حوار مع الناقد العراقي حاتم الصكر (2/2)
 
حاورته : منى كريم: حاتم الصكَر من أهم الأسماء التي عرفها النقد العراقي و العربي، تتبع خطوات الحركة الحداثية، فدرس مفصليات جيل السبعينات في العراق و من ثم تجربة الشعر النسائي في اليمن الخ… يملك هذا الناقد الشاعر آراءً خاصة حول الشعر و تلمس نبض الحركة النقدية العربية. يقيم حالياً في اليمن وقد شغل عدة مناصب تعليمية فيها.. بعد إلحاح طويل استطعنا أن نحتوي كلماته في هذا الحوار، هنا الحلقة الثانيةوالأخيرة:
* تحوّل العمل الأدبي من تحت قبضة النقد إلى القراءة، بحيث أصبح الناقد مجرد قارئ خبير لا يملك دور القداسة المحطّمة. ألا ترى أن هذه الفكرة غير متحققة على مستوى الثقافة العربية؟
– في السنوات الأخيرة، وبضغط المنهجيات النقدية الجديدة وتحوّلات كتابة النصوص من جهة، والوعي بها وقراءتها ونقدها، تحوّل الجهد النقدي ـ أسوة بتطور العلوم الإنسانية كلها ـ في أكثر من اتجاه :
فلم يعد النقد منعزلاً عن العلوم الإنسانية.
ولم يعد النقد تابعاً ومفسراً للنص.
ولا أداة تعليمية لبيان ما يغمض فيه أو يلتبس.
وانفكّت صلة النقد بتاريخ الأدب الذي هيمن طويلاً على فكرنا النقدي.
وتخلى الناقد عن دور (الحكم) أو (الحاكم) الذي يصدر أحكاماً على النصوص ويقيّم تلك النصوص ويمنحها درجات أو امتيازات..
وترافق ذلك مع انحسار هيمنة البنيوية والأسلوبية وصعود تيارات ما بعد الحداثة في المجال النقدي في الغرب نفسه الذي اتجه صوب ألمانيا هذه المرة ـ بعد التخفف من المدارس الفرنسية وقبلها الانجلوسكونية كالنقد الجديد ـ وصادفت أطروحات مدرسة كونستانس حول القراءة والتلقي، ونظرية الاستقبال تحديداً، قبولاً عاماً لأنها أعادت التوازن للفكر النقدي واقترحت تخلّصه من الانغلاق أو (الانحباس داخل النصوص) بتعبير جاك دريدا، والتخفيف من الهيمنة اللسانية التي تعدّ النصوص مظاهر لغوية وأسلوبية دون المستويات النصية الأخرى… وعادت للقراءة هيبتها لا باعتبارها مسحاً بصرياً أو استيعاباً عادياً للنصوص، بل بكون القراءة نشاطاً إنسانياً نقدياً، يحتك فيه القارئ مع النص بما يسميه نقاد استجابة القارئ (ذخيرة القراءة) التي يهجم بها القارئ المتلقي على النص ليحلله ويملأ فجواته التي يتركها الشاعر والكاتب لأسباب فنية غالباً يقتضيها النظم والتأليف النصي، ويعيد القارئ بذلك إنتاج النص بكشف علاقاته مع النصوص الأخرى بخبرته.. وكان ذلك إنصافاً لنشاط القراءة الفاعلة لا المنفعلة وإعادة اعتبار لقارئ طالما ترفعت عليه الكتابات والمناهج وتجاهلته بل عدّت ـ في فورة وهيجان حماستها المنهجية ـ جهله بالنص مؤشّراً على تميّز النص وشعريته..
في ثقافتنا العربية لقيت هذه الأفكار قبولاً واسعاً لاسيما في الاصطفاف النصي وتفرعاته (البنيوية والأسلوبية والتفكيكية والتأويل) وأكثر المتحمسين هم القادمون من حاضنات فكرية (نصيّة) فنية أو من تيارات يسارية (كالبنيويين التكوينيين) يضعون القارئ في حسابهم.. ويعدّونه طرفا في عملية التوصيل.
لقد كانت جهود نقاد عرب بارزين (في المشرق والمغرب) تؤكد الاتجاه صوب آليات القراءة وجماليات التلقي واستثمارها لترتيب الفكر النقدي والرؤية والموقف والمنهجيات بتوسّط وواقعية، ونتج عن ذلك اهتمام كبير بالنصوص واستخلاص دلالات وأسلوبيات متعددة، حتى إن لم يعلن الكاتب اندراجه ضمن منهجيات القراءة، لأن الكتّاب ـ وهذا وجه آخر للنضج النقدي عندنا ـ لم يعودوا يعلنون عن مناهجهم بضيق وتحيّز كما يعلنون عن صنف دمهم، بل يسيرون حيث تقودهم النصوص والمشكلات النقدية التي تتيحها القراءة.. فهم يعبرون عن رؤى نقدية لا انحيازات منهجية مغلقة.

* ما قولك في مسألة غياب الحركة النقدية عما تنتجه الحركات الإبداعية الجديدة؟
– لي في هذه المسألة رأي منشور في عدة مناسبات نقدية أو صحفية، فأنا لا أؤيد الرأي القائل بغياب (الحركة) النقدية.. بل على العكس أرى أنّ جزءاً كبيراً من ترسيخ الحداثة وقبولها في الأوساط الأدبية والرأي العام يعود لجهود النقاد ومنافحتهم عنها واقترابهم من نصوصها.. وكثير من تلك الجهود وصفتها بأنها تقوم بدور (التمهيد) وتهيئة الأرض المناسبة لظهور الإبداع الجديد وترسيخه.. ولكن ليس بوصفه مفردة مفردة وملاحقة (كل) ما يصدر، بل بتأشير الظواهر مثلاً والتجييل (التصنيف الجيلي) وترتيب الصلة مع التراث النقدي والمنهجيات الجديدة وفي إشاعة والمصطلحات والمفاهيم.
ولا أريد بذلك تبرئة نقدنا المعاصر فأن له مشكلاته ومآزقه، وثمة نقاط تراخ وكسل فيه ولكن ليس لدرجة وصفه بالغياب. لا سيما وأن المهمة النقدية اليوم يتولاها الشعراء أنفسهم أحيانا.
* ألاحظ أن آلية النقد العربية تركّز على العوامل الزمكانية في النص، والحديث المتكرر عن الحداثة، أليس من الجدير بهذه الآلية المرور بمرحلة حداثة وتجديد للتخلص من رتابتها؟
– أوافقك القول بوجود (رتابة) و (تكرار) في الحديث عن الحداثة، وأعتقد أن ثمة ظواهر في النقد الأدبي العربي عامة (وليس النقد الشعري فحسب) تشير إلى محاولة الخروج من تلك الرتابة، كالاتجاه إلى مناهج السرد لنقد النتاج السردي (قصة ـ رواية ـ مسرحية) والابتعاد عن الدردشة وتلخيص الحبكات، من أجل تنظيم قراءة السرد على وفق عناصر النص السردية والاهتمام بوجودها في النص.. وهناك اليوم دعوة واسعة لها مظاهر نقدية وتمثّلات واعية لما سمّاه عبدالله الغذامي (النقد الثقافي) مع الاعتراف بوجود هذا التيار في المنهجيات النقدية الغربية، وذلك أدّى إلى توجيه الاهتمام لا إلى النص فحسب بل إلى الظواهر الثقافية، كالأدب النسوي وصورة المرأة وأدب السيرة والمذكرات والأدب الشعبي وصلة الفكر بالأدب، وغير ذلك من التجلّيات (الثقافية) بالمعنى الواسع للثقافة والمتعدي حدودها الأدبية الصرف.
* يقول أحد شعراء قصيدة النثر كنصيحة لعدم الانغماس في قراءة الموروث والاتجاه لقراءة الأعمال العالمية:” لا تبحث في البيت كثيراً. اتجه مباشرة للشرفة العليا”. كيف تعلق على كلماته؟
– أنا لا أعلم من قال ذلك أو أسدى تلك (النصيحة‍!( ـ ليس في كتابة الشعر نصائح ولا تعاليم بل هي كدّ فردي أولاً ـ !
لكنني لا أوافقه بل أتهمه بتجاهل جماليات الأمكنة، لأن الاتجاه إلى الشرفات خطأ جشتالتي خطير، يتجاهل بسببه الرائي العتبات التي تتلازم بنائيّاً مع أجزاء البنية الأخرى ـ كالشرفات ـ.. ومقابل ذلك أقترح ـ ولا أنصح ـ بأن نبحث عن أنفسنا داخل المقروء : تراثاً كان أو معاصراً أو عالمياً.. وأياً كان مكانه : في الهامش أو العتبة أو معلقاً في الشرفات !
وأرى أن التقابل بين ما هو عالمي وموروث تقابلا عدائيا كما يصوره ذلك القول هو افتراض ووهم، ولا يعكس وعيا بالتراث ولا بالثقافة العالمية والرؤى والمواقف المعرفيّة..

* هنالك أصوات تجديديّة تدعو النقاد إلى التوقف عن الهذيان في استخدام المصطلحات الطويلة والكثيرة حتى لا ننفي النقد بعيداً عن المتلقي الذي يرى في النقد ألغازاً لا تحل. هل حاولت الاستجابة لهذه الدعوة، أم أنك تملك رأيا أخر؟
– كثيراً ما توقفت عند المناهج الوصفية ودعوت لتجاوز (وصف) النص أو الانشغال بوصف آليات المنهج، والاتجاه للتطبيق والأخذ بمعطيات النص ومستوياته نفسها بدل إسقاط جهاز اصطلاحي أو مفاهيمي كبير يبتلع النص ويسحقه.. قلت ذلك لمناسبة الهجمة المنهجية السردية، فهي وإن كانت تنظّم قراءة المسرودات وتجعلها عملاً علميّا إلى حد كبير، لكنّ الانغماس في خلافاتها الاصطلاحية وتشعباتها وتفرعاتها تؤدي إلى ما شخّصه محمد مفتاح مبكّراً في مثل هذه المناهج إذ آتهم بعض مستخدميها العرب بما أسماه (تكثير المصطلح) وذلك يبلبل الباحث والقارئ معاً كما يعكس خلافات لفظية فارغة أحياناً، كتسمية الراوي الخارجي مثلاً بالبرّاني وأيهما أدق الخ…
كما أن بعض المصطلحات المقترحة تزيل مصطلحات قارّة ومتداولة وتتوفر على أكثر ما يتطلبه علم المصطلح في اشتقاقها ودلالتها (شمولها للأفراد وقابليتها الصرفية الخ..)
وعرضت مراراً فكرتي عن (التكييف) المنهجي في مجال المصطلح والمفهوم باعتبار الأول بنية فوقية للثاني وتعبيراً إجرائياً عنه.. وملخّصها أن واضعي تلك المصطلحات اشتقوها من اشتغالهم على (نصوص) بلغة ما وظرف ما فلا قدسية لها إذا ما كيفناها عند النقل لتناسب نصوصنا.. وهذا ينطبق بالمناسبة على الدعوة لعودة المصطلح النقدي القديم والذي أراه بحاجة هو الآخر إلى (تكييف) ليناسب نصوصنا، مادام قد أشتق وأستخدمه النقّاد عبر استقراء نصوص ما في زمن ما، وصارت بعيدة عنا الآن..
* ندرة النقاد العرب ومعاناة ساحة النقد من أمراض عدّة، هل ستحوّلها إلى جثة أم أن هنالك طرقاً لتفادي الموت؟
– ربما كانت إجابتي على أسئلتك (7 و 8 و 9) تناسب الرد على هذا السؤال، فأنا لا أتفق معك في مسألة (الندرة) رغم أني اتفق معك في مسألة وجود (أمراض) هي في رأيي جزء ممن مظاهر عافية نقدية، إذ أن ذلك دليل على اشتغال وحركة الجسم النقدي لا خموله.. وارتياده مناطق جديدة لا يمتلك ـ ربما ـ حصانة كافية ليخوض فيها.. بسبب جدّة القضايا أو تفوّقها على المنظور النقدي وأدواته ومنهجياته. لقد تبلورت اتجاهات نقدية وآجتهادات حرّرت الدرس النقدي من مدرسيّته وتقليديته ودمجته بآفاق النصوص وعوالمها، فضلا عن تعدد الأسماء النقدية وكثرتها إذا كان لذلك أهمية كما أوحى سؤالك.
لذلك يصبح (التحول إلى جثة) افتراضاً مجرداً لا أوافقك عليه، أما الطرق المقترحة لارتياد الجديد منهجياً ونظرياً، فذلك ما أجد زملاء كثيرين يعملون بصدده: هم في الحياة الثقافية والكتابة أكثر منهم ـ للأسف ـ في الجامعات والمدارس العربية والمؤسسات الثقافية الرسمية وصحافتها.. لكنهم يلتقون في منابر متخصصة ومؤتمرات وندوات ومحاضرات ومساجلات ودراسات أظن أنها مؤشر على وجود حالة الحركة أي الحياة حتى لو كنا معترضين على حجمها أو أثرها فيما حولها وفي قناعاتها الفكرية ورؤاها.. لكن من الغبن والظلم شطبها ونعتها بالموت إلا إذا كنا نرجسيّين لا نرى النقد من حولنا إلا إذا كان يحتك بنصوصنا نحن !
* يعاني الشاعر العربي ـ خاصة الذي يحاول أن يكتب عن الإنسان البسيط ـ من صعوبة الوصول إلى لغة شعرية وسطية بحيث لا تكون القصيدة حكراً على فهم النخبة فقط، فهل يكتب هذا الشاعر عن الإنسان من أجل أن يتلقى النص مثقف غالباً ما يكون بعيداً عن الشارع، أم أننا باسم جودة الشعر والرمزية واللامباشرة والتخلص من الخطابية العالية ـ خاصة الخطاب الإيديولوجي- نحوّل الشاعر إلى مشروع محصور في الوسط الثقافي؟
– سأفاجئك برأيي ـ رغم أنني مع الإنسان الذي وصفه سؤالك بالبسيط ـ فأقول إن قدر الشعر منذ وجد أنه فن نخبة، لا بمغزى الكتابة ومضامينها وهدفها واتجاهها، ولكن بمعنى صعوباته الذاتية كملفوظ نصّي، تماماً كما أن الفلسفة لها نخبتها الكاتبة والقارئة حتى إن كانت لصيقة بالإنسان، مهمومة بمصيره ومستقبله وعدالة حياته.. حتى تاريخ الأدب يعلمنا هذه الأمثولة، فثمة شعر كثير رفضه المتلقي متّهماً الشاعر ـ كما حصل مع أبي تمام ـ بأنه نبطي يقول ما لا يفهم ! وأنه أراد الاستعارة فخرج إلى الاستحالة. وهذا يفسر وجود الشروح المفصّلة للدواوين، فهي عندي كناية عن صعوبة الرسالة الشعرية وحاجتها إلى وسائط لتكون في مجال التداول.. لكن نخبويّة فن الشعر قضية تقنية، كما أننا مثلاً لا نفهم تعقيدات الحاسب الآلي كصناعة وتقنيّة لكن ذلك لا يمنع استخدامنا لـه.. وهذا يجري في تداول الشعر.. ولا تحول صعوبته دون اقترابه من القضايا الإنسانية بشروط الفن – أو احتواء معاناة الإنسان الشخصية والعامة.. أما (خدمة) الشعر للإنسان البسيط بالاقتراب من مستواه الثقافي وليس ارتفاعه به إلى مستوى الشعر فهي دعوة للتضحية بالفن الشعري لا بالرموز والأساطير فحسب، ودعوة لإحلال ما ليس شعرياً كالخطابات المباشرة بدل المحتوى الشعري.. وخدمة الإنسان تكون برأيي في دعم أفق قراءته والارتفاع به ثقافياً كي لا يكون الشعر مفصلاً على قدر فهمه الآني..
ولا تنسي أن الشعر الحديث بالذات محفوف بمعارف وهواجس وأشكال لم تدخل في أفق قراءة المتلقي الذي لم يغيّر موضع قراءته بحسب تطور الأساليب وغنى النصوص.. أما قصر أو حصر التلقي بالمثقف الذي وصفه سؤالك بالبعيد عن الشارع فأرى أنه ترجمة لإيديولوجيا (توظّف) الكتابة لأداء خدمات مباشرة : مضمونية ودعائية لا فنية أو جمالية.. ولا أرى تقاطعاً بين أن يكون النص مغتنياً بالمعرفة والوسائط الفنية العالية، وبين أدائه لمهمات إنسانية هي في جوهر عمل الشاعر.
* حالياً لا يلد الشعر شعراً، بل أن المعرفة وأشكالها بشكل عام تلد الشعر، هل الأمر مشابه مع النقد؟
– أوافقك تماماً على تغذية الشعر اليوم بالمعرفة… والأمر نفسه حصل مع النقد، فقد تسلّطت المعرفة على المنهجيات بدءاً من الماركسية التي كانت الواقعية والتكوينية مظهرها الأدبي والنقدي (لوكاتش وغولدمان) حتى الظاهراتية وتجليّاتها النقدية عبر مناهج القراءة والتلقي (تأثر آيزر وياوس بأطروحات هوسرل وغادامير وهايدغر) فضلاً عن المناهج النفسية (الفرويديون وتعديلات تلامذتهم مثل يونغ و لاكان).. وليس الأمر جديداً في مجال النقد، فالعرب أيضاً كان للمعرفة وحقولها وعلومها أثر بيّن على مناهجهم التي اتضح فيها أثر أرسطو بجلاء فضلاً عن موارد الفلسفة الإسلامية وعلم الكلام..
لكنني شخصياً أميل إلى الرأي القائل بوجوب امتصاص النقد وتمثّله للمؤثر المعرفي بحيث يغدو مندرجاً في ثنايا الخطاب النقدي ولا يصادر أدبيته، فالنقد عندي يظل نشاطاً أدبياً في المقام الأول، وإن استلف قناعات وآليات من علوم إنسانية مجاورة.. وهذا حصل فعلاً في خطابنا النقدي المعاصر، وسأمثّل لـه ب :التحليل والتأويل مثلاً، فهما ـ إجرائياً ـ مصطلحان ومفهومان قادمان من حقول أخرى (علم النفس وعلم الكلام..) لكن التكييف الذي حصل لهما في الخطاب النقدي جعل التحليل صفة للنشاط النصي وعلم الكلام لخطوات التأويل المعروفة كالشرح والفهم والتفسير.. كما أن انسحاق بعض المناهج تحت خطابات أخرى كالنقد النفسي الذي أجد فيه إكراهات كثيرة لجعل النصوص تمر عبر التحليل النفسي وآلياته، يسلبها أدبيّتها وصلتها بالنصوص بما أنها ملفوظات لغوية أدبية في المقام الأول.
* بصراحة شديدة، نعرف عن حاتم الصكر اهتمامه بتتبّع التجارب الشابة، إذن لماذا يكتب الصكر قراءات نقدية عن أشخاص أصيبوا بتخمة القراءات المكتوبة عنهم وهم من أجيال شعرية سابقة (مثال: عبد العزيز المقالح وعدنان الصائغ)؟
– اهتمامي بالحداثة الشعرية وحماستي لها جعلتني أتقصّى أثرها وتجلّيها حيث أجدها، دون عقد أو أحكام مسبقة.. هكذا وجدت نفسي أهتم بالأجيال الشابة وبالأشكال والأساليب الشعرية الجديدة، ولم يمنعني ذلك من الكتابة حول أية تجربة تلفت انتباهي ولذا أجد أني أكثر زملائي احتكاكاً بالنص الشعري في بلدان عربية مختلفة ومن أجيال شعرية شتى.. ولعل ذلك يفسّر المناسبات التي كتبت فيها عن أعمال ونصوص لا عن أسماء أو أجسام شعرية! ولا حاجة لكي أعدّ عشرات الأسماء التي تعرّضت لتجاربها عراقية وعربية ومن أجيال مختلفة تتقاسم الهمّ التحديثيّ الذي أعتقد يقينيّا أنه مسؤوليّة مشتركة