قراءة في لوحة لهاشم علي- من صفحةد.سعيد الجريري على فيس بوك

كتب الصديق د.سعيد سالم الجريري في صفحته  على فيس بوك:
في ذكرى رحيل الفنان التشكيلي المؤسس هاشم علي “مولى الدويلة”( 2009 – 1945 ) راقت لي قراءة د. حاتم الصكر Hatem Alsager* في إحدى لوحاته ( بائعة العمب )، فالدكتور حاتم فضلاً عن كونه قارئاً مبدعاً للنص الشعري والسردي، فهو ينماز بكونه متكشفاً مدهشاً سردية الفن التشكيلي وجمالياته. 
*
“… يسيطر السرد على اللوحة عبر شخصيتي البائعة التي تحمل الثمرة المغرية بيدها اليسرى إلى الأعلى بينما تمتد يد الرجل المشتري باشتهاء وخدر ولوعة إلى الثمرة التي لا تصل إليها يداه. بالمقابل تضم الفتاة الجميلة الملامح سلة العمب إلى جسدها وكأنها تخبئها بين ساقيها وتحيطها بيدها اليمنى.
ونلاحظ التعبيرية واضحة في ملامح الرجل الذي أسند رأسه إلى كتفه مستلباً أو كالمسحور إزاء فتنة الفتاة مرمزة بالثمرة ، وكأنها فاكهة محرمة من ذلك النوع الذي هبط بآدم عاصياً معاقباً إلى الأرض مطروداً من الجنة.
فهل يريد السرد في اللوحة أن يحيل إلى هذه القصة التي كانت أصل الخليقة وأول الخطايا الفريدة للإنسان المعذب بالمعرفة ؟
نلاحظ في العمل اهتماماً مفرطاً بالتفاصيل من أعلى رأس الفتاة حتى ربطة أو شريط حذائها مع إتقان وإبراز دقة مفاتنها الجسدية الجميلة كدقة الخصر واعتدال الجسد إلى جانب متانة ساقيها وعجيزتها وبياض وجهها ونحافة ملامحها التي اختزلها الفنان بالخطوط الخارجية إضافة إلى استبطان داخلي لمشاعر الاشتهاء الذكوري عند الرجل ، وخفر البائعة المنطوي على إغراء وتملك ، مما انعكس في توزيع كتل اللوحة ومساحتها وحركة شخوصها.
ولعل المحير في الأمر تحرر الفنان من الأبعاد الأكاديمية أو ضبط المنظور والأحجام إذ نراه يبالغ في طول الأيدي كناية عن الرغبة والصراع للحصول على الثمرة التي تتحدى جوع الرجل المستسلم للغواية بعجز وضعف واضحين ، إزاء ثبات المرأة ، بينما يعطي للرجل ملامح هياج واشتهاء ، ولكن دون إبراز الجنس على شكل ثيمات أو أحداث سردية داخل العمل ، والاكتفاء بالرمزية التعبيرية من خلال تعابير الوجه والانفعال الصامت للشخص بإزاء حركة المرأة خارج كتلتها.
ولا نغفل أخيراً استثمار الفنان للونين الأسود والأبيض ، وما جرى بينهما من مطابقة دلالية عنيفة تعوض الفقر اللوني في مثل هذه الأعمال التي تتنازل عن الزينة والأصباغ متيحة المجال لتضاد السواد الغامق “الحبري” والبياض المسالم”

* من دراسته المعنونة: هاشم علي .. الاعتراف بالفن.
 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*