها في عنوان مقدمته ” الحداثة بين نقد النقد والقراءة الاستعادية “.
القراءة الاستعادية اذا هي الرؤية التي ينطلق منها الناقد في قراءة نصوصه وهو مشروع درج عليه الناقد خلال الاعوام الثلاثة الماضية اذ قدم كتابين في قراءة نصوص شعرية , لذا من الطبيعي ان يقفز تساؤل ملح عن مفهومها عنده .
تتشكل القراءة الاستعادية عند الناقد مستوفية الشروط الاتية :

  1. تاليف سيرة جديدة للنص .
  2. فحص سياق النص وموقعه في الوجود النصي للنوع الذي يندرج فيه .
  3. مدى التعديل الذي اضافه .
  4. المهيمنات الفاعلة في انتاجه وبناء النصية .
  5. تسعى القراءة الاستعادية لفحص صدى النص على الذائقة العامة وتلقي القراءات المعاصرة له .
  6. من سمات القراءة الاستعادية ان التحليل يتمدد ليشمل الجانب الثقافي في عملية القراءة .
  7. القراءة الاستعادية متمردة على القراءات السابقة اذ ان الكثير منها صنعته قراءات سياقية وردود افعال . هذه بالمجمل الرؤية التي ينطلق منها , مع التذكير طبعا انه يطبقها او يحاول ذلك على النصوص الشعرية والنقدية مما يعني انه يضعهما في منظور واحد , وسناتي على هذه الفقرة لاحقا .

2
المنهج .
ذكرنا في المقدمة ان الصكر لم يحد في معظم قراءاته عن النقد النصي , وهو يقترح لنفسه منهجا بقي وفيا له هو ” القراءة والتلقي “. ففي كتابه ” الاصابع في موقد الشعر ”  وفي كتابه ” البئر والعسل ” الصادر عام 1992″3″ يقترح في مقدمته التي عنونها “بئر النص وعسل القراءة ” اعادة ” حق القارئ في التأويل وربط علامات الغياب التي يبثها النص بما يوحي به متنه الحاضر ” فالمناهج النصية كما يقول ” ” لم تستطع ان تشرك القارئ في بناء النص ” لكنه يستقر على هذا المنهج في كتابه ” كتابة الذات ” معلنا في المقدمة ان النص هو ” مملكة القارئ ” ويبسط تعريفا مكثفا بالنظرية مبشرا  بها وبمكانة القارئ .”4″
وليس هذا ما يعنينا بالضبط , وانما ما نريد ان نصل اليه , هو ان ” القراءة والتلقي ” هي خيار الناقد الصكر الذي تبناه في معظم كتاباته النقدية , وهو امر يفرض علينا تبين منهجه في كتابه موضع قراءتنا .
وفي مراجعة سريعة الى مجمل ما طرحه في مفهومه للقراءة الاستعادية , نتبين انه يضع النصوص النقدية التي ” يستعيد قراءتها ” بالمكانة نفسها التي يضع النصوص الادبية ” السردية والشعرية ” ليقدم فيها وجهة نظر اخرى منبثقة عن قراءات سابقة وبالتالي فان ” النص ” عنده ايا كان شكله , قابل لاعادة النظر والقراءة والانتاج الجديد وهو ما تبناه في مشروعه النقدي . وقد لاحظنا انه يولي النصوص التي يقراها – واشار الى ذلك في المقدمة  – اهتماما على مستوى بناها النصية وتعالقاتها بالنصوص الاخرى وتفاعلها مع سياقاتها الثقافية المنتجة لها , وتاسيسا على هذا , سنفترض انه تعامل مع النصوص النقدية بصفتها نصوصا اولى , وان النقد الذي كتبه عنها يشكل النص الثاني ” نص القراءة ” وفاعلية القارئ . ولذلك تعامل معها – كعادته – بوضع عنوانات ملفتة للنظر وقد ظهرت هذه النزعة عنده منذ مقالته الاولى مرورا بكتبه وعنواناتها الداخلية وصولا الى كتابه الاخير , فكل عنوان يضعه هو بحاجة الى تفكيك مرموزه وتثبيت علاقته بالنص . ومع ان العنوان وقراءته هو ايضا من مهمات القارئ كما يضعه ” ميشيل اوتان في مقاله ” سيميائية القراءة ” ضمن ” مواضع اليقين ” “5” كما يسميها بمقابل مواضع الشك , اذ ينطلق منها القارئ لبناء التاويل ومنها بل اولها العنونة . الا اننا نلمح  تأثيرات تسريب النيات الشعرية الى كتابة النص النقدي وهو ما المحنا اليه في التمهيد فضلا عن انها تهشم العزلة الاكاديمية التي لطالما اكد عليها الناقد في كتابه وسناتي عليها  . وقد حملت عنواناته سمتين رئيستين الاولى ان الاغلب فيها حملت دالين , يمثل الاول المستوى العام للقراءة في حين يجسد الثاني الدلالة الخاصة لها , مثلا ” الغربال لميخائيل نعيمة . غربلة النصوص بمقياس الجراة والصراحة ” و” محمد عابد الجابري منقبا في طيات ( العقل )العربي . تحرير عقل طال سكوته عن نفسه ” . و ” ريادة التنظير في “قضايا الشعر المعاصر ” لنازك الملائكة . الهروب من تناظرات المنزل وبيت الشعر “. والسمة الثانية انها صحبت بنص انتقاه الناقد من المتن الذي يدرسه بعناية دالة . هاتان السمتان دالتان من وجهة نظري على استدراج القارئ الى النص وتفاعله معه , ولكن بقصدية توجيهه لنمط خاص من التأويل اذ يضعه بين نصي ” العنونة والتصدير ” بصفتيهما ” لازمتين نصيتين ” باصطلاح جينيت ” تساعدان على “تحيد نوايا النص :كيف ينبغي ان يقرا او لا يقرا ” “6” و سيجري تعميق الكشف بهما لاحقا من لدنه . وقبل ان نناقشه في مجمل طروحاته , يستثيرنا السؤال الاتي :
الى أي مدى يمكن تطبيق المنهج على النص النقدي ؟ هل يتساوى النص النقدي والادبي في استقبالهما لمنهج ما ؟ . الحقيقة اني – بناء على ما اقررته سابقا – من ان الناقد يريد انتاج وجهة نظر جديدة في نصوص سابقة , بالتالي يمثل منها موقفا جديدا , من هنا يصبح من الطبيعي جدا ان يتعامل معها على انها نصوص تحتمل القراءة وتنتج موقفا قابلا هو الاخر للنقاش وهو ما سيكون محطتنا التالية .
ثالثا : قراءة الموقف .
1.
ناقش الصكر مجموعة من القضايا الاساسية التي طرحتها متونه النقدية , ومع اننا لاحظنا بالمجمل صفتين على اختياراته النقدية تتمثل الاولى في ان النصوص النقدية مثلت اتجاهين الاول هو النصوص التأسيسية , وهي اقرب الى الطروحات النظرية التي اسست مفاهيم او طرحت مفاهيم جديدة في حينها , وتمثلت بدراساته عن الديوان والغربال وفي الشعر الجاهلي ورفائيل بطي والغذامي وقاسم امين والوردي والجابري وادوارد سعيد .
وملاحظتنا الاساسية على هذا الاتجاه لا تتحدد بمدى اهميتها فقد لا يختلف اثنان عن اهمية هذه الدراسات وفاعليتها في ” تحديث الفكر العربي وتحديدا النقدي ” انما في جمعه هذه الدراسات وهي تمثل اتجاهات مختلفة من الصعب ان نقفز على مرجعياتها الفكرية , فهي تجمع بين مؤثرات فكرية لا تتوحد , شرقية وغربية وحداثية وما بعد حداثية , . بالإضافة الى انها تعاملت مع العقل العربي – نتيجة لاختلاف مرجعياتها الفكرية – من زوايا نظر مختلفة  الامر الذي يحدث نوعا من التناقض ناشئ من اختلاف الوجهات . اما الاتجاه الثاني من الدراسات  فهي تلك الدراسات التي تناولت نقدا اجرائيا مجموعة من النصوص الادبية او النقدية . مثل دراسة احسان عباس عن الشعر الحر وثنائيات الخفاء والتجلي وفي تجربة النقد الاكاديمي  ودراسة محمد صابر عبيد عن ادونيس وغيرها ايضا . وملاحظتنا الاساسية على هذا الاتجاه انها تتفاوت ” أي الدراسات ” ما بين تمثيلها للرؤية التي يريدها الناقد وبين اجتزائها لعدد من المفاهيم والاجراءات ذات الطابع التجزيئي , وهذا ما قادنا لتسجيل النقطة الاهم وهي انه أي الناقد لم يتعامل معها بالرؤية نفسها ولا بالمنهج ذاته . فضلا عن اننا نرى ان في هذا الاتجاه من الدراسات ما لم يحقق قيمة اندفاعية باتجاه ترسيخ الحداثة التي يريدها الناقد في مشروعه الاستعادي الذي اعلن عنه لاسيما ان التفكير بمشروع يعني التفكير بالكليات التي تمثل اداءات احدثت تحولا ما وهو امر يصدق على اتجاه الدراسات الاول ولكن من الصعب ان نتبينه في جميع الدراسات باتجاهها الثاني لان بعضا منها مثلت وتمثل مرحلة يمكن الانتقال منها عند باحثيها وبالتالي هي لم تحدث تحولا عند كاتبيها فكيف يمكن اعتبارها كذلك ؟.  يمكن في سياق هذه الملاحظة ان نمثل لدراستين تضمنهما الكتاب , الاولى دراسته لنقد محمد صابر عبيد التي وسمها ” قراءة ادونيس نقديا : الشفرة والدال السير ذاتي انموذجا ” . وقد خلص الناقد من دراسته تلك كما يقول هوالى ” كشف التعامل النصي النقدي لمحمد صابر عبيد عن اهمية التحليل النصي وموهبة القارئ التي اكد عليها في مقدمة كتابه فبدونها لم يكن له ان ينتقي النص ويختاره ليسلط عليه قراءته … ثم ياتي التقصي الصبور الذي يميز الكاتب حقا ويعطيه ميزة الاقتراب الحميم من مستويات النص …” هذه مجمل الخلاصة التي تؤكد على ” مؤلف النص ” اكثر من النص نفسه , وبالتالي لو تساءلنا هل ما قدمه محمد صابر عبيد في قراءته – على اهميتها – يعد تحولا ؟ . والدليل الذي يؤكد لنا ذلك ان الناقد كتب ثلث دراسته تلك عن الشاعر ” ادونيس ” قبل ان يلتفت الى النص النقدي نفسه . والامر قريب من ذلك حين يتناول تجربة النقد الاكاديمي في اليمن . فقد عرض بشكل سريع  لمجموعة من الدراسات التي قدمها اكاديميون في اليمن . موقفنا في هذه الدراسة يتحدد بنقطتين : الاولى انها تسرعت باصدار احكام ليست سليمة حول موقف الاطروحات الاكاديمية من المناهج النقدية الحديثة , ومن كون الرسائل الاكاديمية كما يقول ” تتمترس ” وراء الدراسات الثيماتيكية – الموضوعاتية – وتفحص الموضوعات في الشعر خاصة دون الميل لدراسة السرد ..” وهو امر لا يحتاج الى مراجعة طويلة لأثبات دقته من عدمها , وسأشير الى دراسات الناقد نفسه واهمها في هذا المجال ” مرايا نرسيس ” اطروحته للدكتوراه , وما قدمه عبدالله ابراهيم وسعيد يقطين وشجاع العاني .وعشرات غيرهم . على مستوى العراق والوطن العربي ومنهم نقاد اشاد الناقد نفسه بدورهم وهم من المؤسسة الاكاديمية مثل ابو ديب ومحمد صابر عبيد والمقالح . يمكن ان تكون ملاحظة الناقد سليمة في اطار ما اتخذه من نماذج تنحصر في بيئة ثقافية لا يمكن ان تقرن بالمغرب العربي او العراق وغيره . ومع اننا لا نوافق الناقد في انتقائه تلك النصوص اذا افترضنا الالتزام بما اعلنه مطلع كتابه بالنصوص المهمة . والنقطة الاخرى التي يتحدد تبعا لها موقفنا هو في ” اثارته لمصطلح النقد الاكاديمي ” ولا اجد بدا من الوقوف عليه هنا كما وعدت بداية .
فقد ذكر الناقد في مواضع عدة من كتابته ما يفهم ان هناك عزلا بين ” نقدين ” اكاديمي وغير اكاديمي , وهو امر تردد كثيرا في الوسط الثقافي ولا احسب انه ظاهرة صحية , ومن المناسب القول ان معظم الذين تحدثوا به لم يقفوا موقفا معنيا ودقيقا وشموليا ايضا من اجل الوصول الى قناعة حقيقية وثابتة , بل بقي الامر مثل ظواهر عديدة مثارا للجدل من دون ان تحسم مثل ظاهرة التجييل وادباء الخارج والداخل وغيرها . والأكاديمي ,توصيف للحاصل على إحدى الشهادات العليا في أي تخصص من فروع المختلفة , ويزاول العمل وفقا لما تخوله تلك الشهادة بالتعليم في الأكاديميات واعني تحديدا الجامعات , وهو بذلك ووفقا للافتراض الأولي , ناقل للمعرفة , . ويقتضي التنويه هنا ان مجال النقل , لا يعني عكس المعلومة  ويتم ذلك على كل مستويات التعليم , انما بسطها والتعريف بها . هذا التحديد الاولي يقودنا الى  اثارة سؤال قد يبدو غريبا بعض الشيء , هو هل يتم التعامل والنظر الى الاكاديمي بوصفه عقلا قادرا على الاستجابة والتفاعل  ام هو منتج للثقافة ؟ وهذا السؤال يقتضي بداية ان نوصف الاكاديمي ” بالعقل الاكاديمي “اعني تحديدا التفكير من داخل ” الاكاديمية ” او من خارجها ”  كيما نستطيع النظر في تفكيك ذلك العقل .
سنذهب الى الافتراض الاتي . اذا كان العقل المثقف هو عقل مكون بمعنى ثمة عالم معرفي ومرجعية ينتمي اليها هذا العقل فان بالإمكان القول ان هناك عقلا اكاديميا واخر  غير اكاديمي  , ان كلا العقلين ينتميان الى عالمين اسهمت ظروف معرفية في تكوينهما وبالتالي ستكون قدرتهما على الانتاج والتفاعل مختلفة احداهما عن الاخرى . ومع ان المسالة ليست بهذا التبسيط اذ تقتضي كل فكرة مناقشة مستفيضة سنعود اليها لاشك في موقف اخر ,الا اني احاول بداية رسم خطوات تفكيك العقل الاكاديمي  , وسأشير هنا الى مثال توضيح سيتضح بنية العقل المكون  .
ينساح الاكاديمي في الاغلب الى دراسة موضوع باتجاه معرفي معين ” سنحصر تحديدنا هنا بالعلوم الانسانية ونفترضها جدلا علوم اللغة العربية ” . واغلب ما يتم دراسته ظاهرة حديثة او من التراث ولا يوجد فرق في الغالب بين الاثنين اذ كلاهما سيمدان العقل بالمعلومات الاساسية التي تشكل البنية الاولى الى العقل . اعني تحديدا ان العقل سيتقبل المعلومة ايا كانت فتكون مصدر معرفته الوحيد وبالتالي سيقيس عليها كل معلومة قادمة ويحاكمها في ظل ما تكون عنده , فان اتجه الى التراث فان اولى ما سيواجهه ان يعيش تراثه فيغدو التراث الرؤية الاوحد حين لا تتوافر لديه رؤية الا الرؤية المضادة فينتج بذلك الاخلال بالزمن الثقافي  كما يعبر عنه الجابري”7″ بمعنى نقل المعلومة وتحويله الى سلوك معرفي اكاديمي من زمنها الى زمن اخر بدلا من الذهاب اليها , يصبح الاكاديمي عند هذا قارئا للتراث لا منتجا له , والمسالة عينها حين يتجه الى ملاحقة ظاهرة حديثة زمنيا اذ سيتقاطع مع أي زمن خارج حدود تلك المعلومة ومنها الزمن المستقبل لانه عند ذاك سيكون معياره زمنيا لا رؤيويا , والفرق بين الاثنين واضح , ويتضح اكثر في دراسة نماذج  .
ولكن ما اثر هذا الفعل على النقد والناقد ؟ ينتج عن ذلك ممارسة اقصى درجات تهميش للمعلومة لانه يعيشها ولا ينتجها وبالتالي يصبح مبتعدا خطوة بعد اخرى عن كونه قادرا في الفعل والفاعلية وهو ما يؤدي بشكل او اخر الى الارتكاز الى الاقوى من الخطابات السائدة . عند هذا وبالعودة الى التساؤل المطروح , ارى الا وجود الا للعقل الناقد او عكسه .

  1. – 1

سنعود هنا الى مناقشة الناقد في مجمل قراءاته غير ان منطق قراءتنا لا يعتمد تسلسل الذي اعتمده هو في ايرادها كما اننا لانعد بالوقوف عند بعضها الا اجمالا , فالغرض الذي نتوخاه هو ان نكشف عن موقف موحد للناقد وليس عن اراء جزئية .
والبداية سنقف من ” عودته ال ” الديوان والغربال وطه حسين ورفائيل بطي وسعيد الغانمي “. هذه الدراسات التي قدمها الصكر , كان من الممكن ان تتشكل منها رؤية اكثر وضوحا بالعودة الى قراءتها مجملة , لأسباب كثيرة , يقف في مقدمتها انها – باستثناء الغانمي – تؤرخ فعليا الى تحولات على صعيد العقل النقدي , ومن جهة اخرى انها انوجدت فيما بينها علاقات تفاعل فافضى بعضها الى البعض الاخر , ثم انها بالنهاية شكلت عتبة مهمة كانت في الحقيقة هي ما استندت اليه حركة الحداثة العربية في نهاية الاربعينيات . وبالتالي لا يمكن النظر اليها مجزءة . اما دراسة الغانمي فهي قراءة اولى في خطاب النقد العربي في العراق , منذ بداياته وخاض في ذلك كثيرون منهم الناقد نفسه في وقت مبكر .
بهذا المنظور كان يمكن ان نراقب – ضمن قراءة استعادية – تحولات النقد , ومع هذا فقد وقفنا مع الناقد على كثير من التفصيلات سنقف على الاكثر اهمية في تعزيز رؤيته . ففي اشارته الاولى عن اغفال الباحثين العرب الريادة الاولى للنقدية العربية , اغفال لمجموعة من اهم المصادر التي سلطت الضوء على بدايات النقد العربي , بما في ذلك نشاة النقد الادبي الحديث في مصر لعز الدين الامين وقد صدر عام 1972 والنقد الادبي المعاصر في الربع الاول من القرن العشرين لإسحاق موسى الصادر عام 1967و نقد الشعر العربي الحديث في العراق لعباس توفيق الصادر 1978 و تطور النقد الادبي الحديث في العراق الى الحرب العالمية الثانية لبتول قاسم ناصر وغيرها من البحوث والكتب . ولكن المهم في العودة الى هذه الكتب والنظر اليها بسياق متصل مع حركة الحداثة في بدايات تفتحها ثم نضوجها  وفي رايي هنا تكمن اهم اهداف القراءة الاستعادية . أي بنظرتها الشاملة وامكانية ربطها بسياقها الثقافي . ولكن الناقد اهمل في دراسته بطي ذلك السياق اذ لم يضعه في محور الحركة الثقافية العربية . على الرغم من انه كان واعيا تماما في قراءته الاولى له عام 1988″8″ .ان حركية الثقافة العراقية انذاك لم تكن وحيدة الجانب انما هي سلسلة حركتها ماكنة مصر والشام . فضلا عن عوامل اخرى منها الانتماء الديني ” اليهودي والمسيحي ” الذي انشا بفعل المدارس الحديثة ” بالقياس الى الكتاتيب ” عقلا يسمح بالتغيير . وقد يكون هذا الامر مرتبطا ببيئة العراق  حصرا نتيجة عاملين اساسين هما كما تشير فاطمة المحسن “9”ارتباط النهضة بالعراق بطابع ديني لم تستطع التخلص منه كما حدث في بيئتي مصر والشام , والاخر بطبيعة الاستعمار الانكليزية وطبيعة الشخصية العراقية التي جابهته كما يحلل ذلك علي الوردي “10”. وفي مناقشته لجماعة الديوان يهمل ايضا مرجعياته الفكرية التي تمثل من وجهة نظري الاهم الاهم في تثبيت سياقات الحداثة  بدلا من ان يرى مؤرخي الادب تغافلوا ” عن جهود مهمة في الفترة نفسها ذات منطلق اشد تجردا واكثر حماسة للتجديد من العقاد الذي سرعان ما سينقض بنفسه ما كان يدعو اليه ” كما يقول , وقبل تحليل الفكرة التي اشرنا اليها نود التنويه الى ان الناقد نفسه اهمل تلك التجارب التي عاصرت العقاد وكانت اهم من تجربته مادام في صدد اعادة تاريخ الحداثة العربية وان كنا فيما اطلعنا عليه من من تجارب تلك الفترة لم نر ما يرقى الى ما قامت به جماعة الديوان من تحول خطير جدا مستندة الى ارهاصات تمتد انساغها الى الربع الاخير من القرن التاسع عشر ولسنا بصدد مناقشتها كما انها معروفة عند متابعي تاريخية الشعر العربي الحديث . كما نود التنويه الى ان الناقد يمسك بفكرة نراها اهم من افكار اخرى وردت , تلك هي ” ارتداد العقاد ” عن حماسته التي رايناها في مقالاته الاولى ثم في ” الديوان وبعده . هذه النقطة الجوهرية التي تحولت الى نسق تكرر مع نازك الملائكة ومع ادونيس ومع غيرهم . كان من المهم البحث في الاسباب التي تدعو ” المثقف ” بشكل عام عن التراجع والنكوص .
وفي تحديد اولي يمكن تحليل الظاهرة بثلاث اسباب سنعمد الى ذكرها مجملة مع ايقاننا بانها تحتاج الى المزيد من التحليل والاثباتات , هي المحافظة على مركزية القيادة وتعدي الفكر للطروحات التي تبنتها الجماعة ومغادرتها الى منطقة اخرى في التجديد , والتحول عن تلك الطروحات الى غيرها بحكم ضغط التجربة الجديدة والمهيمنات السياسية او الاجتماعية الاخرى .
وفي عودتنا لمناقشة مرجعيات العقاد التي يشير الصكر بشكل عابر الى تأثره “بالنظريات الغربية او بعض المقترحات في التراث العربي ” وهو امر كما اسلفت غاية في الخطورة لا لان العقاد اعتمد في طروحاته مسلمتين : الاولى ان مشروعه التجديدي استند على مؤثرات الشاميين قصطاكي الحمصي ومطران وسليمان البستاني وغيرهم . وهؤلاء بدأوا مشروعهم رومانسيا لانهم تأثروا بالكتابة ” الافرنجية كما كانوا يطلقون عليها ” وبالذات ” فكتور هيجو ولامارتين وبعض اخرين “. واعتمدوا ” وبالذات البستاني ” مبدأ المقايسة ” “11” كما يسميه عبدالله ابراهيم الذي تطور عند العقاد بوصفه مبدأ من مبادئ تجديده . والمسلمة الثانية هو – اعتمادا على تلك الطروحات – التفت الى تغذية افكاره بالنقد الرومانسي ” الانكليزي تحديدا ” وقد صرح بذلك في مواضع عدة منها قوله ” نحن مدرسة امامها هازلت في النقد “.12 ويبدو ان شغفه بالنقد الرومانسي تحول الى معيار ذاتي ل تجربته ” النقدية حصرا لان تجربته الشعرية فاشلة ” اقول تحول الى معيار يقيس به تجارب الاخرين ومنهم شوقي بوصفه ” كبير التقليديين “. هذه التحديدات ليست هي الاخطر في ميدان الحداثة العربية . انما الاخطر منها انها اسست لمبادئ ” ما قبل حداثية ” والمعروف ان الحداثة الغربية ظهرت في فترة لاحقة عن موت الرومانسية ودعواتها , وبالتالي فان مشروع العقاد ولدا مهيضا جناحه !. وفي نقاشه للغربال يقف الصكر على مجموعة من القضايا الاساسية في الكتاب واهمها في رايه هو ما شكل استباقا للمناهج النصية وهي دعوته للفصل ” بين شخصية الكاتب والشاعر وما يكتبه او ينظمه كل منهما ” . وهو امر سنقف عليه لا لانه مثير للجدل بتحليله وفقا للكاتب من انه استبق المناهج النصية وانه غير متاثر بالغربيين ولا في نظرياته بذلك ,وليس ايضا لان محمد مندور وسلمى الخضراء وقفا عليه ايضا من دون ان يقدما اجابات واضحة “”13″ .فالثابت في ادبيات ” المناهج النصية انها انطلقت فاحصة بناء النص وتنظيمه وليس مادته “14 وانها نشات بفعل الكشوفات الجديدة لعالم اللغة دي سوسير ,بمعنى انها لم تستقم دفعة واحدة .واذا افترضنا انه طور من الفكرة التي ترد عند قدامة بن جعفر في محاولته تجريد النص من كاتبه والنظر اليه من دون قياسه بصاحبه ” يرى في سابقة خطيرة في النقد الادبي العربي ان ” المعاني للشعر بمنزلة المادة الموضوعة والشعر فيها كالصورة .. وعلى الشاعر ان يتوخى البلوغ من التجويد في ذلك الى الغاية المطلوبة ” ” 15″ وهو ما يعني ان الفن هو الاساس وليس لصاحبه  ” فان الفرضية مردودة قطعا لسبب بسيط ان التراث العربي آنذاك في طوره الاول من الاكتشاف ونقد الشعر مثلا تشير طبعته الاولى الى عام 1934, فضلا عن ذاك وهو الاهم , ان نعيمة كان على علاقة طفيفة به بحكم دراسته الروسية وتعلمه هناك “16” ,ولأننا لانفهم منطق الاستباق خارج العملية السردية , يتوجب علينا البحث عن عوامل مادية ملموسة تقدم لنا على الاقل حلولا قابلة للمناقشة . وفيما ارى ان نعيمة وهو حامل لواء الرومانسية وقد نمت مواهبه وافكاره خارج البيئة العربية , ولم تكن تأثيراتها عليه – وبالذات تلك النزاعات والخصومات التي خاضها زميله العقاد كما هو معروف – من اجل ذلك كانت تأثيرات النظرية الرومانسية في الشعر والنقد عليه اكثر وضوحا . ولأنها – أي تلك النظريات – ربطت بشكل واضح ومثير بين الشعر واللغة التي هي مادته . اتضح ذلك عند الاخوين شليجل اذ قدما نصوصا عملت ” على الربط الوثيق بين التحليل الشعري والتحليل الالسني ” ذلك لان الانسان بحسب شليجل ” يجهد في العمل على اكتمال اللغة بهدف فهم العالم بطريقة افضل وفهم نفسه ايضا “” وبالتالي فان كل تمثل فني للعالم .. يفيد بالضرورة من المادة الخاصة به “.”17″ ” وبذلك تكمن اهم ما قدمه الرومانسيون ” في منحهم الشعر تحديدا يجعله مستقلا عن اية مرجعية اخرى ” “18”  وقبل ان ننتقل الى فكرة اخرى ناقشها الصكر ,يلفت انتباهنا في الغربال ان نعيمة يضع – في رؤية مهمة – وظائف للنقد يحددها بالاكتشاف والكتابة الخلاقة وان يكون هاديا ” “19”   . وهي وان كانت مختصرة الا انها بضمن ما تداولته النظريات الغربية الحديثة ” 20 . كذلك يشير في فهم اقرب الى ” المعادل الموضوعي ” في عملية المشاركة الوجدانية التي يفترض ان يتمثل بها الشعر “”21″ .اما موقفه من الوزن فقد تحدد بقوله ” جئنا لنحرر العروض لا لنتحرر منه ” وهي ايضا دعوة خطيرة لانها اسست مفاهيم انماها الشعراء المهجريون وجماعة ابولو في سياق متواصل وصولا الى حركة الحداثة . غير ان من المهم الوقوف عند مفهوم اللغة “وربما تجدر الاشارة  الى مقال جبران خليل جبران ” لكم لغتكم ولي لغتي ” اذ حدد رؤية المهجريين الى طبيعة اللغة المفترض التعامل بها . وبالعودة الى طروحات الرومانسيين الغرب , نرى ان اللغة ” تمثل واقعا ” وبالتالي على هذا الواقع ان يكون دالا ذاتيا بكل تفاصيله , فضلا عن البنية المنظمة التي اشار اليها نعيمة في مواضع مختلفة , واختلاف العقاد مع نعيمة لكنه يقول ايضا في مقدمته للغربال ” ان الاديب في حل من الخطا في بعض الاحيان اذا كان الخطا اوفى واجمل من الصواب ” معيدا الى الاذهان قول ابن الاثير بالمعنى نفسه “22” .
في سياق تينك الحركتين , ياتي الشابي بوصفه عضوا من اعضاء ابولو التي ورثت الديوان وتعاطت ابداعها في مناخ الابداع المهجري , ومع ان الناقد الصكر يختصرها بالشابي ويختصر الشابي بكتابه عن الخيال الشعري . الا اننا كنا نحتاج بدء تمثل موقف تلك الحركات من التراث الادبي العربي وعلى اية حال تستثيرنا في وقفته هذه ما يصدره الشابي من رؤية تتمثل الخيال الرومانسي بوصفه معيارا , ليفتش عن مثيله في الشعر العربي , وفي رؤية مضادة لما قال به طه حسين , يرى الشابي ان ” الروح العربية مادية خطابية ” وهو امر قد لا يستدعي طويل مناقشة سواء عند طه حسين او الشابي, واللافت للأمر ان الصكر في معرض تفنيده القول بشحة الخيال في الشعر العربي يقول ” ولا تجد القراءة الاستعادية عسرا في تفنيد ذلك التعميم بإيراد النصوص المناقضة لتلك الفرضيات ” ثم يضيف ان ” الخلل المنهجي الاساسي في عمل الشابي يكمن في البلبلة الاصطلاحية … اذ هي لا تنبئ عن بنية مفاهيمية كامنة تحت بنيتها اللغوية ” . والواقع فيما نرى من طروحات الصكر نفسه ان ليس من اهداف القراءة الاستعادية نقض الفكرة وانما قراءتها , ومع ذاك يذهب ملوحا بالنصوص الشعرية ومن وجهة نظري ان الفهم الذي قدمه الغرب للشعر , ” تحديدا الفارابي وابن سينا والقرطاجني “”23” هو ما يقلب المعادلة . ذاك ان النقد – وفقا للرؤية العربية – اقامة علم ووعي بالشعر وبالتالي هو الاقدر على الوقوف تجاه فكرة نقدية ومن ثم دحضها لان الخيال من مباحث الفلسفة والنقد والوعي به وتداوله في الخطاب النقدي يعني في هي في  صورة من صوره , انه اتخذ حيزه المعروف بالشعر .
في استعادته رؤية طه حسين يقض الناقد على الفكرة الرئيسة في الكتاب وهي تمثل الخطوة الاولى لرسم او اقتراح الرؤية له , يقول ” وهذا يعني بتاويل الملفوظ ان المؤلف كان مفتونا بمنهج او طريقة اراد بها تغيير الرؤية التي يتعامل بها الدارسون لقضايا الادب وفنونه ” والحقيقة ان هذه الفكرة لا تحتاج الى تأويل اجابات طه حسين اثناء المحاكمة . فقد طرحها حسين بشكل واضح في مقدمته للكتاب , وابان عن منهجه , غير ان – وهو ما يحدث دائما وما حدث فعلا – القدرة الواضحة على فهم طه حسين ومناقشة رؤيته , وبدلا من ذلك اخذ التعصب مآخذه واعتبر طه حسين مهددا للآداب القومية . وعلي الالتفات هنا – مادام الناقد الصكر لم يلتفت الا الى رؤية طه حسين – الى منهجه الذي ينبثق عن تلك الرؤية وهو المنهج التاريخي . والمنهج التاريخي كان من اولى المناهج الغربية التي تداولتها اقلام الباحثين العرب من الذين درسوا او تأثروا بالمدرسة الفرنسية ، من الرعيل الاول من الباحثين العرب ليس على مستوى مصر وانما على مستوى الباحثين العراقيين والعرب ايضا بشتى انواع الدراسات ، وربما لم يكن السبب الوحيد ما ذكرنا انفا وانما تقف الى جانبه اسباب موضوعية اخرى في ظننا منها ان المنهج التاريخي كان حاضنا للثقافة العربية برمتها اذ مال الادب العربي الى المنهجية التاريخية منذ بدايات التدوين فكان للعامل الزمني حضور في تقنيات النقد والبحث وان لم يكن منتظما او منظما بمثل ما وجدناه في حاضنته الغربية . وعند العرب افاد من النظرتين العربية القديمة والغربية الحديثة ،مع الاعتراف ان مثل هذا المزج لم يجر في ظننا عن وعي مسبق بحدود التجربة المنهجية العربية بقدر ما كان نوعا من التاثر غير الواعي او اللاشعوري باجواء التراث العربي ومنهجياته .
ناهيك عما تفترضه كثير من الدراسات العربية في مقتبل القرن الفائت من طبيعة مدرسية “تعليمية ” اكثر ما يلائمها هو المنهج التاريخي الذ ي ركز في اغلبها على معالجة الظاهر الادبية بوصفها نتاج مرحلة تاريخية اخضع تطورها لها ووسم طابعها بها . مثل دراسة الدكتور شوقي ضيف “الادب الجاهلي ” وعند طه حسين في كتابه “في الادب الجاهلي ” لنتعرف على طبية الخطاب النقدي ذي الرؤية التاريخية تجاه المتن الشعري الجاهلي.

  1. رؤية طه حسين لتاريخ الادب .

تناول الناقد في مقدمة جيدة واقع الثقافة المصرية ناظرا اليها من طبيعة تدريس الادب في الجامعات المصرية محاولا تلمس اسباب التخلف راميا الكرة في ساحة القائمين على الثقافة آنذاك وهم كلهم من المشبعين بالروح التراثية .بمعنى ان التدريس يقوم على اساس ما كان يقوم عليه في ازمانه القديمة مما لا يصلح والقت ذاك وهذا الامر ما دعاه الى الحث في ضرورة الاخذ بالمناهج الحديثة ومحاولة تفسير الظاهرة الادبية في محيطها العالمي وظرفها التاريخي . يقول “وبينما كانت هذه المدارس المحنطة بأسلوبها العقيم كان الازهر الشريف كلفا بهذا الاسلوب العقيم نفسه …””24”
ويرى “اذا ظلت مدارسنا حيث هي وظل الادب فيها مثقلا بهذه الاغلال والقيود محتكرا في هذه الجماعة التي لا تستطيع ان تجدد و انما هي مضطرة بطبيعتها الى السكون والجمود …فلن يستطيع الادب العربي ان يأخذ من الحياة بحظه المقدور له “.
وفي تصوره ان الخروج من هذه الازمة يتم بالإصلاح عن طريق تصحيح مسار التعليم باختيار النصوص الجيدة وتطوير القائمين بالتعليم بالاقتصار على “مدرسة المعلمين “وله في ذلك سبب وجيه ذاك ان هذه المدرسة ومعها الجامعة المصرية متصلتان “اتصالا متينا بالحياة العلمية الاوربية وبالأدب الاوربي  وفي ظنه ان الادب العربي لا يمكن ان يدرس او يفهم ما لم “تدرس الصلة المادية والمعنوية بين اللغة العربية واللغات السامية ….. وكيف السبيل الى درس الادب العربي اذا لم ندرس اللغة اليونانية واللاتينية ولم نتبين مكانة ادبنا العربي بالقياس الى هذه الآداب ” . مشروع طه حسين اذا اعلان القطيعة مع المناهج القديمة وطرح رؤية بديلة تتناول الادب العربي بوصفه جزءا من ادب كوني لابد ان حدثت بينهما مؤثرات ومن جهة اخرى لابد من الانفتاح على ثقافات الاخر واستجلابها بوصفها تقانات للكشف والاستدلال . ومنها “التاريخ ” وقدم لذلك مقدمة طويلة في الفرق بين الادب وتاريخه . ان” مؤرخ الادب لا يستطيع ان يكتفي بمأثور الكلام ولا بهذه العلوم والفنون التي تتصل بمأثور الكلام اتصالا مباشرا شديدا لتمكننا في فهمه وتذوقه وانما هو مضطر …. الى ان يدرس تاريخ العقل الانساني “”وهو مضطر الى ان يدرس تاريخ الشعور ولنعد الى التبسيط فنقول ان مؤرخ الآداب مضطر الى ان يلم بتاريخ العلوم والفلسفة والفنون الجميلة وتاريخ الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية “. وبذلك يتوافق مع الطرح الغربي لمفهوم المنهج التاريخي  “”25″   و بفضل ” استقصاءات التاريخ الادبي والثقافة التاريخية الواسعة يستطيع الناقد ان يحدد في الزمن لحظة تكون العمل الادبي بدقة “”26” . يرى طه حيسين ان بين الادب وتاريخه صلة تختلف عن صلات العلوم الاخرى وتاريخها ذاك ان تاريخ الادب لا يمكن ان يكتبه الا الاديب المتذوق , لأنه يجمع بين الذاتية “ذاتية الفن وموضوعية العلم . ها يعني ان طه يمتلك وعيا فيما يريد الكتابة فيه وليس كما يقول تلميذه زكي مبارك. ويعني ايضا انه يحاول ان يقدم منهجية جديدة تنفتح على الكشوفات المعرفية في عصره وفي معرض “عرض النظرية والمنهج ” يطرح طه الفرق بين الادبين الانشائي والوصفي أي الادب الابداعي والدب النقدي الذي يقف ليفسر ويحلل وينشئ نظرية ادبية ويرى ان تاريخ الادب هو مما يقع في الوصف الثاني .ويشير الى انه قديم عند الامم ومنهم العرب “وكل ما في الامر انه كغيره من العلوم والفنون متصل بالزمان والمكان والبيئة والجماعة متأثرا بكل تلك المؤثرات التي تؤثر في الحياة الانسانية كلها واذن فهو يتغير ويتطور ويتقدم ويتأخر ويرقى وينحط .”وتاريخ الادب كما يقول “ليس انشاء ولا اختراعا وانما هو تجديد واصلاح لما تركه القدماء لا اكثر ولا اقل “. هذه الرؤية التي يقدمها طه تقوم على وفق مقومات هي :

  1. ما يسميه ب”مقاييس التاريخ الادبي “

ويحددها بالمقياس السياسي والعلمي والادبي . يرى طه ان اقصار البحث التاريخي الادبي على الجانب السياسي وانعكاسه هو امر ليس صحيا “لأنه قاصر ولأنه عقيم ويورد طائفة من الامثلة في التاريخ العربي مما يدلل على وجهة نظره . الا انه بالمقابل لا ينكر الصلة بين الادب والسياسة انما كما يقول “نريد الا نسرف في امر هذه الصلة ”  وينسحب الامر الى المقياس العلمي الذي لا يمكن سحبه اى اجواء الادب  وهو يرد على اصحاب المنهج التاريخي الوضعي “تين واقرانه ” . وحين يصل الى المقياس الادبي يرى الا يكون هذا المقياس مستخدما من غير حدود يقول “ونحن لا نطمئن الى ان يكون ها التاريخ فنا كله لان ذلك يحول بينه وبين امرين لا قوام له بدونهما احدهما الانصاف ….. اما الثاني فهو “العقم “. فمقومات الرؤية اذن تقوم في اساسها الاول على عدم “الاغراق في العلم كما يجب ان يتجنب (تاريخ الادب)الاغراق في الفن . وهو ينطلق  هنا من رؤية سانت بيف نفسها .

  1. الشمولية . يرى طه ان الادب العربي لكي يحقق تاريخه لابد من ان يدرس فكر الامة العربية بكل جوانبه كما حدث في البلاد الغربية “كيف تريد ان تضع تاريخ الادب العربي والتاريخ السياسي العربي لم يدون بعد على وجهه والتاريخ العلمي العربي لم يدون على وجهه والتاريخ الفني العربي لايزال مجهولا ….لابد من ان يدرس هذا كله درسا علميا ومن ان يفرغ له العلماء يتقسمونه فيما بينهم حتى اذا اثمرت هذه الجهود كان من الممكن ان يعتمد عليها مؤرخ الآداب في وضع تاريخ قيم ممتع
  2. الحرية .

هذا المقوم من اهم المقومات التي يضعها طه وذلك لأنه يصوغها جميعا .وهو يلخصه في ان الادب “الى ان الا يعتبر علما دينيا ولا وسيلة دينية وهو في حاجة الى ان يتحرر من هذا التقديس .هو في حاجة الى ان يكون كغيره من العلوم قادرا على ان يخضع للبحث والنقد والتحليل والشك والرفض والانكار  .

  1. الموضوعية . وتعني تجرد الباحث من اهوائه الشخصية وميوله الذاتية وتعصبه مع أي اتجاه كان . يقول “يجب حين نستقبل البحث عن الادب العربي وتاريخه ان ننسى عواطفنا القومية وكل مشخصاتها وان ننسى عواطفنا الدينية وكل ما يتصل بها …يجب الا نتقيد بشيء ولا نذعن لشيء الا مناهج البحث العلمي الصحيح” ولنستقبل هذا الادب وتاريخه وقد برانا انفسنا من كل ما قيل فيهما من قبل “.هذه الرؤية التي يقدمها طه هي بمثابة منهجية لدراسة الادب العربي برمته ولكن علينا الاعتراف اولا ان هذه المنهجية يجترح لها الناقد الية يسميها هو “المنهج ” . هذه الالية هي ما يحلل به ويعالج من خلاله .ولذا يفرد عنوانا جانبيا “منهج البحث ” يثبت من خلاله الية عمله .

يقول “اريد ان اقول اني سأسلك في هذا النحو من البحث مسلك المحدثين من اصحاب العلم والفلسفة فيما يتناولون من العلم والفلسفة . اريد ان اصطنع في الادب هذا المنهج الفلسفي الذي استحدثه ديكارت للبحث عن حقائق الاشياء في اول العصر الحديث ” . واذا اضفنا الى ذلك – ذهابا مع الصكر – تأثره بابن خلدون , تصبح ميزة اخرى تلك هي المزاوجة بين الفكرين العربي والغربي الحديث لتنقلب المعادلة من مبدا المقايسة الى مبدا المكافاة وهو امر يحتاج الى وقفة اخرى متأنية ..
2.- 2 .
بين قاسم امين وعلي الوردي , علاقة مهمة لكنها تفضي الى دالين مختلفي التأثير ومختلفي المؤثر ايضا !. فاذا كان الاول يمثل ” اللحظة التنويرية ” كما يقول الناقد حاتم الصكر فان الثاني يمثل نقطة تحول او خروج من لحظة الانحسار الريفي الى الاتساع المديني , واذا كان الاول طرح قضايا المجتمع من زاوية ” المرأة ” ذاك ان المرأة كانت ولم تزل وستبقى , الممثل الاقوى ظهورا على انحسار المثقف العربي , فان الثاني طرح اشكالية المجتمع العربي – وتحديد العراقي – من زاوية علاقته بالسلطة التي اخذت اكثر من مظهر وادت الى صياغة نظريته المعروفة بأركانها الثلاثة ” الازدواجية والتناشز و الحضارة والبداوة “. واذا كان الاول ايضا طرح رؤاه ضمن توجهات النهضة العربية التي نزعت بشكل عام نزوعا تجديديا للدين , فان الثاني لم يفسر الظواهر الاجتماعية الا في اطارها المادي وضمن العلاقات السلوكية التي يفرضها طابع المرحلة التاريخي .واذا كان مشروع قاسم امين في تحرير المرأة واضحا في كتابه المعروف وهو المتن الذي اشتغل عليه الصكر , فان الوردي قدم مشروعه في كتب وملاحق متعددة , ما يعني ان الوردي المفكر لا يختصر في ” وعاضه ” وانما في مجمل ما قدمه واخيرا اذا كان قاسم امين اثارت كتاباته ” عنفا نقاشيا ” فلانه هدد المجتمع العربي في واحدة من ” مقدساته ” ذات الامتداد النسقي الذي تراكم حدا لا يمكن الاحتكاك به الى هذه اللحظة , واذا كان الثاني لقيت كتاباته رواجا حيث يمكن ان تكون – في تقديري – من اكثر الكتب قراءة في المجتمع العراقي – فلانه طرح اخطر القضايا بأسلوب مرن يميل الى السرد ويتضمن الكثير من الحكايات والوقائع من جهة ولأنه ايضا لامس وفكك الظواهر الاجتماعية الملامسة لحياة الناس اليومية وبالتالي فان فراءته تهيئ فرصة اكبر لفهم طبيعة المجتمع , ولم يضاده الا الاسلامويون والسياسيون , لانهم شعروا وتحسسوا ما يمكن ان تؤدي اليه كتاباته . غير ان هذه الاختلافات بين الاثنين من الجهة التي اسلفت , تقابلها جهة تشابه مهمة بينهما هي انهما كلاهما كاتبانا ” انقلابيان ”  “27” اذا استعرنا مفهوم الكتابة الانقلابية من نزار قباني . لا يركنان الى مهادنة العقل والتسليم للفكرة السائدة فغالبا ما تكون الافكار السائدة , انعكاس مضلل للسياقات الصحية التي ترقد في اعماقها .
بهذا المفهوم يحاول الصكر وضعهما في مدونته أي بصفتيهما التثورية .وبهذه الصفة جمعتهما بالحديث . كما اضم اليهما ” الجابري ” بوصفه ” مثورا ” للتفكير ! . لكن الجابري كما يقدمه الصكر – معتمدا على بنية العقل العربي – ” ناظرا في تاريخ الثقافة العربية ” وليس مفككا مع انه يتراجع عن بعد سطرين ليقول ان استخدام الجابري لمفهوم العقل هو ” الفكر ” وليس الثقافة التي غابت عن مؤلفاته بالمعنى الشامل لها .
يسجل الصكر اعتراضه على مشروع الجابري بالنقاط الاتية :
أ – تغييب مفهوم الثقافة بوصفه الشامل
ب- افتقاد التعيين الواضح للمقصود بالعقل الذي يجري نقده .
هذان الاعتراضان هما المدخل الرئيس الذي ينفذ منه الصكر الى مشروع الجابري , ليؤسس من خلالهما نقد منهجه واليات تعامله ,اذ يرى ان كشف النظم المعرفية ليس طريقه العودة الى جذور الثقافة بل , كما يقول ” التفكيك الاني أي في اللحظة الزمنية الحاضرة يعيننا على فهم الجذر المعرفي المتعاقب للثقافة “ويتواصل الصكر في الحاحه على هذه النقطة قائلا ” ورؤية الجابري يظهره قوله في ” بنية العقل العربي ” لا سبيل الى التجديد والتحديث  في العقل العربي الا من خلال التراث نفسه .
هذه بالمجمل اعتراضاته وملاحظتنا الاساسية على قراءة الناقد انها تضع الجابري في الوضع الذي لا تسمح ” القراءة الاستعادية بالتعاطي معه , لان من شروطها كما اسلفنا انها تتعامل مع اعمال  اثرت بالحداثة العربية قريبا او من بعيد . هذا من جهة ومن جهة اخرى  فان الجابري يطرح مفاهيم ومصطلحات لبناء منهجه الخاص بالتفكير والتحليل , وايا كان مدى اقترابه وصوابه او ابتعاده وخطاه , فهو امر اخر . علينا بداية تحليل منطلقاته واولاها هي استخدامه ” العقل ” بصفته منتجا للفكر وليس بما يساوي الفكر . ومن ثم يميز بين الفكر بوصفه اداة و بوصفه محتوى وهو تمييز كما يقول للضرورة المنهجية اذ سيبني على ذلك استنتاجه من ان الواقع الاجتماعي ذو اهمية خاصة في تكوين ” خصوصية الفكر ” فالتفكير ” بواسطة ثقافة ما معناه التفكير من خلال منظومة مرجعية ” ثلاثية الابعاد اذ تضم الموروث الثقافي و والمحيط الاجتماعي والنظرة الى المستقبل . وهو ما يقوده الى مفهوم ” الزمن الثقافي ” مقرا ان زمن العقل العربي هو نفس زمن الثقافة العربية , ولتفكيكه يقترح الجابري النظر في مكوناته وتحليلها . وعلينا التاكيد على قول الجابري ” ان ما ندعوه هنا بالموروث القديم لا يهمنا لذاته … بل من اجل ما كان له من تأثير ومساهمة في تكوين العقل العربي “28”  وفي ظني ان ما اقتطعته من اقوال الجابري تبين الى حد واضح انه اسهم لا في تحليل بنى العقل وانما اثراؤه بالمنهج . وفي ظني ايضا ان القطيعة التي حدثت في التفكير العربي ابان الاحتلالات والانكسارات المتوالية , لا يمكن ان توصل بمجرد استعارة مرجعيات جديدة وافدة من دون ان تبنى بناءا جديدا وهذا لا يمكن ان يتم – وفقا لمنطق الاشياء الا بالتحليل واعادة البناء .
2.-3.
في قراءته لإحسان عباس ونازك الملائكة وعبدالله الغذامي . البداية نرى ان الكتب الثلاثة كانت بمثابة تحول حقيقي في الفكر والاجراء النقدي العربي . فنازك ليس لأنها مثلت الريادة النقدية بعد ان تقاسمتها شعريا مع بدر , فحسب وانما لأنها ايضا بلورت نظرية التجديد وتواصلت معها , اعني نظرية ” جماعات التجديد الاولى ” وبالتالي ثمة تواصل مرحلي عد احيانا انقلابا على الحداثة وربما كان اول من اشار الى ذلك يوسف الخال حين وصف ما قدمته ” بعمود الشعر الجديد ” 29″. وسواء أوافقنا نازك – مثل الصكر – ام خالفناها في كون ما اعلنته من اشتراطات الشعر الحر المصحوبة بوعي قائلها وانها لم تكن على علم بذلك , وهو امر نشك فيه اذ كانت وبدرا وريثين حقيقيين وحالهما حلال معظم مثقفي تلك الفترة , تربى ذوقهم الشعري على نتاجات المهجر وابولو وهو امر معروف ,وقد يلفت انتباه قارئ الكتاب الى استشهاداها المتتالية بشعر جماعة ابولو كالمهندس والهمشري ومحمود حسن اسماعيل وغيرهم بالقياس الى توقفها من شعراء الشعر الحر على الرواد مضافا لهم جبرا ابراهيم جبرا في وقت كانت حركية الشعر الحر تأخذ طريقها سريعا في ارجاء الوطن العربي ولذلك كانت ذكية الى الحد الذي وضعت عنوانا لكتابها لا يشير الى الشعر الحر الا ضمنا واستثنت منه ” قصيدة النثر التي امتلكت سجلا حافلا وملفا ضخما في اوليات الحداثة العربية “30 “.  نقول مع ذلك فالإشارة ليست عسيرة الى افادتها من مجمل طروحات من سبقها مثل اهتمامها ب ” كيفية القول وليس بالقول ” واهتمامها بالوزن وصيغ التعامل معه , بنظم عددية جديدة وغيرها . وقد اشار الناقد –مصيبا –  الى اهتمامها بالعروض وعدها ” الشعر الحر حركة عروضية وبالتالي افردت للمباحث العروضية وما يتعلق بها ويقترب منها معظم كتابها .وحولت هذا الكتاب الى انموذج تعليمي ” مدرسي ” لا يسمح بالخروج عنه والا عد خارجا لحداثة نازك على اعتبار ما قامت به بداية , ويبدو ان للشكوك التي راودت الحداثيين  من جهود نازك المدرسة الى حد ما , انبرت جهود اخرى لدراسة الحركة الجديدة فكان كتاب غالي شكري المهم الذي صدرت طبعته الاولى عام 1968 بعنوان ملفت للنظر ” شعرنا الحديث … الى اين “. مضمنا له ” اهداء لذكرى السياب “. لقد تجاوز غالي شكري ما تهيبت نازك في مناقشته , وناقش بعمق ما وقفت نازك عند سطحه مثل قصيدة النثر واعتبارات الوزن والمصطلحات  وغيرها من القضايا التي تستحق وقفة جادة لما بلورته من مفاهيم واثارته من افكار  لا يمكن عدها امتدادا لنازك او تحاشيا للاصطدام بأفكارها كما نلمس ذلك عند احسان عباس الذي اصدر كتابه بعد ما يقرب من اربع سنوات . بضمن ذلك ” عنونة الكتاب باتجاهات الشعر العربي المعاصر ” وهي ملامسة ان لم نقل ترسيخا لعنونة نازك مع اختلاف الوجهتين حتما .
كانت اولى السمات المميزة لهذا الكتاب هي وعيه بالفصل بين البواكير والنضج . وتقديره للمسافة الفنية الفاصلة بين الاثنين . وقد اشاد  الصكر بالحرية عنده في اختيارات النصوص “. لكن من المهم ان نقف على اشادته بإحسان عباس في دراسته ” للتقنيات الاسلوبية ” التي رأيناها اقل ما يمكن الالتفات اليه في الكتاب , لسبب واضح هو ان الناقد كان مهتما جدا بتحديد ودراسة ” الاتجاهات وليس التقنيات كما حاولت ذلك نازك , وقد رأيناه يعلن ان التمسك بالرومانسية وعدم مبارحة مجالها الا الى شيء يسير … دون ان يعني ذلك ان الجيل الذي جاء بعد الرواد الاوائل او الجيل الذي بعده قد استطاع ان يطور في هذا المنحى , اظف الى ذلك ان الخضوع للرومانسية  ظل هو الوجه الغالب على هذا الشعر .”31″ ومع ملاحظتنا لهذا التعميم الذي يتناقض مع طروحاته اللاحقة في الكتاب نفسه , نلاحظ ايضا تناقضه مع نفسه اذ اعلن قبل صفحات قليلة من ايراده هذا الكلام ان البياتي كان اسبق المجددين في تغيير طبيعة المحتوى للشكل الذي اوجده السياب ونازك “”32” . من جهة اخرى كان عباس واعيا الى ضرورة تجاوز ممكنات الكتابة النقدية الى ما يضع شعر الحداثة العربية في المكانة التي احتلها , ولذلك ترك البحث في الشكل والتقنيات الاسلوبية معلنا : “ما دمنا  ايضا تفريع هذه الدراسة تحت عنوانات مستمدة من العوامل الكبرى التي اثرت في توجيه ذلك الشعر فلابد من اختيار طريقة ثالثة وهي طريقة مستمدة من النظر الى القوى الكبرى التي تحدد وجهات الشعر نفسه ” “33” . وقد راها “بالموقف من “وهنا تكمن اهمية الكتاب , ومن تلمس ايضا الوجهات الجديدة لتلك المواقف لتتبين صلة الشاعر بالحداثة  . لكن اخطر ما طرحه الصكر , هو اعطاء صفة الريادة في النقد الثقافي لإحسان عباس ! , وهو امر ارجو من اساتذتنا النقاد الكبار الا يندفعوا اليه تحت ظرف قراءة او استعادة مؤقتة . ولا نريد الوقوف عند هذه القضية لأنها ستتفرع الى مسائل اخرى ليس هنا مجال نقاشها لكني سأشير الى قضيتين اساسيتين : الاولى ان اية ريادة لابد ان ترتبط بالوعي وان كان وعيا اوليا او جزئيا , والثانية ان للنقد الثقافي حاضنة ثقافية لم تتهيأ – وربما الى الان _ في الثقافة العربية عموما .” فالنقد الثقافي حاضنتُه الدراسات الثقافية وهذه حاضنتُها تاريخ طويل من الديمقراطية والحرية الفكرية” “34”  . ومن الممكن نعم الاشارة الى اقتراب من تحليل البنى الثقافية للمجتمع العربي مما يقترب في الحصيلة النهائية من الدراسات الثقافية لكنه من الطبيعة لا يخضع لآليات المنهج , وسبق لبعض الباحثين الاشارة الى ريادة الوردي مثلا للنقد الثقافي منهم حسين القاصد والغذامي نفسه  – وهو محط – وقفتنا لقراءة الناقد له . ومع اننا نوافق الناقد في معظم ملاحظاته على الغذامي لاسيما ما يتعلق منها بتطبيقاته على المتون النصية فضلا عن وقوعه في دائرة النسق , الا اننا على ملاحظة واحدة نراها جديرة بالاهتمام . هما” توسيع مفهومي الثقافة والنص ” الجذر الذي تأثر به ليتش في نقده الثقافي وتاثر به الغذامي ولخص منهجه وتبناه , والصكر يرى ان الغذامي – بناء على ذاك –  حاكم النقد الادبي العربي والشعر العربي وحداثتنا – تأسيسا على ثقافة مرحلية لم تتم بعد . غير ان من المناسب التذكير ان الغذامي عرض لحاضنة النقد الثقافي غربيا بما فيها الدراسات الثقافية , الا ان ما فاته حقيقة هو ان هذه الحاضنة لم تتوافر بعد في مناخ عربي يصلح لتطبيق المنهج الثقافي .
2.- 3
في تناوله لأدونيس وكمال ابو ديب وادوارد سعيد يقف الصكر عند مسافة ادراك متقاربة بين الثلاثة , فهم غيروا فعليا من طريقة تفكير المثقف العربي وبالتالي من موقفه الوجودي تجاه ثقافته والاخر و النص . لا سيما وان الكتب الثلاثة صدرت في وقت متقارب ( النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي – وهو مؤشر مهم يدل في اقل ما يدل عليه بدء مرحلة جديدة من الوعي بالآخر والذات بعد ان قضت الثقافة العربية في مطلع القرن الفائت الى ما بعد منتصفه في مرحلة تفاعل انبهاري . ياتي هذا التوجه في محاولة – قد نختلف في قدرتها وفاعليتها – ليعيد تنظيم العلاقة بين الذات والاخر  ). وعودا على بدء , اشير
في الامر الاول ,  الى ادونيس . فعلى الرغم من ملاحظة الناقد عليه جملة من ” الاشكاليات ” اهمها كما يرى الناقد ان ادونيس يضع الظاهرة الشعرية في سياق جديد وفق المظاهر اللغوية والثقافية في حين انه يرفض ان يكون الشعر تعبيرا عن الواقع لانه ” رفض له وتمرد عليه , فكيف يتصل الشعر بالمجتمع ويعكس قوانينه وظروفه اذن ؟”  وما يرمي اليه تحديدا ان هناك تباينا حادا بين وعيه الحداثي في بياناته ومقالاته وبين بحثه في التراث وهذا مصدر الاشكالية الكبرى كما يرى الناقد في كتاب ادونيس , مضيفا في تحليله هذه الظاهرة ان هناك انشطارا ما بين الذات الحداثوية وما بين المستعيدة للماضي . تأسيسا على ما يرصده الصكر . يقرا كتاب الثابت والمتحول . غير اني ارى ان هذه الملاحظة – مع ادراكنا لعمقها وجديتها – لا تطرح كما طرحت عند الصكر . فهي تمثل الجوهر المضموني لمشروع قراءة التراث  بوصفه متحولا لا ثابتا وبوصفه ايضا ” ” نتاجا ثقافيا يرتبط بنظام معين ” كما يقول هو .36 ( وبالتالي يفسر لنا قراءة الشاعر في ضوء معطيات واقعه الاجتماعي او السياسي ) ولذا فالمحاكمة تتم على صياغات المشروع  كاملا . بما في ذلك مناقشة مفاهيمه عن الحداثة الشعرية التي سبقت كتابته للثابت والمتحول والتي لحقتها , عند ذلك سنكون بمواجهة حقيقية مع السؤال الاتي :
هل اراد ادونيس طرح ” مشروع حداثة يقوم على رؤية استعادة التراث وبناء مقترحات جديدة ” لحداثة عربية ” لا تنفعل بالمستورد الغربي ؟ الى أي مدى تحقق ذلك ؟ . يمكن ان تتحول هذه الاسئلة الى كمال ابو ديب بصياغات اخرى الا انها تحمل الدلالة الاولية على الاقل نفسها . فاتجاهه الى دراسة الجرجاني وبنية العروض العربي والشعر العربي , ومحاولته تحديث الرؤية في تحليل الصور الشعرية وغيرها تصب بالمشروع ذاته ولكن من زاوية النص بوصف التراث نصا 37 علينا قراءته وتفكيكه ليكون قادرا على انجاز فعل المغايرة , كما يقول ادوارد سعيد ” عليك ان تكون في التراث وليس منه “. بوصف التراث ذاتا تتكشف بل ربما فعلا تكشفت ولذلك يمكننا القول – مع الناقد- “” بيقين ان دراسة الاستشراق وتأويله وقراءة اعماله لم تعد كما كانت عليه قبل دراسة ادوارد سعيد “.
اريد ان اختم قراءتي للناقد حاتم الصكر بالتساؤل الاتي : هل تمثل ” القراءة الاستعادية ” مرحلة من  مراحل المشروع النقدي الذي بدأ مطلع الثمانينيات ؟ .
سأمرر اجابتي عبر فهمي لطبيعة المشروع النقدي . والبداية علي القول مطمئنا الى ان كثيرا من نقادنا العرب , – على الرغم مما يقدموه الا انهم – يفتقدون ميزة التفكير بالمشروع النقدي , فهو اولا يتسع ليضم التجربة النقدية ويعبر التحولات الفكرية ويواكب موجات التحديث على اختلاف جهاتها , لكنه قادر في النهاية على ان يمثل خصوصية الناقد نفسه .
وقد لاحظنا ان الصكر استطاع ان يفهم منذ بداياته خطورة صياغة مشروعه , وادراكه لهذه الخطورة عززت عنده السعي في استكمالها . مراجعة مدونة الصكر النقدية , سترينا انه اشتغل نقديا في السردي والشعري والنقدي وان كان في الشعري اكثر ظهورا وتميزا , وانه في مراحله كلها وتنويعاته جميعها يحافظ على تعميق صلة النص بالقارئ وصلته هو بالنص , وبالتالي فان المتابع لنتاجاته سيدرك ان ثمة هدفا يحققه في كل قراءة ,قد يعلن عنه وقد يتركه للقارئ . الذي يشعر بمتعة حقيقية بعد ان يجد نفسه مع الصكر مشاركا . ومن اسباب متعته انه يقرا لغة ” لينة ” , اعني انها دالة بشكل مباشر وبالوقت ذاته منظومة نظما واعيا , الى الدرجة التي امتلكت قدرة التاثير في القارئ . واخطر ما لاحظته في قراءاته للنصوص الادبية انه يتحرر من سلطة ” النسق النقدي ” كما اسميته واشرت اليه في دراستي لنقد السياب , وكان وعيه مبكرا بذلك , وبقي هذا الوعي حاضرا حتى كتابه الاخير .
الاحالات .

  1. يمكن متابعة التفصيلات في دراستنا للجيل السبعيني في كتابي ” الشعر العراقي الحديث – جيل السبعينيات – الرؤية والتحولات . بغداد 2009 او في طبعته الثانية بعنوان ” الشعر العراقي الحديث – الرؤية وانساق التشكيل -. وقد وضحنا ذلك بالتفصيل . ونشير الى اننا لمسنا من خلال بعض الاشارات ان الناقد حاتم الصكر كان ينشر مقالات في الصحف انذاك غير انا لم نوفق اليها قبل عام 1983, وربما كان بعضها مما ضمه كتابه الاول ” الاصابع في موقد الشعر “.
  2. نقد الحداثة . بواكير الخطاب النقدي وتنويعاته المعاصرة .د . حاتم الصكر . دار ضفاف . 2014 .
  3. في مقدمة كتابه ” الاصابع في موقد الشعر “, يتحدث الناقد عن ” المنهج والدوافع “قائلا “ان المقالات التي يضمها هذا الكتاب في جانبه التطبيقي تقدم مقترحات لقراءة تنطلق من الايمان بما اسميه منهج النص أي ذلك المنهج الذي يعتمد التحليل والتأويل ” ثم يقول ان التفكير بالقارئ لا يعد تراجعا ذوقيا او فكريا ولا تعارضا مع الحداثة بل الايمان بما للشعر الحديث من صلة بقارئه .. املى علينا التفكير بالقارئ”. ويبدو ان الناقد – حينها – لم يتفاعل مع المنهج بوعي عال , كما ان خلطه بين ما انتجته الحداثة من مناهج وما افرزته ما بعد الحداثة من اتجاهات نقدية , كان واضحا . لكن المؤشر المهم عندنا والذي يمثل الانطلاقة بالنسبة له , يتمثل في خياره النقدي الذي سيتضح لاحقا في كتبه الاخرى . ونشير ايضا الى ان ” نقد النقد ” ظهر عنده بداية في كتابه ” مواجهات الصوت القادم .
  4. كتابة الذات – دراسات في وقائعية الشعر – حتم الصكر – دار الشروق – لبنان 1994 :7 – 12 .
  5. التلقي والتأويل – بيان سلطة القارئ في الادب – محمد عزام – دار الينابيع – سوريا – ط1 – 2007 :54 .
  6. نظرية التناص – جراهام الان – ترجمة باسل المسالمة – دار التكوين – ط1 -2011 :143 .
  7. تكوين العقل العربي – محمد عابد الجابري – مركز دراسات الوحدة العربية – ط10 – 2010 : 39 .
  8. ينظر بحث “من مضيق التقليد الى فضاء الاطلاق – في ريادة النقد الشعري العراقي , ضمن كتاب ” الشعر العربي عند نهايات القرن العشرين – محاور وجلسات الحلقة الدراسية للمربد ” – اعداد عائد خصباك – دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد – 1988 .
  9. تمثلات النهضة في ثقافة العراق الحديث – فاطمة المحسن – منشورات الجمل – بيروت – 2010 ” الفصل الرابع من الكتاب “.
  10. دراسة في طبيعة المجتمع العراقي – علي الوردي – لندن 2005 :286 .
  11. يعني هذا المصطلح عند عبدالله ابراهيم ,حضور الموجه الغربي في الثقافة بل تحوله الى اديلوجيا تمارس شؤون الفكر والدعوة اليه على انه يمثل الحقيقة المطلقة . ينظر ” الثقافة العربية والمرجعيات المستعارة – د عبدالله ابراهيم – الدار العربية للعلوم – ناشرون – ط1 – 2010 :31 .
  12. يمكن الرجوع الى ذلك بتفصيلات واضحة في كتاب ” اضداد الكلام – نحو اتجاهات جديدة في القصيدة العربية في العراق – د.علي متعب جاسم – دار المجتمع العربي – الاردن – 2014 .
  13. الاتجاهات والحركات في الشعر العربي المعاصر – سلمى الخضراء الجيوسي – ترجمة عبد الواحد لؤلؤة –مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت -2001 :157 .
  14. مناهج النقد الادبي – انريك اندرسون – ترجمة د. الطاهر احمد مكي – دار العالم العربي – ط1 -2012 :136 .
  • – نقد الشعر لابي فرج قدامة بن جعفر – تحقيق محمد عبد المنعم خفاجي – دار الكتب العلمية – بيروت – : 65 -66 .
  • – الاتجاهات والحركات في الشعر العربي المعاصر : 153 .
  • – تحليل الشعر – جان ميشال غوفار – ترجمة محمود – لبنان – ط1 – 2008 : 71 وما بعدها .
  • – المصدر نفسه : 91
  • – ا لغربال – ميخائل نعيمة –ط 11 – بيروت : 17 .
  • – مناهج النقد الادبي : 45 – 48
  • – الغربال – 128 / 129 .
  • – يقول ابن الاثير ” ينبغي لك ان تعلم ان الجهل بالنو لايقدح بفصاحته
  • الخيال هو احد اركان مفهوم الشعر عندهم .ينظر ” نظرية عند الفلاسفة المسلمين – الفت كمال الروبي – بيروت – 2007
  • – في الشعر الجاهلي – طه حسين – دار المعارف للطباعة والنشر : 10 وما بعدها .
  • – في الادب والنقد – محمد مندور – دار نهضة مصر – ط5 :74
  • مناهج النقد الادبي : 90
  • الكتابة عمل انقلابي – نزار قباني – بيروت – ط1 -1978 :7
  • تكوين العقل العربي :144 .
  • الحداثة – يوسف الخال – دار الطليعة – بيروت – – لبنان – 1978 :32
  • – اضداد الكلام : الفصل الرابع المعنون ب ” الشعر المنثور .
  • اتجاهات الشعر العربي المعاصر – د. احسان عباس . عالم المعرفة – 1978 :62
  • نفسه :56
  • نفسه :80
  • نفسه 81
  • – في الدراسات الثقافية التطبيقية – مايكل ج رايان – ترجمة د. خالد سهر ” قيد النشر ” وقد اطلع الباحث على مخطوط المقدمة من المترجم .
  • – الثابت والمتحول – ادونيس – دار العودة بيروت – ط4 – 1983-ج-3 :228 .
  • الكلام والخبر . سعيد يقطين – المركز الثقافي العربي – 1997 –” الفصل الاول ” النص واللانص في الثقافة العربية “.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*