دلو المبدع وبئر الحكاية- وديع شامخ

 
 
حاتم  الصكر ، دلو المبدع وبئرالحكاية
*الشاعر وديع شامخ- عموده الأسبوعي( ثريا الكلام)
جريدة  التلغراف -سيدني- أستراليا
منقّباً  في عسل  الإبداع،  يذهب الى الحكاية حاملا سنارة ودلاء ، ويذهب الى الشعر ُملثم الوجه كي  يسترق الهمس الى دقات قلوب النصوص خلسة ، حاتم محمد صكر ، الذي خبر سرالكلمة ، ومضى يسري  في بهائها ، ُميمما شطر وجهه نحو ينابيع الحكمة والجمال.
سومري  يبحث عن أسرار الحياة ، و باحث عن سر الخلود  يمضي مع النصوص ، مادة الحياة مؤرخا  للحظاتها الوارفة  الشك
بدأ الصكر شاعراً، إذ  أصدر ثلاث مجموعات شعرية، وهي كالتالي : مجموعة مشتركة مع حميد حسن جعفر وسميع داوود  بعنوان   نوارس الموجة الاتية، ومرافيء المدن البعيدة ، و طرقات بين الطفولة والبحر،  والعديد من  القصائد النثرية التي لم تجمع في كتاب ، فكان  من شعراء موجة الستينات  الصاخبة ، إلا أن روح  الناقد في حاتم الصكر هي التي  إنتصرت على الشعر، فدخل  ساحة النقد  متسلحاً بموهبة شعرية  وثقافة رصينة في التراث العربي  والعالمي  والنظريات الحديثة في  القراءة والنقد والتأويل ،  ليصبح واحداً من أهم النقاد العرب المعاصرين،  إذ أصدر كتبا نقدية مهمة جدا  وهي” البوح والترميز القهري-دراسات في الكتابة السير-ذاتية -تنويعات ومحددات- الهيئة المصرية العامة للكتاب-سلسلة إبداع عربي–13-القاهرة 2014
. نقد الحداثة- بواكير الخطاب النقدي وتنويعاته المعاصرة-دار ضفاف-الشارقة -بغداد-2014 – بريد بغداد- كتاب الرافد العدد 34-اكتوبر-2012-دائرة الثقافة والإعلام -الشارقة -منشورات مجلة الرافد .قصائد في الذاكرة
. قراءات استعادية لنصوص شعرية-كتاب دبي الثقافية-.أغسطس2011 – . أقوال النور- قراءات بصرية في التشكيل المعاصر-دائرة الثقافة والإعلام -الشارقة- 2010
. في غيبوبة الذكرى -دراسات في قصيدة الحداثة،كتاب دبي الثقافية، دبي – ديسمبر 2009
. المرئي والمكتوب: دراسات في التشكيل العربي المعاصر، دائرة الثقافة والإعلام -الشارقة 2007م * حلم الفراشة:الإيقاع والخصائص النصية في قصيدة النثر ,وزارة الثقافة-صنعاء 2004م . والطبعة الثانية: دار أزمنة -عمان 2010
. انفجار الصمت -الكتابة النسوية في اليمن –دراسة ومختارات ,اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ومركز عبادي -صنعاء 2003م * مرايا نرسيس: قصيدة السرد الحديثة في الشعر المعاصر : المؤسسة الجامعية للدراسات – بيروت 1999 .مرايا نرسيس -طبعة ثانية -المجلس الأعلى للثقافة-القاهرة-2010
. ترويض النص: تحليل النص الشعري في النقد العربي المعاصر :-الهيئة العامة للكتاب-القاهرة 1998 * البئر والعسل: قراءات معاصرة في نصوص تراثية ط1 -دار الشؤون الثقافية- بغداد 1992 ط2ألقاهرة 1997
. رفائيل بطي وريادة النقد الشعري : دراسة ومختارات -دار الجمل -كولونيا ألمانيا 1995م
. كتابة الذات : د راسات في وقائعية الشعر – دار الشروق عمان 1994
. ما لاتؤديه ألصفة : المقتربات أللسانية وألشعرية-دار كتابات معاصرة بيروت 1993 * الشعر والتوصيل-الموسوعة الصغيرة بغداد 1988
. مواجهات الصوت القادم -دراسات في شعر السبعينيات -منشورات الطليعة الأدبيةبغداد 1987
. الأصابع في موقد الشعر : مقدمات مقترحة لقراءة القصيدة -دار الشؤون الثقافية-بغداد 1986 .
. اضافة إلى ثلاثة دواوين شعرية وثلاثة كتب للأطفال.
. بحوث في عدة مجلات علمية محكمة.
. ومختارات لعدة شعراء عراقيين مع مقدمات نقدية صدرت مترجمة عن دار المأمون ببغداد 1989-1990 المهن والاعمال”
مبشر خطير بالمواهب ، وقارىء منتج  لخطاب المعرفة والجمال ، عرفته نصيّا عبر كتاباته الناضجة في  ثمانينات القرن العشرين ، يومها كان ومعه زملائه سعيد الغانمي وعبد الله ابراهيم  واخرون الذين  شكلوا الموجة الجديدة في النقد العراقي الجديد ، معتنقين خطاب التفكيكية  منهجا  والبحث الحفري في النص ، ولقد تفرد الصكر بطريقته النقدية التي تتمثل في مزج التنظير مع التطبيق النصي سواء في كتبه النقدية النظرية   أم في نقوده للنصوص الشعرية ، وقد كان مواكبا للتجارب الشعرية في كل الحقب منذ  الر واد وحتى التجارب الشبابية ، يشير اليها وينقب عن مواطن الجمال فيها . وهو مبشر أيضا  لجنس قصيدة النثر والذي  كان لعمله  في مجلات الأقلام والطليعة الأدبية والأديب المعاصر، الآثر الكبير لفرصة فتح آفاق  لتبني هذا المشروع الابداعي  المثير للسؤال في زمن  الانتصار للنص  العمودي في زمن الديكتاتور العراقي ، ولقد تحمل  الصكر معاناة وصلت الى   الى الهجوم  والتخوين واستعداء السلطة بمقالات منشورة ومعروفة وكان يقودها  منظرو ومثقفو  حزب البعث آنذاك  . لأن  الصكر واصل  نشر نصوص قصيدة النثر ، الاقتراح الجمالي الخارق للذائقة النمطية للسلطة وثقافتها ، وأجرى  مسابقات لجوائز بين كتابها، والجميع  يتذكر ما لهذه المنابر الثقافية  من أثر لاشاعة الحداثة نصيا ونقديا معاً.
كان اللقاء  الاكثر حميمة وقربا  عندما شرعنا باسم  فرات وانا في كتاب حواري، ولقد اقترح باسم ان يكون الدكتور الصكر كاتبا للمقدمة ، وقد أوفى الرجل بعد ملاحظاتي عن بعض الافكار  التي طرحها ،  ولقد تقبلها  بسعة صدر أدهشتني، وكانت مقدمته بداية العلاقة الانسانية معه .
الدكتور حاتم الصكر ، الذي استقر اخيرا في الولايات  المتحدة الأمريكية ، وانا في قارة أستراليا ، فكان الإتصال  بيننا حميما،ونصيا ً، ولكننا  لم نلتقِ أبدا  بشكل اجتماعي ، وهذا ما شكل  لدي  حافزا في مواصلة العلاقة الجمالية والإنسانية مع هذا الكائن الجميل .
كان سخيا معي  في قراءة  كتبي والكتابة عنها بشكل مدهش ، يعبر عن روح المبدع المنقّب عن اسرار الجمال  في كل كتاب جديد، فقد كتب عن روايتي ” العودة الى البيت ” وافرد لها عموده  في جريدة الاتحاد الامارتية ،إذ قال “..تثير رواية “العودة إلى البيت” للكاتب والشاعر العراقي المغترب وديع شامخ كثيراً من الأسئلة المتصلة بشعرية السرد الروائي، كالحدود الممكنة بين الرواية والسيرة الذاتية، ولغة الخطاب السردي ومدى توظيف العامية ليس في الحوار فحسب بل في مناطق الوصف والحدث أحيانا، والعلاقة بين الواقعي والفانتازي، والخيالي والوثائقي، والبعد عن الموضوع زمنيا؛ باسترجاع الوقائع عبر الذاكرة، ومكانيا لأن الكاتب مبتعد عن البصرة المكان الاول الذي تدور فيه الأحداث وافعال السرد.، كما تؤكد رواية وديع شامخ باحتدام تفاصيلها وانعكاسها على الشخصيات بانتمائها لقص ما بعد الحداثة في حاضر السرد ورصده للحظة عراقية استثنائية الالتباس، بالتحرر من الرسميات المؤطرة للسرد وشخصياته ولغته، وبالمزج الحر بين الرواية وما يجاورها من فنون”
كما كانت له وقفة الناقد المتأمل في مجموعتي  الشعرية الأخيرة ” مصور شمسي ” حيث  كتب ” وديع شامخ في (مصور شمسي) يستثمر رمز الشمس شعرياً ، ويستعين بها عبر آلة تصوير خيالية تستمد مادتها من الذاكرة؛ لتحضير الصور في غرفة شعرية مضاءة بالمفردات وحدها ، تلك التي تهب قصيدته هذا الانتظام الشعوري ،واقتناص ما هو مثير ومغرٍ لمخيلة القارئ ؛فهو يدعو ذلك القاؤئ لوليمته الخيالية، حيث الذاكرة تستحضر الصور ؛فيقول في أولى سطور ديوانه (آثار أقدامِ قلبٍ تقرع ذاكرتي..وأنا ممدد على ساحل الروح ) وهذا التعاقد الشعري مع القارئ بيان أو  تلخيص بليغ لمهمة النصوص في الديوان الذي يصور الشقاء الإنساني- ولكن بتفاؤل يلخصه تناص الشاعر مع محمد الماغوط الذي عنون أحد دواوينه (الفرح ليس مهنتي) فجعل وديع عنوان إحدى قصائد ديوانه(الفرح مهنتي) . ويتوسل الشاعر بسبل فنية يجدر التنويه بها كي لا تظل قراءتنا رمزية أومضمونية ، ومن أبرزها التكرار كتقنية تساعد على تثبيت الصور، وهو تكرار متنوع:لفظي لمفردة واحدة ،أو مقطعي لجملة شعرية تتكرر لتصنع دلالة النص.وتتميز النصوص بلغة أليفة لا تقعر فيها أو حذلقة مكتفية بالتصوير الفني الذي يحفر الدلالات التي تتنضد في النصوص ،وتشرق في روح القارئ كإشراقة الصور المجففة تحت شمس  الشعروالحرية والبراءة.”
محبة ووفاء لك مُعلّما  ومبدعا وإنسانا ، وعسى أن تكون إشارتي هذه لمحة وفاء لفيض محبة وعطاء لك ايها  الصديق الكبير الدكتور حاتم الصكر .
…………………………………………………………………………………………………………………
 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*