أطروحة ماجستير)عنــونة الكتـب النقـدية عند حاتم الصكر (دراسة تحليلية )-زهراء خالد


 
 
 
 
        جامعة الموصل
          كلية الآداب
 
 
 
 
 
زهراء خالد يونس الحديدي
 
 
رسالة ماجستير
الأدب العربي
 
 
 
 
بإشـــــراف
الأستاذ  المساعد
الدكتورة
قبية توفيق اليوزبكي
 
 
1432ﻫ                                                               2011م
عنــونة الكتـب النقـدية
عند حاتم الصكر
(دراسة تحليلية )
 
رسالة تقدمت بها
زهراء خالد يونس الحديدي
 
إلى
مجلس كلية الآداب  في جامعة الموصل, وهي جزء من متطلبات نيل شهادة الماجستير في اللغة العربية وآدابها
 
بإشـــــراف
الأستاذ  المساعد
الدكتورة
قبية توفيق اليوزبكي
 
 
 
1432ﻫ                                                               2011م
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
 
 
} قَالَ رَبّ أَوْزِعْنِيَ أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ الّتِيَ أَنْعَمْتَ عَلَيّ وَعَلَىَ وَالِدَيّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرّيّتِيَ إِنّي تُبْـتُ إِلَيْكَ وَإِنّي مِنَ الْمُسْـلِمِينَ {
 
سورة الأحقاف الاية (15)
 
 
 
 
 
الإهداء
 
 
إلى عنوان الحنان
 حيث شمس الأمل تشرق من قلبها
 لتنير دروبنا… أمي الغالية
 
إلى الذي جعل لنا المودة (عتبة ) صريحة
 إلى قلبه … أبي العزيز
 
إلى (عنوانَي) الأخوة الصادقة المخلصة
 ( سراء ومؤمنة )
 
إلى  الذي جعل الشهادة عنوانه
كلما طرقنا أبواب السماء نسال عنه أو ندعو له 
أخي الشهيد ( وليد )
 
إلى العنوان المزدوج من البراءة والياسمين
طِفلي ( مُحب وغزل )
 
إلى العنوان الرئيس
 في كتاب حياتي وقلبي … زوجي العزيز أحمد
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
ثبت المحتويات

المقدمة 1- 3
التمهيد 4- 24
أولا: العنوان لغة 5-  6
ثانيا : العنوان اصطلاحا 7-  8
العنونة والتسمية 8-  9
أنواع العنوان 9- 13
وظائف العنوان 13- 15
العنوانات المدونة من القديم إلى الحديث 15-17 
العنوان بين المرسل والنص والمتلقي 17- 20
حاتم الصكر : المنجز والتصور النقدي 20- 24
أولاً : المنجز 20- 22
ثانياً : التصور النقدي 22- 24
الفصل الأول ( العنونة الفنية ) 25-65
توطئة 26-27
المبحث الأول : العنوان الإيحائي 28-41
المبحث الثاني : العنوان المتناص 42- 65
الفصل الثاني  ( العنونة الصريحة المباشرة ) 66- 94
توطئة 67- 70
المبحث الأول : العنوان الوصفي الإخباري 71- 82
المبحث الثاني : العنوان التجنيسي 83- 94
الفصل الثالث  ( العنونة المزدوجة ) 95-121
توطئة 96-100
المبحث الأول : العنوان المزدوج الشارح 101-121
المبحث الثاني : العنوان المزدوج بين التصريح والتلميح 109-121
الخاتمة 122- 125
قائمة المصادر والمراجع 126- 140
الملخص باللغة الانكليزية 141-143

 
 
 
 
 
 
المقدمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا وحبيبنا محمد  صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد …
تنطــلق أهمية دراسة موضـوع هذه الرسالة من منطلقين رئيسـين اثنين ، المنطلق الأول : كونه يمثل اتجاها جديدا في الدراسات النقدية الحديثة ومادة خصبة لها ، بما يسمى بـ ( العتبات النصية ) ، إذ لم يعد فيها العنوان مجرد تسميات أو تقانات شكلية مرشدة للنص فارغة من القصدية ، وإنما صار مفتاحا تأويليا ومصطلحا إجرائيا يمثل جزءا من استراتيجية النص الإبداعي ، إذ يصبح الوصول إلى دلالة النص مرتبطا به ، وفاعلية العنوان هذه كانت دافعا لي للتفكير في دراسته ولكن خارج الأطر المعتادة؛ أُطر ( المؤلفات الشعرية والنثرية ) ، فقد اتجهنا نحو دراسة العنوان في ( المؤلفات النقدية الحديثة ) التي تبدو بحاجة ماسة إلى لفت الأنظار إليها لأنها لازالت ميدانا جديدا للبحث والدرس والاستقصاء دخولا منها إلى عالم الناقد ورؤاه النقدية وآلياته المنهجية وطرائقه الأسلوبية في تشكيل عنواناته الخارجية والداخلية والفرعية ، وعلاقتها ببعضها وبالمتون التي تعتلي صدارتها سواء أمثَّلت متن الكتاب أم مباحثه ، أما المنطلق الثاني الذي يعطي للموضوع أهميته فكونه وقف أمام كتابات نقدية معمقة ومتنوعة لناقد عراقي مجتهد هو حاتم الصكر ، الذي لم يأخذ منجزه النقدي حقه من الدراسة الجادة على ساحة النقد العربي المعاصر .
فكانت دراستنا خطوة في هذا الاتجاه معتمدة على منهـج تحليلي يتخذ من نص العنوان منطلقا للتحليل والتأويل عبر اتجاهين متفاعلين فيما بينهما وبحسب مقتضيات سـياق التحليل ، الأول : يتعامل مع العنوان بوصفه نصا له خصوصيته الدلالية والفكرية والجمالية، والثاني يقرأ العنوان من خلال ربط دلالاته الخاصة بدلالات المتن (الكتاب ) الذي يمثله ككل ، أو الذي يمثل مبحثا من مباحثه .
أما فيـما يخص أهم المصـادر والمراجع التي استفاد منها البحـث ، فتقف في                                       مقدمتها الكتب النقدية للصـكر ، والكتب الخاصة بدراسة العـنوان ، مثل ( في نظرية العنوان ، وسيمياء العنوان ، والعنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي ، والعنوان في الأدب العربي ) ، فـضلا عن مجموعة أخرى من (الكتب ، والدراسات المنــشورة في الـدوريات ، والرسائل الجامعية ) التي قدمت للبحث دعما معرفيا في المجالين التنظيري والتطبيقي .
ومن الصعوبات التي واجهتني في بحثي صعوبة الحصول على نتاج الصكر النقدي كاملا للمدة مابين ( 1986 – 2010 ) وبلغ ( 12) كتابا  ، مما اضطرنا إلى بذل جهد كبير في الحصول على كتبه جميعا ولاسـيما التي صدرت خارج العــراق ، ومن ثم قمنا بقراءتها انطلاقا من زاوية موضوع البحث الذي اتخذ من العنوان عتبة موجهة لمسار هذه القراءة واستلزم ذلك وقتا طويلا من مدة الدراسة .
وقد اقتضت الدراسة أن نبدأ بتمهيد ينبسط في ثلاثة محاور ، تناول المحور الأول العنوان لغة ، وجعلنا المحور الثاني في الاصطلاح ، قدمنا له بتوطئة عن مفهوم العنوان ثم امتد الكلام في مباحثه الخمسة إلى تناول موضوع العنونة والتــــسمية ، وأنواع العنوان ، ووظائف العنوان ، والعنوانات المدونة بين القديم  والحديث ، والعنوان بين المرسل والنص والمتلقي ، وأما المحور الثالث فكان عرضا للمنجز الأدبي والنقدي والأكاديمي، والتصور النقدي للصكر ، دخولا منه إلى الفصول الثلاثة ، وقد تناولنا في الفصل الأول المعنون بـ ( العنونة الفنية ) مبحثين سبقتهما توطئة عامة لمفهوم العنونة الفنية ، تناولنا في المبحث الأول  ( العنوان الإيحائي ) بعد تحديد مفهومه ، وخصائصه، ووظائفه ، معززين الجانب التنظيري منه بالتطبيق على نماذج من عنوانات الصكر ، وبالمنهج نفسه ايضا تناولنا في المبحث الثــاني ( العنوان المتناص).
واستعرض الفصل الثاني ( العنونة الصريحة المباشرة ) التي مهدنا لها بتوطئة تحدد المفهوم والوظيفة ، ثم تلاها مبحثان ، الأول ( العنوان الوصفي الإخباري ) ، والثاني ( العنوان التجنيسي ) وفي كليهما وقفنا على المفهوم والسمات الخاصة بكل مبحث انتهاء بتقديم نماذج تطبيقية .
ونهض الفصل الثالث الموسوم بـ ( العنونة المزدوجة ) على توطئة للمفهوم مهدت الدخول إلى مبحثين ؛ الأول ( العنوان المزدوج الشارح ) ، والثاني ( العنوان المزدوج بين التصريح والتلميح ) ، والمبحثان كلاهما يبدأ بالتنظير لأفكاره ، يلي ذلك الجانب التطبيقي. ثم ينتهي مطاف البحث بخاتمة تلخص أهم النتائج التي توصلنا إليها.
وبعد فإن كنت قد وفقت إلى عمل شيء في هذا البحث فإن الفضل يرجع إلى أستاذتي المشرفة الدكتورة قبية توفيق اليوزبكي التي كانت خير عون وسند للباحثة في مسيرتها ، بما قدمته من سديد ملاحظاتها وتوجيهاتها، وبما أتاحته لي من المصادر والمراجع ، فجزاها الله عني أفضل الجزاء ، كما أتوجه بالشكر والتقدير إلى قسم اللغة العربية رئيسا وأساتذة أجلاء على ما قدموه لنا من علم ومعرفة في المرحلتين الأولية والعليا ، كما أتوجه بالشكر والتقدير إلى أعضاء لجنة المناقشة الأفاضل الذين تزدان الرسالة بملاحظاتهم السديدة وآرائهم القيمة المفيدة .
وأسمى الشكر وعظيم الامتنان إلى عائلتي الكريمة ( أبي وأمي وأخواتي ) الذين كانوا لي خير عون طيلة مدة الدراسة ولما بذلوه من جهد معي ، ولمن كان دوما معي وصورته لاتفارق ذاكرتي أخي الشهيد ( وليد ) أقدم له دعواتي بالمغفرة والرحمة وأن يسكنه الله فسيح جناته .
ولـ ( زوجي العزيز) أقدم خالص شكري ومحبتي وامتناني على ماقدمه لي من دعم مخلص ومؤازرة مستمرة في الجانبين الأسري والدراسي طوال رحلة الدراسة .           وفي الختام فإن هذا البحث ليس إلا محاولة للمسير في درب جديد شاق وطويل ، ولا أدعي أنني أكملتها فإن الكمال لله وحده ، فإن أصبت في خطواتي فذلك فضل من الله العلي القدير ، وإن أخطأت فمني . والله ولي التوفيق .
 
زهراء خالد يونس الحديدي
2011/ الموصل
 


 
 
التمهيد
 
 
 

  • العنوان لغة واصطلاحا

 
     أولا : العنوان لغة
     ثانيا : العنوان اصطلاحا

  • العنونة والتسمية
  • أنواع العنوان
  • وظائف العنوان
  • العنوانات في المدونة من القديم الى الحديث
  • العنوان بين المرسل والنص والمتلقي

 

  • حاتم الصكر : المنجز والتصور النقدي

أولا : المنجز
ثانيا : التصور النقدي
 
العنوان لغة:
 
للعنــوان في اللغة معان عدة ترجع في أصـلها اللغوي أولا إلى مادة (عَنَنَ) وذُكِرَ منها :((عنَّ الشيء َيعِنُّ ويَعُنُّ عَننًا وعُنُونًا: ظهر أمامك ، وعَنَّ يَعِنُّ يَعُنُّ عَنّاً وعُنُوناً واعْتنَّ : اعْترضَ وعَرَض …وعَنَنْتُ الكتاب وأَعَنَتهُ لكذا أي عرّضْـتُهُ له وَصَرفتهُ إليه …وعَنَّ الكتاب يَعُنُّهُ عَنّاً وعَنَّنهُ: كَعَنْوَنهُ، وعنْونْتَهُ وعَلْوَنْتَهُ بمعنى واحد ، مشتق من المعنى … ويقال للرجل الذي يُعرَّضُ ولا يُصرِّحُ : قد حصل كذا وكذا عُنْواناً لحاجته …قال ابن بري: والعُنوانُ الأثر …
قال أو كلما : استدللت بشيء تُظهره على غيره فهو عُنوانٌ له ..
قال الليث : العُلوان لغة في العنوان غير جيدة ، والعُنوانُ ، بالضم هي اللغة الفصيحة))([1]).
أما الأصل اللغوي الثاني فيرجـع إلى مادة (عَنَا) ويقال : ((عَنَتْ الأرضُ بالنباتِ َتعنُو عُنُواً .. وأعْنَتْهُ : أظْهرتهُ، وعَنـَوتُ الشيءَ : أخرجـْتهُ …يقال عَنَيْتُ فلانًا َعَنْيـاً أي قَصدتُهُ … وعَنَيْتُ بالقول كذا : أردت …،قال ابن سيده : العُنْوان والِعنْوان سِمةُ الكتاب . وعَنْوَنَهُ عَنْوَنةٌ وعِنْواناً وعَنَّاه كلاهما : وَسَمه بالعنوان . وقال أيـضا : والعُنيـانُ سِمةُ الكتاب ، وقد عَنَّاهُ وأعْناهُ، وعَنْوَنْتُ الكتاب وعَلْوَنْتهُ … قال ابن سيده : وفي جبهته عُنْوانٌ من كثرةِ السُّجودِ أي أَثرٌ …))([2])
والقراءة الفاحصة للدلالات اللغوية المتعلقة بالمادتين (عَنَن/وعَنَا) ، تبرز لنا معان عدة للعنوان قارة بالمعنى الاصطلاحي ، ففي (عَنَن) تظهر دلالات (الظهور/والاعتراض/والعرض/والتعريض/والأثر/والاستدلال) ، وفي (عنا) تظهر دلالات (الظهور/والخروج/والقصد/والإرادة/والوسم أو السمة/والأثر) .(فالظهور والخروج والتعريض والعرض) أولى سمات العنوان لما له من الصدارة بوصفه (( أول لقاء بين القارئ والنص))([3])، فيظهر ويبرز ويعترض ويعرض أمام القارئ للتعريف بالكتاب وبمادته بعد كمونه وخفائه([4])، أما الإشارة إلى (القصد/والإرادة) فهي تنطلق على أساس أن لااعتباطية في العنوان . وأن فيه مقصدية من نوع ما تقود المتلقي إلى تتبع مرجعياته سواء أكانت مرجعيات ذهنية أم فنية أم سياسية أم فكرية بوصف العنوان لافتة دلالية ذات طاقات مكتنزة ، ومدخلا
أوليا لا بد منه للعبور إلى قراءة النص ([5]). أما معنى (الأثر) فيتحقق من المساواة بينه وبين العنوان ، لأن (الأثر/العنوان) بالنسبة للنص أو (( للكتاب كالاسم للشيء، به يعرف وبفضله يتداول ، يشار به إليه ، ويدل به عليه))([6]) ، أما الاستدلال فلا يختلف الأمر بالنسبة له ، فكما أننا نستدل بعلامة مميزة في الشيء من اجل إظهاره على غيره ، كذلك العنوان يستدل به للتفرقة وللتمييز به عن النص الذي يستتر خلفه([7]). أما من حيث (الوسم والسمة) فان العنوان سمة الكتاب أو النص ووسم له ، لذا قيل : (( من يعنون شيئا فإنه بهذا يسم الشيء سمة بعينها ، ومن ثم يكون العنوان سمة واسما دالا على هذا الشيء .ويفهم من هذه السمة التي نسم بها ما نريد عنونته أنها تسمو على هذا الشيء ، فإذا كانت سمة السجود تعلو وتسمو وجه الساجد ، فتكون في جبهته فإن العنوان كذلك يسمو ما يسم من مادة، إذ لا نرى عنوانا لمادة أدبية إلا وهو في موقع الصدارة والسمو من هذه المادة وسابقا اسم المؤلف في معظم الأحوال ، فلا نراه في نهاية هذه المادة ، إذ هو في صدرها دوما، كأنما هو من السمو أي الارتفاع وعلو المكانة ، وهكذا العنوانات جميعا))([8]).
 
هذا ما جعله يظهر تحت تسمية أخرى –كما اشرنا آنفا- هي (العُلوان) ما يقربها من مفهوم (الثريا) ، (( فموقعه في أعلى النص يغدو نظيرا للسيطرة وتكريسا لاستقبال القارئ وتمكينه من الاهتداء إلى ما تحته من نصوص كما تفعل الثريا عندما تنث ضوءها في فضاء النص))([9])، وبهذا يعد العنوان عنصرا بنائيا بعد أن أولته المنهجيات الحديثة عناية كبيرة يوم استطاعت أن تحوله من عامل تفسير مهمته وضع المعنى أمام القارئ إلى مشروع للتأويل ([10]).
 
وهكذا يصـبح العنوان هو النص مختزلا لدلالات ومعان كلية شـمولية للنص الأصلي ، ما يجعل النص الأصلي تبعا له .
 
 
العنوان اصطلاحا :
حظي العنوان بعناية بالغة منذ ثلاثة عقود خلت برزت فيها دراسة العنوان في إطار كونه علامة ضمن منظومة إجرائية هي “علم العنوان/العنونة  ” La Titrologie ، وقد ظهرت إرهاصات هذا العلم ابتداء من سنة 1968 عند العالمين الفرنسيين “فرانسوا فروري” و”اندري فونتانا” من خلال دراستهما “عناوين الكتب في القرن الثامن عشر” ([11])، ولكن يبقى الناقد الفرنسي (ليوهوك) من أكبر المؤسسين المعاصرين لعلم العنونة محددا معالمها التحليلية فقد عرف العنوان  بـوصفه  مجموعة العلامات اللسانية من (كلمات، وجمل وحتى نصوص) تظهر على رأس النص لتدل عليه وتعينه ، وتشير إلى محتواه الكلي، ولتجذب جمهوره المستهدف ([12])، وعده (جيرارجينت) من بين أهم عناصر المناص أوما يعرف  بالنص الموازي([13]) انطلاقا من تحديدات موقعه ووظائفه ، وعده امبرتو ايكو ((مفتاحا تأويليا يسعى إلى ربط القارئ بنسيج النص الداخلي والخارجي ربطا يجعل من العنوان الجسر الذي يمر عليه))([14]) ، ورآه الناقد (الروسي اوسبنكي) عنصرا بنائيا يشتبك مع غيره من عناصر العمل لتأسيس منظور الكاتب، وعقيدته التي هي جزء مهم من رؤيته للعالم([15]) ، وعده (جان كوهين) جزءا من التشكيل اللغوي للنص([16]).
ويقدم الباحثون العرب ممن أبدوا عنا‏يتهم بالعنوان مجموعة من التعريفات التي لا تبتعد كثيرا عن تعريفات النقاد الغربيين ، فبسام قطوس يعد العنوان نظاما سيميائيا ودلاليا له بنيته السطحية ومستواه العميق مثله مثل النص ما يغري الباحث بتتبع دلالاته محاولة منه الوصول إلى العمق عن طريق فك شيفراته الرامزة([17]).وجعله على جعفر العلاق ((مدخلا إلى عمارة النص وإضاءة بارعة وغامضة لأبوابه وممراته المتشابكة …))([18])، وعرفه آخر : بأنه المفتاح الأساس الذي يتسلح به محلل النص للولوج إلى أغواره العميقة قصد استنطاقها وتأويلها ([19]). مما يجعله ((نقطة التقاطع الاستراتيجية التي يعبر منها النص إلى العالم والعالم إلى النص ، تنتفي الحدود الفاصلة بينهما ويحتاج كل منهما إلى الآخر))([20]) ، وبهذا نصل إلى أن العنوان صاحب السلطة بوصفه رسالة لغوية تعلو لتسمه وتحدده ، فيصبح نصا آخر مقابل النص الأصلي ، وتغري القارئ وتحمله على مغامرة القراءة ودوامها .
التسمية والعنونة :
للعنوان علاقة وطيدة وجدلية بالتسمية ، فكلاهما عتبة أولية للدخول إلى الشيء المسمى والمعنون للإفصاح عن هويته وملامحه الدلالية والمعرفية، ((وإذا كان العنوان سمة الشيء فانه إلى الاسمية تابع ، غلبت عليه لتمكنها في الدلالة على معنى الشيء وقيمته وسمة الشيء وعنوانه تدل على القيمة ، ومن القيمة تشتق الأفعال وتستنبط ، وغلبة الاسمية على العنوان غلبة تؤكدها نظرة اللغة إلى دلالة الاسم ، وفرق ما بين دلالة الاسم ودلالة الفـعل))([21])، فالاسم يتسم بالثبوت لخلوه من الزمنية بخلاف الفعل الذي يدل على التغيير والتجدد بتغير الأزمنة المعبر عنها .
وثمة وجه التقاء بين التسمية والعنونة فكل منهما يتسم بفقر تركيبي على مستوى الاقتصاد اللغوي غير أن هذا الأولى اشد ادقاعاً من الثانية ([22])، ومنهم من يرى التسمية يمكن أن تكون اعتباطية لا علاقة لها بالمسمى وخصائصه من حيث الدلالة عليهما، بينما لا يمكن أن يكون العنوان واختياره اعتباطيا أو لا علاقة له بالنص الذي اعتلاه ، فنلاحظ في العنوان قصدية واضحة ترتبط بالمحتوى الدلالي للمتن ، بخلاف الاسم الذي يخلو في اغلب الأحيان من قصدية في الدلالة على المسمى ، ومنهم من يرى خلاف ذلك في أن التسمية لا تتحقق إلا عن طريق المقصدية بغض النظر عن انجازها لهذه المقصدية أم لا، فالقصد هو الذي يدفعه إلى اختيار هذا الاسم أو ذاك المسمى ([23]). أما في العنوان فالمقصدية واضحة في اختيار مفرداته وتركيبها للدلالة على مضامين الكتاب وفصوله، لأن (( المرسل يتأول عمله فيتعرف منه على مقاصده ، وعلى ضوء هذه المقاصد يضع عنوانا لهذا العمل ))([24]).
ويوجد فرق جوهري آخر أيضا بين التسمية والعنونة (( من حيث أن الأولى آلية اللغة في تحديد العالم وتعريفه بإنتاجها أسماءً متغايرة للظواهر المختلفة ، وبذلك تعد التسمية Naming الإستراتيجية العامة في انجاز هوية الشيء واختلافه ، في حين تختص العنونة Titling بعالم الكتابة حصرا بوصفها استراتيجية خاصة بـ(المكتوب) وما دامت العنونة تمارس اشتغالها وإنتاجها للعنوان في فضاء التسمية ، فإنها تكتسب قوانينها وفلسفتها وعلى هذا الأساس تنظر القراءة الراهنة لعملية العنونة بوصفها تفريعا خاصا للتسمية ، وبذلك يتكافأ الاسم والعنوان بوصفهما منتجي التسمية والعنونة على التوالي ، وبالتالي لا يكون العنوان سوى اسم للنص أو الكتاب اصطلاحيا وتعريفيا . إن هذا التكافؤ بين المقولتين يشير إلى انتمائهما إلى حقل دلالي واحد من خلال آلية الترادف بينهما))([25]) . وعل الرغم من الفروقات الحاصلة بين الاسم والعنوان يبقى العنوان ((أكثر ثراء على المستوى الدلالي من الاسم ، غير أن الاسم يتبع القانون ذاته في إنتاج الدلالة من حيث إنه يسعى إلى معنى المعنى وإن كان بوتيرة أقل ، ذلك أن الفقر التركيبي لكل من الاسم والعنوان يفتح نصيتهما على أفق تناصي شاسع ، كتعويض عن الفقر التركيبي))([26]) ويعمل كل من العنوان والاسم على التحفيز القرائي التأويلي لدى القارئ واستمالته إلى القصدية التي تصب فيهما .
أنواع العنوان

  • العنوان الخارجي:

تطلق عليه تسمية العنوان الرئيس، وهو العنوان الموجود على واجهة الغلاف الخارجي للكتاب([27])، أو كتلة مطبوعة على صفحة العنوان الحاملة لمصاحبات أخرى قبل اسم الكاتب أو دار النشر ([28]). وهذه المصاحبات تنتمي إلى سياقات خارجية عن النص أُطلق عليها بالوسيط الغلافي ([29])، وقد وصفه لوي هويك بالعنوان الأصلي([30])، كما وصف  بالعنوان الحقيقي([31])، أو العنوان الأساسي([32]). وثمة أوصاف أخرى أكثر شيوعا أطلقت على هذا النمـط
من العنوانات من أبرزها : العنوان الخارجي([33])، والعنوان الكلي([34]).فالعنوان الرئيس هو الذي يعتلي موقع الصدارة ، وبذلك يكون ((غرة في مقدمة الكتاب ، كما كان للفرس غرة في جبينها تميزها من غيرها ، وما سمي العنوان عنوانا إلا لأنه يسم الكتاب أي يميزه بعلامة خاصة عن غيره ، يعرف بها ويهتدي إليه من خلالها))([35])، وهو من الثراء ما يجعل منه ((دليلا على النص بكامله أو على جزء منه مستدرجا إليه كاشفا عن طاقاته وحمولاته القولية والخطابية ، منعطفا بالمتلقي في مسارات ودهاليز عليه اجتيازها))([36]). وبهذا فهو النواة التي يتم عن طريقها تبئير الانتباه لدى القارئ بوصفه المفتاح الأول للمؤلف([37])،  إذ إنه يعبر بشكل أو بآخر عن مجمل محتويات العـناوين الداخلية وأفكارها للمباحث والفصـول ، أو يعبر عن الفكرة الرئيسة المهيمنة عليها جميعا ، ومن شروطه ((الاقتصار والوضوح، ثم الاشتمال ، أي تكثيف المعنى في كلمات معدودة))([38])، وهذا مما يبلور العلاقة بين العنوان الخارجي والنص في أطر العلاقة التكاملية ذات الاتجاهين من العنوان إلى النص الكامل أو من النص الكامل إليه([39])، وقد يكون للعنوان الخارجي الرئيس وقع أكثر من النص المعبر عنه بوصفه الملمح الأول الذي تقع عليه الأنظار من قبل المتلقي، فينجذب إليه بقوة تأثيره في ذهنه وذاكرته ، فكثيرا ما ترسخت عناوين رئيسة لمؤلفات عديدة في ذاكرة الجمهور مع نسيان نصوصها أو كتبها ، ((فقد يكتسب العنوان بصيرورة النص الذي يحمله وقوة تأثيره في الأجيال المتعاقبة سلطة تداولية تجعله صنوا لنصه حتى إذا ما ذُكر العنوان استدعى حضور مرجعه/ نصه الغائب في الذهن، فعنوانات مثل ألف ليلة وليلة ودون كيشوت والحرب والسلام .. لا تبقى سائبة في الذهن .. بل تغور في ذاكرة المتلقي الثقافية لترتبط في عملية استرجاع لماحة بأجوائها ووقائعها وشخصياتها وكأنها حضور فعلي لبنية عيانية استدعتها العلاقة السياقية بين هذه العنوانات ورواياتها الغائبة))([40]) عن الذاكرة . هذا ما جعل العنوان أكثر بقاء من نصه أو كتابه ((فلولا العناوين لظلت كثير من الكتب مكدسة في رفوف المــكاتب ، فكم من كتاب كان عنوانه سببا في ذيوعه وانتــشاره ، وشهرة صـاحبه ، وكم من كتاب كان عنوانه وبالا عليه وعلى صاحــبه))([41]) ، وهذا كله مرتبط بمدى نجاح العنوان أو فشله ((لأن العنوان يمكن أن يرتحل على السنة أشخاص لم يقرؤا الكتاب ، وهذا ما يدعى بالتلقي العنواني ، وبهذا يمكن أن نحدد بدقة من يرسل إليه النص وهو القارئ ، أما الذي يرسل إليه العنوان فهو الجمهور))([42]) الذي قد لا تتجاوز معرفته بالكتاب سوى اطلاعه على عنوانه .
وكثيرا ما ارتبطت بعض العناوين الرئيسة بأسماء مؤلفيها ، فما أن يذكـر مثلا (البيان والتبيين) إلا وحضر اسم الجاحظ ولا يُذكر عنوان مثل (العمدة ) إلا وذكر اسم مؤلفه ابن رشيق، ((فالعنوان يخاطب به بصريا وإشهاريا الكثير من الناس فيتلقونه لينــقلونه بدورهم إلى الآخرين ، وبهذا فهم يسهمون في دورته التواصلية والتداولية))([43]) والخطابية فيما بينهم .وبذلك فإن للعنوان الرئيس هيمنة بصرية جذابة ، (( فهو أول ما يصدم المتلقي عند شراء الكتاب أو قراءته ، وكثيرا ما يحجم عن الكتاب –شراء وقراءة- أو يقبل عليه بدافع من العنوان نفسه، فالعنوان يكثف النص ودلالاته ويضعه في إطاره العام الذي من خلاله يدرك القارئ- غالبا – ماهو مقبل على قراءته ))([44])، مستفيدا من معطيات العنوان الإيحائية أو المباشرة .
– العنوان الفرعي:
يأتي العنوان الفرعي للتعريف بالجنس الكتابي للعمل ، لأنه عنوان شارح ومفــسر للعنوان الرئيس وهو المحدد لطبيعة الكتـاب أو العمل من رواية ، وقصص ، وتاريخ ، ومذكرات ([45])، ليؤسس ((بخفاء برتوكولا للقراءة وتوجيها للقارئ في عملية القراءة ذاتها))([46]) إذ يكيف القارئ قراءته بحسب مقتضيات العنوان الفرعي([47])، وينبثق هذا العنوان في فضاء الغلاف أو صفحة العنوان أو هما معا ، ويمكنه التواجد في أمكنة أخرى قد تكون في قائمة كتب المؤلف ، أو في آخر الكتاب ، أو في قائمة منشورات دار النشر ([48])، كما أن هذا العنوان يحقق وظائف عدة منها : الوظيفة الإخبارية ([49])، والتفسيرية ([50]) ، والتأويلية ، فضلا عن أدائه لوظيفة إعلامية تضيء نصوص الكتاب كلها ومضامينه ، ومما يكسبه الشرعية كونه يستطيع أن يسد الفجوات التي تتخلل العنوان الخارجي الرئيس من حيث عدم استيفائه لمضامين النص([51])، وهذا التذييل العنواني يضفي عنصر التشويق والإثارة ، محاولة منه لتحرير النص من عزلته وتمتيعه بقراء يساهمون في إنتاج معناه([52])، مانحا فرصة تصحيح نتاجهم وتعديله أو ترسيخه أو حتى تغييره([53])، فيرسم بذلك السياق التداولي المجانس لما يحمله العنوان الرئيس من قصدية.
– العنوان الداخلي:
تعرف العناوين الداخلية بأنها تلك التي نجدها على رأس كل فصل أو مبحث مستقلة عن العنوان الخارجي الرئيس ، كما يمكن أن تكون في الفهارس أو في قائمة المواضيع ، وهذا مكانها المعتاد ، لأن الفهارس أداة تذكيرية وتنبيهية في جهاز العنونة، كما أنها تكون عناوين لأقسام أو أجزاء القصص والروايات والدواوين الشعرية([54])والكتب، وهي على خلاف العناوين الخارجية لا تتوجه إلى الجمهور العام بل تتوجه إلى القارئ الفعلي([55]) لأن العناوين الداخلية أقل مقروئية من العنوان الخارجي، وتتحدد بمدى اطلاع الجمهور العام فعلا على (النص/الكتاب) وتصفحه وقراءته لفهرس موضوعاته([56]) ووظيفة العناوين الداخلية هي ((إثارة الانتباه ليس إلى النص بحد ذاته بل إلى أن القارئ أمام كتاب)) ([57]) إذ ترتبط بمنهجية تأليفه وبالأفكار التفصيلية المنوعة التي يضمها ، وبعنوانه الخارجي الرئيس الذي لا يمكن أن تخرج عنه بل كثيرا ما تحيل إليه بطرائق مباشـرة لأنها تخرج من منـابعه وتـتلون بألوانه([58])، فهي تشتغل بوعي مقارب لآليات العنـونة المركزية في علاقاتها اللفظية والدلالية بمتونها النصية ، وتتكشف سيميائية العنونة فيها عن شبكة من الصلات الدلالية الدينامية التي تجعل من ثريا العنوان ذات إشراق دائم في مساحات المتن ([59])، وقد تكون العناوين الداخلية مضمونية أو تجنيسية أو الاثنين معا ([60])، مما يجعل منها عناوين واصفة شارحة للنص ولعنوانها الرئيس أيضا كالعنوانات الفرعية([61])، لها بعد موسوعي واستقصائي وتفصيلي وشمولي وتخصيصي ([62]) ترسخها محتويات كثير من الكتب القديمة والحديثة ووفق أنساقها الخاصة .
 
وظائف العنوان :
لقد أثبت العنوان مع تطور النقد أن له وظائف جديدة عن الوظائف التي ُحُددت للرسائل اللفظية ، ولكنها لا تخرج عنها في معظمها ما عدا وظيفتي (التعيين) و(الإغراء) وقد حدد (جينيت) أربع وظائف للعنوان تمييزا عن باقي أشكال الخطاب الأخرى وهي :

  • الوظيفة التعيينية :

وهي الوظيفة التى تعين (اسم الكتاب/النص) ، وتعرِّف به للقراء بدقة بعيدا عن احتمالات اللبس([63])، فهذه الوظيفة تشترك فيها ((الأسماء أجمع وتصبح بمقتضاها مجرد ملفوظات تفرق بين المؤلفات والأعمال الأدبية))([64])، وهي تقترب من كونها اسما على مسمى ، لأنها في الأصل تساهم في إبراز هوية النص وتحدد انتمائه([65]) ، ما يجعل النص قابلا للحوار مع العنوان وقابلا للقراءة لأنه قد تم الإعلان عن هويته ومجاله ([66])،فتبقى هي الوظيفة الإلزامية الواجبة الحضور والضرورية([67])، لذلك كانت أولى الوظائف وأشهرها واستعملها النقاد بتسميات أخرى فهي (تسموية /تمييزية /مرجعية /تعريفية / استدعائية)([68])، فكل هذه التسميات وإنْ اختلفت لا تخرج عن معنى التعيين .
 

  • الوظيفة الوصفية :

وهي الوظيفة التي يصف عن طريقها العنوان محتوى النص ، وعدها امبرتوايكو مفتاحا تأويليا  للعنوان وهي المسؤولة عن الانتقادات الموجهة للعنوان ، وهي نفسها الوظيفة (الموضوعاتية، والخبرية، والمختلطة) لكون هذه الوظائف تسعى أيضا إلى وصف النص([69])، وقد دمج جينيت هذه الوظيفة في الوظيفة الإيحائية لسلوكها طريقتها ، ثم فصلها بعد ذلك لارتباكها الوظيفي([70])، غير أن لهذه الوظيفة الدور الايجابي للوجهة الاختيارية للمرسِل التى تمنحه حرية في أن يجعلها مختلطة أو مبهمة بحسب اختياره للعلامات الحاملة لهذه الوصفية الجزئية المختارة وبحسب ما يقوم به المرسل إليه من تأويلات ، هذا ما يجعلها مهمة جدا في العملية التواصلية ولا يمكن الاستغناء عنها ([71]) لأنها موجودة بالقوة ، وقد كثرت تسمياتها نذكر منها: الدلالية، والتلخيصية، والوصفية،واللغوية الواصفة ([72])، والتلفظية ([73]).

  • الوظيفة الإيحائية:

تأتي الوظيفة الإيحائية مصاحبة للوظيفة الوصفية ، إذ هي اشد ارتباطا بها، ولا يستطيع الكاتب أن يتخلى عنها، فلها أسلوبها الخاص، وليست دائمة القصدية([74])، وتعتمد على مدى مقدرة الكاتب على استعمال الإيحاء والتمليح عن طريق تراكيب لغوية بسيطة([75]). وبهذا النهوض الإيحائي للعنوان يجعل النص أو الكتاب يخاطب ثقافة معينة من القارئ ويخاطب ملكاته ، ويستعمل الطاقة الترميزية للغة ، إذ ليس همه تحقيق التواصل بل مفاجأة القارئ بدلالات متعددة خارج الأطر المألوفة ، مما يكسب العنوان قوة إيحائية مضاعفة ([76])، قادرة على الانزلاق المستمر .

  • الوظيفة الإغرائية :

تعد الوظيفة الإغرائية أو (الإشهارية) من الوظائف المهمة للعنوان ،التي تكون ذات طبيعة استهلاكية ، فهي تغرر بالقارئ المستهلك عن طريق تنشيط الـقدرة الشرائية عنـــده، وتحريكها لفضول القارئ في الكشف عن غموض العنوان وغرابته ، والذي قدم قيمتين ، أحداهما جمالية مرتبطة بشعرية العنوان والأخرى تجارية سلعية تنشط الطاقة الإغرائية لدى القارئ([77])، عن طريق ((التأليف المدهش للحروف والمهارة في وضع الأسطر))([78]) محققا استمالة القارئ لقراءة (النص/أو الكتاب) وبطريقة إغرائية تثير فيه غريـزة القراءة ، ورغبة في انتشار الكتاب وتداوله الذي تطور إلى شكل من الاقتصاد الاسـتهلاكي ([79])، فالنص قد يلهث وراء العناوين الرنانة ذات التأنق المكشوف من دون إدراك جماليتها والتي تكون في اغلبها لا معنى لها ([80])، فبهذا التمادي الاستـلابي كما أطلق عليه جينيت سيُبعد القارئ عن مراد العنوان وسيضر بنصه ([81])، إلا أن هذه الوظيفة لا يمكن الاستغناء عنها وبخاصة في العناوين السينمائية التي تبحث عن وظيفة إشهارية بالدرجة الأولى ([82])، إذن فالوظيفة الاغرائية تبقى حاضرة على الدوام ايجابيا وسلبيا بحسب استقبال المتلقين الذين لا تتطابق قناعاتهم وأفكارهم دائما مع المرسل  ([83])، والإغراء الذي يحدث للعنوان قد يكون في الأطر الشكلية أو الموضوعية أو التناصية ، فمنهم من يعد بعض العـناوين مغرية لما فيها من الصراحة والوضوح في الصياغة والشكل ، والآخر يفضـل أن تكون العناوين على قدر من الغموض والالتباس صياغة وشكلا ليكون دافعا للقارئ نـحو الاستكشاف([84])، إلا أنه يبـقى هذا النمط من العناوين لا يتـعدى إيـقاع القــارئ في شـرك الاقتناء .
 
العنوانات المدونة من القديم إلى الحديث
 
لقد حظي العنوان واختياره بعناية خاصة من المؤلفين القدماء ولا سيما في مجال كتب الأدب والنقد، (( فقد جرت العادة في التأليف العربي القديم أن تتغلب عناوين مؤلفات العلماء على أسمائهم ، أي أن العالم أشهر ما يكون بمصنفاته مما سوى ذلك)) ([85]).
 
وثمة دراسات نقدية* معاصرة تناولت بالتفصيل (تاريخ العنونة) وتطورها منذ القدم وحتى يومنا هذا ، وتوصلت بنحو عام إلى أن(( العنونة في الخطاب تتشظى إلى تفريعات ثلاثة : العنونة الشفاهية التي طغت على حقبة ما قبل التدوين ، والعنونة الكتابية وبرزت مع مرحلة التدوين ، وأخيرا العنونة الطباعية بوصفها ترسيما للمرحلة الثانية ، وقد وسمت الكتابة العربية في العصر الحديث والمعاصر))([86]).
ولعل من أهم الملاحظات على عنوانات كتب القدمـاء ((أنها تـــقع في مجموعتين : مجموعة أشارت إلى اسم المصنف صراحة ، ونصت على ذلك دونما لبس أو تورية، ومجموعة تركت هذا الأمر دونما تحديد أو تسمية وقد يستشف من هذه المجموعة ما يدل على ما كان للتسمية من دلالات كامنة في ضمير المؤلف، أو ما تضمنته كلماته من إيحاءات))([87]).
ويبدو أن عنوانات القدماء على نوعين : الأول منهما : العنوان البسيط ، كما في كتاب عيون الأخــبار لابن قتيبة ، أي ما كان مكونا من كلمة أو اثنتين والنــوع الثاني هـو : العنوان المركب، ويسلك في هذا النمط العنوانات التي كثر عدد كلماتها وطالت جملتها من مثل عنوان كتاب “معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع ” للبكري ، فالعنوان المركب ما كان جملة كبرى بخلاف العنوان البسيط الذي يكون جملة صغرى أو تركيبيا([88]).
ولعل التقسيم السابق نفسه ينطبق على عنوانات الكتب النقدية في العصر الحديث ومنها كتب الناقد حاتم الصكر ، وإن كانت كتب الأخير تميل إلى العنوان البسيط (تركيبيا) في معظم الأحيان ولاسيما في العنوانات الخارجية الرئيسة ، (( ولاشك في أن هذه المرونة التركيبية التي تحظى بها عتبة العنوان ترتبط ارتباطا مهما بالبنية الدلالية السيميائية التي يتأسس النص على وفق مقتضياتها))([89])، والملاحظات السابقة التي تخص اختيار نوعية العنوان (( تشير كلها إلى حرية المؤلف في وضع عنوانه واختــيار ما يراه أدل على ما يكتـب ، لكن هذه الحرية مقيدة أساسا وبدرجة أولى بكفاءة العنوان على جذب القارئ وإغرائه بقراءة النص ، وهذا ما أدى بالمؤلفين إلى التروي في اختيار عناوين نصوصهم والاهتمام بها موقعيا وتركيبيا وجماليا ودلاليا ))([90]) لإدراكهم ما في العنوان من بعد جمالي إيحائي يؤثر في المتلقي ، لأنه قد يترك منذ الوهلة الأولى أثرا في نفس قارئه إما إيجابا أو سلبا ، فيكون بذلك هو المعيار الأول لتلقي الكتاب النقدي واستقبال أفكاره وقبولها أو رفضها .
العنوان بين المرسل والنص والمتلقي
يؤدي المرسل /المؤلف دورا فعالا ومؤثرا في اختيار عنواناته ، فهو على وعي وإدراك عميقين بتلك العملية ، وقد لاحظنا في استقرائنا للمعنى اللغوي للعنوان أنه مرتبط بدلالة (القصد والإرادة) وهذا أقرب إلى المرسل/المؤلف من جهة تمثل ذلك في اختياره للعنوان ، فثمة قصد معين من طرف المرسل في اختياره لعنوان ما دون سواه ، وإرادته إبلاغ المتلقي بمضمون النص عبر العنوان إنْ كان ذلك على مستوى الجنس الأدبي الذي ينتمي إليه أو على مستوى الموضوع أو حتى على مستوى موقف النص من الخطاب الذي يتأسس داخله ([91]) وفي ضوء هذه المسائل المهمة لابد من أن (( يتشكل فضاء العنونة بفعل وعي إبداعي لايقل أهمية عن انجاز المتن النصي، وذلك لخطورة موقع عتبة العنوان السيميائي موازاة بالعتبات النصية الأخرى بوصفها مفتاحا مركزيا يسهم إسهاما فاعلا في فك شفرات النص واستيعاب رؤياها ، فضلا على تدخل دوال عتبة العنوان ، تدخلا عميقا في مناطق كثيرة من مساحات المتن النصي وتوجيه بناها نحو قيم دلالية معينة))([92]).
أما في مجال الدراسات النقدية فلا شك في أن (( الكاتب حينما يستعد لاختيار عنوان ملائم لدراسته يراعي مبدأ الجمالية في هذا الاختيار، وهو لا يطلب من عبارة العنوان أن تكون ذات دلالة- ولو بعيدة- على موضوع الدراسة فحسب، ولكنه يتوخى فيه أن يكون مؤثرا، أصيلا، بسيط اللفظ، جميل الوقع، سهل التذكر، يأنس به القارئ، ويرتاح إلى مفرداته))([93])، فالمؤلف يتوخى الدقة في انتقاء العنوان المناسب لمقاصد نصه، فضلا عن رغبته في إدهاش المتلقي وجذبه إليه عبر عتبة العنوان، هذه العلاقة الحميمية بين المؤلف والعنوان أصيلة (( فمنذ القديم حتى زمننا هذا، لا يزال المؤلِّف والمؤلَّف معا، يبحــث كل عن عنوانه بجمالية ودلالية، وفي الوقت الذي نجد بعض المؤلفات تقرأ فعلا من عنوانها – أي دلالة الاسم على المسمى-  فان عناوين بعض المؤلفات تفتقر إلى عنصر الجمال، أو الـدال
أوالاثنين معا))([94]) ، فتكون غير ناجحة في لفت انتباه القراء وجذبهم إلى النصوص التي تعتليها، فالعنوان لايخلو من بعد نفسي في تقبل النص أو رفضه من قبل قارئه، فهو ((بالنسبة للكتاب كالوجه بالنسبة للإنسان – فكما يخلق الوجه الذي نراه لأول مرة انطباعا أوليا : إيجابا أو سلبا تجاه حامله، كذلك يخلق عنوان الكتاب لدى القارئ فضولا لقراءته أو نفورا لعدم لمسه. ومن هنا قيل: الكتاب ُيقرأ من عنوانه سواء كانت القراءة هذه : جمالية أو دلالية بمعنى قد يكون العنوان مثيرا لمشاعر جمالية-إمتاعية))([95]) لدى المتلقي الذي تصل إليه أفكار الكاتب مكثفة عبر العنوان، ومن هذا المنطلق فإن (( العنونة غدت هاجسا ملحا للناص وهو يقدم نصه للقارئ نظرا للدور الخطير الذي يمارسه العنوان … والغواية المثيرة التي يبثها حول النص تلقيا، بمعنى أن العنونة جزء لا يتجزأ من استراتيجية الكتابة لدى النص لاصطياد القارئ وإشراكه في لعبة القراءة، وكذلك يعد من أبعاد استراتيجية القراءة لدى المتلقي في محاولة فهم النص وتفسيره وتأويله))([96]).ونستنتج مما ذكر آنفا أن العنوان هو أبرز العتبات المهمة التي يعبر عن طريقها المتلقي إلى النص، فهو نقطة التقاء بين المرسل والمتلقي في مـحطة النص، فمن خلاله يتمكن المتلقي الدخول إلى عالم المتن والغوص في أغواره العميقة.وفي ضوء ذلك تتجلى أهمية العتبات وفي مقدمتها (العنوانات) بوصفها شكلا من أشكال النصوص الموازية ، حيث (( تكمن أهميتها في كون قراءة المتن تصير مشروطة بقراءة هذه النـصوص، فكما أننا لا نلج فناء الدار قبل المرور بعتباتها فكذلك لا يمكننا الدخول في عالم المتن قبل المرور بعتباته، لأنها تقوم، من بين ما تقوم به بدور الوشاية والبوح. ومن شأن هذه الوظيفة أن تساعد في ضمان قراءة سليمة للكتاب . وفي غيابها قد تعتري قراءة المتن بعض التشويشات))([97]) والصعوبات ؛ مما يعرقل عملية الفهم والتأويل. ومن ثمَّ نصل إلى نتيجة مفادها أنه (( لا يمكن قراءة العنوان بمعزل عن النص الذي يعنون له، إذ العلاقة بينهما –بين النص والعنوان- جدلية، فنحن نحتاج حتى نفهم العنوان أن نفهم النص، والعكس صحيح أحيانا))([98]) ، حيث تغدو (( العناوين ذات وظائف رمزية مشفرة بنظام علاماتي دال على عالم من الإحالات تربطها علاقة جدلية بالنصوص))([99]).
ولو نظرنا إلى المسألة من جهة أهمية العنوان بالنسبة للنص فإننا نجده (( يقدم معلومات أساس لفهم النص، حيث يتضمن فكرة النص الرئيسة ويتيح للقارئ انتقاء إطار مرجع لتأويل المعلومات التي يحويها هذا النص . عنوان النص … يقدم للقارئ سياقا يسهل الترسيخ في الذاكرة واسترجاع المعلومات عن طريق تنشيطه، منذ الشروع في القراءة، لنواة بدئية لفحوى النص تستخدم كإطار مرجعي لتأويل مجمل النص))([100])، فيغدو العنوان بمثابة منبه يستفيد منه المتلقي بين الحين والآخر لتنشيط ذهنه في البحث عن مخزون المتن. فالعنوان أشبه ما يكون ببطاقة تعريف الهوية للنص([101]).
ومهما يكن من أمر فان العلاقة بين الاثنين وثيقة ، لان أحدهما بحاجة إلى الآخـــر، فمن العنوان نعبر إلى النص، ومن النص تتولد الدلالات التي تكمن في عتبة العنوان، و(( في هذا السياق، نرى ضرورة اعتبار العتبة بمثابة نقطة ذهاب وإياب إلى النص من اجل تعديل المواقف القبلية التي تولدت نتيجة القراءة الأفقية البسيطة والأولية))([102]) لدى المتلقي ، وهذا الأخير من جهته يرتبط أيضا بالعنوان إذا ما أخذنا بدلالة (الظهور والاعتراض) الكامنة في المعنى اللغوي لمفردة العنوان التي تخص المتلقي على أساس أن العنوان هو ما يظهر له ويعترضه من العمل، فالمعنى اللغوي والاصطلاحي يؤكد على الأولية التي يتمتع بها العنوان على عمله فيما يخص تلقيه([103])، عارضا على المتلقي أن يبدأ فعالية استقباله التي ((ستنصب أول ما تنصب على العنوان – الذي يمثل أعلى اقتصاد لغوي ممـكن، وهذه الصفة على قدر كبير من الأهمية، إذ إنها في المقابل – ستفترض أعلى فعالية تلق ممكنة، حيث حركة الذات أكثر انطلاقا وأشد حرية في تنقلها من العنوان إلى العالم والعكـس، وناتج هذه الحرية . سوف تضبط الذات نفسها دلاليا، مرتكزا تأويليا حيث تدخل إلى العمل))([104]) من بوابة العنوان الذي تبقى له الصدارة متميزا بشكله وحجمه وموقعه بوصفه محطة اللقاء الأول بين القارئ والنص، حيث صار هو آخر أعمال الكاتب ، وأول أعمال القارئ الذي يبدأ به التفكيك والتأويل([105]).فالعنوان يمكن أن (( يمد المتلقي بخبرات في تفكيك
 
النص ودراسته وتذوقه ، ويمهد طريقه للدخول الى عالم النص ويقدم له معونة ثرية لضبط انسجام النص وفهم ماغمض عليه )) ([106])من دلالات.
 
 
حاتم الصكر: المنجز والتصور النقدي
أولا: المنجز
 
-حاتم محمد الصكر
-مواليد بغداد_ العراق
-دكتوراه آداب بدرجة امتياز مع مرتبة الشرفة الأولى في الأدب العربي الحديث والنقد-1998 عن دراسة السرد في القصيدة العربية الحديثة.
-أستاذ في جامعة صنعاء التي يعمل فيها منذ عام 1995/1996 في كليات الآداب واللغات والإعلام ومحاضر في مادة (المرأة والأدب) في مركز البحوث والدراسات النسوية في الجامعة.
-مستشار تحرير موقع نثر الالكتروني الخاص بقصيدة النثر العربية WWW.AL-nather.net الذي أطلقه الشاعر العراقي يحيى البطاط.
– عضو مجلس أمناء مؤسسة جائزة البابطين للإبداع الشعري دورة 2008-2010م.
-عضو اتحاد الكتاب العرب واتحاد الأدباء العراقيين ورابطة نقاد الأدب.
-عضو مؤسس في الهيئة الاستشارية لمشروع(كتاب في جريدة) بإشراف اليونسكو-أبو ظبي1996.
-عضو الهيئة الاستشارية لمجلة (أوراق) التي تصدرها رابطة الكتاب الأردنيين منذ عام2005.
-عضو هيئة تحرير مجلة غيمان الفصلية التي تعنى بالكتابة الجديدة-صنعاء2005.
*ساهم في تحرير عدة مواد في موسوعة الأعلام العرب التي تصدرها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في تونس-2005.
*ساهم باحثا في تحرير موسوعة الكتابة العربية التي أصدرها المجلس الأعلى للثقافة بمصر ومؤسسة نور-2005.
*عضو لجنة تحكيم جائزة العويس الثقافية 2004 وجائزة السعيد بتعز 2004-2005 ومهرجان الفن العربي بمسقط -2002.
*ساهم بوصفه باحثا في العديد من الندوات والمؤتمرات والمهرجانات الخاصة بالنقد منذ الثمانينات في مدن وعواصم عربية منها: بغداد، القاهرة، الشارقة، أبو ظبي،عمان، اربد، تونس، الرباط، صنعاء، الدوحة.
*عمل بوصفه رئيسا لتحرير مجلة الطليعة الأدبية الشهرية الخاصة بأدب الشباب في العراق من عام 1993 إلى عام 1995.
*عضو هيئة تحرير مجلة الأديب المعاصر الصادرة عن اتحاد الأدباء العراقيين أعوام 1986-1993.
* من كتاب مجلة دبي الثقافية الشهرية ، وملحق الاتحاد الثقافي الأسبوعي وصفحة ألف ياء بجريدة الزمان اليومية.
* مؤلفاته في النقد الأدبي:
-الأصابع في موقد الشعر: مقدمات مقترحة لقراءة القصيدة-بغداد 1986.
-مواجهات الصوت القادم: دراسات في شعر السبعينات- بغداد1986.
-الشعر والتوصيل-بغداد 1988.
-ما لا تؤديه الصفة: المقتربات اللسانية والشعرية –بيروت1993.
-كتابة الذات: دراسات في وقائعية الشعر-عمان 1994.
-رفائيل بطي وريادة النقد الشعري: دراسة ومختارات- كولونيا المانيا1995.
-البئر والعسل: قراءات معاصرة في نصوص تراثية ط1 بغداد 1992- ط2 القاهرة 1997.
-ترويض النص: تحليل النص الشعري في النقد العربي المعاصر- القاهرة 1998.
-مرايا نرسيس: قصيدة السرد الحديثة في الشعر المعاصر-بيروت 1999.
-انفجار الصمت: الكتابة النسوية في اليمن، دراسة ومختارات، صنعاء 2003.
-حلم الفراشة: الإيقاع والخصائص النصية في قصيدة النثر، صنعاء 2004.
– في غيبوبة الذكرى: دراسات في قصيدة الحداثة- دبي 2009.
* له ثلاثة دواوين شعرية وثلاثة كتب للأطفال وبحوث كثيرة في عدة مجلات علمية محكمة.
*عمل بوصفه مدرسا للغة العربية في المدارس الثانوية (1966-1967 ) .
*عمل بوصفه مشرفا لغويا على مطبوعات ثقافة الأطفال ومنشوراتها خلال عمله رئيسا لقسم الإشراف اللغوي بين عامي 1980-1984.
* حائز على جائزة المنظمة العربية للثقافة والآداب والعلوم-تونس في حقل شعر الأطفال عام 1984 عن كتابه الذئب والحملان الثلاثة.
* حائز على جائزة أفضل كتاب من دار الشؤون الثقافية –بغداد عن كتابه  ” ما لا تؤديه الصفة  ”   ([107]).
ثانيا: التصور النقدي
جرت العادة في الدراسات النقدية التي تناولت العنوان على معالجة هذا الموضوع في مجال الكتب الأدبية ( الشعرية، القصصية، الروائية، المسرحية)، أما هذه الرسالة فإنها تجرب الدخول في حقل جديد، حيث تتناول عنوانات الكتب النقدية عند الناقد العراقي حاتم الصــكر؛ لما تميزت به عنواناته من تنوع واختلاف وجمالية حدا دفع احد الدارسين إلى وصفها بأنها ((عبارات منتقاة بعناية وأن مفرداتها تتضمن ما لا حد له من الإيحاءات والإشعاعات، وان لغتها مأنوسة وكأنها همس في  أذن صديق حميم، فهي لا تزعج القارئ ولا تثقل عله بل العكس هو الصحيح، فهي خفيفة الوقع على الأذن واللسان، ذات جرس موسيقي يقربها من الشعر في أصفى حالاته القاً وعذوبة))([108])، فالصكر كونه بدأ شاعرا في الأصل، قد نجح في اختيار عنوانات لكتبه النقدية بنحو جمالي دقيق يدهش القارئ ويجذبه إليه باحثا عن المكامن الخفية من الدلالات فيما وراء العنوان.
ويعترف الصكر بتأثير الشعر في خطابه النقدي بدءا من مفردات العنوان فيقول عن الشعر:(( إنه وهبني تلك المحبة التي تجسدت في ملامسة النصوص بحميمية، ازعم أحيانا أنها تقترب من عالمه وخفاياه، وما تضمره سطوحه ولغته اقترابا شديدا وأنت تعلم أن الكُتاب العرب القدامى جعلوا فيما اشترطوا لعدة ناقد الشعر توفره على خصوصيات تأليفه ومعاناة تجربته))([109]).
 
إذن، فقد ((بدأ حاتم الصكر شاعرا لأنه يرى أن الشعر هو نسغ الثقافة العربية، لكن الكلام عن الشعر جذبه أكثر من الشعر نفسه، فأخذ يسبح قرب شاطئه وجلس يراقبه على الضفة، وصار نقد الشعر وقراءته وتحليله هو جزء من الهوى والرغبة نحو الشعر..النقد عند حاتم الصكر نوع من اكتشاف الجمال… اقتناصه والغوص فيه وتذوقه.. لذلك راح الصكر يتذوق الجمال في اللوحة والقصيدة والرواية ويعتقد أن الكل نصوص ذات مفردات))([110]) وعناصر تتطلب دراية قبل معاينتها نقديا لأن (( نقد الشعر لا يعني الانقطاع عن العالم الخارجي والعكوف  على عالم النص الشعري وحده، بل إن ناقد الشعر لابد أن يتسلح له بمكونات ثقافية رصينة تقتضيها صنعة الشعر وآدابه وفنونه ونقده، فالناقد الحصـيف في هذه الحالة هو الذي يجر هذه العناصر إلى مملكة القصيدة حين تستدعيها القصيدة نفسها وليس العكس))([111])، ومن الواضح أن الصكر قد جمع بين موهبتي الشعر والنقد، مما جعل خطابه النقدي متوازنا وممتعا للمتلقي(( فالكتابة النقدية عنده تتكئ بصورة رئيسة على إمتاع القارئ من خلال مقدرته الفائقة على كشف كل مخبوء في النص ليقدمه لنا في صياغات نقدية بالغة الرقة والعمق، خالية من تعالي بعض الأكاديميين وجفاف كتاباتهم))([112]). إن غايته الرئيسة ((أن يمكّن القارئ من أن يرى ويتذوق الأثر الفني كما هو حقا- أي أن يعلِّمه كيف يقرؤه))([113])
ويرى الصكر أن من القواعد التي تحكم كتابته النقدية بنحو عام هي إبراز انتماء النصوص إلى الحداثة التي يؤمن بها كضرورة حياتية وعصرية، والتركيز على جوانب التلقي واستراتيجياته وما يضمه النص منها كموجهات قراءة ولا سيما العنوانات([114])، وهذه الجوانب كلها مجتمعة أدت إلى تميز خطابه النقدي وسط جيله من النقاد العراقيين والعرب، فمنهجه النقدي تطور بتطور الفكر النقدي لديه. حيث بدأه بما اسماه ( منهج النص) وهو ذلك المنهج الذي يعتمد في التحليل والتأويل على معطيات النص وما يمكن أن يتركه في نفس متلقيه وما يشكل من صور وإيحاءات، وهذا لا يعني الافتراق تماماً عن المناهج الأخرى، فهو يفيد من العوامل الخارجية الأخرى كالسيرة والتأثيرات النفسية والاجتماعية في إضاءة كثير من زوايا النص المعتمة، إلا أن الحكم دوما للنص بوصفه بنية متكاملة تعطي موقعا أو تحدد حالة يفترض وصولها إلى المتلقي وقراءته([115])، وذلك ما بدأ الاهتمام به يتضح لدى الصكر في كتبه اللاحقة ولاسيما في (البئر والعسل)، إذ لم يعد يكتفي الصكر بما يقوله النص بل ركّز أيضا على(( ما سيضفي عليه القارئ بأُفقه الخاص…الذي يمنحه وجوده بالفعل بينما يعد انجازه فنيا نوعا من الوجود بالقوة))([116])، وفي ضوء هذه الرؤية (( لا يخفى ما للقارئ من دور، هنا في تحقيق أدبية النص وجماليته، ذلك أن ادبيته تلك تبقى معلقة منتظرة في حيز القوة، ما لم يتدخل القارئ لتحقيقها، فالنص بلا قراءة مجرد علامات متضام بعضها إلى بعضها الآخر، لا ترتقي إلى درجة الأدب. إنْ لم يباشر القارئ وظيفة القراءة الأولية، فالتأويلية فالمتدبرة))([117]).
فمن وجهة نظر الصكر النقدية (( يتطلب إيقاظ النص من رقدته في الذاكرة: منطفئا دون وجود فعلي: أن نصل إليه بوسائل مبتكرة، ليس استنطاقه إلا واحدا منها. فهذا الوجود القوي للنص خارجنا يظل بعيدا حتى تمتد إليه يدينا، لنبث فيه الحياة، فكأنه ينبعث ليكتب نفسه من خلالها، وبقراءتنا: كتابة جديدة))([118]).
ومن هذا المنطلق المنهجي (( يستطيع النقد أن يلم بجميع أطراف النص الأدبي، إذ لا يكتفي بمجرد الإشارة إلى هذه القضايا أو التنبيه لها، بل يجب أن يربطها بالسياق الأدبي العام ويحاول أن يعرف بأبعاده الجمالية والأدبية))([119])، فمنهج الصكر النقدي مرن قابل للتغيير والتطوير والتجريب انطلاقا من إيمانه بـ(( أن الكتابة النقدية ذات طابع تجريبي كالكتابة الإبداعية، فالناقد قد يعدل من رؤاه ومواقفه وأحكامه خلال انغماسه في عمله))([120]) النقدي.
إن خطابا نقديا بالسمات السابقة لناقد وشاعر في آن واحد مثل الصكر لايمكن أن يكون اختياره لعنوانات كتبه النقدية الخارجية والداخلية اعتـــباطيا لايخضع لقصـدية معيـــنة ، ولاشك في أن ذلك الاختيار يخضع لما يعرف بالمهيمنة* ، إذ (( إن العنوان الحديث  بدأت تتحكم باختياره موجهات مختلفة تأتي في مقدمتها المهيمنة، وتتمثل في بروز شديد لأحد انساق النص على بقية أنساقه الأخرى، يعمد الكاتب بقصدية إلى اختيارها وبلورتها على مستوى العبارة عنوانا لعمله، ومن هنا جاءت اتصاف العنوان في النصوص الحديثة بالانغلاق النسبي))([121])، فاختيار الصكر لعنوانات كتبه النقدية ( الخارجية والداخلية) يخضع لماهو مهيمن من أفكار نقدية رئيسة ومحورية، ومن ثم يكون العنوان عنده بمثابة تكثيف واختصار لتلك الأفكار المتناثرة في فصول كتبه .
 
 
 
 
 
الفصل الأول
 
(( العنونة الفنية ))
 
 
المبحث الأول
( العنوان الإيحائي )
 
المبحث الثاني
( العنوان المتناص )
 
 
 
 
 
العنونة الفنية
توطئة
تعرف العنونة الفنية بأنها العنونة التي لا تقدم دلالتها مباشرة أو على نحو واضح وصريح إلى المتلقي بل تعتمد على الإيحاء بالمعنى عبر صياغته الفنية المبتكرة أو دخوله في علاقات تناصية مع نصوص أو عنوانات أخرى، أو عن طريق الجمع بين الاثنين معا ، أي بين السمتين المجازية والتناصية. فـ((لم يعد العنوان بريئاً بل شرع يمنح قارئة قاعدة للتأويل بعد أن كان يضع بين يديه المعنى جاهزاً. إنه يعمل على خلق استجابة القارئ نحوه كما يفعل نصه الكبير))([122]).بالقارئ عبر التأثير فيه وإيقاعه في فخه. ووفق هذا المعنى ينفتح العنوان الفني على جملة من الاحتمالات فهو ذو دلالات ((وعلامات إيحائية شديدة التنوع والثـــراء، مثله مثل النص، بل هو نص موازٍ… وإذا كان النص نظاماً دلالياً وليس معاني مبلغة، فإن العنوان كذلك نظام دلالي رامز له بنيته السطحية ومستواه العميق مثل النص تماماً))([123]) من حيث أهميته الدلالية والجمالية والتأثيرية.
والعنوان الفني يمكن أن يمتلك بذلك القدرة على الترميز والإشارة بدلاً من التصريح والإحالة المباشرة فـ((الجذر اللغوي للفظة- العنوان – يشير إلى إفادته معنى الأثر والتلميح والإشارة. وهناك من جعله ضمن حديثه عن فن التلميح. وفي هذا ما يوضح الارتباط الوثيق بين العنوان/ الإشارة والفن الذي لا يراد منه التعبير المباشر للمعنى المراد، وإنما يراد منه التلويح لذلك المعنى في صياغة فنية تتصل بالإبداع وتبتعد عن المباشرة في طريقة نقل المعنى إلى القارئ))([124])، فيبقى المعنى مستتراً  وراء العنوان وطبقاته المجازية أو التناصية.
ونرى أن في  توظيف العبارة الفنية لتشكيل العنوان النقدي وصياغته ((عودة أصيلة إلى منابع ثقافتنا العربية واستلهاماً لأساليب نقادنا القدماء في تتويج مؤلفاتهم بالأسماء الرمـزية، التي تحمل دلالات عميقة في مدى الإحساس الفني الذي يعبر عن ذوق مرهــف، وأصالة أدبية، وشعور فياض بأهمية الفرادة والتميز))([125]) في اختيار العنوان وصياغته.
فلو قمنا باستقراء لعنوانات كتب القدماء النقدية والأدبية لوجدناها عنوانات كثير منها ((ذات طوابع فنية، إذ كان تشعب مضامين الكتاب الواحد من وراء هذا الطابع الفني للعـنوان، والكتاب يجمع بين دفتيه ما هو أدب –أي فن- وما هو أدخل في علوم الأدب واللغة، ومن ثم حاول المُعنْوِن أن يجعل العنوان محققاً للمضمونين العلمي والفني في اغلب الأحوال))([126]) ، ومن أمثلة ذلك العنوانات الآتية: العقد الفريد لابن عبد ربه، والعمدة لابن رشيق، وسراج الأدباء ومنهاج البلغاء للقرطاجني، والبيان والتبيين للجاحظ وغيرها.
إن اختيار العنوان الفني للأعمال الأدبية الإبداعية كالشعر والقصص مثلاً أمر بديهي جداً، فهو ينسجم مع طبيعة بنيتها الجمالية، إلا أن الأمر قد يبدو مثيراً للقارئ إذا ما وجد مثل هذه العنوانات على أغلفة الكتب النقدية التي هي اقرب إلى العلم والفكر منها إلى الفن، ومع ذلك نرى أنه ((ليس من حقنا أن نحظر على الناقد اختيار ما يراه مناسباً لما في وجدانه من مشاعر وأحاسيس، وصياغته في عبارة هي إلى الفن اقرب منها إلى الموضوعية، ما دام يمتلك الإحساس الفني والموهبة التي ترفده بمثل هذا العطاء، وإلا فإنه ليس من المعقول أن يكون هذا العنوان عبثاً أو لعباً ليس وراءه أي مغزى))([127]) أو معنى يسوغ أو يفسر صياغته الفنية، لأننا ((نظن أن الإحساس الفني الذي يمتلكه الكاتب وعمق تجربته مع الموضوع وشغفه به عوامل أملت عليه مثل هذا العنوان، أو على الأقل جعلته يختار عنواناً فيه من الفن أكثر مما فيه من الموضوعية، حتى لو كان ملتقطاً من صلب الدراسة نفسها))([128])، أو بعيداً عنها من مراجع نصية أخرى يتناص معها، فـ((من الإشارات التي يحملها العنوان أيضا وتكون موضع إنصات القارئ.. لإنتاج الدلالة الأدبية: تناص العنوان، الذي يحيل إلى عنوانات لنصوص سابقة أو معاصرة أو يحيل إلى مقاطع من نصوص تتموضع في الطبقات الكتابية للنص الجديد))([129]). وتمثل العلاقات التناصية أحد المكونات الأساسية لأدبية النص أو فنيـــته، فهي تؤدي وظيفتين الأولى جمالية والأخرى معرفية([130]). مما يجعل النص المعارض لنص سابق عليه نصاً مزدوج القيمة([131]).فاللغة التي تستعملها العنونة الفنية هي لغة أدبية، ومن ثم لا يمكن النظر إليها بوصفها لغة تواصل مباشر إخباري، بل لغة ذات وظيفة إغرائية دلالية تجذب المتلقي للبحث عما وراء تركيبها الفني من دلالات خفية منفتحة على احتمالات تأويلية كثيرة.
 
 
 
 
المبحث الأول
 
 (( العنوان الإيحائي ))
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
يتميز العنوان الإيحائي بأنه العنوان الذي يبتكره الناقد من مخيلته الإبداعية فيركز في تشكيله على الوظيفة الشعرية للغته. وعبر هذه الوظيفة يتمفصل العنوان الفني الأدبي عن العنوان الذرائعي المباشر، وذلك حين يعبث الأول بالأعراف اللغوية السائدة، وتلك العلاقات المألوفة بين الدال والمدلول ويعقد عملية الاتصال، فالعنوان تبعاً لهذه الوظيفة يكتسب قوة مضاعفة على الإيحاء ولانهائية الـتأويل([132]). والتوصيل الفني للدلالة الكامنة فيه، (( إذاً ، من الممكن جداً أن يؤسس العنوان لشعرية من نوع ما، حيث يثير مخيلة القارئ، ويلقي به في مذاهب أو مراتب شتى من الـتأويل، بل يدخله في دوامة الـتأويل، ويستفز كفاءته القرائية من خلال كفاءة العنوان الشعرية))([133])، فهو يشحن الذهن ويغريه بالتحليل والتأويل لمعرفة مغزاه ،(( بحيث لا يبدأ المتلقي في تلقي النص أو في قراءة العمل المبدع من نقطة الصــفر، وإنما يبدأ مما يؤسسه العنوان من معرفة أو إيحاء))([134]) وهذا يبين ما يلعبه المجاز أو الانزياح في العنوان من دور مؤثر حيوي في عملية التلقي، ((فالعنوان، فضلاً عن شعريته ربما شكل حالة جذب وإغراء للمتلقي للدخول في تجربة قراءة النص، أو حالة صد ونفور ومنع))([135]) وفق طبيعة العنوان وصياغته الفنية.
ومما تجدر الإشارة إليه أن ((آلية ولادة هذا العنوان.. تختلف بين ناقد وآخر، وأن عملية الاختيار تمر في مرحلة مخاض وتشابك خيوط كثيرة وتفاعلات في ذهن المؤلف تصهر فيها المواد الأولية لنسيجه الذي يتبلور في هيكل دلالي رمزي، ما يوحيه أكثر مما يدل عليه بشكل مباشر بمعنى أن المجاز أو الانزياح يلعب فيه دوراً كبيراً ومن ثم لا يفهم المقصود منه إلا بعد القراءة الفاحصة والـتأمل العميق للدراسة النقدية الموسومة به))([136]).
ويبدو لنا أن هذا النمط من العنونة الإيحائية يتميز بخصوصية عند الناقد حاتم الصـكَر، ذلك أنه بدأ مسيرته الثقافية شاعراً قبل أن يغدو ناقداً، وقد ترك هذا الأمر فيما بعد أثراً واضحاً ومهماً في تجربته النقدية، ((فالناقد إذا كان شاعراً.. سيكون أقرب إلى فهم النص الشعري أو النثري من سواه، لأنه في هذه الحالة إنما يصف شيئاً كابده ووجد حرارته في وجدانه))([137])، ونجد مثل هذا النهج الفني في اختيار العنوان في عدد من عنوانات الكتب النقدية (الخارجية والداخلية) للصكر.
فاختيار العنوانات على هذا النحو الفني يولد لدى الناقد ((الاستلذاذ بدفع اللغة النقدية إلى تخوم الشعري، حتى تتجاوز هذه اللغة وظيفتها الوصفية إلى انجاز وظيفة استعارية تبعدها عن الجفاف الذي يسحق الدراسات الأكاديمية عادة، فالخطاب النقدي لم يعد يرتضي دور اللغة الثانية في أن يتولى عملية التوصيف والتفسير فحسب، وإنما يتوق إلى مقارعة اللغة الأولى ذاتها، لتكون له شعريته وكينونته الخاصة))([138]) ، التي تتجلى في العنوان الإيحائي وما يبثه من دلالات تثير المتلقي وتغريه بالتحليل والتأويل، و ((إذا كان النقد الحديث موصولاً بالنظريات العلمية وما يصاحبها من جفاف وانحسار في الجانب الوجداني، وإزاحة القارئ عما يستشعره من ضروب التجاوب مع الموضوع المدروس، فإن العنوان الفني يعيد إليه إمكانية الإحساس بجمالية الصياغة اللغوية، ويمنحه فرصة التأمل، ويجعله يحلق في أجواء الخيال، ويفتح أمامه سبل القراءة المتجددة، التي توحد ما بين النقد والعلم والفن في سياق واحد ينهل من الإبداع الفكري والأدبي على السواء))([139]) الأمر الذي يجعل عملية النقد عملية إبداعية لا تقل شأناً عن الإبداع الأدبي في الأجناس كافة، لأن الناقد يجتهد أيضاً في إبداع عنواناته للوصول بها إلى مستوى عالٍ من الفنية في الصياغة والتركيب والتعبير. بوصف العنوانات طاقة تعريفية([140])، تمنح العمل النقدي الذي يقدمه الناقد هويته وظاهرته التواصلية التداولية([141]). إذ تنقل مركز الثقل من (المبدع – النص) إلى (القارئ – النص)([142]). مما يجعل العنوان وسيلة للولوج في النص، فهو المقصود لا غيره بوصفه عتبة من عتبات ما يعرف بالنص الموازي([143])، وهو أيضا شفرة رمزية([144]). تختزل الدلالة لتنطق عن حمولة مكثفة لمضامينه الداخلية، مما يمنح القارئ فاعلية واسعة ودقيقة لاستبطان العنوانات وتأويلها سعياً للوصول إلى البنية الكبرى ضمن أُطر التماسك والانسجام الحاصل بين العنوان الرئيس والعنوانات الفرعية.
يبرز عنوان كتاب الصكَر (الأصابع في موقد الشعر) بوصفه عنواناً إيحائياً تبرز معطياته بتلك الصياغة التي تكشف عن الطبيعة الإجرائية النقدية للشعر التي شكلها الكتاب بقسميه، الأول منهما بعنوان (في الذاكرة والأدوات) والثاني بعنوان (في الموقد – تطبيقات) ليقدم عوناً –كما قال الصكَر- للقارئ قبل أن يصدر أحكامه أو ينشغل بالتنظير بوصفه فاعلاً في العملية الشعرية .. وعوناً للقصيدة الحديثة يمهد أرضيتها التي لم تستقر عليها بعد([145]). وقد حدد الناقد انطلاقته ومنهجه في هذا الكتاب بقوله: ((كتبت فصول كتابي هذا في النصف الأول من الثمانينات حيث لم يتبلور بعد المنهج النقدي الحديث، لكنني اندفعت فيه باتجاه النصوص ذاتها وما تمنحه من آفاق قراءة وتأويل، وبهذا وضعت خطابي في طريق النقد التطبيقي كشكل من أشكال القراءة الحديثة للنص الشعري فقد طغت المعالجات النظرية والحوارات والحجاج على جهود معظم نقاد الشعر العربي بينما تتأخر النصوص في أعمالهم، وتكشف التطبيقات كثيراً من مزايا القصيدة الحديثة وتبدلات الشعرية العربية من حيث طرائق النظم والاستعانة بالثقافة والرموز وغير ذلك، وهذا ما حاولت أن أجسده في كتابي ذاك بدءاً من التسمية))([146]).
وتشكلت جملة العنوان مما يأتي:
( الأصابع  )*                      ( في)       ( موقد)                 ( الشعر)
خبر لمبتدأ محذوف تقديره ( هذه ) + حرف جر + اسم مجرور ( مضاف ) + مضاف إليه
 
فـ(الأصابع) كناية عن أدوات الناقد وآليات عمله، التي أطلق عليها (منهج النص)([147])، ما أوحت بها الصيغة الجمعية (الأصابع) الدالة على الكثرة والتنوع في الشكل والوظيفة محاولة منه لإثبات مقدرة المناهج التي اعتمدها وإمكانياتها في أن توضع في (الموقد) الذي رمز له بـ(النص)، فتضمن تعريف المسند (الخبر: الأصابع) للتفخيم من شأن عمل الآليات والأدوات إن هي أخذت دورها في تحليل النصوص وفق ما يمليه النص عليه من تحديد لطبيعة الأداة والمنهج، وقد تحقق للاسم المضاف الذي جاء في سياق النكرة (موقد) التعريف من المضاف إليه، فلولا المضاف إليه (الشعر) لما كان بالإمكان تحديد ماهية النص بأنه شعري، والذي أكده استعماله حرف الجر (في) الدال على الظرفية، أي أن عمل الآليات والأدوات (المناهج) لا يكون إلا في إطار النص الشعري أو في وعائه، كما تجسد ذلك في قوله: ((في عمل كهذا لابد من أدوات، فالهدف هنا هو الغوص إلى الأعماق وليس ملامسة السطح))([148])، وبعملية الوصول إلى العمق تتحقق التواصلية بين النص والقارئ، والتي هي أساس منطلقه في هذا العمل، فقد أحس الصكَر بغربة الشعر عموماً والقصيدة الحديثة بخاصة، هذه الغربة التي بدت تزداد يوماً بعد يوم، وبتراجع الشعر في قائمة اهتمام القارئ لحساب الثقافة السطحية والفن العادي([149]). وقد تأسست قراءته للنص الشعري على أساس منهج تحليلي تأويلي احتكم فيه إلى معطيات النص، وما يمكن أن يتركه في نفس قارئه وما يشكل من صور([150]). وأفاد من قابليات النقد النصي، بقوله: ((فالهدف من منهجي النصي هو الكشف للآخر – وهو القارئ دائماً – عن ثروات النص الداخلية التي لا يستطيع أن يـراها عابــراً، وهي من دون شك لا تظهر على السطح بسذاجة ومباشرة، نظراً للبناء الخاص للقصيدة الحديثة المعتمدة على وسائل شتى في التوصيل))([151]). لذا فلا يمكن ملامسة تلك الثروات إلا بكثير من الخبرات والجهد والـتأمل والثقافة العامة، والثقافة الخاصة بخفايا الشعر وأسراره وبنيته الفنية القديمة والحديثة، فهناك نماذج تتطلب جهوداً مضاعفة ولا سيما تلك التي تخفي نواياها عمداً كالشعر الصوفي الحافل بالرموز الإشارية ومصطلحات الفلسفة الإشراقية التي لا ينجدنا في فهمها حتى السياق إنْ لم يكن للناقد القارئ السبق في الاطلاع عليها في قاموس المواجد الصوفية([152]).
 
وكذلك الأمر مع القصائد الحديثة التي تقدم نيرانها في موقد محير يضيء تلاوين غريبة من الرموز حيث يريد الشاعر أن يكون اتجاه الريح التي تزيد جمرات موقده الشعري توهجاً([153])، فالمجيء إلى النص بذاكرة غير شعرية سيقطع خطوط الاتصال بالنص، وتصبح عملية التفاهم صعبة مع ما يريد الشاعر توصيله، والناقد عنده قارئ غير عادي مطلوب منه أن يضيء النص بما يراه مناسباً من أضواء([154])، فالإشارات النقدية تيسِّر عملية فهم النص والوصول إلى دلالاته العميقة التي تتطلب من القارئ أن يمد أصابعه بكل رفق إلى جمرة النص الشعري في موقد القصيدة من دون أن يخشى الاحتراق([155]). مما جعل الصكَر يرغب في وجود قارئ معاصر يستطيع أن يمشي إلى القصيدة بحب وإخلاص، وأن يتسلح بأدوات تضاهي مهمة التأليف، وهنا تكمن الصعوبة والإشكال([156]). إلا أن منهجه النصي ذاك وكما أطلق عليه الصكَر لم يعن المنهج الأوحد الذي التزم به، بل يعترف بأنه قد أفاد من السيرة والعوامل النفسية والاجتماعية في إضاءة الكثير من زوايا النص المعتمة([157]). من أجل ((التقاط جمرة القصيدة من تحت ركام النثر))([158])، فضلاً عن عنايته- كما قيل – بدور الشاعر في إنتاج الدلالة عن طريق الإحالة إلى  آرائه القصدية الواعية خارج النص ذاته([159]). ويتلخص منهج الصكَر في كتابه (الأصابع في موقد الشعر) بالتقسيم الآتي:
الأصابع في موقد الشعر
____________     مقدمات مقترحة لقراءة القصيدة ___________
الذاكرة                                                       الأدوات الشعرية
_____                                  [ الداخلية]                        [ الخارجية ]
الذاكرة اليقظة                          – الجهد النقدي والاجتهاد            – الاجتماعي
(المتنبي والسياب )                          الذوقي                              – النفسي

  • الذاكرة التصويرية – من خبرات الشاعرالبصرية         – التاريخي

(أبوتمام )                                 – استبدال الحواس                      (السيرة )

  • الذاكرة الشكلية   – استيعاب المؤثر ( عام أو مشترك )

(البحتري)                                   (الطبيعة وموجوداتها)

  • الذاكرة السحرية  (خاص / شخصي )

(ادونيس)                                    ( معاشا ، معاني ، مقروءا،

  • الذاكرة المحتشدة                          مشاهدا أو مسموعا )

(البياتي)                                   – العودة إلى الجذور / مدن الطفولة
-الذاكرة اللغوية                            أفكار في الحداثة الشعرية
(المعري)                                   (الأسطورة من الأدوات المستحدثة )

  • جفاف الذاكرة     المضمون في قفص الشكل

(الذاكرة المنقطعة )                         ( حول الإيقاع والجملة الشعرية)
– الذاكرة المشوشة                         – المسافة بين النظم والشعر
(انسي الحاج)                               ( الشعر التعليمي والشعر المسرحي )

  • الذاكرة الجمعية(الاستجابة للتراث )    الوعي الشعري بالتراث

 
إن هذا التأسيس المنهجي المنوع أو كما أطلق عليه الصكَر حسبها مساهمة وخوض في غمار الموقد الشعري قد تلقى القبول أو لا تلقى، وقد تساهم في أن نقصر المسافة بين القارئ والنص .. وقد لا تفعل([160]) فهي إذا ليست إلا مقترحات لقراءة النص الشعري كما ذيل بذلك عنوان كتابه بوصفه ( التذييل )عنواناً رديفاً أو ثانوياً أو فرعياً شارحاً للمادة التي ستكون موضوعاً له من اجل إزالة الإبهام أو اللبس الذي يستشعره القارئ، فتبقى تلك المقترحات كما قال الصكَر – مداخل لقراءة الشعر، التي هي نوع من إعادة التأليف، والتي تظل في معظم جوانبها فردية، لأنها تبرز المهارات الخاصة والقدرات في عملية التحليل والتركيب واستيعاب الصور الشعرية([161]). وهكذا يشكل العنوان الفني ذو الدلالة الإيحائية الجمالية – كما قيل – بنية صغرى للدلالة على الموضوع ، أما العنوان الرديف فهو بمثابة بنية كبرى توضح المراد بجلاء ودقة تامة([162]).
وستمنح تلك المقترحات بمعطياتها ومؤثراتها المختلفة المطروحة في الجدول المذكور آنفاً مداخل جديدة للناقد قد توسع أفق القراءة والتأويل الذي ستقع عليه مهمة ((إزالة الرماد المتكاثف من موقد القصيدة))([163]) ، والذي أصبح من كنايات الصكَر الإيحائية ما أكدته تلك الصياغة الاسمية التي أطَّرَ بها عنوانه محققاً بهذا إيحاء للناقد في أن يمنح النصوص الشعرية دوام الرؤية والقراءة والـتأويل، لأن التعامل مع النقد الشعري – على حد قوله – هو ((عملية خطرة لا تقل خطورة عن التقاط الجمر في موقد متوهج))([164])، وتكمن الخطورة في الالتقاط الذي لا يكون إلا بكثير من الحرائق والخسائر([165])، فالقارئ عند الصكَر – على الرغم من امتلاكه ذائقة شعرية فهو بحاجة دائماً لإشارة إلى مواضع معينة في النص قد لا ينجح منفرداً في اكتشافها([166]). هذا ما يورث الاختلاف في استعماله للأدوات والمناهج بحسب ما يقدمه النص وإلا فقد يسبب له الكثير من الإشكاليات، فقد يخسر التماس عناصر بنائية جميلة توفر عليها الشاعر، والمنتزعة من المهارات الذاتية، ومن أساسيات الجمال في عصره([167]). من اجل التواصل مع النص الشعري قريباً أو للوصول بالقارئ إلى ذائقة شعرية معاصرة تمكنه من التعامل مع نصوص متنوعة كتبت في أزمنة مختلفة قديمة وحديثة إيماناً منه بأن جوهر الشعر واحد لا يحده زمن أو شكل، وهكذا جاءت دراسته لأجزاء مختارة من ملحمة كلكامش ومعلقة عنترة وأشعار أبي تمام والمتنبي وابن خفاجة تأكيداً منه على سلسلة الموروث الذوقي العربي والحساسية الشعرية التي ترتبط بخيط دقيق وتنتظم حلقاتها رؤية موحدة، إلى جانب قصائد وسيطة بين التراث والحداثة، كملحمة الزهاوي (ثورة في الجحيم)، وغلواء إلياس أبي شبكة، وطلاسم إيليا أبي ماضي، وأسوار خالد الشواف، فضلاً عن تسعة نصوص من الشعر المعاصر جاءت بكيفيات متعددة ومنطلقات أسلوبية متباينة([168]). ويرى الصكَر أن في اختياره لهذه النماذج ((تعمداً مسبقاً لاستكمال الصلة المقترحة بين القارئ والقصيدة))([169]) ومن هذه النصوص، جيكور أمي للسياب، وطوق الياسمين لنزار قباني، وسقط الحروف لحسب الشيخ جعفر، واللقاء لسامي مهدي، والعريف عباس لحميد سعيد([170]).
وهكذا استطاع الصكَر أن يكشف عن تعددية المنهج والرؤية والأداة، وجعل مهمة الناقد الأولى والرئيسة –كما قيل- هي ((أن يسهل استجابتنا للشعر، أو يوسعها، أو يعمقها، وبالطبع فإن هنالك طرائق عديدة لأداء تلك المهمة، غير انه ليس هناك منهج نقدي سوف يؤديها أداء مشبَّعاً مُرضياً، إذا ما خلا من احترام القصيدة واحترام القارئ معاً))([171]) ولا يتوانى الصكَر عن الحرص الشديد على توجيه عنايات نقده إلى هذين الطرفين في كتبه النقدية كافة.
وثمة عنوان آخر للصكر من النمط الإيحائي يتمثل بكتابه ((مواجهات الصوت القادم)) الذي تتشكل بنيته التركيبية على النحو الآتي :
مواجهات (خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذه) مضاف + الصوت (مضاف إليه) + القادم (صفة)
وأراد الصكر من تنكير المسند (مواجهات) إثبات وتفخيم حدث تلك المواجهات التي وسمها بأنها ((سلسلة من المواجهات النقدية لدواوين شعرية أو نصوص تنتمي إلى جيل شعري يصطف زمنيا في حلقة متأخرة تلي مرحلة شعراء العقد الستيني )) ([172]). التي تناول فيها ثلاثة عشر شاعرا ، وقد منحت صيغة المفاعلة حدث المواجهة التفاعل والتنوع والكثرة : لأنها جاءت بصيغة الجمع ، وهذا التقييد في القراءة النقدية لجيل السبعينات يبرزه العنوان الفرعي (دراسات في شعر السبعينات) الذي ذيل به عنوان الكتاب . إذ يمثل هذا الجيل – كما قال الصكر – إحدى الموجات الجديدة في مسيرة الحركة الشعرية العراقية التي تحاول أن تعيد أجواء القصيدة الحرة مع التفاوت في القدرات والمواهب([173]).
وهذه هي الميزة التي تمنح القصيدة السبعينية فضيلة المواجهة عن طريق مقابلتها ومقارنتها مع القصيدة الحرة التي اقترحها (جيل الستينات) آملاً آن يخضع شعر السبعينات للفحص من الفرقاء جميعا ، ليجدوا في بعضه ما يصلح للمعيار النقدي ، والبعض الآخر يصلح ليكون مجرد إشارات عند بداية تخوم مرحلة شعرية جديدة ، ربما لا تكون أفضل من المراحل السابقة ، أو لا تكون امتدادا تصاعديا لها([174]).
وهكذا فهو لا يتحرج من المواجهة النقدية مع شعراء جيل الشباب ، لأن النقد الحديث – كما قيل – يفترض أن لا يتوقف عند جيل دون آخر وأن العناية بشاعر أو كاتب لا تقلل من نصيب غيره ، فالمبدع الحقيقي يضيف ولا يقلد ، وهو الذي يفرض بنصوصه عناية المتلقين والنقاد به حتى لو تغافل عنه النقاد([175])، فالصكر لا يعد مواجهة الناقد لشعراء كبار مثل السياب والبياتي ودرويش والماغوط خطأ أو خللا وفي الوقت نفسه يواجه بالنقد تجارب شابة جديدة في الشعر ؛ فهو يفخر أن كتابه هذا ( مواجهات الصوت القادم ) هو أول كتاب صدر عن شعراء جيل السبعينات في العراق في وقت لم يكن كثيرون قد اعترفوا بهم([176]). فمنحهم ولادة جديدة ووجودا ظاهرا حين أحاط بالمشهد الشعري لجيل مرحلة كاملة مشبِّها ولادتهم بولادة القصيدة في قوله : ((تولد القصيدة فتنفلت من أبوة الشعر لا لأنها تجحده أو تبحث عن تسميات وحياة وفضاءات بعيدة عنه فحسب بل لتؤكد وجودها المستقل … هكذا أنظر لشباب الشعر وفتوة القصيدة ، وهكذا استقبل بالروح ذاتها من دون تذمر أو نبذ قصائد الشعراء والشاعرات الشبان والشابات ))  ([177])، لأن ما أنجزوه من نصوص شعرية كان بمستوى عال من الجودة الفنية والقيمة الجمالية العالية ، التي تنسجم مع تطلعات جيل بأكمله وصفه الصكر فنيا بـ(الصوت القادم) وهذا التجييل يسمح للناقد برؤية ما تحول من أدب هذا الكتاب أو ذاك وما لم يتحول حتى نستطيع رؤية مدى تفاعله مع المرحلة التي يعيشها([178]).ويتأثر بمتغيراتها الاجتماعية والسياسية والتاريخية وانعكاس أثر ذلك كله في أدبه.
وهكذا صار مثلا لقصيدة النثر عند جيل السبعينات الذيوع والشهرة والذكر والانتشار الذي توحي به دلالة لفظ المصدر (الصوت) وجاء (النعت: القادم) على وزن اسم الفاعل ليمنح للمنعوت (الصوت) صفة الحدوث والتجدد بما اتسمت به قصيدة النثر مثلا- لاسيما عند هذا الجيل- من سمات ومزايا ومعايير مميزة  يراها – الصكر – ذات نكهة خاصة لم تنفك عن الميراث اللغوي والأدبي الذي يزخر به المزاج الشعبي العراقي ، وقد استوت القصيدة بـعد أن كانت امتثالا لأصداء غربية على أيدي الستينيين مثل سركـون بولـص ، وصــلاح فائق ، وفاضل العزواي ، وآخرين فتجلت فاعلية قصيدة النثر عند السبعينيين ، في كونها ذات أفق قادر على احتضان مبدأ التغيير الجذري في بنية الشعر([179]). الأمر الذي جعله يتعامل مع نصوص جيل الشباب (السبعينات) بوصفها نصوصا قابلة للفحص والقراءة والتأويل بمنهج فني يبحث عن الحداثة فيها أو عن صفات تميزها وفرادتها، وقصورها وضعف أدائها أحيانا ، وانعدام الرؤية فيها واضطرابها أو وضوحها ونقاط الالتقاء مع شعر المرحلة والافتراق عنه. مع أخذه بالحسبان عامل الزمن والمؤثرات والمكونات التي ستكون أساس مراجعته للنصوص وتذوقها واستقصائها واستنتاجها([180]). أما المعايير التي حددها الصكر في مواجهته النقدية لشعر الجيل الجديد ، فيمكن إجمالها بما وضعه من عنوانات داخلية في مدخل كتابه (مواجهات الصوت القادم) وهي:
* التراث : رؤية الشعراء أم رؤية سواهم
* الطفولة : حنين إلى طقس مفقود
* معاناة القصيدة : المسافة بين القدرة والطموح
* الشكل : تردد خجول بين الموروث والحداثة
* ثقافة الشاعر : تهمة أم عدة ضرورية.
* الأبعاد الشخصية والتميز المشروع.([181])
وهذه السمات كان لها الأثر الأكبر في تحديد هوية شعراء جيل السبعينات والعمل وفق منظورها في إبراز ملامح شعرهم.
وفي ضـوء ما تقدم نرى أن الصـكر قد أطَّر عنوان كتـابه بدلالات فـنية موحية ، ((فعنوان الكتاب ليس وحيد الدلالة ولا يتحرك في اتجاه واحد ، بل يخفي وراء مظهره الخارجي تداخلا شديد الغنى)) ([182]). والاحتمالات ، فهذا ما يسبغ على النقد سمة الأدبية ، فهو حديث يتضمن أدبا سواء أكان على شكل اقتباس أم تلميح أم محاكاة أم تشاكل ، فمهما حاول الناقد تطهير عمله من الأدبية تبقى حاضره فيه ، لأن بلاغته سوف تنم عن آثار مجازية([183]). هي التي ستمنح عمله النقدي السمو والوصول إلى مصاف الإبداع : فالعلاقة بين النقد والأدب تبقى حميمة تربطها جذور قوية يعترف الصكر بتضامنها في قوله : ((ولكنني باختياري الكتابة النقدية لم أضع مسافة كبيرة بيني والشعر))([184]).
ومن الجدير بالذكر أن الصكر لم يستخدم هذا النمط من العنونة في عنواناته الرئيسة إلا في عنواني الكتابين السابقين ، أما في العنوانات الداخلية فقد استخدمه في عدد من النماذج منها عنوان ((غوايات المؤلف))([185]) ، وهو في حقيقته مركب إضافي يتشكل مما يأتي :
( غوايات) خبر لمبتدأ محذوف تقديره (هذه) مضاف + ( المؤلف ) مضاف إليه
وتبرز فاعلية المضاف إليه في التعريف (بالمضاف النكرة : غوايات) إذ لولاه لما كان بالإمكان تحديد طبيعة تلك الغوايات وماهيتها ، التي منحها المسند : غوايات ، الذي جاء مصدرا بصيغة الجمع ليفخم ويظهر التعددية الإغوائية للمؤلف التي كانت- كما حددها الصكر– ضمن التعبير المجازي ذي الدلالات الفنية للإيحاء بمعنيين ، أولهما : كل ما يعده المؤلف عامل جذب للقارئ وإغواء له من اجل استمالته إلى قراءة الكتاب بدءاً من صناعته لمقدمة الكتاب ، التي تحقق له ممارسة تسلط لذيذ  على المكتوب ، وعلى القارئ وطبيعة قراءته ((فعند عتبة المقدمة يرحب المؤلف بقارئه ويتصنَّع التهذيب الجم ، لكي يغويه بالدخول وممارسة فعل القراءة على جسد كلماته التي تمددت وتجاوزت جسده، إنه يـغويه بما سـيرى ، ويمنِّيه بما سيحل عليه ، مشيرا أحيانا إلى معوقات العمل ومصاعبه في شبه اعـتذار واعتداد))   ([186]). ، أما المعنى الثاني فيشير إلى ما خضع له المؤلف في أثناء عملية التأليف ، وما تسلط عليه عند إنتاج الكتابة ، وجذبه إلى اقتراف البوح والمكاشفة فهو من حيث يحسب أنه يغوي قارئه باصطناع المقدمة فإنه في حقيقة الأمر يعترف  بغواياته هو ، حتى تغدو المقدمات أحيانا ميدانا للتعرف على ما وقع الكاتب تحت تأثيره وهو ينجز متن الكتاب([187]).      إذن ، فالصكر يضع هذا العنوان بقصدية فنية مبتكرة ، لكي يوضح دلالاته الإيحائية في التعبير النقدي عن دور المؤلف في جذب القراء إلى مؤلفاته والتودد إليهم عبر تجميلها بوسائل منهجية ذات أثر معنوي على القارئ يصل إلى درجة وصفه بـ (الإغواء) بكل ما يحمله هذا الوصف من دلالات جمالية ونفسية تسهم في تقبل القارئ للكتاب ، ولعل المقدمة من وجهة نظر الصكر هي أولى وسائل الإغواء التي يضعها المؤلف للإيقاع بالقارئ وحثه على الدخول في متن الكتاب ، ويفعل الصكر نفسه ذلك في معظم مقدمات كتبه النقدية ، فهو لا يستطيع مقاومة إغواء المقدمة له بالكشف عن الأفكار الرئيسة لمتون كتبه ومنهجيته النقدية فيها وأحيانا الإشارة إلى إسرار عنواناته. فـ ((للمقدمة التي يفتتح بها الكتاب كتبهم عادة بريق أخاذ وحساسية خاصة ، وهي على هذا الأساس عتبة تقليدية نادرا ما يجرؤ كاتب على إهمالها. مع انه بوسعه ذلك حين يجد نفسه قد قال كل شيء لديه في متن الكتاب))  ([188]).
ومن النماذج الأخرى الإيحائية المبتكرة عنوان ((قصائد الغياب))([189]) الذي وضعه الصكر بوصفه عتبة على رأس مبحث تناول فيه نقديا تجارب شعرية لعدد من الشعراء الذين رحلوا عن الحياة ، وهم : سركون بولص ، وعقيل علي ، ومحمد حسين هيثم . فهو يقرأ نماذج من قصائدهم تتضمن دلالات تشير إلى إحساسهم بغيابهم وهم على قيد الحياة ، وكأنه بإضافة قصائدهم إلى الغياب يجعل القصيدة شكلا من أشكال حضور الشاعر بعد تواريه في عالم الغياب / الموت([190]).
إن اختيار الصكر لهذا العنوان جاء من إيمانه بأن ((الكتاب الذي يصدر بعد موت مؤلفه يحمل …أكثر موجهات القراءة أثرا في القارئ وتعاطفا ودراماتيكية ، انه يلخص معنى الوجود الرمزي للكلمات بعد انطواء حصة صاحبها من الحياة المادية المتعينة في شخصه الحاضر بيننا))  ([191]). لكن هذا الغياب سيؤول إلى حضور إبداعي للراحل مجسدا فيما يتركه من قصائد تتحدث عن إحساسه بفكرة الموت ، كما أن ((صورة المؤلف الراحل عنا – وعن مؤلفه بالضرورة ستظل تحف بوجوده الورقي ولسانه الذي ينوب عنه حتى في حياته ، ليصير له ثقل الذكرى المتدفقة من صورة معلقة على جدار ، والمتمددة إلى جـــدران الذاكرة أيضا)))   ([192]) ، ويضع الصكر هذا العنوان الداخلي مرتبطا بدلالاته الفنية الإيحائية مع العنوان الرئيس للكتاب (في غيبوبة الذكرى) وهو بذلك يعبر عن وعي نقدي وفني في طريقة اختياره للعنوانات التي لا يختارها بطريقة اعتباطية بل يختارها بقصيدة تنم عن ذائقته الفنية والنقدية العميقة العالية.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المبحث الثاني
 
(( العنوان المتناص ))
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
يعد التناص من المصطلحات النقدية الشائكة التي دار حولها جدل كبير ، وكذلك حول البذور الأولى التي نشا منها ، حتى استقرت ملامحه الأولى عند الناقدة الفرنسية جوليا كرستيفا التي عرفته على أنه (( ترحال للنصوص وتداخل نصي ، ففي فضاء معين تتقاطع وتتنافى ملفوظات عديدة مقتطعة من نصوص أخرى )) ([193] ) ، إلى الدرجة التي جعلت من النقاد من يرى أن العلاقات جميعا التي تربط تعبيرا بآخر هي علاقات تناص . ([194] ) وفق المفهوم الواسع لهذا المصطلح .
إذن يمكننا القول إن (( التناص هو تعالق – الدخول في علاقة – نصوص مع نص حدث بكيفيات مختلفة )) ([195]) ومتغايرة . وبهذا المعنى فإن (( التعــالق يشير إلى الارتبـــاط ، وهذا بدوره يستدعي التفاعل بين النصوص )) ([196]) . فالعنوان نص مكتمل بغض النظر عن حجمــه طويلا كان أم قــصيرا ، مؤلفا من لفظة واحدة أم من عدة ألـــفاظ ؛ لان النــص أيا كان هو (( القــول اللغوي المكتفي بذاته والمكتـمل في دلالته )) ([197]) . فمن حق العنوان أن يدخل في علاقات تناصية مع نصوص أخرى ليغدو مثل (( فسيفساء من نصوص أخرى أدمجت فيه بتقانات مختلفة )) ([198]).إذ يتشكل العنوان من بنية صغرى من حيث تركيبه اللغوي ومساحته ؛ لكنه ثري من حيث الدلالة والتأويل ولاسيما إن كان مجازيا منفتحا على نصوص أخرى منصهرا معها من أجل تكوين دلالات أوسع جديدة عبر التناص ، فالعنوان يمكن أن (( يرسم بكائناته اللغوية القليلة العدد فضاءات شاسعة من العلاقات التناصية التي تؤسس نصيته وتجعله نصا . وبذلك فالتناص … بوصفه فعالية من فعاليات تنصيص العنوان هو الذي يجعل منه قوة نصية ضاربة في إنتاج المــعنى بموازاة نصه )) ([199]) .
كما أن التناص يضاعف القيمة الفنية للعنوان ويمنحه فرصة للانفتاح على دلالات جديدة متعددة ، (( لأن النص فضلا عن نظامه اللغوي والإشاري ينفتح بفضل منتجه ( القارئ) على فضاءات  خارج نصية تحيل إلى معان عدة وتستقطب فوق هذا شبكة معقدة من النصوص التي سكنت في نص المبـدع وذاكـرة القارئ )) ([200]) ، ففي ظل التفاعل التناصي (( تغدو للعنوان قابلية مذهلة على الانزلاق من معنى إلى آخر، وبناء على ذلك تعمل آلية التناص في العمق من اشتغالات العنوان ، لكونها شرطا لإقامة النصية ، أو لأن النصية لا تفي بوعودها إلا عن طريق التناص حيث أولى إرهاصات السديم الدلالي ))([201]) الذي لا ينجلي من اللحظة الأولى بل بعد الفحص الدقيق في أصل العنوان وارتباطاته المعنوية ، والسؤال عن أية نصوص تداخل معها ؛ لأن العنوان بوصفه نصا ذا حجم مميز عندما يرتبط بالنصوص الأخرى وعبر ترابطاته اللغوية يحقق لنفسه كتابة مغايرة حتما عن النصوص الأخرى فيدمجها في أصله ويضغطها بين ثنايا ألفاظه بطريقة قد لا تراها العين المجردة .([202]) أو تلتقطها القراءة الأولى إلا بعد تأمل طويل ونظر عميق في ثنايا العنوان وأسراره الدلالية . (( فالتناص بنية مخفية تتجلى في الاقتراض أو الاستلاف أو التفاعل النصي بصيغة التداخل أو التفاعل أو التعارض النصي سواء أجاءت المناصصة بوعي متداخل أو غير متداخل مع نصوص أخـرى )) ([203]) خارجية .
إننا ندرس العنوان المتناص انطلاقا من اعتقادنا بأن (( التفاعل النصي لا يندلع في جسد النص فقط ، أي في ثنايا لغته ، أو في مفاصل تكوينه ، بل قد يتعداها إلى ما قبل كتلته النصية المباشرة ، أو متنه اللغوي : ونعني عنوانه )) ([204]) ، الذي يعتلي هذا المتن ويمثل العتبة الأولى الممهدة للدخول في أغوار النص وتفاصيله ، فعنايتنا بعتبة العنوان المتناص تأتــي من كــون (( عتبات النـص هي علاماته النـــصية الموحية التي تشحذ التهيـؤ ، وتستحضر آليات الاستقبال لدى القارئ ، وهي – أيضا – مؤشرات تكشف له أطراف خيوط العلاقات التناصية للنص الذي يقرؤه )) ([205]) ، ويندمج معه بدءا من عنوانه الذي يحمل دلالة ما و (( لا يتحقق إنتاج دلالة العنوان من دون فحص بنياته وما تكتنزه من إشارات وعلاقات تناص بغيرها من العنوانات والنصوص أولا ومن دون قراءة تركيب العنوان نفسه وهو يندرج في علاقات سياقية مع النص تحته ثانيا )) ([206]) ، فعلى الرغم من تناص العنوان مع مرجعيات تقع خارج المتن الذي يمثله فإن الاشتغال الدلالي للعنوان أو استراتيجية بنائه وإنتاجيته الدلالية تظل على اتصال وثيق بداخل المتن نفسه .([207])، الذي يساعد المتلقي أيضا على فهم دلالات العنوان التناصية ، وفي الوقت نفسه هذا يعني أن (( اشتغال العنوان دلاليا ودلائليا – ليس مع النص الذي يسميه فحسب – وإنما الانغمار التناصي مع الثقافة عموما بوصفها السياق الأكبر الذي يحتوي النص والعنوان أو يتيح لهما بالاشتغال الدلائلي وإنتاج المعنى )) ([208]).
فالعنوان المتناص عند الصكر هو عنوان فني ؛ لأن دلالته لاتصل إلينا مباشرة بسبب طابعه المجازي الأدبي أولا ، وتناصه ثانيا ، فلا يمكن فهم ايحاءاته إلا بالتـحليل والتأويل ، لأنه مراوغ لا يطابق نصوصه تماما ويحتاج إلى تأويل وحفر في طبقاته قصد قراءة تلويحاته الدلالية ، وفهم تلميحاته البلاغية .([209]) وذلك جزء من وظيفته الإغرائية الفنية .
فعلى الرغم من الفقر التركيبي للعنوان على مستوى الاقتصاد اللغوي إلا أنه يتمتع بانفتاح تناصي واسع ، وتتوقف انفتاحية التناص على مقدرة القارئ المؤول في تفعيله على مستوى القراءة ، مع الإشارة إلى وظيفة العنوان الفني في تحفيز العملية التأويلية .([210]).
وسنعمد في هذا المبحث إلى الكشف عن النصوص التي تشكل المجال التناصي للعنوان ، والتي تسمى بالنصوص المكونة أو المولدة للنص .([211]) ، وهي (( تتراءى فيه بمستويات متفاوتة وبأشكال ليست عصية على الفهم بطريقة أو بأخرى إذ نتعرف على نصوص الثقافة السالفة والحالية : فكل نص ليس إلا نسيجا من استشهادات سابقة ))([212]) تمنح نصا ذا حجم محدود صــغير كالعنوان إضاءات دلالية متعددة تزيد من قوته الإيـحائية الفنية ، وهذا دليل على قوة العنوان لا ضعفه ؛ لأن التناص لا يشترط كبر حجم النص ، فهو يحدث ويتكون سواء أكان النص صغيرا أم كبيرا في الحــجم ، وبذلك يغدو العنوان شكلا من أشــكال (( النص المتناص Interetext ، أي الذي تقع فيه آثار نصوص أخرى أو أصداؤها )) ([213]) اللغوية أو الدلالية أو الاثنين معا ، وفق واحد من قوانين التناص المعروفة وهي : الاجترار والامتصاص والحوار ، أما الاجترار فهو(( تكرار للنص الغائـب من دون
تغيير أو تحوير ، وهذا القانون يسهم في مسخ النص الغائب ؛ لأنه لم يطوره ولم يحاوره واكتفى بإعادته كما هو أو مع إجراء تغيير طفيف لا يمس جوهره بسوء بسبب من نظرة التقديس والاحترام لبعض النصوص والمرجعيات )) ([214]).أما الامتصاص فهو قبول سابق للنص الغائب وهضم لمغزاه وإعادة كتابته بطريقة لا تمس جوهره الدلالي .([215]) في حين أن الحوار هو أعلى مرحلة من قراءة النص الغائب إذ إنه لا يقدس هذا النص مهما كان نوعه وشكله وحجمه ، ولا يسمح له باستلاب النص الذي يستضيفه ، إنه يجعل النص المتأثر يغير في النص المؤثر ويحاوره وينتقده ليتجاوزه .([216]) وباستخدام تلك القوانين يكشف الناقد عن براعته في استحضار نصوصه الغائبة وتوظيفها في عنواناته بنحو يدعم دلالاتها ويبرز جمالياتها وفاعليتها التأثيرية في النص والمتلقي معا .
وقد برز العنوان المتناص في العنوانات الرئيسة لثمانية من كتب الصكر وهي : انفجار الصمت ، ترويض النص ، في غيبوبة الذكرى ، كتابة الذات ، حلم الفراشة ، البئر والعســل ، مالاتؤديه الصفة ، مرايا نرسيس ، فضلا عن حضوره في كثير من العنوانات الداخلية .
وسنتناول من العنوانات المتناصة ( الرئيسة والداخلية ) عند الصكر نماذج مختلفة يمكن أن ندلل بتحليلها على جماليات العنوان المتناص في كتبه النقدية ، وأثرها في إبراز الجانبين الفني والدلالي في خطابه النقدي ، وسنبدأ بكتابه ( انفجار الصمت ) ، إذ يبدو عنوانه ذا صلة تناصية قوية بالمقطع الشعري الذي وضعه الصكر في أول الكتاب بعد صفحة الإهداء ، وهو للشاعرة اليمنية ابتسام المتوكل من قصيدتها ( صمت النساء ) ، إذ تقول فيه :
أطلق قصيدة قهرك الملغوم
لا تغفر لهم
ذا ليس عارك
انه عار الذين تربعوا صمت النساء
فقل لهم :
إن النساء – الصمت .
قد صرن انفجارا .([217])
فالصكر لا يخفي المرجعية التناصية للعنوان ، وقد وضع عنوانا فرعيا واضحا بدلالاته تحت العنوان الرئيس ، جاءت فيه العبارة الآتية : الكتابة النسوية في اليمن – دراسات ومختارات،
التي تكشف بإيجاز عن الموضوع الذي سيتناوله الكتاب ، وقد تشكل العنوان الرئيس من البنية التركيبية الآتية :
( انفجار ) خبر لمبتدأ محذوف (تقديره هذا ) / مضاف + ( الصمت ) مضاف إليه
فالصمت تعبير رمزي عن الكتابة الإبداعية النسوية في اليمن التي تتعرض لمحاولات إسكاتها بالإكراه والإجبار وبطرق شتى تؤدي إلى ركودها وسباتها وصمتها ، ومن ثم تحول النساء أنفسهن إلى مرادف لمفردة الصمت كما وردت في المقطع السابق ، ومع ذلك كله فإن هذه الكتابة تتمرد ( تنفجر ) على هذا الصمت وتحاول الإعلان عن وجودها وصوتها بما يشبه النتيجة المهمة التي تحولت إلى عنوان اعتلى غلاف هذا الكتاب ، وهي نتيجة راسخة وثابتة بثبوت الجملة الاسمية للعنوان (( وفي تصورنا أنه ما غلبت الاسمية على عنوان الشيء إلا لقوة الاسم وشدة تمكنه وخفته على الذوق العربي السليم )) ([218]). فالصمت الذي يعنيه الناقد يرمز أيضا إلى الشعور بالفراغ اللامتناهي وديمومة اللاحركة التي اُرغمت عليها المرأة عامة والمرأة اليمنية بخاصة إرغاما قسريا وقهريا يتعلق بوجودها المسحوق اجتماعيا وسياسيا وفكريا من المجتمع بأعرافه وتقاليده لذا أصبح وجودها وعدمه شيئا واحدا ، وهذا مادفع ناقدنا إلى تحريك رغبته في (( إرساء مفهوم الأدب النسوي بخصوصيته المميزة احتكاما إلى الاكراهات التي تتعرض لها المرأة ، والتي لابد ان تنعكس مضمونيا وأسلوبيا في كتابتها الإبداعية ))([219]) .وإثبات طبيعة ذلك الصمت عبر مرجعيات تمثل شهادات سبـع كاتبات يمنيات ، ومن أمثلة ذلك ماتحدثت به الشاعرة ( فاطمة العشبي ) فقد عانت (( تجربة موت حقيقية مرت بها عندما رفضت الزواج ، وهي في الثانية عشرة من رجل يكبرها بثلاثة أضعاف عمرها ، وقد جاء هذا القرار من والدها بعد أن علم أنها بدأت بمحاولتها الشعرية التي كانت بالعامية )) ([220]) . أما الشاعرة نبيلة الزبير فقد كان زواجها ومسؤولياته الاجتماعية والأسرية في ظل التقاليد اليمنية سببا من أسباب صمتها الإبداعي الذي حال دون مواصلتها الكتابة .([221]) .فالمجتمع من وجهة نظر الشاعرة والقاصة (أزهار فايع ) (( قد لا يحبط إنتاج المرأة الأدبي والفكري ظاهريا ، ولكنه يحبطه بأشكال غير مباشرة ، كان يحبط المرأة بالمسؤوليات المتعددة )) ([222]) ، فالعبء الأسري والاجتماعي وغياب المؤسسات الثقافية كما حددته القاصة( أروى عبده عثمان ) ليس كافيا وحده لتحديد المسببات بل هناك ما يتعلق بالمبدعات ، كغياب النفس الطويل ، وقلة القراءات والتثقيف الذاتي ، وعدم الثقة التامة بالنـفس ، وغياب الحركات النقدية الجادة .([223]) وتقف الشاعرة ابتسام المتوكل على سبب آخر هو اختيار مفردات الموضوع ، وعدم انطلاق المبدعات في آفاق متنوعة ، إذ لايقبل منهن الخوض في موضوع كالغزل الصريح مثلا الذي يكون مقبولا من شاعر لمجـرد انه رجــل ، في حين تحجم المرأة عن نشر كتابتها في هذا الجانب امتثالا لمخاوف من الأسرة أو من المجتمع أو منهما معا .([224]) وتوسع الكاتبة فاطمة بن محمد دائرة اتهامها ، إذ لم يكن رفضها من المجتمع الذكوري فحسب بل من السلطة الذكورية بأنواعها ودرجاتها كلها .([225]) مما يجعل الرجال – كما تقول الأديبة فاطمة اصطفاف –  : (( يهبون هبة رجل واحد إذا حاولت النطق بالحكمة امرأة)) .([226]) ، وإنْ حاولت – كما ترى الأديبة هدى ابلان – تفجير القصيدة الأنثوية الحية والحميمية في ظل هذا المناخ الاجتماعي والثقافي الصعب والمغلق .([227])
إن الأمثلة السابقة كلها تمثل أيضا مرجعيات تناصية لدلالة الصمت الواردة في العنوان الرئيس ، والذي يبدو أنه قد استمد أيضا مرجعيته من عنوان الدراسة الملحقة بالكتاب والمعنونة بـ (( معوقات الممارسة الأدبية عند الأديبة اليمنية )) ([228]) . للباحث محمد حسين هيثم ، الذي حدد فيها الوسائل المختلفة التي تعرضت لها المرأة ، والتي تخص هويتها الثقافية بعامة والإبداعية بخاصة ، والذي منح ( للصمت : المرأة ) حركة بشتى المظاهر هو حضور العنوان ( انفجار الصمت ) بهذا التشخيص الاستعاري الذي ظهر به إذ استعار عملية الانفجار للصمت محولا الصمت إلى كائن فاعل محدثا استدعاء للموصوف ( المرأة )ـ ومثبتا صفة من صفاتها ، وهي ( الصمت : إطالة السكون والرضوخ ) . وهذا ماجعل قيمة المضاف إليه ( الصمت ) تأتي للتعريف بالمضاف ( الخبر / النكرة : انفجار ) وتخصيصه بفك إبهامه إذ به يُمنح حدث الانفجار شكل الهوية التي تميزه بين الانفجارات الأخرى ، فهو انفجار من نوع خاص ( نسوي ) بعد أن طاوع ( الصمت ) الانفجار ، فيما يفعله وقبول أثر فعله ، فيفعل الفعل نفسه بأن ينفجر ، والذي دلت عليه صيغة ( انفعال ) وهي من الصيغ الثلاثية المزيدة بحرفين ( الهمزة والنون ) الدالة على المطاوعة في الفعل وجـاء بتقــديم ( انفجار ) على ( الصمت ) على سبيل تخصيص فاعلية الذات النسوية وإبراز حدة الرفض لتردي واقعها بسبب الاكراهات والخروقات التي تقام عليها من المجتمع ، هذا ماجعل تيار الأدب النسوي  يسعى إلى البحث عن التغييرات الاجتماعية التي من أهدافها تحرير المرأة ، والانتصار لحقوقها ومطالبها المسلوبة تحت سلطة الثقافة الذكورية المهيمنة .([229]) ، والتي كشف عنها التناص الخارجي الذي أثبتته شهادات المبدعات أنفسهن المطروحة آنفا ، وأبيات ابتسام المتوكل التي تشير فيها إلى ( القهر الملغوم ) ؛ لكن ذلك ( الصمت ) لم يصمد طويلا أمام الانفجار الذي تمثل بتمرد الأديبات وثورتهن ، وذلك مارصده الصكر في شهادتهن ، منها قول أزهار فايع : (( في داخلي ثورة مكبوتة على كل أنواع الظلم التي أصادفها وقرار اختيار الإبداع هو نوع من التحدي )) ([230]) ، وتقول الأديبة هدى ابلان : (( قررت أن أكون شاعرة لأنني أردت أن أحيا )) ([231]) ، ونرى حدة الرفض في قول نبيلة الزبير : (( هذه دعوة للبوح والكتابة ، أي التمرد على الإحساس بالقمع والخوف )) ([232]) . ويزداد تجسيد اتجاه الرفض عندهن – كما يرى الصكر – عن طريق اختيارهن التحديث تجليا لروح الرفض والتمرد والثورة على كل ماهو سائد مع الانحياز إلى كل ماهو جديد في الحياة والفن والأدب في آن واحد معا .([233]) .فيصبح الصمت ليس رضوخا واستسلاما بل صمتا مؤججا بالانفجار الذي يتسم بالقوة والتدفق والغزارة والاندفاع والارتفاع محققا اختراقا للحواجز تتشظى معه كل الشوائب المكبوتة ، مما جعل منه إدانة للواقع ولأساليب الفكر الجامد كلها في المجتمع ؛ هذا مايجعله نمطا من أنماط مضاعفة حساسية الذات وإحساسها بتحقيق ذاتها في الوجود وبعلاقتها العضوية الصميمية الفاعلة بالعالم .  ([234]) مانحا للمرأة هوية ووجودا إنسانيا وثقافيا مبدعا ، فهي بحاجة ((إلى أن تبتدع لغة تنفذ إليها )) ([235]) .
فالعنوان( انفجار الصمت) هو حصيلة امتصاصية للنصوص التي أشرنا إليها آنفا ، وهو إشارة رمزية إلى الأدب النسوي الذي ينسجم واتجاه الخطاب النقدي عند الصكر الذي يُعنى بالإبداع الأدبي المنتج في الظل من أدب الرجل ، ونعني به أدب المرأة . ويمثل الامتصاص مرحلة أعلى من قراءة النص الغائب إذ ينطلق أساسا من الإقرار بأهمية النص ، فيتعامل وإياه تعاملا حركيا تحويليا لا ينفي الأصل ، بل يسهم في استمراره جوهرا قابلا للتجديد ، ومعنى هذا أن الامتصاص لايجحد النص الغائب ولاينقده ، إنه يعيد صوغه فحسب وفق متطلبات تاريخية لم يكن يعيشها في المرحلة التي كتبت بها ، وبذلك يستمر النص غائبا غير ممحو ويحيا بدل أن يموت . ( [236]) .وهكذا استطاع الصكر أن يكشف عن عينات الرؤية الجديدة في الكتابة النسوية اليمنية عبر تحليله لنصوص أدبية مختارة أثبتت هويتها النسوية .
وبالتناص وفق قانون الامتصاص أيضا يشكل الصكر عنوان كتابه ( ترويض النص ) الذي جاءت بنيته التركيبية على النحو الآتي :
( ترويض) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا / مضاف +  ( النص )مضاف إليه
وتضمن الإخبار عن المبتدأ بمصدر على صيغة ( تفعيل ) جيء به بدلا من اللفظ بفعله لإفادة الثبوت والدوام ، أي حدوث فعل ( الترويض : التحليل النصي ) وثبوته ووقوعه فضلا عن التلميح إلى تعددية طرائقه وكثرتها على سبيل المبالغة والكثرة ، وذلك لصعوبة ( عملية الترويض ) وهذا ما دفعه إلى استحضار مقولتين لناقدين غربيين ليجعلهما مرتكز عنوان كتابه المذكور آنفا ، المقولة الأولى – كما ذكر الصكر – هي للناقد اوكونور الذي شبه القصيدة بوحش (اوريلو) الأسطوري الشرس الذي كلما قطع السيف منه عضوا عاد ذلك العضو إلى مكانه في الجسد وظل ذلك الوحش مخيفا كما كان ، فالنص الأدبي يشبه الوحش بقدرته على المراوغة والانفلات في يد المحلل فلا يستسلم بسهولة للنقد .([237])
أما المقولة الثانية فهي للناقد تيري ايغلتون الذي يعبر بقصة رمزية عن العلاقة بين الناقد والنص بقوله : (( نحن نعلم أن الأسد أقوى من مروض الأسود ويعرف هذه الحقيقة مروض الأسود نفسه ولكن المشكلة هي أن الأسد لايعرف هذا ، وعليه فليس من المستحيل أن يساعد موت الأدب على أن يستيقظ الأسد )) ([238]) ، بمعنى أن مايفعله الناقد المحلل هو أمر قريب من عمل مروض الأسود ، فترويض النص يتطلب عملا مشابها لعمل مروض الأسود .([239])
فبهذا التشخيص الاستعاري – إذ شبه النص بالأسد مع حذف المشبه ( الأسد ) والإبقاء على لازمة من لوازمه وهي ( الترويض ) – حقق مبالغة في الكشف عن عملية تحليل النص لما لها من دور في إنتاج معان جديدة .
 
فالنص يشبه الوحش العصي على الإحاطة ، بمعنى أنه يمتلك دائما القدرة على المراوغة والانفلات من يد المحلل ([240]) ، و(( كذلك القصيدة التي لاتستسلم لبراعة النقاد ومهارتهم أو دقتهم المنهجية )) ([241]) ، وعدم الاستسلام لايمنع النقاد من التوغل في النصوص وتحليلها بتسليط قوة القراءة عليها من أجل الكشف عن مستوياتها وأبنيتها وأنساقها وقوانــينها ونظمها ودلالاتها ([242]) وبحسب منطلقاتها النظرية وطرائقها الإجــرائية الفنـية ( التحليل النصي ) ، فلكل منهج عدته النقدية الخاصة التي لابد للناقد من أن يطأها ويذلل صعابها ويمسك زمام حركتها ما أوحت به لفظة ( الترويض ) مع ما ينبعث منها في الجهد وقوة التحمل والإصرار على تكرار المحاولة لاستقطاب النص بشتى الطرق ، لجعله أكثر انتظاما بوصف ( التحليل النصي ) (( ثمرة من ثمار الكد المنهجي المعاصر ، فقد ازداد الإقبال عليه بعد تبلور المناهج النقدية الحديثة وتشعبها والتي أخذت تبحث عما يؤيـد نظرياتها )) ([243]) .
ويبدو (( أن اهتمام الناقد بعملية تحويل صفة النص من المتوحش إلى الأنسنة تعكس وعي الناقد بأهمية القراءة وفاعليتها التي تحيله إلى ما هو سري وغامض وهذه العملية تمر عبر لعبة معقدة ومتداخلة وهي (الترويض ) بكل ماتحمله من شروط تستدعي عوامل نفسية واستعارية ودلالية ))([244]) ويمكن أن نلخص تصور الصكر لأنماط التحليل النصي بالتقسيم الآتي :
 
 
 
 
 
 
 
 
أنماط ( الترويض : التحليل النصي )
 
التحليلات المنهجية النصية                             التحليلات الأحادية
(الفنية )         (الألسنية )     (مابعد البنيوية )      ( الجزئية )      ( التجزيئية )
انطباعية       – بنيوية       – تفكيكية          – واقعية         – لغة / صوت
– جمالية         – أسلوبية      – تأويلية            أيديولوجية       – عروض /إيقاع
– تاثرية عامة                   – سيميائية         – نفسية          – بلاغة
– قراءة            – رمزية           – تناص أدبي / فني
أسطورية         -موضوع/معنى  – فضاء كتابي
– أنماط تحليلية
متفرقة
 
وهكذا حقق ( الترويض : التحليل النصي ) بممارساته النصية المختلفة انجــــازا نصيا للقصيدة ( [245]) ، مانحا ( للنص ) الذي شبهه بـ ( الأسد ) القوة والمــنعة ( صعوبة الاختراق ) ، والجرأة ، ومانحا  للناقد المحلل ( مروض الأسود) في الوقت نفسه القوة الأكبر للقيادة والتطويع والمهارة العالية والخلق الجديد وبإنــتاجية جديــدة (( تسهم في تشكلها ذخيرة قراءة المحلل ، ومعرفته المتراكمة ، وخبرته بـــالنوع الذي تنتمي إليه أفراد النصوص المـــــحللة ، والقدرة على التمييز بين التجارب ، واكتشاف قوانينها الداخلية وخصائصها الفنية )) ([246]) ، وهذا ما جــعل مهمــة ( محلل النص ) كمهمة مروض الأسود الذي عليه أن لا يجعل الأسد يشعر أنه الأقوى ، على الرغم من أنه كذلك خارج العملية ، لأن اكتمال عملية الترويض يتطلب أن يظل الأسد جاهلا بأمر تفوقه على مروضه وإلا فسد كل شيء وانهارت (لعبة الترويض ) كلها ([247]) . بمعنى أن عملية ترويض النص/التحليل النصي  تتسم بالصعوبة والتعقيد لأن (( النص هو الطرف الأقوى … في معادلة التحليل لأنه يمتلك أسراره ولغته وبنيته ودلالاته وسياقاته ، والمحلل ليس كاتبه ولا ينتمي إليه إلا عبر الاحتكاك به نقديا ، ولكن يجب أن تظل أدواته الترويــضية متيقظة كي لا يبدو النص أقوى منه ، فيعجز عن متابعة شفراته ومستوياته البنائية )) ([248] ) ، وهكذا حقق (الترويض : التحليل النصي ) بتقاناته المـــختلفة والمتــعددة (( مجاوزة النص وإعادة خلقه وتمثيله ، ورسم هويته من جديد بصيغ لغوية وجمالية لا تخلو من بصمات متخيلة )) ([249])، وحقق به الصكر ردا على ما يقال من ضعف الناقد المحلل ( المروض ) فنيا لكونه ليس شاعرا أو كاتبا أو لكونه غير قادر على أن يخلق نصا مماثلا ([250]) مروَّضَاًً.
ويعمد الصكر في كتابه : ( في غيبوبة الذكرى ) إلى ذكر المرجعية التناصية لعنوان الكتاب في ثلاثة مواضع هي : الإهداء والمقدمة والمبحث التاسع من الكتاب ، ففي الإهداء ذكرت فكرة الغيبوبة في أقسامه الثلاثة على النحو الآتي  :
(( إلى ولدي عدي ..
في غيبوبة براءته وشبابه التي طالت أنياب خاطفيه
والى حفيدي احمد :
وسؤاله الغائب في ارتباكات طفولته التي تكبر بعيدا عن الأب
والى محمود البريكان حتما
وهو في غيبوبة الذكرى التي قال عنها :
تحتضر الطيور في أوكارها / تنطرح الوحوش في الكهوف / تنكفئ الثعالب الشمطاء في الأوجار / تنجذب الأفيال / إلى مكان صامت في آخر الغابة / مزدحم بالعاج والهياكل / حيث تموت موتها / ووحده يموت في داخله الإنسان / في العالم الباطن / في مركز السريرة الساكن / في غيبوبة الذكرى )). ([251])
فالجملة الأخيرة ( في غيبوبة الذكرى ) من المقطع الشعري السابق امتصها كتاب الصكر ليجعل منها عنوانا له بعد أن هضم الصكر مغزاها الدلالي ليعيد طرحه متناصا معه في المقدمة برؤية تنسجم مع فكرة الكتاب ومباحثه التي تناولت نصوصا (( وقعت في حيز الانقضاء زمنيا ، وهذا ماظل منها تتشبث به القراءة لتمنحه الكينونة وتقاضي حداثته ، وتؤوله على أساسها بالاقتراب الحميم منه )) ([252]) ، فعلى الرغم من أن نصوص رواد الحداثة الأوائل مثل : السياب والبريكان ودرويش وادونيس قد كتبت في زمن ماض وأصبحت من الذكرى إلا أنها ربما تعيش في حالة من الغيبوبة ومن ثم يمكن أن تستيقظ مجددا عبر القــراءة النقــــدية الجديدة التي تعيد ولادتها من جديد على يد النــاقد الذي يصفه الصــكر بـ ( قابلة النص ) ، ولعل الصكر يوضح ذلك الموقف كله في سؤاله الذي يتصدر مقدمة الكتاب : هل تصلح الذكرى مناسبة للقراءة ؟ ([253]) .
فالصكر يتغلب على غيبوبة النصوص بهذا الاستدعاء النقدي لمسائل فنية مهمة أثارتها تلك النصوص التي يعود أغلبها لشعراء معظمهم ماتوا ولم يتركوا وراءهم من ذكرى سوى هذه النصوص التي تعيش وأصحابها حال غيبوبة في ذاكرة القارئ فيلتفت إليها الصكر ليعيدها من جديد إلى مجــال النقد ،ومن هؤلاء الشعراء : الشابي ، والسياب ، والبريكـــان ، ودرويش ، وسركون بولص ، وعقيل علي ، ومحمد حسين هيثم .([254] )
فالعنوان يكشف عن أنه يمتص عددا من النصوص التي ترتبط فيما بينها بعلاقات تناصية ، ويقوم بتوظيفها بحيث تتداخل مع نسيجه ، وهي تفسر بعضها بعضا محققا انسجاما فيما بينها ، تسيرها (( علة غائبة هي المقصدية )) ([255]) التي تلتقي في ثيمة واحدة ، تستقطب دلالات النصوص الأخرى وتتحد معها لتؤسس نصا جديدا ، هذا ما يجعل العنوان المتناص ذا فعالية فنية ، حين تتعالق معه نصوص كثيرة في المبنى والمعنى ([256]) ، ضمن علائقها الظاهرة أو الخفية ، مما يحتم علينا أن نكشف عن تشكيل البنية التركيبية التي تشكل منها عنوان كتاب الصكر :
في غيبوبة : جار ومجرور ( خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم ) / وغيبوبة : مضاف + ( الذكرى ) مضاف إليه مجرور .
فشبه الجملة من الجار والمجرور ( في غيبوبة ) تشعرنا بان الشاعر مسكون بالغياب ، دل عليه حرف الجر ( في ) الدال على الظرفية ، أي أن محتوى الذكريات وديمومتها لا يكون إلا في الغياب ، والذي يفجر سيلا لايتوقف من التداعيات الغائبة الحاضرة ، والحاضرة الغائبة ؛ ففي الغياب الحاضر تتمثل أحداث : ( اختطاف الابن / وسؤال الحفيد / ومقتل الشاعر محمود البريكان ) ، وتتحدد في هذه الأحداث قيمة الأفكار المطروحة في النصوص الغائبة ( المستحضرة ) المتناصة ، والتي تؤكد استغراق الناقد في الذكريات التي تثار يوميا بحضور بدائل دائمية ، وهي ( الحفيد بدلا عن الابن / والنتاج الشعري للبريكان بدلا عنه ) ليحقق بها نزوعا مفتوحا بلا حدود ، فتنبجس الذكريات المكبــوتة في اللاشعور ، وهي بالنسبة إليه عالمه الأثيري البعيد . محققا الصكر من عملية التذكر تلك إغناء للوضع الحالي بإثارة الماضي واسترجاعه بحيث يجعل ذاته تعيش في لحظاتها الحاضرة بكل ما كانت عليه في الماضي ([257]).
ويعود العنوان الرئيس المتناص ( في غيبوبة الذكرى ) ليدخل في علاقة تناص داخلي امتصاصي مع عنوانين داخليين الأول  في الكتاب نفسه ، وهو : (( محمود البريكان في غيبوبة ذكراه )) ([258]) وبذلك يكشف الصكر بوضوح عن صاحب الجملة التي أصبحت عنوانا رئيسا لكتابه ( في غيبوبة الذكرى ) ، والثاني (( الذكرى تلاعب النسيان ))([259]) الذي ورد في كتاب آخر للصكر وعنون به أحد مباحثه ، ويكشف الصكر في مقدمة تلك الدراسة عن استعارته التناصية لهذا العنوان بقوله : (( اخترت – الذكرى تلاعب النسيان – عنوانا لقراءتي النقدية هذه لقصائد مرحلة – عوالم متداخلة – وهي عبارة ترد في بيت من أبيات القصيدة الأولى … مؤرخة في عام 1970 :
عند خطوط الحدود
تسفر عن طلسمها الاحزان
وتلعب الذكرى مع النسيان )) ([260]) .
ويتضح من ذلك أن مركز التناص يكمن في العبارة : ( وتلعب الذكرى مع النسيان ) ، فلم يكتف عنوان الناقد بتشرب نص البريكان بل حقق منه عمقا دلاليا مقصودا صــرح به في قوله : (( إن لقاء الذكرى بالنسيان لبدء الحياة ونهاية الإنسان ، بل سيموت الإنسان في غيبوبة الذكرى ، فكأن الذكرى تبادل النسيان موقعه ، فيغدو صحوة فيما تغدو هي غيبوبة … بل ستظل الذكرى صحوا مؤقتا تتخلله غيبوبة النسيان ، فيكون بينهما لعب متبادل )) ([261]) .
وبذلك يؤكد الصكر التفاعل الداخلي بين عنواناته المتناصة الرئيسة والداخلية ،بوصفها نصوصا صغيرة تقبل التحاور فيما بينها ، فـ (( التناص لا يفترض دائما تحويلا لنصوص غريبة عن النص المعارض ، فقد يحدث أن يكون التناص داخل النصوص الواحدة للمؤلف نفسه )) ([262]) .
إن عودة ظهور العنوان الرئيس المتناص في العنوانات الداخلية نهج في العنونة يطبقه الصكر في أكثر من كتاب ، ومن ذلك كتابه ( مالاتؤديه الصفة ) ، إذ ظهر هذا العنوان الرئيس على الغلاف الخارجي للكتاب ،في حين أنه خص هذا العنوان ( مالاتؤديه الصفة ) في المبحث الثالث بالجملة الآتية ( حول الإيقاع .. والإيقاع الداخلي في قصيدة النثر ) التي سبقت ذلك العنوان وكأنها تمهد له وتفسر غموضه المرتبط بنحو خاص في هذا المبحث بقصيدة النثر واهتمامها الخاص بالإيقاع الداخلي ([263]).
ولوعدنا إلى العنوان الرئيس للكتاب لوجدنا أنه يأخذ مضمونه التناصي من مقولة لإسحاق الموصلي إذ (( قال : قال لي المعتصم : اخبرني عن معرفة النغم وبينها لي ، فقلت : إن من الأشياء أشياء تحيط بها المعرفة ، ولاتؤديها الصفة )) ([264]).فالصكر يرى أن هذه المقولة تكاد تنطبق على وصف الشعر انطلاقا من اعتقاد سائد بأن الشعر يظل عصيا على أي وصف وأية محاولة لتعريفه .([265]) أو لتذوقه وتحديد مواقع الشعرية فيه ، إنه كالنغم كما وصفه إسحاق الموصلي (( وتكتنز جملته الموجزة إشكالية ذلك الجانب الخبيء في النفس الإنسانية : الذوق أو التذوق ، والذي يصعب تقنينه ، ويعسر تحديده )) ([266]) ، لكن ذلك (( لايمنع من التماس مقتربات لهذه الشعرية المنزلقة من شكل إلى آخر عبر وسائط أسلوبية لاتحد )) ([267]) . فالصكر يرى أن (( ماتقدمه المنهجيات النقدية وما يتجلى في الممارسات أو في التشكلات العامة لنظرية الأدب يقدمان مقترحات لتلمس مايظهر من أبنية النصوص وصولا إلى مايخفيه نظامها أو شعريتها )) ([268] )، وهذه الأمور كلها تمثل( المقتربات اللسانية والأسلوبية والشعرية) كما جاء في العنوان الفرعي الذي ذيل به العنوان الرئيس ، والذي يسمى بـ (العنـونة الإلحاقية ) التي تؤطر الكتاب ليقبل بها القارئ ويكيف قراءته بحسب مقتضياتها .([269]) محاولة نقدية منه لوصف الشعر أو تحديد صفاته وملامح وجوده عن طريق(  قراءات ) – التي يتصدر بها أيضا الجزء السفلي من غلاف كتابه –  لنماذج من الشعراء العرب-  لبيان الحوار النصي النقدي مع تلك المقتربات المنهجية وما يمكن أن تقدمه من إجراءات لفهم النص وتأويله والكشف عن نظمه وقوانينه الداخلية، سعيا من الصكر إلى إثبات مقدرة الناقد على النفاذ إلى النص ووصفه وتعريفه بامتصاص مقولة إسحاق الموصلي عبر تناص خارجي يستمده من التراث العربي القديم وبإعادة تنفيذه لما يخدم فكرته السابقة عن الشعر .
ويخص الصكر مبحثه الثالث عن الإيقاع في الشعر ولاسيما الإيقاع الداخلي بالعنوان السابق منطلقا من كون الإيقاع معضلة مصطلحا ومفهوما ما يجعل صعوبة في وصفه وتحديده عند العرب والغرب ، على الرغم من أن عملية إدراكه يمكن أن تتحصل بالمعرفة ، وهذا مما يزيد الخوض في الإيقاع صعوبة لأنه ملتقى مفاهيم شعرية لا تزال غير محددة بنفسها أو بعلائقها مع المفاهيم المجاورة .([270])
ومرة أخرى يعود الصكر إلى التراث العربي القديم ليجعل منه مرجعية تناصية خارجية وذلك في عنوان كتابه (البئر والعسل ) الذي تشكلت بنيته التركيبية من :
البئر ( خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا ) + واو المعية + العسل ( مفعول معه )
وتضمن تعريف المسند ( البئر) لأنه مخصص بمسألة الدنيا وأمورها ، والإنسان الذي لا يتقلب إلا في الشرور والهموم ، ومع ذلك لا يلتمس لنفسه الخلاص ([271])، فاقتران البئر بالعسل كما جاء في العنــوان عن طريق (واو المعية ) الدالة على المصاحبة إنما جاء ليظهر دور البئر : الدنيا في انشغال الإنسان بها ليصيب منها الطفيف ( العسل ) أو ليقتني منها اليسير مما يذهب به عن الاهتمام بنفسه وطلب النجاة لها ([272] ).
ويبدو التناص على مستوى هذا العنوان ( البئر والعسل ) واضحا جليا مع حكاية رمزية من التراث النثري العربي من ( حكايات كليلة ودمنة ) ، التي حولها الصكر إلى منجز نقدي يحمل الرمزين الأساسين في الحكاية وهما ( البئر والعسل ) ومنهما اخذ مفتاح نقده التأويلــي ، إذ تتلخص الحكاية بقول ابن المقفع : (( فالتمست للإنسان مثلا ، فإذا مثله مثل رجل نجا من فوق فيل هائج إلى بئر ، فتدلى منها ، وتعلق بغصنين كانا على سمائها ، فوقعت رجلاه على شيء في طي البئر ، فإذا حيات أربع قد اخرجن رؤوسهن من أحجارهن ثم نظر فإذا في قعر البئر تنين فاتح فاه ، منتظر له ليقع فيأخذه ، فرفع بصره إلى الغصنين فإذا في أصلهما جرذان اسود وابيض ، وهما يقرضان الغصنين لايفتران ، فبينما هو في النظر لأمره والعناية بنفسه قريبا منه بخلية فيها عسل ، فذاق العسل فشغلته حلاوته ، وألهته لذته عن الفكرة في شيء من أمره ، وان يلتمس الخلاص لنفسه ، ولم يذكر أن رجليه على حيات أربع لا يدري متى يقع عليهن ولم يذكر أن الجرذين دائبان في قطع الغصنين ومتى انقطـعا وقع على التـنين ، فلم يزل لاهيا غافلا مشغولا بتلك الحلاوة حتى سقط في فم التنين فهلك )) .([273])
وقد شبه ابن المقفع البئر بالدنيا المملؤة آفات وشرورا ومخاوف وعاهات ، وشبه الحيات الأربع بالأخلاط الأربعة ( الدم والبلغم والصفراء والسوداء ) التي في بدن الإنسان والتي متى هاجت كانت كحمة الأفاعي والسم المميت وشبه الغصنين بالأجل الذي هو إلى حين ثم لابد من فنائه وانقطاعه ، وشبه الجرذين الأسود والأبيض بالليل والنهار ، كونهما دائبان في إفناء الأجل ، وشبه التنين بالمصير الذي لابد منه ، وشبه العسل بالحلاوة القليلة التي ينال منها الإنسان فيرى ويطعم ويسمع ويشم ويلهو عن شانه فينسى أمر الآخرة ويصد عن سبيل قصده .([274])
ونجد الصكر لا يجتر هذه الحكاية في عنوان كتابه ومتنه بل يتفاعل معها تفاعلا نصيا عميقا إذ يعيد كتابتها من جديد بعد هضم وامتصاص وتمثل يمنحها بعدا نقديا مغايرا وجديدا يطلق فيه طاقة التأويل في تحليل النص مستعينا بآليات القراءة ويفصح عن دلالاته في مقدمته للكتاب التي يقول فيها : (( إن البئر في هذا الكتاب هو النص خبر ما أو حدث أو قصة عاملتها بكونها متونا معروضة لقراءة التأويل لا التقويل … لقد كان عملي انصياعا لأقدار تلك النصوص ، مما جعله نوعا من الاكتفاء بعسل اللذة التي تتيحها القراءة )) ([275]).محاولا إنطاق النص عن طريق البحث عما وراء بنيته السطحية سعيا للنفاذ إلى جوهره المستتر ، أي إظهار ما في النص من متون غائبة أو مغيبة . وعلى هذا المستوى من التحليل يستثمر الكاتب العنوان والواجهات الخارجية الأخرى مستندا إلى حجج لسانية في النص نفسه .([276])ويتحتم على الناقد ملء تلك الفراغات والفجوات وردمها عبر نشاط القراءة الاستكشافية ليكشف كيف تشكل المعنى الخفي تحت المعنى الظاهر محققا (( استفادة من قابليات النقد المعتمد على استخراج الدلالات من شبكة الرموز والمعنى المجازي على وجه العموم ))([277]) ، وكذلك ينصاع الصكر – كما صرح – لأقدار النصوص بوصف ذلك الأمر نوعا من الاكتفاء بالعسل واللذة التي تنتجها لقراءة ، منصرفا عن مصير القراءة نفسها كونها قد تكون منزاحة عن مقصدية المؤلف وتأويل القارئ المغاير ، وهذا عنده يجسد حركية القراءة وتعدديتها انطلاقا من النص .([278] )
أما المخاطر التي تحيط بالإنسان في حكاية ابن المقفع فهي ترمز عند الصكر إلى الصعوبات والمخاطر التي تحيط بالنص وقراءته وتحليله نقديا . ولعل المعنى الآخر للبئر في العنوان يتمثل بكـونه رمزا للتراث الأدبي القديم الذي يتميز بالعمق الدلالي في كثير من نصوصـــه ، والصكر يحاول أن يغرف منه النصوص المتميزة فنيا من أجل إعادة قراءتها نقديا بالاعتماد على منهج التأويل .
وقد عمد الصكر في العنوانات الداخلية لمباحث كتابه إلى امتصاص نصوص متنوعة هي في أصلها حكايات وأخبار من التراث وتشمل أيضا الأساطير البابلية ونصوصا من الأشعار الجاهلية والحديثة عربية وغربية ، ومحاورة لصوفي ، ونادرة لأعمى أو لمجنون ، ونصوصا من القرآن الكريم ، والتوراة ، وأقوال نقاد عرب وغربيين ، وهذا ما جعل رؤية الصكر للتراث – كما قال – نصية وتذوقية في آن معا يبحث عن الأدبي فيه سعيا إلى تحريك مفهوم الصلة بالتراث والإفادة منه واستحضاره . ([279])
ويظهر التناص الخارجي مجددا في عنوان ( حلم الفراشة )الذي يعتمد على مرجع أسطوري امتصه من التراث الصيني ، كما يشير إلى ذلك الصكر في قوله  : ((في قصيدة من الشعر الصيني القديم .. تستيقظ المرأة الحالمة فلا تعلم إن كانت فراشة حلمت أنها امرأة أم امرأة حلمت أنها فراشة . وهكذا تتماهى المرأة بالفراشة ، فتغدوان كائنا واحدا بحلم مشترك . بين الشعر وقصيدة النثر وشيجة حلمية شبيهة بذلك أيضا ، حيث لا ندري هل أصبح الشعر نثرا أم نثرا هو الذي حلم انه صار في القصيدة شعرا ؟ وهذا كان دافعي لاختيار عنوان الكتاب – حلم الفراشة – المخصص لقصيدة النثر )) ([280]) . والذي تشكلت بنيته التركيبية من الآتي :
حلم ( خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا ) وهو مضاف + الفراشة ( مضاف إليه )
وقد خصص الناقد ( المسند / الخبر ) بالفكرة وفك الإبهام عنه بالمضاف إليه ، فحققت الإضافة التعريف بالمضاف (حلم ) الذي يرمز إلى مجاوزة المألوف وارتياد عالم التجربة الذي يسمح بالثراء والتجدد ، ورمز بـ ( الفراشة ) إلى المرأة في اندفاعها وتهافتها الشكلي العفوي المفعم بالحياة والتي بدورها ترمز إلى ( قصيدة النثر ) محــــاولة منها لتحرير الشعر انطلاقا من النثر ، ومحققة استفزازا من التسمية ، إذ إنها تستفز المألوف الشعري بالتواشج الحاصل من عنوانها بين فنين مختلفين ، وبناؤها العام الذي يقرن النظام بالفوضى ، واشراقيتها الداخلية ونزوعها الشكلي وسرديتها وغنائيتها .([281] )
وهذا ما جعل الحيرة التي أصابت  (الفراشة ) هي نفسها التي أصابت قصيدة النثر التي لا تزال حائرة مع كتابها ونقادها مابين أن تكون شعرا أو نثرا ولاسيما في الدراسات النقدية التي تناولت هذا الشكل الجديد ، ومحاولة من الصكر في تبديد تلك الحيرة فإنه يحدد الإيقاعات الداخلية لقصيدة النثر وأبنيتها النصية كما كشف عن ذلك العنوان الفرعي الذي ذيل به العنوان الرئيس في قوله : ( الإيقاع الداخلي والخصائص النصية في قصيدة النثر ) ، ومن الخصائص النصية التي حددها الصكر لقصيدة النثر الإيقاع الداخلي البديل للوزن والموسيقى التقليدية والقافية ، والسرد كعنصر أساس في شعريتها وقراءتها معا ، والكتابة وهيأتها الخطية والأثر الذي تخلقه القصيدة وتتركه في قارئها .([282] ) ، وفضلا عما تتسم به من الكثافة والإيجاز والوحدة والمنطق الداخلي . ([283] ) هذا مما جعلها (( قصيدة لا تعلن عن نفسها بل تترك للقارئ حرية اكتشاف منطقها الداخلي الخاص وزمنها وإيقاعاتها وايحاءتها وكليتها العضوية )) ([284]) .
وتنتقل ذائقة الصكر النقدية في البحث عن مرجعيات تناصية لتشكيل عنوانات كتبه من الثقافة الشرقية ( العربية والآسيوية ) إلى الثقافة اليونانية باختياره أسطورة ( نرسيس ) مرجعا للتناص معها في عنوان كتابه ( مرايا نرسيس ) ، ويمكن أن نفهم الدافع وراء استدعاء هذه الأسطورة في تشكيل العنوان إذا عدنا إلى مضمون حكايتها ، فهي تتحدث عن شاب وسيم كان معجبا بنفسه جدا ؛ ولم ير أجمل من شكله في صفحة الماء ، حتى أدمن النظر إلى صورته المنعكسة على سطح الماء ، فلما اعتراه الوهن والنحول ثم مات تحولت جثته إلى زهرة نرجس جميلة تحدق في صورتها المنعكسة في الماء . ([285])
وتتشكل بنية العنوان التركيبية من الآتي :
مركب اسمي إضافي خبر لمبتدأ محذوف تقديره ( هذه )
ويعد الثاني ( نرسيس ) قيدا للأول وصارا اسما واحدا ، وفي هذا المركب تنتقل الفكرة رمزيا من فضاء مجهول إلى فضاء معلوم عن طريق المضاف إليه نرسيس ، مانحا للمرايا التي ترمز إلى النظر والتأمل خصوصية ذاتية حين ربطها بـ ( نرسيس ) ، الذي نرى انه يمكن أن يكون رمزا دالا على الشعر الذي لا يقبل أن يحلل نقديا إلا بالانطلاق من بنيته الفنية التي تشكل هويته الجمالية المتميزة بين الفنون الأخرى ، كما انه وإن تداخل مع فنون سردية أخرى – كما جاء في مباحث الكتاب وعنوانه الفرعي ( الأنماط النوعية والتشكيلات البنائية لقصيدة السرد الحديثة ) – إلا أن نرجسيته الفنية العالية المتحيزة لجمالياته الخاصة تجعله محافظا على هيمنته على الأجناس الأخرى التي يتداخل معها . لان وجود النزعة القصصية في الشعر لا يلغي الاحتفاظ باستراتيجية الخطاب الشعري – أي هويته الشعرية – وعناصره المهيمنة في البناء النصي ([286]).
ويؤكد الصكر أن دراسته كانت لإبراز قصيدة السرد في الشعر العربي الحديث  الذي ظل الجانب السردي القصصي مهملا فيه على الرغم مما يتخذه من مظاهر فنية وأسلوبية وأبنية ( تشكلات سردية ) تتوسع عن طريق النصوص الشعرية الحديثة لتستوعب القص بآلياته المتنوعة ، كالشخصيات ، والتسميات ، والتعيينات المكانية والزمانية والحواريات والتلفظات وأفعال السرد وأحداثه عبر مظاهر محددة من أبرزها النظم الحكائية واستمداد الموروث الأسطوري والشعبي والأقنعة والرمــوز والمرايا والسيرة والقصائد المطولـــة ، والواقعة التاريخية والحكاية . وجميعها عناصر قص تستوعبها القصيدة وتهبها وجودا شعريا جديدا داخل النص .([287])
وللعنوان (مرايا نرسيس ) مرجعيات تناصية أخرى مبثوثة في صفحات الكتاب في مقدمتها نصوص الشاعر ادونيس الذي استعمل مفردتي ( المرآة ) و ( نرسيس ) في كثير من قصائده ([288] )، التي ذكر الصكر نماذج منها في تحليله النقدي لقصيدة ( المرايا ) ([289]) ، ولعل أبرز نص شعري نجد فيه عنوان كتاب الصكر على نحو واضح ما جاء في قول ادونيس ([290]):
يسال لا جواب ، فليكسر مرآة نرسيس
مرآة نرسيس ظل ، كيف ياسر الظل ؟
لكن حين سال
عرف أن الأشكال أكثر إبانة من الإبانة .
أما المرجع التناصي الآخر للعنوان فيتمثل في مقولة الناقد جورج ماي التي جاء فيها : (( حين ننحني على كتف نرسيس فإنما لنشاهد وجهنا لا وجهه ، منعكسا على صفحة ماء نبع )) ([291]) .وقد استشــهد الصكر بهذه العبارة في مبحثه ( قصيدة السيرة ) معلقا عليها بقوله : (( هذا هو الإحساس الذي ينتاب قارئ السيرة ويبحث عن وجهه أيضا في مرآة النبع التي أراد نرسيس رؤية وجهه فيها ، أو يكتشف ذاته عبر محاولة الشاعر اكتشاف ذاته في السيرة )) ([292]) .
والعنوان الرئيس المتناص الأخير عند الصكر ما تصدر غلاف كتابه ( كتابة الذات ) إذ يشير إلى مرجعية هذا العنوان بعد الإهداء بمقولة للناقد الغربي موريس بلانشو التي يقـول فيها : (( أن تكتب ذاتك ، يعني أنك تتوقف عن الوجود لكي تستسلم لضيف آخر قارئ لا مهمة له ولا حياة إلا انعدام حياتك )) ([293]) ، ويؤدي هذا التصدير وظيفة التعليق على العنوان في محاولة منه لتسويغ دلالته ؛ لأنها مبنية على التلميح ([294]) ، وفي ضوء العنوان المتناص وتصديره يضع الصكر مقدمة تبين أهمية دور القارئ في تحليل النص ([295]) ، وفعالياتــه التي (( لا تظهر بدون نشاطه أو ما يصب من ذاته على الأثر المقروء . فما يصله من النص ليس إلا شكلا أوليا مقترحا للصياغة وتدوين الأثر . وعمله يشبه عمل من يكمل بناء ناقصا مليئا بالفراغات . إنه ينجز ذلك العمل الخاص به استنادا إلى العمل الناقص الذي يحمله الـنص والى فكرته عن العمل كاملا من دون نقص . فما يأتي من النص إليه ضـروري إذن ، ولكــنه وجه واحد يكتمل بإعادته ثانية إلى النص ، مع ما في ذاته هو من المـعاني والتأويلات )) ([296]) ، فالقارئ بقراءته كأنه يحقق ذاته أو يكتـبها في النص الذي يقــــرؤه، (( فما ينتجه النص ليس المعنى الذي في قلب الشاعر ، بل الدلالة المترشحة عن تفاعل أفقين هما : النص والقارئ وما يحدث بينهما من حوار خصب )) ([297]) .
ومن الملاحـــظ على كثير من عنوانات الصكر الداخلية المتناصة أنه يضع أمام القارئ العنوان بوصفه عتبة أولى تضم إشارة إلى النص الذي سيتناوله بالتحليل ، كما أن هذا العنوان الداخلي المتناص سيجذب عناية القارئ ويشده إليه للبحث عن سر العلاقة بينه وبين النص الذي دخل معه في علاقة تناص . أي أنه سيؤثر فيه – كما قيل – من جهة تشكيل أفق توقعه الذي يستثير ذهنه بالعنوان فيبحث نتيجة لهذه الاستثارة عن معنى هذا العنوان .([298] ) مما يسهم في تحقيق الوظيفة الدلالية الاغرائية له ، (( وفي الوقت الذي يقيم فيه تناصه مع مضمون العمل فإنه يقيم علاقة أخرى بين داخل لغوي / النص ، وخارج لغوي هو المتلقي ، وتتأسس علاقة الأخير مع العمل على أساس الدور الذي يلعبه العنوان في شد المتلقي والتأثير فيه )) ([299]) .
وعلى سبيل المثال لو أخذنا العنوان الداخــلي (( أجراس السياب وأمطار قصيدته )) ([300]) لوجدنا أن الصكر يوظف في العنوان رمزين مهمين من رموز التجربة الشعرية عند السياب وهما ( الأجراس والمطر ) اللذان وردا في أكثر من قصيدة عند السياب وأبرزها (( النهر والموت )) ([301]) ، و (( مدينة بلا مطر )) ([302]) ، و (( أنشودة المطر )) ([303] ) ، هذا ما جعل السياب يتناص تناصا ذاتيا داخليا مع شعره .
ويمنح الصكر بالتحليل الأجراس دلالة جديدة إذ يرى فيها رمزا صوتيا دالا على صوت الحياة التي يحلم السياب بميلادها ، لكنها – الأجراس – لديه كثيرا ما اقترنت بالموت ، وآخر أشكال ذلك الاقتران في الواقع موت السياب ليلة الرابع والعشرين من كانون الأول عام 1964 ، أي – كما يرى الصكر – في الليلة التي دقت فيها الأجراس مؤذنة لأجراس المسيح وقيامته ، وهنا تكمن المفارقة الشعرية .([304])
أما المطر فإنه ظل رفيق السياب في رحلة الحياة والموت رمزا متعدد الدلالات والوظائف وأكثرها حضورا في شعر السياب ؛ كونه رمزا للخصب والنماء والثورة والولادة ، لكن الصكر يجعل المطر في العنوان مضافا إلى قصيدة السياب ؛ لأن ما سيجده من دلالات في التحليل هو بمثابة مطر يتساقط من بنية القصيدة السيابية ، وفي قسمي العنوان ( أجراس السياب / وأمطار قصيدته ) فإن (( للمركب الإضافي قوة سيطرة على هيكل التركيب إذ يقفل العنوان دلالته على المضاف إليه الذي يجيء أُسا دلاليا لتخصيص ما هو عام في المضاف قبل أن يكون مركبا )) ([305] ) فالعـنوانات قد يصطلح عليها أحيانا بـ ( مفاتيح الشفرات ) كونها الحجر الأساس الذي ينبني به وعليه الإنشــاء النصي .([306]) ، وفي أنموذج آخر من العنوان الداخلي المـــتناص يجمع الصكر بين عنواني قصيدتين للشــاعر إيليا أبي ماضي ؛ الأولى  (( الطلاسم  ))([307] ) والثانية (( الطين ))([308]) ليشكل منهما عنوانا جديدا لمبحثه(( طلاسم الطين ))  ([309]) . ويبرر الصكر الجمع بين هذين العنوانين بكون قـــصيدة ( الطين ) تنقل لنا ما يكمل فكرة ( الطلاسم ) ، فالإنسان الذي يصفه الشاعر إيليا أبي ماضي بأنه أسير قفص مخلوق من طين وسيعود في النهاية إليه ، فلماذا يتكبر على الآخرين ؟ وهو ضعيف أمام الغاز الكون التي لا يستطيع أن يجد لها حلولا أو يجد أجوبة لما تثيره في نفسه من أسئلة . ([310])
وبطريقة الجمع بين عنوانين من شعر أبي القاسم الشابي يخرج الصكر أيضا بعنوان داخلي متناص طويل يتشكل من جملتين :
(( قال قلب الشابي للإله
في مئوية الشابي مغني الحياة ومدون أوجاعها )).([311])
فالجملة الأولى ( قال قلب الشابي للإله ) قد أخذها الصكر اجترارا من عنوان قصيدة الشابي (( قال قلبي للإله )) ([312]) ، التي مطلعها :
في جبال الهموم انبت أغصاني    فرفت بين الصخور بجهد
لكن الصكر عمد إلى إضافة مفردة ( قلب ) إلى الشابي ليكون فعل القول منسوبا إليه على نحو واضح فلا يلتبس على القارئ ضمير الياء ، فيما لو ظل كما هو في العنوان الأصلي ، إذ إن القارئ سيتصور انه يعود إلى الناقد وليـس إلى الشاعر ، والجــملة الثانية ( في مئوية الشابي مغني الحياة ومدون أوجاعها ) ربط الصكر فيها بين الذكرى المئوية للشابي وعنوان ديوانه ( أغاني الحياة ) ليجعله وصفا للشاعر ( مغني الحياة ) فضلا عن إضافته للوصف الآخر ( مدون أوجاعها ) كون الشابي عانى من أوجاع الحياة الجسدية والمعنوية حتى توفي شابا . فالصكر في اختياره للعنوان يعطي الأولوية للبعد الأكثر جلاء من الأبعاد الأخرى التي تحضر بدرجات أقل ([313]) في تجربة الشاعر .
 
إن العنوان الداخلي المتناص في نماذج أخرى من كتب الصكر النقدية لا يتعدى كونه اجترارا تناصيا لعنوان النص الذي يتناوله بالتحليل كما فعل ذلك مثلا في مبحث المعنون بـ (( طوق الياسمين )) ([314]) ، إذ إنه استعار هذا العنوان من قصيدة للشاعر نزار قباني تحمل العنوان نفسه .([315]) ولعل الصكر لم يحاول وضع عنوان آخر لهذا المبحث كون طوق الياسمين هو الرمز الرئيس الذي تنهض عليه بنية القصيدة وبنية التحليل النقدي الذي تناولها ، وأراد أن يلفت انتباه القارئ إلى أهمية هذا الرمز فوضعه عنوانا داخليا للمبحث النقدي في الكتاب .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الفصل الثاني
((العنونة الصريحة المباشرة))
 
 
 
المبحث الأول
(العنوان الوصفي الإخباري)
 
 
المبحث الثاني
(العنوان التجنيسي)
 
 
 
 
العنونة الصريحة المباشرة
 
توطئة:
 
تفصح العنونة الصريحة عن دلالة العنوان الحقيقية بنحو مباشر إلى المتلقي من دون إبهام أو غموض، فالعنوان في ضوء هذه العملية لا يحدث لبساً فنياً عند قارئه الذي لا يجد صعوبة في تأويل الدلالة التركيبية اللغوية للعنوان، لأن اللغة التي تشكل هذا النوع من العنوانات هي لغة نثرية تقريرية ((تحاول أن تبتعد … عن الاستعارات البعيدة الأطراف التي تحتاج إلى أعمال الذهن، وتستعيض عن هذا التوجه باستخدام الوضوح الدلالي))([316])، ذي التأثير المباشر في المتلقي الذي يستخدم اللغة استخداماً عادياً بوصفها نظاماً من علامات تعبر عن الأفكار([317]). هدفها التوصيل ونقل المعلومات من متكلم إلى آخر، ولذلك فهي لغة إخبارية في الدرجة الأولى([318]). ومن ثم فإن لغة العنونة الصريحة المباشرة، يكون مقصدها الرئيس طرح المعنى المركزي أمام المتلقي، أي المعنى الذي يفهم من اللفظ وفقاً لما تعارف عليه أهل اللغة، وهو المتبادر إلى أذهان المتكلمين في عمليات التخاطب جميعها([319]). فالمؤلف في اختياره للعنونة الصريحة المباشرة ((لا يعول على الاستعارة اللافتة بقدر ما يهتم باللـغة التي تحــقق له تواصلاً مع المتلقي، ومن ثم فيها درجة الوضوح والتقرير))([320]) البعيدة عن الإيحائية والتأويل.
وبذلــــك تقترب العـنونة الصريحة من الطبيعة العلمية الموضوعية للعنــوان، فـــهو ((في المرسلة العلمية مثلاً تنشط فيه فاعلية العلاقة الحميمة بحيث يمكن استشفافها مباشرة عن طريق القراءة من دون الحاجة إلى إعمال التأويل، وهذا متأتٍ عن المباشرة في الإحالة… وهذا يعني أن العنونة في المرسلة العلمية تتوخى إحالة جزء إلى كل، إحالة مباشرة بحيث تغدو وقراءة العنوان بمثابة قراءة نوعية للمُعنْوَن))([321]) الذي جعل العنوان محمولاً عليه وفي صدارته، فهو بهذا الوصف ذي الطبيعة العلمية ربما اقرب إلى طبيعة الدراسات النقدية التي يطغى عليها الجانب العقلي الموضوعي على الجوانب الأخرى العاطفية والشعورية والخيالية التي هي من طبيعة المؤلفات الأدبية.
إذ يتم في المرسلة التي تستهدف الاتصال العادي – كالمرسلة النقدية – تحقيق مجموعة من التصورات والأفكار وتوصيلها بنحو مباشر الى ذهن المتلقي، ومن اجل ذلك تقمع إمكانات اللغة لصالح مقاصد المُرِسل، الأمر الذي يقلص تماماً من مساحة الفضاء الخاص بحركية الدوال اللغوية إلى حد إلغاء فاعليته المجازية، وتتقدم عليه فاعلية التركيب النحوي بدلالته المباشرة([322]). التي لا تعول على التقانات البلاغية كالاستعارة والتشبيه وغيرها، بل تعول على المشترك الدلالي اللغوي بين المبدع والمتلقي([323])، اللذين لا يختلفان عليه، مما يجعل التواصل بين المتلقي والعنوان الذي يضعه المبدع (المؤلف) سهلاً يخلو من الصعوبة والتعقيد، لأن العنوان الصريح المباشر تجمعه بِنَصَّه أو متنه وظيفة المطابقة التي هي من أهم وظائف العنوان الأخرى، لأنها تريد أن تطابق بين العنوانات ونصوصها([324]). إذ يغدو العنوان ممثلاً للبداية ويعدّ دلالة مركزية للنص تتمفصل من خلالها دلالات كاملة في الطول والـعرض، ويعدّ أيضاً عنصراً تم رسمه بدقة متناهية تتعالق علاماته بنحو وثيــق مع المتن الذي يمثله([325]).
فالعلاقة بين العنوان والنص علاقة تكاملية وتفاعلية، وكلاهما بحاجة إلــى الآخر، و ((هكذا أصبح للعنوان حقان، حق الاستقلالية والتفرد الملكي في احتلال سماء النص، وحق امتداد أنساغه داخل جسد النص يُضيءُ ظلماته، ويوجه حيوياته، ويأخذ بيد القراءة إلى متاهاته))([326]) وتفاصيله المتمثلة بالعنوانات الداخلية.
 
فالعنوان المباشر هو عتبة عبور سريعة وواضحة إلى الكتاب الذي اختاره بـدوره للتعبير الصريح عن مضمونه الأساس أو العام، فـ((المكون العـنواني إذاً من الثراء – في أغلب الحالات- ما يجعله دليلاً على النص بكامله، أو على جزء منه مستدرجاً إليه، كاأشفاً عن طاقاته وحمولاته القولية والخطابية))([327]) بدءاً من الإضاءة الأولى التي تبثها عتبة العنوان أمام القارئ قُبيل دخوله إلى أجواء النص، فـ((العتبات هي مدخل كل شيء و أول ما يقع عليه البصر، وتدركه البصيرة، إلا أن ما يجب لفت الانتباه إليه هو ضرورة عدّها نصوصاً انتقالية نحو الأهم، ألا وهو النص المركزي، ومن ثم فإن أفضل طريقة للإفادة من إمكاناتها الفنية تكمن في ضرورة التعامل معها في مستواها الخادم للنص المركزي، وليس في صـورتها التي تتحول فيها إلى موضوع معزول عن النص))([328])، كما يمكن أن يحدث ذلك مع العنوان الفني الجمالي الذي يتمتع بخصوصية ذاتية مستقلة، نظراً لطبيعته الفنية الأدبـية العالية. وبالخلاف منه فإن العنوان الصريح المباشر لا يتمتع بنحو كبير بمثل هذه الخصوصية النسبية، بل تكمن أهميته الحقيقية في ارتباطه مع النص الذي اعتلاه، أوالكتاب الذي تصدر غلافه.
فالعنوان إذن ليس بنية كبرى ((إنما هو بنية صغرى لا تعمل باستقلال تام عن البنية الكبرى التي تحتها، فالعنوان – بهذه الكينونة- بنية افتقار، يغتني بما يتصل به))([329]) من نصوص ومؤلفات، ولعل العنوان الصريح المباشر هو أحوج العنوانات إلى مثل هذا الاتصال الذي يثري دلالاته ويوضح أهميته.
 
وإذا عدنا إلى التاريخ القديم للتأليف وجدنا ((أن عنوان الموضوع أو العنوان العام للكتاب يجب أن يكون موحياً بمضمونه ودالاً عليه، وبتأمل الكتب الأدبية القديمة يتضح لنا أن كثيراً من المؤلفين القدماء وضعوا فكرة مطابقة عنوان الكتاب لموضوعه نصب أعينهم))([330]) وعنايتهم بما يدل على وعيهم المبكر بأهميته.
 
 
ويبدو أن معظم كتب المرحلة الأولى للتأليف عند القدماء تضمنت فكرة التطابق بين عنوانات الكتب وموضوعاتها، فكانت العنوانات بسيطة دالة على مضمونها، ومن ذلك مثلاً كتاب (البيان والتبيين) للجاحظ، إلا أننا نلاحظ من جانب آخر أن عنوانات الكتب بدأت منذ القرن الرابع من الهجرة تفقد هذه الميزة عند كثير من المؤلفين، إذ سيطر حبُّ السجع على الأدباء والمؤلفين في آن واحد فجاءت عنوانات كثير من الكتب مسجوعة متكلفة مثل: يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر، ونهاية الأرب في فنون الأدب، وصبح الأعشى في صناعة الإنشا([331]). ولكن هذه النزعة الفنية في تشكيل العنوانات وصياغتها عند القدماء في الماضي أو حتى في العصر الحديث لم تمنع من ظهور العنوانات الصريحة المباشرة في كثير من المؤلفات ولاسيما النقدية منها، وهذا ما نلاحظه مثلاً في بعض العنوانات الرئيسة والداخلية عند الناقد حاتم الصكَر، التي سندرسها في ضوء مبحثين هما :
 
 

  1. العنوان الوصفي الإخباري.
  2. العنوان التجنيسي .

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المبحث الأول
 
 
((العنوان الوصفي الإخباري))
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
يعد العنوان الوصفي الإخباري شكلاً من أشكال العنونة الصريحة المباشرة الذي يركز على الإخبار والوصف في توصيل دلالته عبر استعماله للغةٍ نثرية بعيدة عن الانزياح البلاغي في التعبير، لأن غايته الوصف المباشر لموضوع الكتاب الذي اختار مؤلفه أن يقدمه بهذا النمط من العنوانات من خلال تركيبٍ وصفي مباشر، وذلك لأن ((العنوان هو قبل كل شيء وصفٌ))([332]) لما يُعنونه من نصٍ أو كتاب، ومن هذا المنطلق ((يجب توافر الوضوح في العنوان دفعاً لكل ما يميّع الدلالة)) ([333]) ويذهب بها بعيداً في فضاء الخيال الأدبي. فهو عنوان خالٍ من أية دلالة رمزية، إذ يشير إلى موضوع النص من دون توجُّهٍ معين نحو دلالة ايجابية أو سلبية أو تقديم تفاصيل([334]). خاصة بالموضوع ولاسيما إن كان العنوان رئيساً.
 
ومن التسميات الأخرى التي أُطلقت على العنوان الوصفي الإخباري تسمية العنوان الموضوعاتي كونه يعتمد على موضوع النص في تشكيل جملته([335]). وكذلك أطلق عليه بعض الباحثين تسمية ((العنوان الذرائعي الذي يرسخ الأعراف والعادات اللغوية عبر عملية اتصال بسيطة وذلك يعود إلى هيمنة البعد الإخباري على الطبيعة اللغوية لهذا النوع من العناوين واغتيال البعد الجمالي لها))([336])، ليبقى العنوان مجرد علامة سيميائية دالة تصف موضوع الكتاب أو النص على نحو موجز، لتخبر به القارئ عبر تركيب لغوي واضح وسهل. يكون القصد منه الإعلام بحقيقة ما، وإقناع المخاطب بالفكرة بطريقة علمية ومنطقية خالية من التأثير الوجداني([337]). بحيث إن ((دال العنوان يساوي دال العمل، ما يغني المتلقي عن البحث عن المداليل الكامنة خلف دوال كل من العنوان والعمل))([338]) نتيجة التطابق المباشر بين دلالتهما معاً.
 
إن من أهداف هذا العنوان هو الوصول السريع إلى اكبر نسبة من المتلقين وجذبهم إليه عبر بساطته ودلالته المباشرة، مما يدل على انه يُعنى أيضا بالوظيفة التجارية الإعلانية التي تهدف إلى تسويق الكتاب وترويج موضوعه([339]). وذلك أمر طبيعي، لأن ((العتبات تُعدّ فضاءات لإجراء المفاوضات عبرها ومن خلالها يستضيف النص ضيوفه، أو يمتنع عن الضيافة، ومن هنا أثرها الحاسم في نوعية القراءة المنجزة… بما لها من تأثير مباشر على القراء.. بمعنى منحهم تصوراً مسبقاً للنص يكون له تأثيره على نوعية إدراكهم له))([340]). إنه بهذا المعنى يعد ((صلة الوصل بين الداخل (النص) والخارج (القارئ) يقود النص إلى القارئ، والقارئ إلى النص في لحظة احتفالية من التفاعل والتداخل وانصهارهما في أفق واحد))([341]).
إن المؤلف في مثل هذه الحال يستثمر العنوان بوصفه عتبة مهمة ((تتجه فعلياً إلى جمهور اكبر من عدد قرَّاء النص الفعليين لسببين أساسين، أولهما: موقعها الخارجي على صدر غلاف، وثانيهما: وظيفتها الأساسية التي تتمثل في جلب عناية القارئ وإثارة انتباهه))([342]) عن طريق الأسلوب التقريري النثري الذي تصل دلالاته إلى المتلقين عامة بمستوياتهم الثقافية المختلفة وليس بالأسلوب الفني المجازي، لأن ((الأساليب الإيحائية تضعف من الشحنة المفهومية التي تؤسس للغة التواصل))([343]) بين الكاتب والقارئ، وهذا ما يبتعد العنوان الوصفي الإخباري عن أدائه، لأن المطلوب منه ((الالتزام بالنص الذي يعنونه بحيث يكون مقترباً من معناه لا بعيداً عنه))([344])، ولا دالاً عليه بصورة رمزية غامضة، إنه بتعبير آخر (( عبارة عن رسالة لغوية تُعرَّف بهوية النص، وتحدد مضمونه وتجذب القارئ إليه))([345])، فمرسلة العنوان هذا النوع لا تركز على الوظيفة الجمالية للعنوان بقدر ما تركز على الوظيفة الإخبارية التوصيلية التي بإمكان العنوان الفني أن يؤديها أيضاً على نحو غير مباشر.
ومن نماذج العنوان الوصفي الإخباري الرئيس عنوان كتاب الصكَر (رفائيل بطي وريادة النقد الشعري في العراق)، ويتشكل هذا العنوان من البنية التركيبية الآتية:

اسم علم مركب خبر (لمبتدأ محذوف تقديره هذا) + واو العطف + اسم معطوف / مضاف + مضاف إليه + صفة + جار ومجرور

 
 
 
 
ويبدو أن عناية الصكَر بموضوع الريادة النقدية للشعر في العراق الذي يتضح من عنوان الكتاب يأتي رداً على إغفال الباحثين الريادة النقدية العربية الموطئة للحداثة، على الرغم من امتلاك تلك المحاولات لصفات الوضوح والاتساق في الهدف والمنطق معاً، سواء ما جاء منها ممهداً للحداثة الشعرية أو مصاحباً أو تالياً، ففي إغفال الريادة النقدية انــقاص من محاولة الرواد([346]).
ولذلك شكل الصكَر النصف الثاني من عنوانه بالإشارة إلى مسألة الريادة ليدعم هدفه النقدي في تسليط الضوء على هذه المسألة المهمة تاريخياً عبر تناول الجهود النقدية الرائدة لواحدٍ من أبرز رواد النقد الشعري في العراق وهو رفائيل بطي الذي ولد في الموصل عام 1901م وتوفي عام 1956م ، وكان الربع الأول من القرن العشرين مجال نشاطه التجديدي في الفكر والصحافة والنقد سواء بنشره في مجلته (الحرية) أو ما ينشره من كتب ومقالات تدعو إلى التجديد([347]). وهذا ما يفسر لنا تصدير العنوان باسم العلم (رفائيل بطي) في النصف الأول من العنوان الرئيس للكتاب مستأنفاً به (الريادة)، وبهذا تكون الواو الدالة على المصاحبة قد قرَّبت الريادة من صاحبها وأبرزتها جلية واضحة شديدة الالتصاق به ومؤكدة الانتساب إليه، ذلك ضمن مجمل أسباب طرحها الصكَر في مقدمته الوصفية الإخبارية معضّدة بمختارات من نتاجه النقدي.
 
 
وفي مقدمة تلك الأسباب الفكر النَّيرَّ للناقد رفائيل بطي الذي أكد على مبدأ الحرية في تجديد مجالات الحياة على نحو عام وفي مجال الأدب والنقد على نحو خاص، ومن هذا المنطلق اجتهد رفائيل بطي في إيجاد مصطلحات أدبية جديدة، فضلاً عن الدعوة إلى العمل بها، ومن ذلك مصطلح (الشعر العصري) الذي نظَّر لمفهومه نقدياً بوعي دقيق قصد به ((انتماء الشاعر إلى عصره وكتابة ما يصلح غرضاً أو موضوعاً في حينه))([348])، وحدَّد له مزايا هي: ((الشعور الصادق، الشخصية، الاتصال بالعصر، وبتاريخ وطنه))([349])، فضلاً عن ذلك فإن الحرية العصرية لديه لا تتحقق إلا بالحرية الفكرية التي تجعل الأدب يستوعب نماذج الشعر كلها منها ما سُمي عنده بالشعر المطلق، ومنها الشعر المكتوب وفق الطريقة التقليدية شرط أن تعبر هذه الأشكال عن الحياة العصرية([350]). وليس من قبيل الصدفة أن يقوم رفائيل بطي الناقد المجدد بتقديمه للديوان الأول (أزهار ذابلة) للسياب، إذ رشحه مُجدداً للشعر العراقي منوَّهاً بما ينتظره من تجديد، وطلاقة، وعصرية دعا إليها([351]).
 
ويرى الصكَر أن من الجهود الأخرى المهمة التي قدمها رفائيل بطي كتابه (سحر الشعر) الذي وصفه الصكَر بالكتاب المهم في مسيرة النقد الشعري العراقي، لأنه جاء والاختلاف حول التجديد في ذروته، ولأنه أيضاً ضمَّ رؤية شاملة انبثقت من مقالاته ومقالات أدباء آخرين اختارها بنفسه وبوعي نقدي يخدم حلمه بأن يغدو الشعر حراً من النظم حصرياً يتمرد على القواعد المألوفة، فكان حلمه بالخروج من التقليد إلى الإطلاق موزعاً في هذه المقالات المتعددة([352]). كما تناول بطي في كتاباته النقدية الرائدة مصطلحات لم تزل حتى الآن تثير آراء الباحثين في تحديد مفهومها والموقف منها، ومن ذلك: الشعر المنظوم، الشعر المرسل، الشعر المطلق، الشعر المنثور([353]).
 
فمصطلح الريادة الوارد في العنوان قد حقق فيه بطي شروط الريادة وأولها السبق الزمني المبكر لجهده النقدي في مطلع القرن العشرين، فضلاً عن وعيه بالظروف والملابسات التاريخية المحيطة بالطريق الذي يخططه الرائد لنفسه، والذي لا يخلو من المغامرة والجرأة والنفس الطويل والقدرة العالية على المواصلة التي تؤمن برسالتها، ومن دون تحقيق ذلك تنكمش التجارب الريادية إلى مجرد تجارب عابرة أشبه ما تكون بنزوة آنية([354]). تـزول سريعاً، في حين ((تبقى التجارب الريادية بؤراً مكتنزة تمتلك بحضورها الحي القدرة على اجتذاب النقاد إليها واستقطاب طروحاتهم عنها: دراسة ومراجعةً وإعادة فحص وتقييم لما تنطوي عليه من قيم تقدمية في وعيها بالمستقبل وإيمانها بحتمية متغيراته وتطلعها إلى التجديد وحس المغامرة وعناء البحث والكشف عن دروب بكر في الفكر والثقافة))([355]).
 
ومما تجدر الإشارة إليه أن الصكَر في هذا الكتاب لم يستعمل فيه العنونة الوصفية الإخبارية إلا في العنوان الرئيس للكتاب، وفي عنوانين فرعيين هما: (مختارات) و(مقتطفات) ووضع تحتهما نماذج منتخبة من مقالات لرفائيل بطي، إذ نقرأ في (المختارات) عنوانات منها: (الشخصية الكتابية في العراق/ القديم والجديد في الأدب – الخلاف بين أنصارهما في مصر/ نُصرة اللغة العربية وإهمال الفصحى/ اللغة العربية والجيل/ المرأة العربية تشتغل/ أثر شوقي في أدب الجيل)، ونقف في (المقتطفات) على عنوانات منها: (استهلال الحرية/ الشعر المرسل/ نموذج شعري ساعة الوداع).
 
ومن النماذج الأخرى للعنوانات الداخلية الوصفية الإخبارية: ((مكانة المتلقي في نظرية الجرجاني النقدية))([356])، وهو عنوان طويل نسبياً ورد في كتاب الصكر (ما لا تؤديه الصفة)، ويتشكل من التركيب النحوي الآتي:
(مكانة ) خبر لمبتدأ محذوف +   المتلقي       +   في      +    نظرية
تقديره ( هذه ) / مضاف         مضاف إليه    حرف جر    + اسم مجرور مضاف +
 
الجرجاني ( مضاف إليه ) + النقدية ( صفة )
 
 
 
وفي هذه البنية التركيبية نجد أن المبتدأ مغروس في الصياغة ضمن البنية العميقة وإن تغيَّب في البنية السطحية، فالمسند إليه (المبتدأ) المحذوف (هذه) يشير إلى النوعية التي تحظى بها (مكانة المتلقي) عند ناقد كبير من القدماء مثل الجرجـــاني الذي يرى الــصكَر ((في فكره النقدي من تجاوز لقيم عصره واستشراف لجماليات الشعر المحدَّدة مظهرياً في تلقَّيه))([357])، ويفتتح الصكَر مبحثه تحت هذا العنوان بإخبار القارئ عن العلاقة بين عنوانه –المذكور آنفاً- والمتن، فيعترف قائلاً: ((يهدف هذا البحث إلى بيان منزلة القارئ في الفكر النقدي الذي ضمَّه كتابا الإمام عبد القاهر الجرجاني: أسرار البلاغة، ودلائــل الإعجاز، اللذان تسمح قراءتهما المتأنية بالتعرف إلى ملامح نظرية نقدية ممَّيزة))([358])، وتظهر فاعلية تعريف (المسند: الخبر) المضاف بالمضاف إليه في إفادة التفخيم بالمتلقي والتعظيم بمكانته والتنويه بشأنه . لما له من مهمة استنباط المعاني وذلك بإعادة الألفاظ إلى معانيها الظاهرة ثم ما تدل عليه من معان ثوانٍ .. كاشفاً عن المستتر منها ([359]). وهذا لن يكون إلا عبر مؤهلات يمتلكها الناقد أطلق عليها الجرجاني مكونات القارئ([360]) التي تمنح القارئ (المتلقي) المقدرة على تحديد مستوى إنتاجه للنص المقروء، وعلى إظهار التعددية القرائية له، التي كانت كما حددها الجرجاني في أُطر:  القراءة التفصيلية/ والكلية/ والقصدية/ والغورية/ والانصهارية أو الاتحادية في عبارته. ([361]).
 
ومن هنا تتجلى لنا فاعلية (النعت: النقدية) في تخصيصها للمنعوت (نظرية الجرجاني) بالفرادة والامتياز النظري بعدّه –كما قال الصكَر- ((منظراً لصلة قائمة على القراءة بين النص والمتلقي))([362])، التي أولاها الجرجاني في مبحثه عناية كبيرة محاولة منه لـ((تأشير مناطق الفهم المسكونة من المتلقي))([363]) من أجل بيان دوره في إعادة تشكـيل النـص وإنتاجه، وإظهار شعريته.
 
فالعلاقة بين العنوان والمتن (البحث) واضحة جداً على نحو مباشر أمام القارئ، إذ إن العنوان الداخلي بِسِمَته العلمية الخبرية الوصفية تلك وبصياغته النحوية ودلالاتها هو جزء من الرد على الآراء التي ترى في الشعر فناً عصياً على التعريف([364])، لأن الاهتمام بالمتلقي والنظر من خلاله إلى الشعر يمثل خطوة مهمة من الخطوات التي تجعل الشعر فناً قابلاً للفهم والمعرفة. لاسيما أن الطبيعة العلمية للمناهج النقدية الحديثة جعلت النقد علماً يمكن بإتباع خطواته المنهجية الدقيقة تحليل مختلف النصوص الأدبية، وهذا ما رصده الصكَر ليس عند المحدثين فحسب بل عند القدماء أيضاً وفي مقدمتهم الجرجاني. وفي الكتاب نفسه يبرز لنا عنوان داخلي آخر من النمط الوصفي الإخباري أيضاً وهو: ((الألسنية وتحليل النصوص الأدبية))([365])، وقد تشكَّلت بنيته التركيبية من:
 
 
( الألسنية )    + واو العطف +( تحليل ) اسم معطوف / مـــــضاف +
خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذه  (النصوص ) مضاف إليه + ( الأدبية ) صفة
 
وتضمن التعريف المسند (الخبر: الألسنية) لإفادة دلالة التنويه إلى الأهمية الكبيرة التي تحققها الألسنية إنْ هي أخذت دورها في التحليل النَّصي، بعد ما استبعدت وأُهملت بذريعة العلمية([366])، فاقتران الألسنية بتحليل النصوص الأدبية كما جاء في العنوان عن طريق (واو العطف) الدالة على المصاحبة إنما جاء ليُظهر دورها في التحليل النَّصي بوصفها جزءاً من آليات القراءة([367])، لأن النص الأدبي –كما يقول الصكَر- هو: ((سلسلة من الأحداث اللسانية والوقائع ذات الأبعاد المتعددة التي تنتجها –كملفوظات- أنماط الخطاب والنسيج اللغوي والذات
 
 
المعبرة، وهي التي تصنع بتفاعلها وتجسّدها في فعل القراءة ما يُعرف بالشعرية، وما المستوى اللساني إلا أحد مستويات النص))([368]).
 
وهكذا تتجلى لنا الفائدة التي يجنيها التحليل النصي من اعتماد الدليل اللساني إذ تكمن من انتاج دلالة تخدم فكرة كليةُ النّص، وخصوصيته الأدائية، والخصائص النوعـــية ومزاياه الداخلية([369])، كما جاء النعت (الأدبية) مانحاً البيان ،والوضوح، للمنعوت (النصــوص)، محدداً بذلك نمطية التحليلات في إطار النصوص الأدبية، ما جعل الألسنية أداة ضمن الأدوات الإجرائية في قراءة النص الأدبي وتحليله، مما يعزز الفكرة الــسابقة القائلة: بأن النص الأدبي لم يعد غامضاً في ضوء المنهج الألسني بل على الخلاف من ذلك صار من السهل وصفه، وتعريفه وتحليله في ضوء هذا المنهج.
 
ومن النماذج الأخرى للعنوان الداخلي من النمط الإخباري الوصفي العنوان: ((أفكار في الحداثة الشعرية))([370]) الذي تشكلت بنيته التركيبية على النحو الآتي:
 
( أفكار ) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذه + ( في ) حرف جر + (الحداثة ) اسم مجرور
 
+ ( الشعرية ) صفة
 
إن أهم ما تتسم به هذه البنية أنها مشكَّلة في البنية السطحية من الابتداء باسم نكرة (أفكار) يكون خبراً لمبتدأ محذوف تقديره (هذه) وما بعده شبه جملة (في الحداثة الشعرية) متعلق بالخبر ومفسّر له، في حين أنَّ حضور المبتدأ في البنية العميقة يجعل الابتداء بجملة اسمية، ولعل ما يُميَّز العنوان هنا مجيء المسند (أفكار) نكرة إلا أنها لم تكن أفكاراً عادية وإنما في الحداثة الشعرية والتي دلَّ عليها حرف الجر (في) الدال على الظرفية، أي أن محتوى هذه الأفكار لا يمكن أن ينشأ إلا في إطار الحداثة أو في وعائها، فأراد من تنكير المسند إثبات تفخيم تلك الأفكار التي طرحها هذا المبحث على قلّتها والتي أكدها استخدامه لصيغة (أفعال) الدالة على القلة، لأن مسألة الحداثة بلغت درجة من التعتيم والضياع كما جاء في رأي الصكر ، إذ ضاعت وسط دخان كثيف ، حيث ساهم المحافظون والمجددون في وضعها داخل عتمة متزايدة كلما تزايدت الآراء والاجتهادات ([371])، وجاء النعت (الشعرية) للتوضيح وللتعيين، أي تخصيص جنس المنعوت (الحداثة) بأنها (شعرية). فأعطاها تعريفاً إضافياً للتأكيد على ما بينها وبين التجديد من فروقات، متلمساً بعض الظواهر الجديدة التي تحمل صفة (التحديث)، والتي ضّمَّنها في عنوانات جزئية لها سمة الإخبارية الوصفية المباشرة هي: (التجديد والتحديث/ كل جديد حديث/ الأسطورة تحديث أم تجديد).
 
ومما تقدم نلاحظ التقنية الإخبارية الوصفية التي صاغ بموجبها الصكَر العنوان الداخلي وعنواناته الجزئية التي أصبحت جزءاً من حوار استهلك عنوان مبحثه ككل. كما نقف على عنوان داخلي من النمط الإخباري الوصفي نفسه في العبارة التي وضعها على رأس أحد مباحثه، وهي: ((أصول التحليل النصي وضوابطه النظرية))([372])، وقد تشكلت بنيته التركيبية من:
 
 
( أصول ) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذه / مضاف + ( التحليل ) مضاف إليه +
 
( النصي ) صفة + الواو حرف عطف + ( ضوابط ) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذه /
 
مضاف + ( الهاء) مضاف إليه + ( النظرية ) صفة
 
 
 
وتكشف البنية التركيبية للعنوان عن انتظامه بعطف جملتين اسميتين مخبر عن كل منهما باسم وهو خبر لمبتدأ محذوف مقدر في البنية العميقة بـ(هذه)، ونتلمس كينونة العنوان في مستواه السطحي عن طريق المركب الاسمي الإضافي الذي يتكون من اسمين، أولهما اسم نكرة (أصول) اكتسب التعريف من الإضافة إلى (التحليل) في الجملة الأولى، و(ضوابطه) في الجملة الثانية، وثانيهما معرفة (التحليل النصي) في الجملة الأولى و (النظرية) في الجـــملة الثانية، وفي هذا المركب الإضافي يعد الثاني (التحليل النصي) قيداً للأول (أصول) و (الضوابط النظرية)، أي أن تحليل النصوص يتقيد بأصول وضوابط نظرية – كما في قـــول الصكَر: ((إن التحليل النصي يفترض –أصلاً- الانطلاق من رؤية نظرية لابد منها قبل أي تحليل))([373])، لأن فاعلية المضاف إليه تكمن في التعريف بالمضاف الذي اكتسب المعرفة ليمارس من ثم التحديد والتسمية والتعيين، فلولا المضاف إليه مع نعته (التحليل النصي) لما كان بالإمكان تحديد طبيعة تلك الأصول وماهيتها والضوابط النظرية الإجرائــية، إذ –يجب- كما قال الصكَر: ((معاينة التحليل وجوانبه المختلفة والبحث عن ضوابط إجرائية تجعله أكثر انتظاماً ووضوحاً))([374])، ولهذا يشير الصكَر إلى أن الإحاطة بالتصورات النظرية للتحليل لدى النقاد المعاصرين كان أساسها من مجمل تراثنا النقدي والبلاغي العربي، ومن شذرات ولمحات لسانية فيه، ولاسيما فيما يخص المصطلح الأسلوبي وإجراءات التحليل والنقد، وفي الدراسات النقدية المتخصصة بمستويي الدلالة والإيقاع([375]).
 
فحذف المبتدأ (المسند إليه: هذه) في البنية السطحية في الجملتين المعطوفتين وإثباته في البنية العميقة يعطي للمسند (الخبر: أصول../ضوابطه) التميز كون الأصول والضوابط ((مستقرأة من التحليلات النصية المعاصرة في نقدنا العربي))([376])، التي تسهم في تحديد مكونات العملية النقدية التي ضمّها داخل المبحث في عنوانات جزئية أخرى لها سمة الوصفية والإخبارية هي: التصور النظري –رؤية ومنهــجاً، أي (نظرية النص)/ و (بنية النص) تركيباً ودلالة وإيقاعاً / و (عملية القراءة) إجراءات وأهدافاً وخطوات ([377]).
 
وبناء على هذا، فالعنوان الداخلي والعناوين الجزئية لا تتجاوز المعنى التقريري الإخباري الوصفي حول مقترحات إجرائية لإنجاز عملية نقد النص الأدبي نقداً داخلياً او خارجياً.
 
 
 
 
 
ونرى أن الصكَر في عنوانه الداخلي ((مقدمة أولى في قراءة النص الشعري))([378]) لا يكتفي بالتوصيل المباشر لفكرة المبحث فحسب بل يعمد إلى تذييله بعنوان آخر فرعي ((تاريخ وأساسيات مبدئية))([379]) من اجل توضيح مفصل أكثر للفكرة والموضوع عن طريق أمثال هذه العنوانات الفرعية التي تنظم منهجياً طريقة طرح الفكرة الأساس المنبثقة من العنوان الداخلي.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المبحث الثاني
 
 
((العنوان التَّجنيسي))
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
يُعَّرف العنوان التَّجنيسي بأنه عنوان يُحيل على صنف أو نوع أو فئة من النتاج الفني الأدبي له أشكال خاصة مُتعيَّنة وتكنيك ومضمون([380]). مما يجعل العمل أو الكتاب يندرج ضمن سلسلة أدبية معينة، أي يتحدد التعيين الجنسي له تحت نوع معين([381]). وقد أطلق عليه جينيت تسمية (المؤشّر الجنسي)([382])، وقد يأتي  ملحقا بالعنوان الَرئيس، وضمن هذا التحديد يرى بعضهم أنه من الأجدر أن يسمى عندئذ بالعنوان الشكلي([383])، وغالباً ما نجده في الغلاف أو صفحة العنوان أو هما معاً([384]). ليؤسس الإطار التوجيهي للقارئ نحو أنموذج محدد من القراءة والتلقي([385]).
 
وضمَّن الصكَر بعض العنوانات النقدية إشارات تجنيسية واضحة تُحيل إلى الجنس الأدبي الذي سيكون موضوع الدراسة في المتن، وبذلك فإنه يمنح العنوان فرصة لأداء الوظيفة التجنيسية التي تسهم في تقديم دلالات العنوان إلى المتلقي على نحو مباشر وصريح مما يهيئ القارئ لتلقي مضمون المتن وفق مقتضيات الجنس وتقاليده التي أُشير إليها في العنوان والتي تخلق ((توقعات لدى المتلقي تنظم الكيفية التي يمكن أن يفهم بها ويؤوّل بموجبها، وعلى هذا الأساس يصبح الجنس الأدبي بعداً رئيساً من أبعاد معرفة مضمرة، أو صمتاً ينطوي على جملة من الافتراضات والتقنيات القابلة للتأويل تعتمده أساساً ضابطاً من أسس عملية القراءة النقدية))([386]) الناجحة.
 
إن العناية بوضع إشارات تجنيسية في بعض العنوانات عند الصكَر تأتي من إدراكه لأهمية العنوان بوصفه نوعاً من العتبات المهمة التي ((تشكّل لحظة أساسية في استضافة هذا القارئ الذي يقف أمام عتبة النص –الخارج في انتظار تشجيعه على اختراق فضاء العتبة لولوج فناء النص- الداخل))([387]). ولعل العنوان التجنيسي من أيسر أنماط العتبات كونه مباشراً وواضحاً لا ليس فيه أو غموض في دلالاته، ولأن وظيفته الأساسية هي الوصــف (الإخبار)، ((وهي الوظيفة التي تخبر المتلقي عن الموضوع العام للنص من دون الحاجة إلى تأويل أو تحديد الدلالة بشكلها الدقيق أو الإخبار عن تفصيلات النص الدقيقة))([388])، وتخبره أيضاً بجنس الكتاب أو النص الذي سيقع عليه فعل القراءة([389]).
 
وقد يظهر نمط من العنوانات التي يجتمع فيها النمطان الإخباري التعليقي -ويكون غالباً تجنيسياً أو تصنيفياً- والنمط الموضوعاتي، وهي ما أطلق عليها تسمية العنوانات المختلطة التي تظهر في حالة تجاور العنوانين الرئيس والعنوان الفرعي([390]). لأن العنوان الفرعي يمكن أن يظهر كمؤشر جنسي يأتي لتعريف طبيعة الجنس الكتابي وتـحديدها وتعيينها ، ومن هذا المنطلق يُعد العنوان التجنيسي نمطاً رسمياً يعبّر عن مقصدية كل من المؤلف والناشر لما يريدان نسبته للنص([391]). إلا أنه ليس الخيار الوحيد وإنما لابد من التعويل على الموقف السياقي الذي يرى فيه العملُ أو النصُّ النورَ أو يحدث ضمنه([392]). وبهذا الاعتبار يصبح التجنيس النقدي جزءاً من محاولة القارئ لفهم استراتيجيات الخطاب والدخول في تفاصيله([393]).
 
ويرى الصكَر أن النص أو الكتاب يمكن أن ((ينظر إلى تجنيسه عبر العنوان فالنص يأخذ وصفه من عنوانه: نصاً أو شعراً أو نشيداً أو قصيدة، وما يترتب على ذلك من مزايا فنية واستدعاء خصائص داخلية مرتبطة بخبرة القارئ في هذا المجال))([394])، وثقافته المعرفية عن النص الذي يقوم بقراءته، حتى ((غدا الجنس الأدبي موجهاً من موجهات القراءة، أي أنه يمنح القارئ مفتاحاً لقراءة النص بهدي أعراف الجنس الذي ينضوي تحته))([395])، فالعنوانات التجنيسية تعطي للقراءة تصوراً عن جنس ما ستواجه من نتاج ([396]). ومن ثَمَّ فإن القارئ سيستحضر معه ثقافته التجنيسية لمواجهة النص، لأن العنوان يستدعي منه أفق توقعه وانتظاره، وهو حين يمضي في قراءة النص سيبحث عن العلاقة التي تربط النــص بعنوانه، وفي هذه الحالة قد يوافق النص أُفق توقعه، وقد يخالفه فيخلق لديه توتراً، ويكشف له عن دلالات لم يكن يتوقعها([397])، أو ينتظرها. لكن على نحو عام فإن العنوان التجنيسي يتطابق عادة في دلالاته مع المتن الذي يمثله، وبذلك فهو يطمئن أُفق انتظار القارئ.
 
ومن الملفت للنظر أن الصكَر لم يستعمل هذا النمط من العنونة إلا في عنوان رئيس واحد هو (الشعر والتوصيل) في حين أنه استعمله كثيراً في العنوانات الفرعية الداخلية في أكثر من كتاب، ويبدو أنه حاول الابتعاد عن العنونة التجنيسية في العنوانات الرئيسة – باستثناء ذلك الكتاب- ، لأنها لا تنسجم مع منهجه في إضفاء الطابع الفني والجمالي على عنوانات مؤلفاته النقدية. أما ما جاء من إشارات إلى التجنيس في العنوانات الداخلية فإنه ليس في الصدارة كما هي الحال مع العنوانات الرئيسة فضلاً عن أن توظيف العنوان التجنيسي في العنوانات الداخلية لكتابه (مرايا نرسيس) جاء استجابة منهجية لطبيعة الدراسة التي هي في أصلها أطروحته الأكاديمية لنيل شهادة الدكتوراه، وهذا النمط من التأليف يحبذ العنوانات ذات الطابع الواضح والمباشر والعلمي، لأن هذه العنوانات تمثل فقرات الخطة المنهجية للكتاب.
سنتناول في هذا المبحث عنوان كتاب (الشعر والتوصيل) بوصفه أنموذجا أولاً للعنونة التجنيسية، إذ يتشكل من:
 
( الشعر ) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا + واو العطف+ ( التوصيل ) اسم معطوف
 
إن في ورود مفردة (الشعر) في تركيب العنوان إشارة صريحة ومباشرة إلى الجنس الأدبي الذي سيتناوله الكتاب النقدي دون غيره من الأجناس الأدبية، ويأتي هذا اللفظ مرتبطاً بواو المعية مع مفردة أخرى مهمة هي (التوصيل)، فعند الصكَر ((ترتبط موضوعة التوصيل
في وجه من وجوهها بالجانب الاستهلاكي للأدب، أي بكونه نتاجاً مُعداً للاستقبال والتلقي))([398])، فضلاً عن ذلك فإن الصكَر يحاول ((التنبيه على أن مشكلة التوصيل لا تتعلق بالخطاب الشعري كبنية متحققة في رسالة فحسب، بل بكونه استجابة معمقة لسُبل الاتصال التي أصبحت من أهم موجهات القراءة ومكونات القارئ. وسنجد أيضاً أن شعرية النص تتحقق عن طريق جدله المستمر مع أوعية وأشكال اتصالية يمكن بضوئها فهم كثير من ظواهر تلك الشعرية. سواء منها ما كان سائداً بوصفه قوانين بلاغية كالوضوح والفصاحة .. أو ما كان مقترحاً حداثوياً كالبياض وما لا يقوله النص في شكله المتحقق))([399]).
 
فالصكَر يُفسَّر عنوانه في الأقوال السابقة التي وردت في مقدمة الكتاب مُهيَّئاً القارئ لاستقبال متن الكتاب ومباحثه في ظل عنوانه الرئيس الذي يعالج مشكلة مهمة من مشاكل الشعر في العصر الحديث، ولعلها مشكلة تتصل بالطابع المزدوج من شخصية الصكَر الذي يرتبط بالجزء الأول من العنوان (الشعر) من جهة كونه شاعراً في حين انه يرتبط بالجزء الثاني (التوصيل) من جهة كونه متلقياً ناقداً للشعر يشغله موضوع التوصيل لأنه ركن مهم من أركان فهم النص وتذوقه وتأويله. ((فالمؤلف من ناحية يعبر عن التجربة بألفاظه، والقارئ من ناحية أخرى يرى هذه الألفاظ صورة التجربة، والأدب هو الوسيلة لتوصيل التجربة، والتجربة التي أحسها الكاتب يجب أن يحسها القارئ إحساساً كاملاً))([400])، ولكن يجب التنبيه إلى أن لمفهوم التوصيل خصوصية هذا الشعر، تجعله يختلف عن مفهومه العام، الذي ينص على أن التوصيل هو عملية نقل المعلومات أو أفكار من شخص إلى آخر عن طريق اللغة([401])، إنه محاولة التوافق في الاستجابة للمثير نفسه، بينما في الشعر فإن التوصيل لا يعود مجرد طريقة في الاستجابة، إنه يتجاوزه لما يقال نحو ما يخفى من معان ودلالات وراء الكلمات([402]).
 
إن الصكَر يعلن عن فكرة الكتاب في العنوان مباشرة من دون اللجوء الى اللغة الفنية المجازية كعادته في تشكيل معظم عنوانات كتبه الأخرى، ومع هذا الوضوح في العنوان إلا انه يضع له تذييلاً آخر مطولاً تحت العنوان الرئيس يفسره على نحو أكثر تفصيلاً عبر العبارة الآتية: (بعض مشكلات توصيل الشعر من خلال شبكة الاتصال المعاصر) ويسمى هذا بالعنوان الثانوي أو المصاحب أو العنوان الفرعي، أو الملحق ([403]) بالعنوان الرئيس الذي تزداد فكرته وضوحاً أمام المتلقي عن طريق هذا التذييل.
 
إن مجيء التوصيل بعد الشعر في العنوان سببه أن عملية التوصيل تلي عملية الكتابة الإبداعية الشعرية، وهذا لا يقلل من شأنها، لأنه في المرحلة الأخرى لا قيمة للشعر إن لم تتم عملية توصيله.
إن اختيار الصكَر لمصطلح (التوصيل) في العنوان مرتبطاً بجنس (الشعر) غرضه لفت انتباه المتلقي إلى أهمية عملية الاتصال بين المبدع ونصه من جهة والمتلقي من جهة أخرى، ولاسيما في العصر الحديث، لأن تغيّر وسيلة الاتصال يؤدي إلى تغير في كيفية التوصيل، وهذا هو ما يحاول الصكر أن يثبته مستفيداً مما كشفته نظرية الاتصال ونظرية المعلومات وما أضافته إلى قنوات ونقل المعلومات من أبعاد اجتماعية وثقافية لها الأثر الأكبر في عملية التوصيل والتلقي([404]). وليبرهن على ذلك الأمر فإن الصكَر يرى أن ((الورقة ستكون مشاركاً أساسياً في النص ببياضها وانفتاح سطحها، كما كان الصوت بوصفه وسيطاً ناقلاً ذا دور في تكوين بنية القصيدة الشفهية ذات الجرس))([405]) الموسيقى المؤثر في سمع المتلقي وتذوقه للشعر، ويؤكد الصكَر على هذا الرأي في حوار معه بقوله: ((كنت في كتابي… الشعر والتوصيل أنقل مشكلة الحداثة من النص الشعري إلى مستوى توصيله والاتصال به قراءة وفهماً وتأويلاً، ومن أبرز المشكلات في هذا الجانب سيطرة الغنائية والمباشرة ومخاطبة أُذن المستمع على أساس أن المشافهة هي وسيلة التوصيل التقليدية، حيث يصر الشعراء المحدثون مثل نزار قباني ومحمود درويش على أن الشعر ينشد أولاً فيما تذهب الفاعلية النقدية الحديثة إلى استجلاء بناء القصيدة ومستوياتها الممكنة مما لا يظهر بالإلقاء، وإنما يلحظ في متنها المقروء عياناً))([406]).
 
ويضرب الصكَر مثالاً على ذلك في كتابه بقوله: ((إن كثيراً من الطبائع الشفهية سوف تضمحل وفق قانون التطور العضوي، فما هو صوتي ذو رنين أو همس لن يجد له فاعلية في قصيدة تكتبها يد لتضعها أمام عين … هكذا يصبح مستحيلاً أن نفهم تقنية بصرية في قصيدة معاصرة (كالتنقيط أو البتر مثلاً) إن نحن نقلناها إلى قصيدة شفهية. كما أن الأمر يصبح معكوساً إن نحن نقلنا طبيعة شفهية (كالتكرار واطراد القافية) إلى قصيدة معاصرة))([407]).
 
فالصكَر لا يتناول مفهوم الشعر في الكتاب إلا من زاوية واحدة تخص تغيير وسائل توصيله من الإلقاء الشفوي إلى الكتابة المقروءة طباعياً، لأن هذه الجوانب لها علاقة بالجزء الثاني من العنوان (التوصيل) الذي لعب دوراً كبيراً في تغيير بعض ملامح جنس (الشعر) وتقاليده في العصر الحديث، ومسألة التوصيل تحتل مكانة مهمة في المشروع النقدي عند الصكَر لذا شاركت في تشكيل عنوان هذا الكتاب على نحو مباشر وصريح بعد أن استقر في خبرة الصكَر النقدية أن مأزق القصيدة العربية الحديثة ليس في شكلها، أو لغتها، أو إيقاعها، أو الغموض الذي يكتنف دلالاتها، بل في تلقي القارئ لها، وكيفية تواصله معها، الأمر الذي يؤدي بالقارئ إلى ما يُسمى بسوء القراءة إذا ما تعامل مع القصيدة بإجراءات قرائية متكونة من خبرته بالنصوص التقليدية([408]). وهذا ما يؤدي إلى عرقلة عملية الاتصال مع القصيدة.
 
ولمزيد من توضيح الدلالات الكامنة في العنوان الرئيس يضع الصكَر عنوانات داخلية مباشرة مُفسَّرة لتوصيل جنس الشعر ووسائله القديمة والحديثة، ومن ذلك: الإنشاء والإلقاء، من الإنشاد الى التأمل، الجذر الملحمي للإنشاد، طبائع شفهية موروثة، الإلقاء: خاصية شفهية موروثة، المذياع صورة عصرية لواقع متخلف، الخط عاملاً بصرياً، الخط وصفة حداثة أو تراجع([409]). فالصلة الدلالية واضحة بين هذه العنوانات الداخلية والعنوان الرئيس، سواء من حيث صلتها بجنس الشعر وتقاليده القديمة والحديثة كالإنشاد والخط أو صلتها بعملية توصيل الشعر من حيث كونها شفهية أو طباعية.
 
ولما كان العنوان في إحدى وظائفه ((هو مفتاح تجنيسي أو مؤشر أسلوبي ذو بعد دلالي يستوقف المتلقي لشحن مخيلته بما هو متوقع من النصوص))([410]) التي يعتلي عتبتها العنوان، فإن الصكَر يضع عنوانات داخلية لمعظم مباحث كتابه (مرايا نرسيس ) وتتضمن هذه العنوانات إشارات تجنيسية إلى الشعر عبر مصطلح (القصيدة) الذي يأتي في العنوان مرتبطاً عبر علاقة الإضافة بمسميات تُحيل إلى الأشكال الشعرية الجديدة التي تعدّ تنويعاً في إطار جنس القصيدة العربية الحديثة، مثل: قصائد السرد الذاتي، قصيدة المرايا، قصيدة الرمز المقنع، قصيدة السيرة، قصائد السرد الموضوعي، القصيدة المطولة، قصيدة الواقعة التاريخية، قصيدة الحكاية([411]).
 
ويبدو أن الصكَر ينطلق في وضع عنواناته الداخلية ذات الملمح التجنيسي من الموضوع الأساس للكتاب/ الأطروحة، الذي وضع له عنواناً ملحقاً بالعنوان الرئيس، وظهر على الغلاف بالشكل الأتي:
 
مرايا نرسيس
 
الأنماط النوعية والتشكيلات البنائية
لقصيدة السرد الحديثة

خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذه + صفة + حرف عطف + معطوف (اسم معرفة) + صفة + حرف جر + اسم مجرور (مضاف) + مضاف إليه + صفة  

وهذا العنوان الملحق تشكل من التركيب الأتي:
 
 
 

خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذه/ مضاف + مضاف إليه

إذن، فالعنوانات السابقة هي نتاج التداخل ما بين جنسي الشعر والنثر، ولغرض التحليل النقدي سنختار منها أُنموذجين، الأنموذج الأول ((قصيدة السيرة))([412])، وهو عنوان تشكل من التركيب الأتي:
 
 
 
ويعد هذا المصطلح –قصيدة السيرة- مصطلحاً جديداً في النقد العربي، ومن الواضح أن هذا العنوان سيهيئ القارئ لاستقبال متن يتناول موضوعاً نقدياً يخصُّ نصوصاً مزجت بين جنسين احدهما شعري والآخر سردي، ويعني الصكَر بعنوانه السابق ((تلك النصوص الشعرية المتجهة إلى الماضي الشخصي، لاستثماره في إنتاج سيرة شعرية، يسودها السرد، من دون الالتزام بخطة الرواية التاريخية، وزمنها المتدرج من المولد إلى النَّضج… وباستدعاءات الذاكرة بوصفها مولّداً لحدث السيرة، ولكن بموازاة المخيلة التي تجد لتلك الاستدعاءات والتذكرات أشكالاً وتشكلات شعرية ممكنة. ذلك أن قصيدة السيرة هي شعر قبل كل شيء، ومعنى شعريتها قيامها على لغة خاصة وعلاقات تركيبية ودلالية وإيقاعية كذلك))([413]).
 
وفي ظل العنوان السابق (قصيدة السيرة) يمكن أن ((يرفع الشعر فضاء السيرة ليختلط فيها الممكن بالمتخيَّل، والواقع بالحلم، والحادثة بدلالاتها، وما يقدمه الشعر للســيرة هو أنموذج لإمكان تشكُّل الشعري من خلال السردي من دون أن ينطـــفئ وهج الــشعر تحت رماد النثر))([414]).
فالصكَر يضع العنوان لكنه لا يتركه من دون أن يفسَّره بالتنظير النقدي والنقاش والتحاور معه من الجوانب كلها، ومن ثمَّ فإنه يجعل القارئ مطمئناً إلى انه سيقرأ نصاً ذا صلة وثيقة بالعنوان، كما أن اختياره لعنوان (قصيدة السيرة) يأتي من إدراكه أن هذا المصطلح مثير للعديد من الإشكاليات النقدية التي يمكن أن تجذب القارئ للتعرف على تفاصيلها في الكتاب إيماناً منه بكون قصيدة السيرة مرشَّحة لتغدو ميدان صراع مكثّف بين النمط والتّشكل الفني له، فضلاً عن الصراع بين النقاد في قبول هذا النمط أو رفضه، فمنهم من أراد أن تحذف (قصيدة السيرة) في الخطاب النقدي التقليدي لتندرج في الأغراض الشعرية كالوصف والشكوى والإخوانيات والرثاء والغزل والحروب، ومنهم من نبذها بدعوى إقصاء الغنائية عن القصيدة الحديثة ما دامت تصلنا بضمير المتكلم فإن النثر حصراً هو ميدانها([415]).
 
 
 
 
فمن يقرأ عنوان الصكَر التجنيسي (قصيدة السيرة) سيبحث عن رأي نقدي جديد بخصوص هذا المصطلح المثير للجدل، ولا شك أن اختياره لهذا العنوان جاء أيضاً من كونه يمثل فصلاً مهماً من فصول الباب الثاني (قصائد السرد الذاتي) من كتابه مرايا نرسيس([416]).
 
وبطريقة الجمع بين مصطلحين أيضاً يشيران إلى جنسين أدبيين مختلفين يختار الصكَر مصطلحاً مركباً: ((قصيدة الحكاية))([417])، وهو عنوان ذو دلالات تجنيسية مباشرة يضعه عتبة للفصل الثالث من كتابه مرايا نرسيس، ليعبر عن واحد من أنماط ما أسماه الصكَر بقصائد السرد الموضوعي، وهو عنوان الباب الثاني من كتابه، ويحاول الصكر أن يشرح العنوان التجنيسي بالحديث ليس على الجزء الأول منه (القصيدة)، لأنه واضح الدلالات، بل على الجزء الثاني من العنوان (الحكاية) وهي نمط من أنماط النزوع القصصي في الشعر العربي الحديث، الذي أخذ تشكلات فنية على مستوى البنية الشعرية للقصيدة، وتتشكل بحسب البرنامج السردي للحكاية([418]). وقد تنبه –كما قيل- الشعراء الحديثون على عنصري المضمون والبناء في الحكاية، الأمر الذي جعلهم يفيدون كثيراً في نقل مستوى الخطاب الشعري من المباشر إلى الترميز، ومن الغنائية إلى السرد، ومن الخطابية والتقرير إلى الإيحاء، مع الحفاظ على استراتيجية الانطلاق من الشعر أولاً إلى الأنواع الحكائية المتنوعة من (شعبية وتاريخية وخرافية ورمزية وحيوانية وغرائبية)، واستضافتها لإنجاز قصيدة لا تنشغل بالوصف عن السرد، وبالغنائية عن الترميز وبالمباشرة عن الإيحاء([419]).
 
إن العنوان التجنيسي يكاد يختزل نصف المسافة بين القارئ والنص في الطريق إلى تلقي المضمون، لأنه يخبره عما سيدور الحديث عليه من جنس أدبي أو شكل فني، فهو تنويع على هذا الجنس أو ذاك. والعنوانات ذات البعد التجنيسي في كتاب (مرايا نرسيس) تمثل اجتهادات نقدية من الصكَر، ومساهمة منه في مجال إغـــناء النقد العربي بمصـــطلحات نقدية جديدة.
 
وفي كتابه الآخر (في غيبوبة الذكرى) المذيَّل بعنوان فرعي شارح له، وهو (دراسات في قصيدة الحداثة)، يستعمل الصكَر أيضاً عنوانات داخلية تجنيسية يضعها عتبات على مباحث تتناول أنماطاً من القصائد هي: قصيدة الحدث بين الموضوع والفن، قصيدة المنفى أو المهجرية الجديدة، القصيدة السياسية والقصيدة الوطنية، قصيدة النثر وحجاب التلقي، قصيدة القراءة وشعر الجمهور، قصيدة الجسد: أدونيس، قصيدة المدن: المقالح، قصائد الغياب([420]).
ويبدو أن الصكَر ربط القصيدة بوصفها مصطلحاً يشير في العنوان إلى جنس الشعر بموضوعات القصائد كما فعل مع العنوانين الأخيرين المذكورين آنفاً.
فلو وقفنا مثلاً على عنوانه ((القصيدة السياسية والقصيدة الوطنية))([421]) لوجدناه متشكَّلاً من قسمين يتركب كل منهما من الأتي:

خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذه + صفة

 
 
 
 
وقد ربط القسمين بوساطة حرفا العطف (الواو) الذي يفيد دلالة الجمع بين أشياء متغايرة. وهو بهذا العنوان يمهد للقارئ التعريف بقوله: ((يبدو وصف القصيدة بالسياسية مثيراً للسؤال الأزلي حول علاقة الفن بالهدف أو الغرض ويعيد من جديد جدل المنفعة والمتعة، او الجمالي والمضمون في النصوص. والسياسة ذات صلة تاريخية بالشعر، بل كانت السياسة مهمة شعرية في المقام الأول في عصور كثيرة من عمر الأدب وتاريخه… وفي العصر الحديث وجدنا أنماطاً من الشعر السياسي تستجيب للحدث بآنية ومباشرة فيزول بزوال الظرف، كملاحقة خلافات السياسيين دولاً أو أحزابا، والحماسة لنزاعاتهم وجدلهم ثم زوال تلك النصوص بانتهاء الظرف أو زوال أسباب الخلاف))([422]). وفي المقابل يلتفت الصكَر إلى تعريف القصيدة الوطنية التي تمثل الجزء الثاني من العنوان السابق بوصفها ((القصيدة التي تشتغل بعيداً عن مرمى السياسة كترجمة يومية للفكر والايدولوجيا، واتخذت القيم الوطنية شعاراً واسعاً في مراحل التحرر متخلصة من ظرفية السياسي منبهة لقدرتها على التأثير فنياً بأكثر مما يستطيع السياسي))([423]).
 
فالصكَر يسعى دائماً إلى الربط بين عنواناته التجنيسية والمتون التي تقع تحتها، وعلى الرغم من الدلالة المباشرة لمفردات العنوانات إلا انه يميل إلى شرحها وتفسيرها على نحو مفصل، ولغرض إقناع القارئ بالاختلاف بين المصطلحين الواردين في العنوان السابق فإنه يصل بالقارئ إلى نتيجة مفادها أن القصيدة السياسية ليست هي القصيدة الوطنية، لأن الأولى ذات كيان نصي مختلف عن الثانية، وإن تقاربت المضامين أحياناً بين النوعين ([424]) . ولأن الصكَر يدرك صعوبة إقناع القارئ بهذا الفصل بينهما فإنه يضع اللوم على نظرية الأدب ودورها في خلط المفاهيم والأسس حول النوعين([425]).
 
وفي مبحث آخر يضع الصكَر عنواناً داخلياً يستعمل فيه مصطلح (قصيدة) ويضيف إليه مفردة (المدن) مع إشارة بعد نقطتين مزدوجتين إلى الشاعر الذي تميز بهذا النمط من القصائد، وهو الشاعر اليمني (عبد العزيز المقالح)، ويبدو أنه اختار هذا العنوان من قصائد الشاعر التي تناول فيها إحدى وعشرين مدينة أو عاش فيها([426]) . ويشير إلى مبررات أخرى سوغت له استعمال العنوان الذي يجمع بين التجنيس (قصيدة) وموضوع التجربة الشعرية (المدن)، لأنه وجد عند الشاعر أن ((الإضافة الفنية الأهم هي امتزاج المكان بالذات الشاعرة، فتغدو للشاعر مدينته أو مكانه الموضوع من تآزر المخيلة والذاكرة معاً لاستحضار مفردات المكان وأشيائه المميزة))([427]).
 
فضلاً عن ذلك فإن ((المدن التي يقدمها المقالح مرسومة شعرياً بما تمثلته الذاكرة من جمالياتها الموضوعية، مضافاً إليها انعكاسات وعي الشاعر وإدراكه لها في تلك اللحظة الظاهراتية الفريدة التي تترجم فيها المخيلة ما تمدُّه بها حيوية الذاكرة وما تختزنه من مرئيات صورية))([428]).
فالصكَر لم يختر العنوان السابق إلا بعد اطلاعه على تجربة الشاعر نفسه وانتباهه الى الموضوع المهيمن عليها، ليشكل منه عنواناً ذا بعد تجنيسي ومضموني في آن واحد.
 
الفصل الثالث
(( العنونة المزدوجة))
 
المبحث الأول
( العنوان المزدوج الشارح )
 
المبحث الثاني
 (العنوان المزدوج بين التصريح والتلميح)
 
 
 
العنونة المزدوجة
توطئــة
 
هي الأنموذج الثالث من نماذج العنونة عند الصكر ، وتسميتها هي نتاج استقرائنا لأنماط العنونة في كتبه ، إذ إننا وجدنا أن كثيرا من العنوانات الداخلية والفرعية في كتبه مزدوجة  في صياغتها ، ولو رجعنا إلى المعجم العربي لوجدنا أن الازدواج يدل على معان عدة منها انه يقال ((ازدوج الكلام … إذا كان لإحدى القضيتين تعلق بالأخرى))([429]).
وكذلك يقال : ((المزدَوِج : مزدوج الثمر – في علم الإحياء – النبات الذي يحمل نوعين من الثمار مختلفي الصفات أو مختلفي موسم النضج مثل : الأقحوان. ومزدَوِج اللون : النبات الذي يحمل في حالات شاذة أزهارا ذات لون يختلف عن لون أزهاره الأخرى)) ([430]).      وبالإفادة من المعاني المعجمية والاصطلاحية السابقة نستطيع أن نقول إن المزدوج هو كل ما ينهض على الثنائية في تكوينه في آن واحد ، ومن ذلك مثلا ، العنونة المزدوجة التي ينشطر فيها العنوان إلى قسمين تفصل بينهما بصريا نقطتان مزدوجتان عموديتان ، وعلى النـحو الآتي :
________ : ________
 
وكل قسم له جملته النحوية الخاصة به ، غير أن القسمين يرتبطان معا دلاليا بنحو أو بآخر ، وبالتفاعل الدلالي بين القسمين يتشكل العنوان المزدوج ويصل إلى القارئ الذي يبدأ بقراءة القسم الأول منه عادة ، ربما بحكم الكتابة العربية التي تبدأ من الجهة اليمين ، لينتقل         بعد ذلك إلى قراءة القسم الثاني الذي يكون مكملا للأول ، أو شارحا ومفسرا له ، ولاسيما أن القسم الأول من هذا العنوان غالبا ما يكون فنيا ذا بعد إيحائي ، أو متناصا مع النص ( المتن) الذي يمثله ، في حين يكون القسم الثاني واضح الدلالة صريح العبارة ، وقد يكون القسمان إخباريين شارحين لفكرة المتن.
فالعنوانات الفرعية والداخلية مثلها مثل العنوان الأصلي الرئيس تعمل إما على تكثيف فصولها أو نصوصها عامة ، وإما تفسيرها ، وإما وضعها في مأزق التأويل([431])، بحكم طبيعتها الفنية وهناك اختلاف بين القراء في عد العنوانات مغرية لما فيها من صراحة ووضوح وتفسير ومنهم من يفضل أن تكون على قدر من الغموض والالتباس([432]) الفني ، وبمقدور  العنوان المزدوج أن يقدم للقارئ هذين الخيارين معا عبر قسميه وله الأمر في أن يأخذ بواحد منهما أو بكليهما معا وهذا الأمر الأخير هو ما يحدث غالبا ، نتيجة للترابط الدلالي الإيحائي أو المباشر بين شطري العنوان المزدوج اللذين يصعب فهم كل واحد منهما بمعزل عن الآخر ، فهما بالنتيجة كيان واحد مترابط يمثل النص أو المبحث الذي اعتلى متنه ، ولأن الصكر يؤمن بأن ((كل قراءة احتمال وانفتاح على قراءة أخرى))([433])، فإنه بالعنوان المزدوج يضع أمام القارئ أكثر من احتمال لقراءة العنوان الذي أصبح بازدواجيته منفتحا على قراءات أخرى لأنه بالأصل هو نتاج قراءة نقدية لنصوص أدبية سابقة تحمل الصفات نفسها من تعدد الاحتمالات في التأويل ، والانفتاح على عدة قراءات.
إن العنوانات الداخلية هي (( تلك التي بمقتضاها يمفصل الكاتب الشريط اللغوي -أو مساحة النص اللغوية- بعضه عن بعض لغايات مختلفة بمؤشرات لغوية أو طباعية ، وهي في العموم تؤدي وظائف مشابهة ومتماثلة لما يؤديه العنوان العام)) ([434]) الرئيس ، وإذا كان هذا الأخير يوجه للجمهور عامة فإن العنوانات الداخلية نجدها أقل منه مقروئية ويتحدد أثرها وحضورها بمدى اطلاع الجمهور فعلا على الكتاب ، أو قراءة فهرس موضوعاته  وتصفحها بوصفهم من يرسل إليهم أو يعنون لهم الكتاب ، فهم المنخرطون فعلا في قراءته([435]) ومن هنا فان العنونة المزدوجة يمكن أن تعطي خصوصية دلالية وبصرية للعنوانات الداخلية فتجعلها ذات قيمة توازي قيمة العنوان الرئيس فهي تسهم في تبيان أجزاء الكتاب وفصوله ومباحثه ، فتوضع لزيادة الإيضاح ، وتوجيه القارئ المستهدف ، ويمكن أن يلجأ إليها الناشر لضرورة تقنية طباعية ، كما يعتمدها الكاتب لمسوغ فني وجمالي([436]).كما أن صحة الدخول القرائي إلى متن النص تعتمد على هذه العنوانات ، إذ كلما كان هذا الدخول صحيحا من الناحية المنهجية انعكس ايجابيا على كل مراحل القراءة اللاحقة ، على النحو الذي تنتهي فيه القراءة إلى مقاربة نقدية صحيحة يكون بوسعها إنتاج ممارسة نقدية عالية المستوى .([437])
ويبدو أن  عناية الصكر بالتشكيل المزدوج للعنوانات الفرعية ناتج من إدراكه لأهميتها ووظائفها المختلفة التي يتبين جانب منها بالعودة إلى العلاقة المهمة بين العنوانين الرئيس والفرعي ، التي يمكن أن ننظر إليها بوصفها علاقة بين طرفي – عطف البيان – وذلك لخاصيتين يمتلكهما العنوان الفرعي الأولى وقوعه في الدائرة الدلالية للعنوان الرئيس والثانية تمتعه بمحمول إعلامي مغاير للعنوان الرئيس ، والعنوان الفرعي يمكن أن يلعب أيضا دور بدل كل من كل ، مع وجوب ذكره بمعنى أنه يمثل بنية موازية لبنية العنوان الرئيس تكافؤها وتختلف عنها اختلافا يجعل الأولى ضرورية للثانية على الرغم من الدائرة الدلالية الواحدة التي تقع الاثنتان فيها ، بما يعني أن بنية العنوان الفرعي متحولة عن بنية العنوان الرئيس عبر قاعدة التعويض([438]) التي تتسع مع العنوان الفرعي المزدوج الذي يتضمن خيارين للتعويض عن العنوان الرئيس العام.
ولذلك فإن اختيار العنوان المزدوج يتطلب من المؤلف أن يتوخى الدقة والحذر في صياغته الجمالية الإخبارية من حيث انتقاء المفردات المعبرة عن شطريه والتراكيب الدالة عليهما ، فهذا الاختيار لا يكون عشوائيا من غير قصد هادف يربطه بالمتن ، ((لذا فإن العنونة غالبا ما تأخذ حريتها في التكون وفق اجتهادات الكاتب بالنظر إلى فضاء المتن النصي وموحياته ومقولاته)) ([439]) وعلاماته المهيمنة فيه.
ومن هنا يتجلى لنا أن (( المبدع حين يختار عنوان نصه فإنما يستجيب لقوة داخلية غامضة تملي عليه هذا الاختيار من دون وعي منه ، وهو قد يختار هذا العنوان أو ذاك بدوافع ثقافية أو إيقاعية أو تركيبية تتصل ببنية النص أو تستدعي أصداء لعنوانات خارجية أخرى وأحداثا بعيدة موحية))([440])، ومؤثرة أو ذات صلة بمضمون النص ومحاوره .
ولهذا كله (( كانت أهمية الحدس الفني في اختيار العنوان من قبل المبدع ، وأهمية الحدس النقدي في تلقي العنوان من  قبل القارئ العارف. وهنا يلتقي حدسان : حدس المرسل المبدع ، وحدس المتلقي القارئ العارف في محطة أولى أو عتبة أولى ، هي عتبة العنوان ، حيث يُمِّكن الأول الثاني من بناء تصور أولي يحمله العنوان ، ثم بعد أن يمضي الثاني في القراءة ، فإما أن يعزز هذا التصور الذي أرسله العنوان ، أو أن ينفيه أو يقلبه رأســـا على عقب. وإذ ذاك فإما أن يعيد القارئ كل تفاصيل النص المقروء إلى العنوان أو أن يـنفيه عنها)) ([441]).
وبذلك فإن اختيار العنوان يعتمد على ثقافة المؤلف الواسعة التي تمنحه مخزونا كبيرا من الأفكار التي تتناسب مع رؤيته ، فضلا عن اكتناز اللغة نفسها بالطاقات التعبيرية التي تجعل النص أكثر قابلية للتأويل والتحليل ([442]) .
 
 
فالعنوان المزدوج يحاول البحث دائما عن صلة من نوع تربط بينه وبين المتن بصورة مباشرة أو غير مباشرة. و(( في هذه الحالة يستعين القارئ بمخزونه الثقافي على تأويل العنوان والبحث عن نقاط الاشتراك بينه وبين النص دونما تمحل ولا تكلف)) ([443]) يبعده عن الحقيقة الدلالية الكامنة بين شطري العنوان المزدوج ، الذي (( يكون بؤرة لاشتغال عدد كبير من المعاني والأفكار والإيحاءات عن طريق التلميح بشكل مباشر وغير مباشر وهذه … العناوين يتم شرحها وتفسيرها من خلال توصيفات النص وقدرته على الإيحاء المتنوع والتي تختلف باختلاف قارئ النص )) ([444] )
وبناء على ما سبق ذكره فإن العنونة المزدوجة عند الصكر يمكن أن ندرسها في إطار مبحثين هما :
 
 

  • العنوان المزدوج الشارح
  • العنوان المزدوج بين التلميح والتصريح

 
 
المبحث الأول
 
((العنوان المزدوج الشارح))
 
 
 
 
 
 
 
 
 
هو نمط من أنماط العنونة المزدوجة يتشكل من قسمين كلاهما تُقدم جُملته وصفا أو شرحا موجزا لمضمون المبحث أو الفصل الذي يعتليه هذه العنوان ، فهو (( دال ذو جدوى كبيرة في أية محاولة للوصول إلى مضمون الكتابة المندرجة تحته)) ([445]) ، وهو دليلهما وخير من يساعدنا في الكشف عن غرض المؤلف إذ كثيرا ما يحملنا إلى العلم المصنف فيه([446]). ويمكن أن يعمل على ((توجيه النظر إلى البؤرة التي تتكثف عندها خطوط الموضوع ومناحي القول فيه)) ([447]).
إن الوظيفة الرئيسة التي تتخذها العنوانات المزدوجة الشارحة هي الوظيفة الوصفية الإخبارية التي تمكننا من ربط العلاقة بين العنوانات الداخلية وفصولها من جهة والعنوانات الداخلية وعنوانها الرئيس من جهة أخرى ، فهي تشرح العنوان الرئيس ، وهي بمثابة أجوبة عن التساؤلات التي يطرحها ، لتتحقق بذلك العلاقة التواصلية بين العنوانات الداخلية والعنوان الرئيس([448]).
والعنوان الداخلي إن كان مزدوجا وشارحا في آن واحد فإنه يلعب دور الموجه الحقيقي لقراءتنا ، ولاسيما إن كان العنوان الرئيس رمزيا فنيا يحتمل تأويلات عدة إلا أن العنوان الفرعي الشارح يقلل من هذه الاحتمالات التأويلية بوظيفته الإخبارية الوصفية([449]) ، التي تسهل عملية مرور النص إلى القارئ ، (( فضلا عن أدائه لوظيفة إعلامية تخص مضمون النص أيضا ، ويكتسب شرعيته من كونه يسد الفجوة التي تتخلل العنوان الرئيس من حيث عدم استيفائه لمضمون النص)) ([450]).
إن هذا النمط من العنوانات المباشرة خالٍ من الغموض الفني ، لأنه يعتمد على لغة تقريرية لا تعول على المجاز في تشكيله ، بل تعول على الإخبار والتقرير([451])، وفي ضوء ذلك (( سوف تتجه محاولات المؤلف إلى المطابقة بين العنوان والنص )) ([452]) ، والمؤلف إذ يضع نصه محاطا بنص مواز مثل العنوان فإنه يقدم رؤيته عن ذلك النص ويحاول وضع قارئه المتخيل تحت هيمنة تلك الرؤية ، وهو بذلك يمنح العنوان أهمية ، لأنه جزء من لعبته الكتابية ، وهذه العناية من جانب المؤلف بعتبة العنوان ولاسيما إن كان شارحا أو مفسرا للنص تتطلب عناية موازية من قارئه حتى يتم إبداع النص من طرفي المعادلة والصراع : المؤلف والقارئ([453])، وذلك لأن أهمية العنوان تنبثق ليس من كونه إعلاما عن محتوى النص أو إخبارا عنه فحسب بقدر ما أن فعل القراءة يتوقف عليه ، فالنص يحقق كينونة لفعل القراءة وعدم القراءة تدفع الكاتب أو النص إلى حافة المجهول ، ومن هنا جاء الوصف بان العنوان نافذة النص على العالم ودليل القارئ الوصفي إلى النص أي أن وجود النص بوجود العنوان([454]).
 
ويبدو عبر الاستقراء الشامل لكتب الصكر أنه يحرص على وضع عنوانات رئيسة ذات طابع فني ، في حين أنه يكثر من استعمال العنوانات المزدوجة في الداخل ، ولاسيما الشارحة. ومن نماذجها العنوان الداخلي : ((مقاربة النص الشعري : الجهد النقدي والاجتهاد الذوقي)) ([455]) فتحت هذا العنوان المزدوج يبين الصكر في المتن جانبا من منهجيته في التحليل النقدي الذي يسميه مقاربة لأن (( تناول النص هو إعادة نظم له بطريقة من الطرائق)) ([456]). قد تكون في اقترابها من دلالات النص وتأويله بعيدة أو على مسافة قصيرة. فكل تناول نقدي هو محاولة من المحاولات للاقتراب من فهم النص الشعري وتأويله وربما اختار الصكر أن يربط النص الشعري ويخصه بالمقاربة النقدية عبر الإضافة ، لأنه المجال المفضل للنقد عنده  ، أما القسم الثاني من العنوان المزدوج (الجهد النقدي والاجتهاد الذوقي) فهو متمم لشرح فكرة العنوان في جزئه الأول المرتبطة بالمتن بالإشارة إلى مسألتين رئيستين في تحليل النص هما : الجهد النقدي للناقد ، والاجتهاد الذوقي للقارئ.
أما الجهد النقدي فيقصد به الصكر أن الناقد بما أنه قارئ غير عادي ، وخاص بمعنى من المعاني فمطلوب منه أي يوفر شيئا من الجهد النقدي على القارئ العادي فيضيء له النص بما يراه مناسبا من أضواء وبما يمتلكه من معرفة مسبقة تفصيلية عن النص بنحو خاص والشعر بنحو عام ، ويرشده إلى مناطق دلالية معينة في النص قد لا ينجح منفردا في اكتشافها([457]). ويسترسل الصكر في شرح مفهوم الجهد النقدي بقوله : إن (( الجهد النقدي قد يعين القارئ في التعرف على زمن النص وظروفه .. مكان كتابته ومعاناة الشاعر الخاصة … وهذا الغرض النقدي يجب أن تكون وسيلته الإحالة إلى نص ، والاستعانة بنظامه الشعري للتدليل على صحة الاستنتاج)) ([458]).
ثم ينتقل الصكر في فقرات أخرى من مبحثه إلى شرح مفهوم الاجتهاد الذوقي الذي ذكره معطوفا على الجهد النقدي، لأن الثاني يسبقه في عملية مقاربة النص الشعري ، فضلا عن كونه أهم منه ، فيرى الصكر أن ((النقد إذ يقدم المعلومات يجب أن لا يقطع على القارئ خطوط اتصاله الخاصة بالنص عندما يوجدها التذوق السليم)) ([459]).
وان الجهد النقدي يجب أن لا يصادر الاجتهاد الذوقي للقارئ ويبهظ دوره في التمتع بالنص بإغراقه في معلومات جانبية عن النص تمنع القارئ من الإحساس بلذة القراءة الخاصة التي يحسها كل منا بشكل ما ، لأن للنص مداخل متعددة([460]). واختيار أي واحد منها يمثل مقاربة للنص كما أشار إلى ذلك الجزء الأول من العنوان.
وبعد أن ينتهي الصكر من بيان الفكرة الكامنة في عنوانه المزدوج هذا فانه يصل إلى خلاصة تمثل رأيه في الموضوع وتجمع بين جملتي العنوان ودلالاتهما على قدر متوازن ، فيقول : (( إن الناقد بجهده الحرفي وتأشير الالتقاطات مطالب بأن يسمح بدرجة من الاتصال الذوقي مع النص الذي يقود إلى اكتشاف ما في هذا النص من أفانين خاصة وعلاقات ندركها بما تهيئه لنا حواسنا واستخدامها في إعادة تركيب النص بعد تحليله بهدف مقاربته)) ([461]) فإذا كان المتن قد قدم شرحا وافيا للأفكار النقدية عند الصكر فان العنوان المزدوج الشارح قد طرح شرحا موجزا مكثفا لموضوع المتن.
أما في أنموذجنا الثاني من العنوان المزدوج  الشارح : ((الإنشاد والتلقي : بعض المزايا الشفاهية في القصيدة العربية)) ([462]) فإن الصكر يقدم العنوان بقسميه على نحو واضح ومباشر في الدلالة على موضوع المبحث الذي تصدره هذا العنوان المزدوج كعتبة شارحة تمهد للدخول إليه ، وإذا كان الصكر قد اختصر الموضوع بالإشارة إلى العلاقة الوطيدة بين مصطلحي الإنشاد والتلقي فإنه عاد في القسم الثاني إلى تقديم شرح أكثر دقة ووضوحا لفكرة العنوان الأساسية الواردة في الجزء الأول منه وفي متنه وتم له ذلك الشرح عبر الجملة الاسمية الطويلة (بعض المزايا الشفاهية في القصيدة العربية) التي هي أشبه بنتيجة ثابتة توصل إليها الصكر بعد استقرائه لعدد من قصائد الشعر العربي الحديث . وخاصية الثبوت استمدتها الجملة من اسميتها لثبات دلالة الاسمية على المسمى وهذا ما يوفره القصد من العنوان([463]).
وكعادة الصكر فإنه لا يترك عنواناته من دون الإشارة إلى مضمونها في مقدمة دراساته ولاسيما العنوانات الصريحة ، محاولة منه لتحقيق المزيد من المطابقة بين العنوان والمتن ، لذلك يستهل مبحثه في الحديث على الإنشاد وارتباطه القديم بالتوصيل الشفاهي الذي يقترح شكلا محددا للاتصال بالمتلقي الذي تعوّد أن يكون مستمعا بدوره،غير أن هذا الدور سوف يتغير بعد شيوع الكتابة وترسخ أعرافها ، مما يؤدي الى تغير المواقف الجمالية التي تتحكم في استقبال الرسالة الشعرية واستنباط النظم الفاعلة في تأليف النصوص التي تكيفت هي أيضا مع مقام القراءة ودواعي الكتابة([464]).
 
ومع ذلك فان بعضا من تقاليد التوصيل الشفاهي للشعر ظلت ترافق القصيدة العربية الحديثة وهذا ما أشار إليه الجزء الثاني من العنوان الذي لا يمكن فهم فكرته وقيمتها النقدية إلا بالعودة إلى الجزء الأول منه وما اختص به من متن البحث ، فالصكر تحت الجزء الثاني يشير إلى  ظواهر مرتبطة بالإنشاد والتوصيل الشفاهي للشعر عند شعراء الحداثة العربية ، ومن أبرزها مراعاة ضمائر الخطاب عند التلفظ وحسن الإلقاء والإنشاد الذي يصاحبه آداء مسرحي يتعمده الشاعر في الإلقاء([465]). فضلا عن ظاهرة المباشرة والوضوح في التشكيل الشعري للمعنى ، ولاسيما في الأشعار السياسية والحماسية([466]) ، إلى جانب التضمينات بالتناص عن طريق استدعاء أغنيات شعبية([467]).
يخلص هذا المبحث إلى أن الصكر يعود إلى العنوان في جزئه الثاني ليؤكد أن تلك المزايا السابقة وغيرها هي من بقايا المرحلة الشفاهية التي رافقت الشعر العربي القديم ([468])
الأنموذج الثالث الذي اخترناه من نماذج العنوان المزدوج الشارح هو ((الكتابة النسوية : مفاهيم ومقتربات نظرية)) ([469]) ،ومن قراءة الجزء الأول للعنوان (الكتابة النسوية) سيتهيئا القارئ لاستقبال نص نقدي تنظيري عن هذا المصطلح الذي يخص نمطا من الكتابة الأدبية والاطلاع على الآراء المختلفة التي قيلت فيه ، ولاسيما أن الجزء الثاني من العنوان (مفاهيم ومقتربات نظرية) يوحي بذلك كون واحدة من المفردتين جاءت بصيغة النكرة المنفتحة على الاحتمالات كلها.
إذن ، فالعنوان بجزئيه يكاد يقدم شرحا خاطفا لفكرة المتن الذي سيضعه الصكر أمام القارئ متناولا فيه مواقف شتى من هذا المصطلح أسهمت في ظهور ما يسمى بالكتابة النسوية والتي أجملها الصكر في العنوان بمفاهيم ومقتربات نظرية وفصلها في المتن بالإشارة إلى ثلاثة آراء أساسية مهمة قيلت في تحديد الكتابة النسوية وعلى النحو الآتي([470] ):
 

  • تلك الأعمال التي تتحدث عن المرأة ، والتي كتبتها مؤلفات ،
  • الأعمال الأدبية جميعا التي تكتبها النساء سواء أكانت مواضيعها عن المرأة
    أم لا .
  • الأدب الذي يكتب عن المرأة سواء أكان المؤلف رجلا أم امرأة.

ولبيان موقفه من المصطلح النقدي الوارد في الجزء الأول من العنوان فإن الصكر يصرح بتبني الرأي الأول لأنه يجمع مقياس المؤلفة والموضوع ولا يهمل منتجة النص (المرأة) والموضوع الخاص بها أو المعبر عنه من زاوية نظرها([471]). ويحضر الجزء الأول من العنوان ( الكتابة النسوية) على واجهة الغلاف تحت العنوان الرئيس (انفجار الصمت) متصدرا العبارة التذييلية (( الكتابة النسوية في اليمن دراسات ومختارات )) ([472]) مما يشير إلى رغبة الصكر في نشر هذا المصطلح وشيوعه ، ولاسيما أنه بدا يهتم به في بلد مثل اليمن الذي تعاني فيه المرآة من اكراهات عديدة ثقافية واجتماعية([473]).
لأن العنوان الداخلي ( الكتابة النسوية : مفاهيم ومقتربات ) يمثل شــكلا من أشكال ( انفجار الصمت ) النسوي ، يدعمه الصكر بالجانبين النظري والتطبيقي عبر تناوله لنماذج من الكتابة النسوية في اليمن .
وهذه العناية من الصكر بالكتابة النسوية عبر جعل المصطلح حاضرا في العتبات إنما تعبر عن هدف الصكر في تسليط الضوء على ما يسميه بأدب الهوامش ومنه الأدب النسوي([474]).
فالعنوان الرئيس الفني يتفاعل مع العنوان الداخلي المزدوج الصريح من أجل تسليط الضوء على قضية الكتابة النسوية التي شغلت مباحث الكتاب ، فـ (( المؤلف الذي انتهى من إنتاج النص لابد له – وتحت ضغوط التسمية – أن يكثف النص في اسم ، عنوان ، يفترض به أن يعبر عن كثافات النص بمجراته واتساعاته وخرائطه )) ([475]) وأفكاره ، بحيث  يهيمن فيها العنوان الأعلى بدلالته العامة على العنوانات الداخلية ويعمل الاثنان : الأعلى –الخارجي –  والداخلي معا على تأدية وظيفة دلالية واحدة وجوهرية وشاملة تخص الموضوع الأساس للكتاب ([476] ) .
فالعنوان الأعلى الرئيس هو (( حمولة مكثفة للمضامين الأساسية للنص ، وهو وجه النص مصغرا على صفحة الغلاف )) ([477]) الخارجي ومرآته التي تبث أشعتها في العنوانات الداخلية المزدوجة .
 
 
المبحث الثاني
 
العنوان المزدوج
بين
 التصريح والتلميح
 
 
 
 
 
 
 
 
يتأرجح هذا النمط من العنونة بين أن يكون في قسمه الأول فنيا تلميحيا في توصيل دلالته ،(( بحيث تغدو مفردات هذا الجزء من العناوين ذات وظائف رمزية مشفرة بنظام علاماتي دال على عالم من الإحالات تربطها علاقة جدلية بالنصوص )) ([478] ) ويميل في قسمه الثاني إلى التصريح المباشر بالدلالة ، والإخبار عن مضمونه المفسر إما للقسم الفني الأول من العنوان أو لمتن النص بنحو عام أو لكليهما معا ولا يعد القسم الثاني تذييلا على الأول لأن الناقد يضعه بموازاة القسم الأول ، ولا تفصل بينهما سوى نقطتين مزدوجتين توحيان للقارئ بصريا بأن كل قسم منهما منفتح على الآخر ومتمم له.
 
ويبدو لنا أن الصكر بهذه العنونة كأنه يذكر القارئ بشخصيته المزدوجة التي يشكلها الشاعر والناقد في آن واحد وكأنَّ القسم الفني يشير إلى الجانب الشعري من هذه الشخصية والقسم الثاني الصريح يشير إلى الجانب النقدي منها ، وهذا يشير إلى ما يتمتع به منهج الصكر النقدي في العنونة مما يمكن أن نطلق عليه وصف (( الحيوية النقدية ، التي توفر للرصانة الأكاديمية عمقا نقديا يحفظها من السقوط في حاضنة العلمية والمنطقية ، الخالية من المرونة والحساسية الأدبية التي تُبقي العملية النقدية في دائرة النقد الأدبي ، وتدعم النص النقدي بالشعرية الكافية لأنْ يتمايز عن أية فعالية أكاديمية صرفة تسلبه حق الانتماء إلى هذا الحقل المستقل )) ([479]) .
 
صحيح أن مناهج النقد الحديث قائمة على جانب كبير من العلمية ، إلا أن ذلك لا يعني تنحية الإحساس ، لان النقد علم بالإحساس ومعرفة طبيعة الشعور البشري في صوره وحالاته جميعا .([480]) وفي ضوء ذلك (( لابد للناقد من أن يحاول تبصير القارئ به عن طريق التمثيلات والإيحاءات )) ([481]) ، ونرى((أن الدلالة التي يمكن أن يخرج إليها الدارس لمثل هذه الظاهرة هي أنها توثق الصلة ما بين الدراسة الموضوعية والنص الفني ، وتجعل منهما عملا إبداعيا واحدا ، وتشير إلى أن أغلب النقاد الذين استخدموا هذه العنوانات هم من الشعراء الذين دفعهم إحساسهم الفني إلى تشكيل هذه العبارات في صياغة تستلهم الرؤية الفنية ، وتوظف مفردات اللغة ، من أجل تكوين هذه البؤرة المشعة التي ترسخ في ذاكرة القارئ ، وتعلق بذهنه ، ومن ثم يصبح بإمكانه أن يسترجعها بيسر وسهولة متى أراد ذلك)) ([482]) ، لكن الناقد من جهة أخرى يحرص على أن يبقى جانب آخر من العنوان ذا طابع علمي موضوعي دالا بوضوح على مضمون النص النقدي. لذلك وجدنا أن الناقد / الشاعر يردف بهذا النوع في قسمه الأول الفني الرمزي عبارة توضح موضوع الدراسة بجلاء([483]).
فالعنونة على هذا النحو تجمع بين اللغتين الشعرية الفنية والنثرية ، فالأولى هي غاية في حد ذاتها لتحقق المتعة الفنية للقارئ قبل المنفعة التي يمكن أن تتضمنها دلالات اللغة الشعرية أيضا وتوحي بها ، في حين أن اللغة النثرية وسيلة للوصول إلى غاية جوهرية هي توصيل الحقائق والإخبار بالمعلومات ، وتحــقيق منفعة ما ([484]).
 
إن فنية القسم الأول وتأثيرها تنبع إما من الطابع المجازي لتشكيله اللغوي ، وإما من كونه متناصا مع عنوان النص الشعري المدروس أو مع الرمز المهيمن فيه وهذا النمط الثاني (المتناص) هو الأكثر حضورا في عنوانات الصكر المزدوجة. ((والعنوان بوصفه تأثيرا يقع فعله هنا على المتلقي من حيث أداؤه لجملة من الوظائف التي تأسر القارئ في لذة قراءة النص ، وهذا الأسر والاستغراق في لذة القراءة يتوقف إلى حد كبير على الخصيصة الأدبية التي يستند إليها في بنائه)) ([485] ) للقسم الأول منه بهذه الصياغة الفنية التي تميزه عن قسمه الثاني ، وتجعل جملة العنونة منفتحة على أكثر من تأويل وإنْ كان القسم الثاني يطرح نفسه مفسرا وشارحا للقسم الأول من العنوان المزدوج وفق رؤية الناقد ومقاصده، (( وكما يتطلب هذا العنوان من مؤلفه مثل هذا الجهد ، فانه يدعو متلقيه إلى بذل جهد مماثل بالحفر في الطبقات الكتابية من اجل العثور على الإشارات التي تفضي إلى إنتاجه بعد القراءة)) ([486]) بمدلول جديد ربما يختلف عن الذي فسّر به المؤلف العنوان في قسمه الثاني الصريح .
وبذلك يشرف العنوان في قسمه الأول وفق الوظيفة الشعرية على فضاءات الإيحاء حيث الدال  لا يكف عن الانزلاق ، إذ يتحول كل مدلول إلى دال جديد يستمر في خرق العرف اللغوي العادي السائد([487]) ،إلى درجة تجعل العنوان  له أكثر من قراءة واحتمال فالمعنى هنا مؤجل مما يدفع بالقارئ إلى التأويل من خلال تقديم إشارات حول محتوى النص مما يجعله أكثر إيحاء  ([488]) وتبعا (( لهذه الرؤية يكون العنوان متحررا من الضرورة إلى حد بعيد ومنفتحا أشد ما يمكن للغة أن تنفتح على احتمالات التأويل وذلك بحسب تهيؤه هو نفسه لتلك الاحتمالات ،هذا التهيؤ الذي يحفز المعرفة الخلفية للمتلقي ويعيد توزيعها وتنظيمها بشكل يجعله واحدا من اهم العوامل البنائية لتأويلاته واحتمالاتها)) ([489]).
ولعل العنوان المزدوج من النمط الذي ندرسه يؤدي الوظيفة الإغرائية على نحو متميز فيرضي الأذواق كلها ، ذوق من يبحث فيه عن الجانب الفني ، ومن يبحث عن الجانب العملي الدلالي الصريح ، ومن ثم فإنه قادر على إثارة عناية القارئ به ، وبالنص الذي يمثله وذلك لأنه بهذه الصياغة التركيبية (( يمنح النص هوية ابتدائية مستقلة عن غيره من النصوص ، ويعد المكون الأهم والواجهة الجمالية الأرقى التي يصطدم بها المتلقي ، ويتم التعرف من خلاله على مناخ ما يريد النص قوله ضمن الإطار العام)) ([490]) للعنوان الرئيس الذي يندرج مع العنوانات الفرعية الداخلية المزدوجة ضمن ما يسميه جيرار جينيت بمصطلح المناص الذي يطلق على كل ما يحيط بالمتن النصي وما يدور في فلكه من نصوص موازية([491]). تعمل بالتعاون مع العنوان الرئيس على تقديم النص أو الكتاب .
يبرز لنا عنوان داخلي آخر هو (( مملكة القارئ : على سبيل التقديم)) ([492]) ، يلجأ فيه الصكر إلى الأسلوب الفني في صياغة الجزء الأول من العنوان (مملكة القارئ) ، وللإشكالات والمسائل والدلالات التي يثيرها المفهوم ، فإن الصكر يضع أمامه جزءا آخر يمهد فيه لشرح الجزء الأول بعبارة تشير إلى أن ما سُيقرأ – على حد قوله – ( على سبيل التقديم) ، أي ليس بالمقدمة بالمعنى المنهجي المعروف بل  هي شبه مقدمة ستشرح معنى ( مملكة القارئ ) وأصناف القراء وفعل القراءة ، وتقدم في الوقت نفسه للكتاب كله وللدراسات الواردة فيه جميعا.، ومادامت الدراسة التي تقع تحت العنوان قد وضعت في فضاء المـقدمة الـــطباعي ، فإنها ستكون سبيلا لتقديم الكتاب (( وميدانا للتعرف على ما وقع الكاتب تحته من إغواء قوي دفعه إلى التأليف )) ([493]) ، فتلك مهام تؤديها المقدمة التي وضعت ( مملكة القارئ ) على سبيل الاقتداء بها ، ولعل الجزء الثاني من العنوان ( على سبيل التقديم ) بصراحته الدلالية المباشرة أتاح للصكر أداء تلك المهام (( لاسيما أن الإفصاح النثري يتيح للمؤلف الحديث عن نيات التأليف ، تلك التي ربما لا تكون حاضرة في مؤلفه )) ([494]) الذي سينشغل كل مبحث فيه بخصوصية مادته وأفكارها  .
إن فنية القسم الأول (مملكة القارئ) من المزدوجة العنوانية تتحرك ضمن صيغة مكانية (مملكة) الدالة على مكان وقوع الحدث أو الفعل والذي حدده بالأسلوب الكنائي ، فأراد بـ (مملكة) أن تكون كتابة عن (النص) الذي تكمن فيه فاعلية القارئ وسلطاته وسلطته المطلقة في إنتاج النص وتفسيره وتحديد معناه ونقده ، وقد صار لها اسم جديد – كما صرح الصكر – بـ (مملكة القراءة) ([495]) الذي بها أعيد القارئ إلى مملكة النص بعد أن تشرد خارجها ونفي عنها([496]) ، وصارت صلة القارئ بالنص ارتجاعية أو تنافذية ، أي من النص إلى القارئ ومن القارئ إلى النص ([497]) ، بعد ما أبعدته المناهج الخارجية بمقدار خطوتين عنه وأبعدته المناهج الداخلية المعتمدة على المتن النصي بمقدار خطوة واحدة ، وجاء ذلك الإبعاد لكون القراءة محض انفعال ، ولكون القارئ مجرد منفعل بالنص وليس فاعلا منتجا فكل ما يقدمه موجود في داخل النص لا يعطيه ما ليس فيه مما يهمش دوره ويضعه في دائرة السلبية والاستهلاك ([498]) أي تتجه إليه النصوص دون تفاعل منه أو دون دور في تأويله ، هذا ما جعل منه مجرد متلق سلبي([499]) .
ولذلك فإن الصكر يدعو القارئ إلى أن ((  يعود  إلى مملكته فاعلا أي منتج معان ومشكل أبينة ومحقق علاقات لا تظهر من دون نشاطه.. فما يأتي من النص إليه .. له وجه واحد يكتمل بإعادته ثانية إلى النص مع ما في ذاته هو من المعاني… وعمله يشبه عمل من يكمل بناءا ناقصا مليئا بالفراغات)) ([500]).
 
 
وبهذا يصبح عنده القارئ فاعلا والقراءة فعلا خلاقا([501]) بوصفها – كما قيل – نشاطا عمليا([502]) يحرر (( النص من نهائيته ويقينيته ويفتحه للتأويل والقراءة المستمرة)) ([503]) ، ففعل القراءة يرفد عملية التفاعل بين النص والقارئ والتي تؤدي إلى بنائية المعنى في وعي القارئ([504])، والقارئ لدى انجازه فعل القراءة – كما قال الصكر – هو كائن قرائي مصنوع من قراءات وخبرات متعددة ، ومن ذاكرته وحدسه الأولي والتجارب الخاصة ثم التقاء هذا كله بأفق النص ، لأن قيمته كقارئ تكمن في مقدرته لإعادة تشكيل العمل أو النص بوساطة ما استقر في داخله من التجارب والخبرات والقدرات التأويلية مما جعل من القارئ مكان تفاعل النصوص وانبعاثها وميلادها ، فيكون مستعدا لها مع كل قراءة ومعدلا ومحورا بحسب درجة الانفعال بالنص الناتج من قوة قراءته([505]).
وبهذا تعد النصوص نصوصا حقيقية لأن القارئ أتيحت له فرصة المشاركة النشطة في تشكيل قصدها([506]). هذا ما يجعل منه – كما قال الصكر – قارئا خاصا يسعى إلى تركيب عمل جديد مواز للعمل المنجز فنيا بيد قائله([507]).
فالصكر لا يسلب المتلقي متعة استقبال إيحاءات العنوان حتى وان عمد إلى تأويله في المتن ، فتعبيره (مملكة القارئ) يجعل من القارئ طرفا ذا نفوذ سلطوي على النص يتحكم به ويدير حركة المعنى والتأويل فيه.ليحقق وجوده القرائي الخاص ، (( وإذا كانت قوة النص تكمن في قدرته على إغراء القارئ وإغوائه وجره إلى عالمه كي يحقق هويته ويبـرز معانيه ، فان قوة القارئ تتمثل في إغناء النص وإثرائه بتشغيل مدخراته والاستعانة بمخزوناته الثقافية والمعرفية المباشرة وغير المــباشرة )) ([508]).بحثا عن المـعـنى المـــستتر في العنـــوان ، لكــــن (( المعنى هنا ليس هو المعنى المختبئ في النص – كما هو الأمر في الفهم التقليدي – بل المعنى الذي ينشا نتيجة للتفاعل بين القارئ والنص ))  ([509] )  .
 
أما الأنموذج الثاني الذي اخترناه فهو ((حنجرة طرية لسامي مهدي : تقاطعات النسق والسياق)) ([510]) الذي يتشكل القسم الأول منه بالتناص مع عنوان الديوان الشعري ( حنجرة طرية) للشاعر سامي مهدي ، مع العلم أن هذا العنوان نفسه هو عنوان داخلي أيضا في الديوان([511]). واختيار الصكر لهذا العنوان مرتبطاً باسم الشاعر كان أمرا مقصودا – حسب قوله – لأسباب تتعلق بمنهجه في القراءة النقدية الذي ينطلق من النص وما يقترحه من مستويات مختلفة للقراءة وفق المهيمنات أو الموجهات الكبرى في قصائده التي تعد كل واحدة منها مولدا يشغل النتاج الشعري للديوان ويلم حوله تأويلات القراء التي قد تخالف أو تطابق قصد الشاعر ، ولذلك فانه يختار هذا العنوان عنوانا لدراسته بوصفه الموجه
الأول لقراءته.([512])
ويتجاوز الصكر إشارة الشاعر إلى أنه اختار هذا العنوان (حنجرة طرية) لمجرد أنه عنوان جميل لديوان شعر وأنه لم يختره لنوايا تتعلق بالقصائد التي في الديوان فهو عنوان بلا نوايا كما يقول الشاعر ، لكن الصكر يقر بعدم استطاعته عبور العنوان حتى وإنْ حاول الشاعر باعترافه التبسيط الشديد لإستراتيجية العنوان في الكتابة الشعرية ، وفي التلقي النقدي لأنَّ ثمة شيئا يظل أبعد من جمال العنوان كصياغة لغوية ، شيء يرتبط بطبيعة حضوره في الديوان([513]). وقد رصد الصكر هيمنة العنوان (حنجرة طرية) في الديوان متكررا ثلاث مرات بوصفه أولا عنوانا رئيسا للديوان ، وعنوانا داخليا للقسم الثاني الأكبر من الديوان ، وعنوانا فرعيا للنص الأول من نصوص القسم الثاني ، ومن ثم فإنه يرى أن ثمة قصدا خفيا لا شعوريا عند الشاعر وراء تسمية الديوان كله بهذا الاسم([514]). الذي يمــثل – بوصفه عنوانا رئيسا – مِظلةً جامعة لنصوص عدة يجمع بينها مناخ التجربة الشـــعرية العامة للــشاعر .([515])بحيث يمكن قراءة هذا النمط من العنونة مفردا بوصفه نصا لوحده ، أو قراءته بوصفه جملة متمفصلة عبر عدة نصوص في العمل الواحد .([516])
والقصد السابق مرتبط بكون الشاعر مشغولا بتكريس ثنائية حادة تشغله على مستوى السياق النصي ، وهي ثنائية الفضائي والأرضي التي يمكن أن تكون (حنجرة طرية) رمزا لها ، فالحنجرة وسيلة اتصال بالفضاء عبر الصوت الذي هو بوح سواء بالكلام أو الإنشاد أو الغناء وتلك إحدى تداعيات العنوان الذي يرتبط بالوصف (طرية) على سبيل استحضار الضد بنفيه أي نفي اليبوسة والجدب والجفاف وهي صفات أرضية إذا ما قارناها باتجاه الحنجرة إلى الفضاء عبر ما تؤدي من أفعال([517]). ويضرب الصكر أمثلة كثيرة على الصراع أو التقاطع بين الأنساق الموجودة في النص والسياقات العامة التي تمثل الأعراف والتقاليد سواء ما كان فيها معبرا عن الجنس الشعري أو مرتبطا بما هو خارجي من مجتمع وتاريخ([518]). ونرى أن الصكر أيضا لم يكن بريئا في اختياره (حنجرة طرية لسامي مهدي) عنوانا لدراسته إذ إن هذا الربط بين عنوان الديوان واسم الشاعر يجعل ما سبق ذكره من دلالات الحنجرة الطرية منسوبا إلى الشاعر نفسه وكأن الصكر أراد أن يقول : إن حنجرة سامي مهدي الشعرية التي ارتبطت بوصف (طرية) إنما هي محاولة للإشارة إلى رغبة الشاعر بنفي جفاف حنجرته الإبداعية بسبب رضوخها الطويل للكتابة في سياق الشعر الحر.   والدليل على ذلك أن الصكر يكشف عن تحول الشاعر بعد نضوب قصيدته الحرة إلى القصيدة النثرية في النصف الآخر من الديوان الذي وضع له عنوان (حنجرة طرية) ، مع أن الشاعر من المصرحين في وقت سابق على رفض النثر بوصفه وسيلة لكتابة الشعر([519]).
وبالنتيجة فإن هذا التقاطع عند الشاعر بين تحوله إلى نسق القصيد النثرية ومحافظته على الارتباط بسياق القصيدة الحرة إنما ينسجم والجزء الأول من العنوان المتناص فضلا عن الانسجام مع الجزء الثاني .
فالصكر قد قرأ عنوان سامي مهدي (حنجرة طرية) قراءة تناصية وفق قانون الحوار الذي لا يقدس النص المقروء ، بل يتجاوزه بالقلب والتحويل ويعيد كتابته برؤية جديدة تنطلق من قناعة راسخة في عدم محدودية تأويل النص([520]).الذي يمكن أن يخضع لعملية تحويل بعد اقتطاعه وزجه في صورة تناصية جديدة .([521]) لأنَّ لجوء المؤلف إلى التناص لايعني بأية حال أنه أصبح مسلوب الإرادة أو أنه يقوم بعملية نسخ أو سلخ أو مسخ أو تقليد أعمى للنصوص الأخرى .([522]) بل على العكس لان التناص فرصة للمؤلف كي يثبت قراءته الجديدة للنص الذي تناص معه .
إن التناص في واحد من تعريفاته هو ((التواجد اللغوي – سواء أكان نسبيا أم كاملا أم ناقصا – لنص في نص آخر)) ([523]) ، وفي عنوان الصـــكر ((جيكور أمي : تاريخ قصيدة وحياة شاعر)) ([524]) يتواجد في الجزء الأول بالكامل عنوان قصيدة ((جيكور أمي)) ([525]) للسياب لينفتح عنوان الصكر عبر النقطتين المزدوجتين على قسمه الثاني الذي ضم إشارتين تخصان القصيدة والشاعر وكأنهما تقدمان شرحا موجزا لرمزية العنوان ، فالإشارة الأولى (تاريخ قصيدة) تعني أن للقصيدة تاريخا مميزا كتبت فيه يسهم في فهم عنوانها ومتنها إذ إنها كتبت في لندن بتاريخ 5/12/1963 وكتبها السياب في المستشفى مريضا وبعيدا آلاف الكيلومترات عن قريته الجنوبية (جيكور) لكن عينيه تجولان فيها ولا يقول رجلاه او يداه لأنه عاجز مشلول يكتفي باللثم والنظر([526]):
تلـك أمي ، وإنْ أجئهـا كسيحــا
لاثما أزهارها والماء فيها ، والترابا
ونافضا ، بمقلتي ، أعشاشها والغابا([527])
 
أما الإشارة الثانية (حياة شاعر) فجاء بها الصكر ، لأن القصيدة تمثل جانبا مهما في حياة السياب وسيرته ، ويدعم الصكر ما جاء في هذه الإشارة العنوانية بقوله : إن السياب (( شاعر حقيقي لا تجد حياته خارج شعره مطلقا ، ولعله من القلة من الشعراء الذين تشير إلى مسيرتهم الشعرية حين تريد أن تؤرخ لهم ، فالسياب يوحد بين الحياة والشعر بشكل مدهش … في شعر السياب كما في شعر الموهوبين القلائل يمكن أن تتخذ النص وثيقة تؤرخ مختزلة مركزة حياة الشاعر صريحة أو مكناة)) ([528]).لكن مع التأكيد على (( أن أحداث حياة الشاعر في حد نفسها ليست هي المهمة من حيث هي في النقد الأدبي ، ولكن هذا الأحداث من حيث إنها مؤثرة في الإنتاج الأدبي هي ما تهم الناقد )) ([529]).
وبالجمع بين تاريخ كتابة القصيد وحياة الشاعر يصل الصكر إلى شرح نقدي يسهم في تأويل عنوان القصيدة الذي جعله الصكر عنوانا متناصا للجزء الأول من العنوان المزدوج الذي وضعه لدراسته فيقول : (( لقد غدت الأم في شعر السياب معادلا للجذر الذي فارقه ولم يشأ أنْ ينقطع عنه ، وإذا كان الحبل السري قد انقطع بين الولد وأمه مبكرا فإنه يصطنع أُمّا أخرى يعود إليها كلما قست عليه الحياة أو أبعدته عن الجذر. من هنا كانت جيكور – قريته بما هي عليه من بساطة – أُما يعود إليها بعد أن أثخنته الجراح)) ([530]).
فالصكر يبدو متفقا تماما مع السياب في دقة اختيار عنوان القصيدة المعبر عن مضمونها ، ولذلك استعاره متناصا معه في عنوانه المزدوج السابق لأنه لم يجد أفضل منه. وإذا كان اختيار المؤلف للعنوان نوعا من تركيب الشفرة الأدبية فإن قراءة المتلقي الناقد له تعني فك الشفرة بإعادة العنوان إلى إطاره المرجعي والشروع في إنتاج دلالته ، إذ ليس العنوان عبارة لغوية منقطعة أو إشارة مكتفية بذاتها بل هو دائما مفتاح تأويلي أساسي([531]).
ووفق هذه الرؤية النقدية إلى التناص في العنوان تعامل الصكر مع عنوان السياب، الذي جعله أشبه بالظل لعنوان دراسته النقدية ، (( مؤكدا حاجة النص دائما إلى ظل في غيابه تنعدم الخصوبة الإنتاجية له )) ([532] ) ، ويبدو أن الصكر في كثير من عنواناته المزدوجة ([533]) يعمد إلى مايسمى بـ (( التناص الواجب : إذ يوجه المتلقي نحو مظانه ، أي بوجود مؤشرات تؤشر للقارئ مفاصل التناص )) ([534]) . في العنوان المزدوج عبر شطره الفني المتناص .
 
 
 
 
 
 
 
  ((الخاتمة))
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الخاتمة
 
بعد أن انتهينا من دراسة موضوع الرسالة يمكننا أن نوجز أهم النتائج التي توصلنا إليها من خلال النقاط الآتية :
 

  • يتعامل الصكر مع عنواناته بقصدية نقدية واعية غايتها تحقيق عدة أهداف، منها ماله علاقة بشخصية الصكر الشاعرة والناقدة في آن واحد ، ومنها ماله علاقة بطبيعة موضوع الكتاب ومباحثه .فضلا عن الجوانب الأخرى التي ترتبط بالقارئ وأساليب جذبه لقراءة الكتاب عبر عتبة العنوان أولا .

 

  • أحيانا يجعل الصكر مقدمات كتبه وسيلة للحديث المباشر أو غير المباشر عن سر عنونته للكتاب أو الدوافع وراء اختيار مفردات العنوان .

 

  • إن اهتمام الصكر بالعنونة يأتي نتيجة اطلاعه على المناهج النقدية الحديثة التي اهتمت بالعتبات النصية ومنها العنوان بوصفه أولى عتبات النص التي لايمكن تجاهلها وذلك لأنه يحمل من الشفرات والرموز الدالة ، مايحـتم عليه مواجهة النـص بكـل ثــقة ، فلايمكن قراءة العنوان بمعزل عن النص .

 

  • غلبت الجملة الاسمية على عناوين الصكر التي تفتقر إلى المبتدأ ظاهريا ، وهذا ماجعل العنوان ينبني على الحذف مما يستقطب اهتمام المتلقي وإثارته ، كما لاحظنا ميل الصكر للمركب الإضافي في كثير من العنوانات ولاسيما الرئيسة ، فضلا عن غلبة الجملة الطويلة على معظم عنواناته الداخلية ومنها المزدوجـة على نـحو خاص ، وغياب العنوان المكون من مفردة واحدة ربما بسبب انتماء النصوص إلى الحقل النقدي الذي لايمكن للعنوان المفرد أن يلبي مقاصده .

 

  • ثمة دافعان رئيسان وراء ميل الصكر الى العنونة الفنية ؛ أولهما كونه شاعرا قبل أن يكون ناقدا ، وثانيهما كون النصوص التي يشتغل عليها نقديا هي نصوص شعرية في معظم الأحيان سواء أكانت قديمة أم حديثة ، ومن ثم فان طبيعتها الفنية تغريه باختيار عنوانات تناسب هذه الطبيعة الأدبية .

 

  • غلب على الصكر الميل إلى العنونة الفنية في تشكيل العنوانات الرئيسة لكتبه كونها الأبرز في مواجهة القارئ من العنوانات الداخلية ، وهي عامل جذب أول في عملية التلقي ، فضلا عن كون العنونة الفنية تعكس رغبته في تنشيط الوظيفة الإغرائية للعنوان لاستقطاب القارئ إلى حقل النقد .

 

  • يشكل الصكر العنوانات الداخلية الفنية بعد أن يتخذ من النصوص الشعرية التي يدرسها أو من التجارب الفنية للشاعر مرجعا للتناص معها عبر عتبة العنوان وهو بذلك يحقق هدفين ؛ أولهما : اختصار مهمة البحث في تشكيل العنوان بالعثور على العنوان ومفرداته وفكرته من النص المدروس نفسه ، والثاني : الدخول الفني في علاقة تناص مع النص المدروس تخضع لواحد من قوانين التناص المعروفة .

 

  • كثرة العنوانات المتناصة الخارجية والداخلية التي تعكس ثقافة الصكر الواسعة وانفتاحه على النصوص الأدبية والنقدية ،التراثية ، والحديثة ، الشرقية والغربية ، وذلك يتطلب من قاريء كتبه جهدا كبيرا في استيعاب تلك العنوانات وفهم صلتها بمتونها .

 

  • إن العنوانات الوصفية المباشرة تكثر في العنوانات الداخلية ولاتحضـر في العـنوانات الرئيسة إلا في عنوانين هما : ( رفائيل بطي وريادة النقد الشعري في العراق ) و( الشعر والتوصيل ) ، وغالبا ماتكون العنوانات الداخلية الوصفية الإخبارية في الكتب التي يكون عنوانها الرئيس صريحا ومباشرا بدلالاته كما في العنوانين المـذكورين آنفا .

 

  • لايميل الصكر إلى العنوان التجنيسي كثيرا في تشكيل العنوانات الرئيسة لمؤلفاته النقدية وذلك لأنه لايحبذ الوضوح والمباشرة في الدلالة التي تحدثها مـثل هذه العنوانات ، بل يعمد دائما إلى الأساليب الفنية الإيحائية في تشكيل معظم عنواناته الرئيسة . أما التجنيس في العنوانات الداخلية فانه يحضر بقوة في المباحث التي تخضع للمنهجية الأكاديمية ولغتها في الكتابة كما في كتابه ( مرايا نرسيس ) الذي هو في الأصل اطروحته للدكتوراه ،والذي حمل عنوانا فرعيا أكاديميا مباشرا .

 

  • اقتصار العنونة المزدوجة على العنوانات الداخلية عند الصكر ، وغيابها عن العنوانات الرئيسة بسبب تشكيلها النحوي الذي يتركب من جملتين طويلتين غالبا .

 

  • العنونة المزدوجة عند الصكر توحي بمراعاته لجانب التلقي واختلافه بين القراء عبر وضع خيارين مختلفين من العنونة في آن واحد ، أحدهما مباشر والآخر فني إيحائي متناص .

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
ثبت
 
 المصادر والمراجع
 
 
 
ثبت المصادر والمراجع
 
أولا: الكتب
 
1 – آليات الكتابة السردية : امبرتو ايكو ، ترجمة وتقديم : سعيد بنكراد ، دار الحوار – سوريا ، ط1، 2009.
 
2-  أساطير إغريقية ورومانية : غريس كوبر، ترجمة : غانم الدباغ ، منشورات مكتــبة الرواق – بغداد ، ط1، 1984.
 
3 – استيعاب النصوص وتأليفها : اندريه – جاك ديشين ، ترجمة : هيثم لمع  ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر – بيروت ، ط1 ، 1991.
 

  • الأصابع في موقد الشعر ( مقدمات مقترحة لقراءة القصيدة ) : حاتم الصكر ، دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد ، ط1 ، 1986.
  • الأعمال الشعرية الكاملة : نزار قباني ، منشورات نزار قباني – بيــروت ، ط1 ، د-ت .

 

  • (الأعمال الشعرية ) مفرد بصيغة بصيغة الجمع وقصائد أخرى : ادونيس ، منشورات دار المدى – سوريا ، د- ط ، 1996.

 

  • أغاني الحياة : ديوان شعر أبي القاسم الشابي ، دار مصر للطباعة – القاهرة ، ط1 ، 1955.

 

  • انفجار الصمت ( الكتابة النسوية في اليمن / دراسات ومختارات ) : د. حاتم الصكر ، مركز عبادي للدراسات والنشر /اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين – صنعاء ، ط1، 2003.

 

  • أنماط البث والتلقي في الخطاب الروائي المعاصر : مهدي صلاح علي حسن ، دائرة الثقافة والإعلام – الشارقة ، ط1، 2006.

 

  • البئر والعسل (قراءات معاصرة في نصوص تراثية ) : حاتم الصكر ، دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد ، ط1 ، 1992.

 

  • بنية الخطاب النقدي ( دراسة نقدية ) : د. حسين خمري ، دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد ، ط1 ، 1990.

 

  • البنيوية وعلم الإشارة : ترنس هوكز ، ترجمة : مجيد الماشطة ، مراجعة : د . ناصر حلاوي ، دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد ، ط1 ، 1986.

 

  • تحليل الخطاب الشعري ( استراتيجية التناص ) : د. محمد مفتاح ، دار التنوير للطباعة والنشر – بيروت ، ط1، 1985.

 

  • التحليل السيميائي للخطاب ( قراءة في حكايات كليلة ودمنة لابن المقفع ) : د. ناصر شاكر الاسدي ، دار السياب – لندن ، ط1 ، 2008.

 

  • تحولات النص الشعري ( قراءة في نماذج من شعر التسعينات في سوريا ) : إعداد وتقديم ومشاركة محمد صابر عبيد ، مطبعة اليازجي – دمشق ، ط1 ، 2007.

 

  • تداخل النصوص في الرواية التاريخية : حسن محمد حماد ، الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة ، ط1 ، 1997 .

 

  • تذوق النص الأدبي ( جماليات الأداء الفني ) : د. رجاء عيد ، دار قطري بن الفجاءة – الدوحة ، ط1 ، 1994.

 

  • ترويض الحكاية بصدد قراءة التراث السردي : د. شرف الدين ماجدولين ، منشورات الاختلاف – الجزائر ، ط1 ، 2007.

 

  • ترويض النص ( دراسة للتحليل النصي في النقد المعاصر / إجراءات ومنهجيات ): حاتم الصكر ، الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة ،ط1 ، 1998.

 

  • التناص في شعر الرواد : احمد ناهم ، دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد ، ط1 ” 2004 .

 

  • ثريا النص ( مدخل لدراسة العنوان القصصي ) : محمود عبد الوهاب ، دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد ، ط1 ، 1995.

 

  • حلم الفراشة (الإيقاع الداخلي والخصائص النصية في قصيدة النثر ) : حاتم الصكر ، اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين – صنعاء ، ط1، 2004  .

 

  • حنجرة طرية : سامي مهدي ، دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد ، ط1 ، 1993.

 

  • الحيوان رمزا في الشعر العراقي الحديث ( 1970- 2000): د. رباب هاشم حسين ، دار الفراهيدي – بغداد ، ط1 ، 2010.

 

  • الخروج من التيه ( دراسة في سلطة النص ) : د. عبد العزيز حمودة ، مطابع السياسة – الكويت ، ط1 ، 2003 .

 

  • الخطاب الشعري الحديث في الإمارات( قراءات تطبيقية / الجزء الأول ) : د. صالح هويدي ،دار الصدى – الإمارات العربية ، ط1 ، 2010.

 

  • الخطيئة والتكفير  ( من البنيوية إلى التشريحية / قراءة نقدية لنموذج انــــساني معاصر ) : د. عبدالله الغذامي ، النادي الأدبي الثقافي – جدة ، ط1 ، 1985.

 

  • دراسات في النص والتناصية : د. محمد خيري البقاعي ، ترجمها وقدم لها وعلق عليها : د. محمد خيري البقاعي ، ط1 ، 1998.

 

  • دلالات النص الآخر في عالم جبرا إبراهيم جبرا الروائي : ولات محمد ،منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب – دمشق ، ط1 ، 2007.

 

  • الدلالة المرئية ( قراءات في شعرية القصيدة الحديثة ) : د. علي جعفر العلاق ، دار الشروق – عمان ، ط1 ، 2002 .

 

  • دليل النظرية النقدية المعاصرة : بسام قطوس ، مكتبة دار العروبة – الكويت ، ط1 ، 2004 .

 

  • ديوان ( ايليا أبو ماضي ) شاعر المهجر الأكبر : دار العودة – بيروت ، ط1 ، د-ت .

 

  • ديوان بدر شاكر السياب : دار العودة – بيروت ، ط1 ، 1971 .

 

  • الربيع الأسود : مفيد نجم ، منشورات وزارة الثقافة – سوريا ، ط1 ، 2006 .

 

  • رفائيل بطي وريادة النقد الشعري ( 1901 – 1956) / مقدمة ومختارات : حاتم الصكر ، منشورات الجمل – المانيا ، ط1 ، 1995.

 

  • رماد العنقاء ( شعراء اللحظة الحرجة من الهامش إلى المركز) : عباس عبد جاسم ، منشورات الغسق – بابل ، ط1 ، 2000.

 

  • السرد والكتاب : محمد خضير ، دار الصدى – الإمارات العربية المتحدة ، ط1 ، 2010

 

  • السيرة الذاتية : جورج ماي ، تعريب : محمد القاضي – عبدالله صولة ، بيت الحكمة – تونس ، ط1 ، 1992

 

  • سيمياء العنوان :د. بسام موسى قطوس ، جامعة اليرموك – الأردن ، ط1 ، 2001 .

 

  • سيميائية النص الأدبي: أنور المرتجي ، إفريقيا الشرق- الدار البيضاء ، ط1 ، 1987.

 

  • الشعر والتلقي – دراسات نقدية : علي جعفر العلاق ، ط1 ، دار الشروق – الأردن ، ط1 ، 1997 .

 

  • الشعر والتوصيل : حاتم الصكر ، دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد ، ط1 ، 1988.

 

  • شعرية الحجب في خطاب الجسد : د. محمد صابر عبيد ، المركز الثقافي العربي – المغرب ، ط1 ، 2007 .

 

  • ظاهرة التعالق النصي في الشعر السعودي الحديث : علوي الهاشمي ، مطابع مؤسسة اليمامة الصحفية – الرياض ، ط1 ، 1997.

 

  • ظاهرة الرثاء في القصيدة الأردنية : د. عماد الضمور ، دار الكتاب الثقافي – الأردن ، ط1 ، 2005.

 

  • ظاهرة الشعر المعاصر في المغرب ( مقاربة بنيوية تكوينية ) : محمد بنيس ، دار التنوير- بيروت ، ط2 ، 1985 .

 

  • عتبات ( جيرار جينيت من النص إلى المناص ) : عبدالحق بلعابد ، تقديم د. سعيد يقطين ، منشورات الاختلاف – الجزائر ، ط1 ، 2008 .

 

  • عتبات الكتابة في الرواية العربية : د. عبدالمالك اشهبون ، دار الحوار – سوريا ، ط1، 2009 .

 

  • عتبات المحكي القصير ( في التراث العربي والإسلامي ) : د. الهاشم اسمهر ، الشبكة العربية للأبحاث والنشر – بيروت ،ط1 ، 2008 .

 

  • عضوية الأداة الشعرية / فنية الوسائل ودلالية الوظائف في القصيدة الجديدة : د. محمد صابر عبيد ، دار مجدلاوي – الأردن ، ط1، 2007 .

 

  • علاقات الحضور والغياب في شعرية النص الأدبي ( مقاربات نقدية ) : د. سمير الخليل ، دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد ، ط1 ، 2008 ة.

 

  • علم العنونة : عبد القادر رحيم ، دار التكوين – دمشق ، ط1، 2010 .

 

  • علم لغة النص ( المفاهيم والمقتربات ) : د. سعيد حسن بحيري ، مؤسسة المختار – القاهرة ، ط1 ، 2004.

 

  • علم النص : جوليا كرستيفا ، ترجمة : فريد الزاهي ، مراجعة : عبد الجليل ناظم ، دار توبقال – الدار البيضاء ، ط1 ، 1991.

 

  • العنوان في الأدب العربي  ( النشاة والتطور ) : د. محمد عويس ، مكتبة الانجلو المصرية – القاهرة ، ط1 ، 1988.

 

  • العنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي : د. محمد فكري الجزار ، الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة ، ط1 ، 1998 .

 

  • في أصول الخطاب النقدي الجديد : تزفتيان تودوروف وآخرون ، ترجمة : احمد المديني ، دار الشؤون الثقافية – بغداد ، 1987.

 

  • في تحليل النص الشعري : عادل ضرغام ، منشورات الاختلاف – الجزائر ، ط1 ، 2009 .

 

  • في الشعرية : كمال أبو ديب ، مؤسسة الأبحاث العربية – بيروت ، ط1 ، 1987.

 

  • في غيبوبة الذكرى ( دراسات في قصيدة الحداثة ) : حاتم الصكر ، دار الصدى – الإمارات العربية المتحدة ، ط1 ، 2009 .

 

  • في نظرية العنوان ( مغامرة تأويلية في شؤون العتبة النصية ) : د. خالد حسين حسين ، دار التكوين – دمشق ، ط1 ، 2007 .

 

  • قاموس مصطلحات النقد الأدبي المعاصر ( فرنسي / عربي ) : د. سمير حجازي ، مكتبة مدبولي – القاهرة ، ط1 ، 1990.

 

  • القصيدة الرائية ( أسئلة القيمة الشعرية / قراءة في شعرية رعد فاضل ) : محمد صابر عبيد ، دار الحوار سوريا ، ط1 ، 2001 .

 

  • قواعد النقد الأدبي : لاسل ابركرومبي ، ترجمة : د.محمد عوض محمد ، دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد ، ط2 ، 1986 .

 

  • كتابة الذات ( دراسات في وقائعية الشعر ) : حاتم الصكر ، دار الشروق – عمان ، ط1 ، 1994 .
  • كليلة ودمنة : عبدالله بن المقفع ، مهد له وضبطه وشرحه وناقشه وقابل نصوصه : د. حبيب يوسف مغنية ، دار ومكتبة الهلال – بيروت ،د- ط ، 2006 .

 

  • لسان العرب للإمام العلامة ابن منظور ( 630-711) ،طبعة جديدة ومصححة اعتنى بتصحيحها أمين محمد عبدالوهاب ومحمد الصادق العبيدي ، دار إحياء التراث العربي – بيروت ، ط3 ، د-ت .

 

  • اللغة الثانية في إشكالية المنهج والنظرية والمصطلح في الخطاب النقدي العربي الحديث : فاضل ثامر ، المركز الثقافي العربي – بيروت ، ط1 ، 1994 .

 

  • اللغة الشعرية في الخطاب النقدي العربي ( تلازم التراث والمعاصرة ) : محمد رضا مبارك ، دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد ،ط1 ، 1993 .

 

  • اللغة الفنية : ميدلتون موري وآخرون ، تعريب وتقديم : محمد حسن عبدالله ، دار المعارف – القاهرة ، ط1 ، 1985.

 

  • ما الجنس الأدبي : ماري شيفر ، ترجمة : غسان السيد ، اتحاد الكتاب العرب – دمشق ، ط1 ، 1997 .

 

  • ما لاتؤديه الصفة ( المقتربات اللسانية والاسلوبية والشعرية ) : حاتم الصكر ، دار كتابات – بيروت ، ط1 ، 1993 .

 

  • ما هو النقد : إعداد وتقديم : بول هيرنادي ، ترجمة : سولافة حجاوي ، مراجعة : د. عبد الوهاب الوكيل ، دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد ، ط1 ، 1989 .

 

  • المبدأ الحواري ( دراسة في فكر ميخائيل باختين ) : تزفيتان تودوروف ، ترجـــمة : فخري صالح ، دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد ، ط1 ، 1992 .

 

  • مدخل إلى عتبات النص ( دراسة في مقدمات النقد العربي القديم ) : عبد الرزاق بلال ، إفريقيا الشرق – الدار البيضاء ، ط1 ، 2000.

 

  • مدخل لجامع النص : جيرار جينيت ، ترجمة : عبد الرحمن أيوب ، دار اشؤون الثقافية العامة- بغداد ، ط1 ، 1986 .

 

  • مرايا السرد وجماليات الخطاب القصصي : د. محمد صابر عبيد ، د. سوسن البياتي ، دار العين للنشر ، ط1 ، 2008 .

 

  • مرايا نرسيس ( الأنماط النوعية والتشكلات البنائية في قصيدة السرد الحديثة ) : حاتم الصكر ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر – بيروت ، ط1 ، 1999.

 

  • المسرح والمرايا ( 1965-1967) : ادونيس ، منشورات دار الآداب بيروت ، طبعة جديدة ، 1988 .
  • معاني النحو : د. فاضل صالح السامرائي، ج1، دار السلاطين – الاردن ،
  • معجم المصطلحات الأدبية : إبراهيم فتحي ، المؤسسة العربية للناشرين المتحدين – تونس ، ط1 ، 1986 .
  • المعجم الوسيط : قام بإخراجه إبراهيم مصطفى ، احمد حسن الزيات ، حامد عبدالقادر ، محمد علي النجار ، المكتبة العلمية – طهران ، د-ط ، د- ت .
  • المعنى وظلال المعنى ( انظم الدلالة في العربية ) : د. محمد محمد يونس علي ، دار المدى الإسلامي ، ط2 ، 2007 .
  • المعنى والكلمات : سعيد الغانمي ، دار الشؤون الثـــقافية العامة – بغداد ، ط1 ، 1989 .
  • المغامرة السردية ( جماليات التشكيل القصصي ) : رؤية فنية في مدونة فرج ياسين القصصية : سوسن هادي جعفر ، دار الثقافة والإعلام – الشارقة ، ط1 ، 2010 .
  • مقدمة في النظرية الأدبية : تيري ايغلتن ، ترجمة : إبراهيم جاسم ، مراجـــــعة : د. عاصم اسماعيل الياس ، دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد ، ط1 ، 1992.
  • مقومات مناهج التأليف العربي في مقدمات المؤلفين: د. هاني العمد ، جمعية عمال المطابع التعاونية – الأردن ، ط1 ، 1987.
  • مناهج النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق : ديفيد ديتش ، ترجمة : د. محمد يوسف نجم ، دار صادر – بيروت ، ط1 ، 1976 .
  • مناهج النقد المعاصر : د.صلاح فضل ، أطلس للنشر – القاهرة ، ط5 ، 2005 .
  • منهج البحث الأدبي عند العرب : د. احمد جاسم النجدي ، دار الحرية للطباعة – بغداد ، ط1 ، د-ت .
  • من فلسفات التأويل إلى نظريات القراءة ( دراسة تحليلية نقدية في النظريات الغربية الحديثة ) : عبد الكريم شرفي ، منشورات الاختلاف – الجزائر ، ط1 ، 2007 .
  • من الكائن إلى الشخص : د. محمد عزيز الحبابي ، دار المعارف – مصر ، ط1 ، 1962.
  • مواجهات الصوت القادم ( دراسة في شعر السبعينات ) : حاتم الصكر ، دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد ، ط1، 1986 .
  • الموازنة بين أبي تمام حبيب بن اوس الطائي وأبي عبادة الوليد بن عبيد البحتري الطائي : تصنيف الإمام النقادة أبي القاسم الحسن بن بشر بن يحيى الامدي البصري ، حقق أصوله وعلق حواشيه محي الدين عبدالحميد ، دار المسيرة – بيروت ، د-ط ، د-ت .
  • النظرية الأدبية المعاصرة : رامان سلدن ، ترجمة : سعيد الغانمي ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت ، ط1 ، 1996 .
  • نظرية التلقي ( مقدمة نقدية ) : روبرت هولب ، ترجمة : عزالدين اسماعيل ، النادي الأدبي الثقافي – جدة ، ط1 ، 1994.
  • نظرية المنهج الشكلي ( نصوص الشكلانيين الروس ) : ترجمة : إبراهيم الخطيب ، مؤسسة الأبحاث العربية – بيروت ، ط1 ، 1982.
  • النقد الأدبي : سهير القلماوي ، مركز الكتب العربية ، ط1 ، 1988 .
  • النقد الأدبي العربي الجديد في القصة والرواية والسرد : د. عبدالله أبو هيف ، منشورات اتحاد الكتاب العرب – دمشق ، ط1 ، 2000.
  • النقد التحليلي : محمد محمد عناني ، مكتبة الانجلو المصرية – مصــــر ، ط1 ، د-ت .
  • النقد الصحفي : د. عبد الستار جواد ، دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد ، ط1 ، 1999.
  • هوية العلامات في العتبات وبناء التأويل : شعيب حليفي ، دار الثقافة – الدار البيضاء ، ط1 ، 2005 .

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
ثانيا : الدوريات

  • الأجناس الأدبية من منظور مختلف : خلدون الشمعة ، المجلة العربية للثقافة ، ع 32، س1997.
  • أسطرة العنوان وسردنة الزمن : محمد صابر عبيد ، مجلة عمان – الأردن ، ع 86 ، س1998.
  • الاقتصاص القرآني والتناص ( ابن فارس نموذجا ) : د. ياسر عبد الحسيب رضوان ، مجلة الرافد – الإمارات العربية ، ع 164 ، س 2011.
  • التغريب وانفتاح النص في قصص مابعد الحداثة : د. شجاع مسلم العاني ، مجلة الموقف الثقافي – العراق ، ع 14 ، س 1998 .
  • التناص .. الآلية النقدية / مقترب تاريخي من المناهج النقدية الحديثة : داود سلمان الشويلي ، مجلة الموقف الثقافي – العراق ، ع 26 ، س 2000.
  • التناص في معارضات البارودي : تركي المغيض ، مجلة أبحاث اليرموك – الأردن /المجلد التاسع ، ع 2 ، س 1991 .
  • خطاب العناوين / قراءة في أعمال أمين صالح : رشيد يحياوي ، مجلة البحرين الثقافية ، ع18 ، س1998.
  • الريادة في منظور علي جواد الطاهر : د. نادية غازي العزاوي ، مجلة الأقلام ، ع 4 ، س 1999.
  • السميوطيقا والعنونة : جميل حمداوي ، مجلة عالم الفكر – الكويت ، المجلد 25 ، ع 3، س 1997.
  • السيميائية وقراءة النص الأدبي : د. السعيد بوسقطة ، مجلة المعرفة – سوريا ، ع 540 ، س 2008 .
  • شعرية الرواية : علي جعفر العلاق ، مجلة علامات في النقد- جدة ، المجلد 23 ، ع 6 ، س 1997.
  • شعرية عنوان كتاب الساق على الساق في ماهو الفارياق : د. محمد الهادي المطوي ، مجلة عالم الفكر – الكويت ، المجلد 28 ، ع 1 ، س 1999.
  • شعرية العنونة / اسميك بحرا .. اسمي يدي الرمل – انموذجا : د. بشرى البستاني ، مجلة آداب الرافدين – العراق ، ع 35 ، س 2002.
  • عتبات النص الأدبي ( بحث نظري ) : حميد لحمداني ، مجلة علامات في النقد – السعودية ، المجلد 12 ، س 2002.
  • عناوين الكتب بين القديم والحديث / بين الجمالية والدلالية : طراد الكبيسي ، مجلة عمان – الأردن ، ع 45، س 1999.
  • العنونة في تجربة زكريا تامر القصصية : مفيد نجم ، مجلة نُزوى – عُمان ، ع 47، س 2006.
  • فلسفة العنوان في قصص الحرب / مشروع في التأويل : د. عبد الوهاب محمد علي العدواني ، مجلة التربية والعلم – العراق ، ع 26 ، 2002 .
  • في حوار مع الناقد حاتم الصكر : أجرى الحوار احمد المصلح ، مجلة عمان – الأردن ، ع 47، س 1999.
  • في الشعرية العربية : د. ثابت عبد الرزاق الالوسي ، مجلة الأقلام – العراق ، ع 3-4 ، س 1992.
  • في نقد النص الشعري / إشكالية نظرية المنهج : عثمان بن طالب ، مجلة الحياة الثقافية ، ع 53 ، س 1989.
  • قصيدة النثر والشعرية العربية الجديدة : حاتم الصكر ، مجلة فصول – مصر ، ع 3 ، المجلد 15 ، س 1996 .
  • محمود البريكان / عوالم متداخلة ، قصائد 1970-1992، مجلة الأقلام – العراق ، ع 3-4، س 1993.
  • المعنى يبحث عن انسان / قراءة في ابيجرامات عزالدين الشعرية ، محمد العبد ، مجلة فصول – مصر ، ع 72، س 2008.
  • مفهوم القارئ وفعل القراءة في النقد الأدبي المعاصر : د. محمد خرماش ، مجلة الأقلام – العراق ، ع 5، س 1999.
  • مفهوم المرجعية وإشكالية التأويل في تحليل الخطاب الأدبي : د. محمد خرماش ، مجلة الموقف الثقافي – العراق ، ع 9 ، س 1997.
  • نبوءة العراف – قراءة في العنوان الفني للدراسة النقدية : د. سوادي فرج مكلف ، مجلة الأقلام – العراق ، ع 6 ، س 2000.
  • نظرية التلقي والنقد العربي الحديث : د. غسان السيد ، مجلة الأقلام – العراق ، ع 4، س 1998.
  • وظيفة العنوان في الشعر العربي الحديث ، قراءة تأويلية في نماذج منتحبة : عثمان بدري ، المجلة العربية للعلوم الإنسانية ، ع 81 ، س 2003.

 
 
ثالثا : بحوث الندوات والمهرجانات :
 

  • بنية العنوان في قصيدة السياب – الموقع والتحولات ، محمود عبد الوهاب ، مهرجان المربد الشعري الخامس عشر / 1999، بحث
  • تجليات الخطاب السردي / الرواية الكويتية نموذجا ، د. مرسل العجمي ،الرواية العربية ( ممكنات السرد ) / أعمال الندوة الرئيسة لمهرجان القرين الثقافي الحادي عشر – الكويت .
  • قراءة في كتاب سيمياء العنوان للدكتور بسام قطوس ، الطيب بودربالة ، محاضرات الملتقى الوطني الثاني – السيمياء والنص الأدبي – قسم الأدب العربي بسكرة – الجزائر ، 2002.

 
 
رابعا : النصوص المنشورة على شبكة المعلومات الالكترونية ( الانترنت )
 

  • إجابات تنتظر المساءلة : حوار أجرته عبير يونس hatemalsagr.net
  • حاتم الصكر في لقاء مع ( الثقافية ) : حوار أجراه علي القحطاني .

www.hatemalsagr.net
3 – حاتم الصكر : وظائفية الناقد الإجرائي ولعبة الحجر السحري : علي حـسن الفواز .
www.hatemalsagr.net
4حوار مع الصكر : أجرته ندى عمران .
www.hatemalsagr.net
5-خروج القصيدة من برج الشعر : حاتم الصكر .
www.hatemalsagr.net
6- فرمان أجراه ياسر حاتم الصكر لصحيفة الهدهد الدولية .
www.hatemalsagr.net
7- الناقد حاتم الصكر يجد متعة في الرحلة النقدية المعاكسة : حوار أجراه عبد الرزاق الربيعي .
www.hatemalsagr.net
 
 
 
 
 
خامسا : الرسائل الجامعية
 

  • العنوان في النص الشعري الحديث في المملكة العربية السعودية : حمدان محسن عواض الحارثي ، رسالة ماجستير مقدمة إلى قسم الدراسات العليا ( فرع الأدب والبلاغة ) في كلية اللغة العربية بجامعة أم القرى ، المملكة العربية السعـــودية ، 2007 ، بإشراف الدكتور عبدالله بن محمد العضيبي .
  • عنوان القصيدة في شعر محمود درويش ( دراسة سيميائية ) : جاسم محمد جاسم خلف ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية التربية في جامعة الموصل ، 2001 . بإشراف الدكتور عبدالستار عبدالله صالح .
  • العنوان ودلالته في النص المسرحي العراقي : علي رضا حسين بقلي ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الفنون الجميلة في جامعة بابل ، 2008.بإشراف الدكتور ضياء شمسي حسون .

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الملخص
 باللغة الانكليزية
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
Abstract
 
 
Entitling  Critical  Books
 by Hatem Al-Sagr
 
 
   The importance of this subject is due to representing a new trend in the modern critical studies. Usually the title is studied in the creative literary publications but this study takes a different course based on making the title in the critical publications a doorstep to go inside the world of the critic, his vision , his method and understanding his style forming the external and internal titles and their relationship with each other as well as its relationship with the initial textes . the importance of this subject increases when the sample studied by critics who intentionally take care of the title a doorstep just like the Iraqi critic Hatem Al- Sagr                                 .       
       This research consists of introduction, preface ,and three chapters , each of two sections .then comes the conclusion the preface tackles many axes have to do with the title, the title its lingual meaning and as a medium, the title and the nomination, types of title and its functions, the written title from ancient till the modern ages and the title among the sender , the text and the receiver as well as special paragraph deals with the critic .Hatem  Al- Sagr in terms of the achieved and  critical imagination.                                                               
 
    
     Chapter one , which entitled (  the technical entitling ) , consists of two sections preceded by preparation, the first section discusses the suggestive title, then ,the researcher moved to discuss the inter- textual title in the second section.
Chapter two tackles the direct candid entitling which its conception has been explained initially then two sections follow it the first is ( the informational descriptive title) while the second one is entitled ( the genre title )                                  
 
 
 
      Chapter three : ( the double entitling) contains a preparation  paved the way to enter into two sections , the first one is entitled  the ( explicatory double title), while the second is ( the double title between the open speed and the intimation ) . thesis , then is concluded by the most important results com out after the journey of the research in which the thesis has adopted a method takes  the text of  the title as a starting point for the analysis and the hermeneutic throughout interactive trends according to the context of the analysis , the first one deals with the title considered as a text has his semantic, structural specialty while the second one reads the title linked with the text that represents it. 
 
 
 
([1]لسان العرب: ابن منظور ، مادة (عنن)، 437- 442.
([2]م- ن ، مادة (عنا) .443- 447.
([3]الخطيئة والتكفير : عبد الله محمد الغذامي ، 263 .
([4]ينظر : ثريا النص، محمود عبد الوهاب، 11 .
([5]ينظر : سيمياء العنوان ، بسام قطوس، 31-32 .
([6]العنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي، د.محمد فكري الجزار، 15 .
([7])  ينظر : الشعر والتلقي – دراسات نقدية ، علي جعفر العلاق، 173 .
([8]العنوان في الأدب العربي ، د.محمد عويس، 17-18 .
([9]ثريا النص، 10 .
([10]) ينظر: شعرية العنونة /اسميك بحرا .. اسمي يدي الرمل انموذجا : د.بشرى البستاني ، مجلة آداب الرافدين- العراق ، ع35، س 2002،  176 .
([11]) ينظر : محاضرة : (  قراءة في كتاب سيمياء العنوان للدكتور بسام قطوس) ، الطيــب بو دربالة ،محاضرات الملتقى الوطني الثاني (السيمياء والنص الأدبي) ، ، 28 .
([12]ينظر : عتبات (جيرارجينت من النص إلى المناص)، عبد الحق بلعابد، 67 .
([13]ينظر : م – ن  ،  65 .
([14]العنونة في تجربة زكريا تامر القصصية ، مفيد نجم ، مجلة “نزوى” – عُمان، ع47، س2006، 67 .
([15]ينظر : ثريا النص، 10 .
([16]ينظر : العنونة في تجربة زكريا تامر القصصية …، مجلة “نزوى” ….، 67.
([17]ينظر : سيمياء العنوان ، 33 .
([18]شعرية الرواية ، علي جعفر العلاق ، مجلة علامات في النقد – جدة، ع6، س1997،  100 .
([19]) ينظر : السميوطيقا والعنونة ، جميل حمداوي، مجلة عالم الفكر- الكويت، مجلد 25، ع3 ، س1997، 96 .
([20]في نظرية العنوان –مغامرة تأويلية في شؤون العتبة النصية، د.خالد حسين حسين ، 78 .
([21]العنوان في الأدب العربي ، 23 .
([22]ينظر : في نظرية العنوان ، 75 .
([23]م – ن  ، 70 .
([24]العنوان وسميوطيقيا الاتصال الأدبي، 19.
([25]في نظرية العنوان ، 68 .
([26]م-ن ، ص71 .
([27]ينظر : عتبات … ، 48، وينظر أيضا : العنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي، 54 .
([28]عتبات …، 67 .
([29]ينظر : أنماط البث والتلقي في الخطاب الروائي المعاصر ، مهدي صلاح علي حسن، 83 .
([30]ينظر: عتبات الكتابة في الرواية العربية ،عبدالمالك اشهبون ، 126 .
([31]ينظر : علم العنونة ، عبد القادر رحيم، 50 .
([32]ينظر : شعرية عنوان كتاب الساق على الساق في ما هو الفارياق، محمد الهادي المطوي ، مجلة عالم الفكر- الكويت ، مجلد 28 ، ع 1 ، س 1999، 457 .
([33]ينظر : عتبات المحكي القصير في التراث العربي الإسلامي ، د.الهاشم اسمهر، 80  .
([34]ينظر : السرد والكتاب ، محمد خضير، 102 .
([35]علم العنونة، 38 .
([36]عتبات المحكي … ، 63 .
([37]ينظر : هوية العلامات وبناء التأويل ، شعيب حليفي، 15 .
(6م  –  ن، 19 .
([39]ينظر : المعنى يبحث عن إنسان ، قراءات في ابيجرامات عز الدين اسماعيل الشعرية ، مجلة فصول ، مصر ، ع72، س 2008، 216 .
([40]ثريا النص ، 17 .
([41]علم العنونة، 45 .
([42]عتبات … ،73 .
([43]م – ن …، والصفحة .
([44])  دلالات النص الآخر في عالم جبرا إبراهيم جبرا الروائي، ولات محمد ، 158 .
([45])  ينظر : عتبات…، 67-68 .
([46]في نظرية العنوان ، 81 .
([47]ينظر : عتبات النص الأدبي(بحث نظري) حميد لحمداني ، مجلة علامات في النقد – جدة، ع124، س2002، 82 .
([48]ينظر : عتبات … ، 89-90.
([49]ينظر : عتبات …،90 .
([50]ينظر : هوية العلامات … ، 15 .
([51])  ينظر: في نظرية العنوان ، 79.
([52]ينظر :هوية العلامات…، 20.
([53])  عتبات المحكي …، 72 .
([54]ينظر : عتبات …، 124- 126 .
([55]ينظر : عتبات المحكي … ، 80 .
([56]ينظر : عتبات ، 125، وينظر أيضا : في نظرية العنوان .. ، 83 .
([57]ينظر : عتبات المحكي .. ، 80 .
([58]ينظر : دلالات النص الآخر … ، 172 .
([59]ينظر : تحولات النص الشعري ، د. محمد صابرعبيد وآخرين ، 169 .
([60]ينظر : عتبات المحكي … ، 80 .
([61]ينظر : عتبات … ، 126-127 .
([62]ينظر : عتبات المحكي … ، 107،122 ، 351،359 .
([63]ينظر : عتبات …، 78-86.
([64]سيمياء العنوان ، 50 .
([65]ينظر : هوية العلامات … ، 36 .
([66]ينظر : في نظرية العنوان ، 107 .
([67]ينظر : عتبات… ، 86 .
([68]ينظر : م- ن ، 86 ، وينظر : أيضا : علم العنونة ، 96 .
([69]ينظر : عتبات… ، 87-88 .
([70])  ينظر : م –  ن  ، 82-83 .
([71]ينظر : علم العنونة، 56 .
([72]ينظر : عتبات … ، 87 .
([73]ينظر : علم العنونة ، 57 .
([74]ينظر: عتبات …، 87-88 .
([75])  ينظر : علم العنونة، 97 .
([76]ينظر : في نظرية العنوان ، 108 .
([77]ينظر : عتبات … ، 85-86 .
([78]علم العنونة ، 58-60 .
([79]ينظر : م – ن ، 58 .
([80])  ينظر : عتبات … ، 88 .
([81]ينظر: م – ن… ، والصفحة .
([82]ينظر : هوية العلامات…، 37 .
([83]ينظر : عتبات… ، 88 .
([84]ينظر: عتبات النص الأدبي (بحث نظري)… ، مجلة علامات في النقد … ، 38 .
([85]مدخل إلى عتبات النص ، عبد الرزاق بلال ، 30 .                  
* ينظر : مثلا : العنوان في الأدب العربي ، وفي نظرية العنوان، والعنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي .
([86]في نظرية العنوان ، 109 .
([87]مقومات مناهج التأليف العربي، د.هاني العمد، 22 .
([88]ينظر : العنوان في الأدب العربي ، 39 .
([89]شعرية الحجب في خطاب الجسد، محمد صابر عبيد ، ص29 .
([90]شعرية عنوان كتاب الساق على الساق …، مجلة عالم الفكر… ، 457 .
([91]ينظر : العنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي، 21-22 .
([92]تحولات النص الشعري ، … 165 .
([93]نبوءة العراف (قراءة في العنوان الفني للدراسة النقدية) : د.سوادي فرج مكلف، مجلة الأقلام- العراق ، ع6، س 2000 ، 33 .
 
([94])  عناوين الكتب بين القديم والحديث: طراد الكبيسي ، مجلة عمان-الأردن ، ع4، س 1999 ، 32 .
([95])  م – ن ، 30 .
([96])  في نظرية العنوان ، 16 .
([97])  مدخل إلى عتبات النص، 24 .
([98])  سيمياء العنوان، 166 .
([99])  السيميائية وقراءة النص الأدبي: د.السعيد بو سقطة، مجلة المعرفة – سوريا، ع540،س 2008 ، 146 .
([100]استيعاب النصوص وتأليفها : اندريه جاك دشين ، ترجمة هيثم  لمع، 12 .
([101])  ينظر : وظيفة العنوان في الشعر العربي الحديث: عثمان بدري ، المجلة العربية للعلوم الإنسانية، ع81، س 2003 ،21 .
([102]عتبات الكتابة في الرواية العربية ، 54 .
([103]ينظر : العنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي، 22 .
([104]م – ن ، 10 .
([105]ينظر : الخطيئة والتكفير: ، 263 .
   (1) الحيوان رمزا في الشعر العراقي الحديث (1970- 200) ، د. رباب هاشم حسين ، 236-237.
([107]) ينظر: في غيبوبة الذكرى دراسات(دراسات في قصيدة الحداثة)، حاتم الصكر، ص250-251 ،وكذلك الموقع الالكتروني www.hatemalsagr.net
([108]) نبوءة العراف…، مجلة الاقلام … 33.
([109]) في حوار مع الناقد حاتم الصكر، أجرى الحوار: احمد المصلح، مجلة عمان-الأردن ،ع 47  ، س 1999 ، 46.
([110]) الموقع الالكتروني للناقد حاتم الصكر.                       www.hatemalsagr.net
([111]) النقد الصحفي: د. عبد الستار جواد، 123.
([112]) في غيبوبة الذكرى، من المقدمة بقلم: ناصر عرّاق، 6.
([113]) مناهج النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق: ديفيد ديتش ، ت: د. محمد يوسف نجم، مراجعة:  د. إحسان عباس.،  413 .
([114]) ينظر: الموقع الالكتروني للناقد حاتم الصكر            www.hatelalsagr.net
([115]) ينظر: الأصابع في موقد الشعر، 7-8.
([116]) البئر والعسل:  حاتم الصكر، 9.
([117]) التلقي والتأويل: مدخل نظري، محمد بن عياد ، مجلة الأقلام – العراق ، ع 4 ، س  1998، 10.
([118]) البئر والعسل ، 57.
([119]) بنية الخطاب النقدي ، حسين الخمري، 48.
([120]) في حوار مع الناقد حاتم الصكر…، مجلة عمان …،46.
* المهيمنة : (( يمكننا تعريف المهيمنة بوصفها عنصرا بؤريا للأثر الأدبي ، إنها تحكم وتحدد وتغير العناصر الأخرى كما تضمن تلاحم البنية )) نظرية المنهج الشكلي / نصوص الشكلانيين الروس ، ترجمة : ابراهيم الخطيب ، 81.
([121]) ثريا النص، 16.
([122]) ثريا النص، 85-86 .
([123]) سيمياء العنوان، 37 .
([124]) نبوءة العراف … ، مجلة الأقلام …، 31 .
([125]) م. ن ، 38 .
([126]) العنوان في الأدب العربي، 139 .
([127]) نبوءة العراف … ، مجلة الأقلام … 37 .
([128]) م. ن ،  32 .
([129]) ثريا النص، 30 .
([130]) ينظر: سيميائية النص الأدبي: أنور المرتجي، 47 .
([131]) ينظر: التغريب وانفتاح النص في قصص ما بعد الحداثة، د. شجاع العاني، الموقف الثقافي- العراق ، ع 14، س 1998، 89 .
([132]) ينظر: في نظرية العنوان، 108 .
([133]) سيمياء العنوان، 58 .
([134]) م- ن ، 60 .
([135]) م – ن ، 57 .
([136]) نبوءة العراف.. ، 38 .
([137]) م. ن ، 32 .
([138]) في نظرية العنوان، 11 .
([139]) نبوءة العراف … ،مجلة الاقلام … ،  38 .
([140]) ينظر: شعرية عنوان الساق على الساق… ، مجلة عالم الفكر … 457 .
([141]) ينظر: سيمياء العنوان، 29 .
([142]) ينظر: مناهج النقد المعاصر: صلاح فضل، 116 .
([143])ينظر : عتبات … ، 65.
([144]) ينظر : العنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي ، 86.
([145]) الأصابع في موقد الشعر ، 7-8 .
* ويحتمل أيضا  أن تعرب كلمة (الأصابع ) مبتدأ ومابعده الخبر أي شبه الجملة ( في موقد الشعر ) .
([146]) في حوار مع الناقد حاتم الصكَر، مجلة عمان … 46 .
([147]) ينظر: الأصابع في موقد الشعر، 7 .
([148]) م – ن ، 179 .
([149]) ينظر: الأصابع في موقد الشعر ، 7 .
([150]) ينظر: م- ن ، 9 .
([151]) م-  ن ، 8 .
([152]) ينظر: م- ن ، 15 .
([153]) ينظر: م- ن ، 350 .
([154]) ينظر: م- ن ، 16 .
([155]) ينظر: م- ن ، 22 .
([156]) ينظر: م- ن ، 31 .
([157]) ينظر : الأصابع في موقد الشعر ، 7
([158]) م – ن ، 23.
([159]) ينظر : اللغة الثانية في إشكالية المنهج والنظرية والمصطلح في الخطاب النقدي العربي ، فاضل ثامر ، 207 .
([160]) ينظر: الأصابع في موقد الشعر، 9 .
([161]) ينظر: م. ن ، 25-26 .
([162]) ينظر: نبوءة العراف … ،  مجلة الأقلام … 31 .
([163]) الأصابع في موقد الشعر، 281 .
([164]) في حوار مع الناقد حاتم الصكَر…، مجلة عمان … 46 .
([165]) ينظر: الأصابع في موقد الشعر، 9 .
([166]) ينظر: م. ن ، 16 .
([167]) ينظر: م. ن ، 197 .
([168]) ينظر: الأصابع في موقد الشعر، 8-9 .
([169]) م- ن ، 9 .
([170]) ينظر: م- ن ، 4-5 .
([171]) اللغة الفنية، ميدلتون موري وآخرون، تعريب وتقديم، محمد حسن عبد الله، 44 .
(6) مواجهات الصوت القادم ، 34
([173])ينظر : مواجهات الصوت القادم ، 9-10
([174]) ينظر : م- ن ، 11
([175]) ينظر : فرمان أجراه ياسر حاتم الصكر لصحيفة الهدهد الدولية     www.hatemalsagr.net
([176]) ينظر : إجابات تنتظر المساءلة – حوار أجرته عبير يونس         www.hatemalsagr.net
([177]) خروج القصيدة من برج الشعر : حاتم الصكر            www.hatemalsagr.net
([178]) ينظر : حوار مع الصكر أجرته ندى عمران              www.hatemalsagr.net
([179]) ينظر : قصيدة النثر والشعرية العربية الجديدة : حاتم الصكر ، مجلة فصول ، ع 3 ، مجلد  15  ، س1996 ، 77.
([180]) ينظر : مواجهات الصوت القادم ، 35-36.
(1)مواجهات الصوت القادم ، 12-20.
([182]) الدلالة المرئية : علي جعفر العلاق ، 57 .
([183]) ينظر : ما هو النقد : إعداد وتقديم بول هير نادي ، ترجمة سولافة حجاوي ، 251.
([184]) إجابات تنتظر المساءلة …  .    www.hatemalsagr.net
([185])البئر والعسل ، 277 .
([186]) م. ن ، 228 .
([187]) ينظر : م – ن ، 227-228 .
([188]) القصيدة الرائية (أسئلة القيمة الشعرية / قراءة في شعرية رعد فاضل) : د. محمد صابر عبيد ، 7.
([189]) في غيبوية الذكرى ، 229 .
([190])م. ن ، 231-232 .
([191])م. ن ، 235.
([192]) في غيبوبة الذكرى ، 235
    (1) علم النص ، جوليا كرستيفا ، ترجمة : فريد الزاهي ، 21.
    (2) ينظر : المبدأ الحواري ، تزفتيان تودوروف ، ترجمة : فخري صالح ، 82 .
    (3) تحليل الخطاب الشعري ، محمد مفتاح ، 121 .
    (4) الاقتصاص القرآني والتناص ( ابن فارس نموذجا ) : د. ياسر عبدالحسيب رضوان ، مجلة الرافد –   الإمارات ، ع 164 ، س 2011 ، 105.
    (5)  علم لغة النص ، د. سعيد حسن بحيري ، 96 .
 (6)     تحليل الخطاب الشعري ، 121.
    (7)  في نظرية العنوان ، 88 .
   (1) التناص في شعر الرواد ، احمد ناهم ، 22.
   (2)  في نظرية العنوان : 89.
   (3) ينظر : ظاهرة الشعر المعاصر في المغرب ، محمد بنيس ، 252 .
   (4) رماد العنقاء ، عباس عبد جاسم ، 115.
   (5) الدلالة المرئية ، 55.
   (6) تداخل النصوص في الرواية التاريخية ، حسن محمد حماد ، 148.
   (7) علاقات الحضور والغياب في شعرية النص الأدبي ، د. سمير الخليل ، 107 .
     (1)   ينظر: الربيع الأسود ، مفيد نجم ، 17.
     (2)   في نظرية العنوان ، 55-66.
     (3)   ينظر : عتبات … ، 79.
     (4)   ينظر : في نظرية العنوان ، 76.
     (5)   ينظر : تداخل النصوص … ، 41 .
     (6)  دراسات في النص والتناصية ، د. محمد خير البقاعي ، 38.
     (7)   العنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي ، 136.
  (1) التناص في شعر الرواد ، 43.
  (2) ينظر : ظاهرة الشعر المعاصر في المغرب العربي ، 278.
  (3) ينظر : م- ن ، 253 .
  (4) انفجار الصمت ، حاتم الصكر ، 6 .
(1) العنوان في الأدب العربي ، 27 .
(2)  انفجار الصمت ، 9.
(3)  م – ن ، 54.
(4) ينظر : م – ن ، 54- 55.
 
 
      (1)  انفجار الصمت ، 56.
      (2)    ينظر : م – ن  ، 55.
      (3)   ينظر : م – ن ، 56 .
      (4)   ينظر : م – ن  ، والصفحة .
      (5)    م – ن ، والصفحة .
      (6)   ينظر : م – ن ، 57 .
      (7)   م – ن  ، 289  .
 (1)  ينظر : دليل النظرية النقدية المعاصرة ، بسام قطوس ، 219.
 (2) انفجار الصمت ، 58.
 (3) م – ن  ، والصفحة.
 (4) م – ن ، والصفحة .
 (5) ينظر : م – ن ، 60- 61 .
 (6) ينظر : العنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي ، 84.
 (7) النظرية الأدبية المعاصرة ، رامان سلدن ، ترجمة : سعيد الغانمي ، 210 .
 (1)   ينظر : ظاهرة الشعر المعاصر … ، 253 .
 (2)  ينظر : حاتم الصكر في لقاء مع ( الثقافية ) ، حاوره: علي القحطاني .www. hatemal sagr.net،
وترويض النص : حاتم الصكر ، 6.
  (3)  مقدمة في النظرية الأدبية،  تيري ايغلتن ، ترجمة : إبراهيم جاسم ، 234.
  (4)   ينظر : ترويض النص ، 8.
   (3)   ينظر : حاتم الصكر في لقاء مع ( الثقافية )… www.hatemalsagr.net
  (4)   ترويض النص ، 27.
  (5)   ينظر : م – ن ، 6.
  (6)   ينظر : م – ن ، 223.
  (7) حاتم الصكر / وظائفية الناقد الإجرائي ولعبة الحجر السحري ، علي حسن الفواز . www.hatemalsagr.net
(1)   ينظر : ترويض النص  ، 5.
(2)  م – ن ، 7.
(3)  ينظر :م – ن، 8.
(1) حاتم الصكر في لقاء مع الثقافية …  www.hatemalsagr.net
(2)  ترويض الحكاية بصدد قراءة التراث السردي ، د. شرف الدين ماجدولين ، 15.
(3) ينظر : ترويض النص ، 28 – 29 .
(4) في غيبوبة الذكرى ، 11، والمقطع الشعري من قصيدة للبريكان نشرت في ملف بعنوان : محمود البريكان – عوالم متداخلة / قصائد 1970- 1993، مجلة الأقلام – العراق ، ع 3- 4 ، س 1993.
(1) في غيبوبة الذكرى ، 15 .
(2) ينظر : م – ن   ، والصفحة .
(3) ينظر : م – ن ، 253.
(4) تحليل الخطاب الشعري … ، 130 .
(5) ينظر : ظاهرة التعالق النصي في الشعر السعودي الحديث ، علوي الهاشمي ، 15.
(1)  ينظر : من الكائن إلى الشخص ، د. محمد عزيز الحبابي ، 40 .
(2) في غيبوبة الذكرى ، 179.
(3)كتابة الذات ، حاتم الصكر ، 230.
(4) م – ن ، 234 ، والمقطع الشعري منشور في ملف بعنوان :عوالم متداخلة / قصائد : محمود البريكان، مجلة الأقلام ، ع 3—  4 ، س 1993 ، 92 .
(5)م – ن  ، 433 .
(1)   سيميائية النص الأدبي : أنور المرتجي ، 46.
(2)   ينظر : مالاتؤديه الصفة ، 27 .
(3)  الموازنة  : الآمدي  ، 374.
(4)  ينظر : مالاتؤديه الصفة ، 5.
(5)  تذوق النص الأدبي / جماليات الأداء الفني ، د. رجاء عيد ، 7.
(6)  في الشعرية العربية ، د. ثابت عبدالرزاق الالوسي ، مجلة الأقلام- العراق ، ع 3-4 ، س 1992،67
(7)  مالاتؤديه الصفة ، 5.
(8)  ينظر : عتبات النص الأدبي….، مجلة علامات في النقد … ، 40 .
(1) ينظر : مالاتؤديه الصفة ، 27 ، 29 .
(2) ينظر: كليلة ودمنة ، ابن المقفع ، 104 – 105 .
(3) ينظر : م – ن ، 106.
(1)  كليلة ودمنة ، 105
(2)  ينظر : م – ن ، 106 .
(3) البئر والعسل ، 7-8 .
(4) ينظر : الناقد حاتم الصكر يجد متعة في الرحلة النقدية المعاكسة ، حوار أجراه عبدالرزاق الربيعي
www.hatemalsagr.net
(5) النقد الأدبي في القصة والرواية والسرد : د. عبدالله أبو هيف ، 332.
 
 
(1) ينظر : البئر والعسل ، 8-9.
(2) ينظر : الناقد حاتم الصكر يجد متعة في الرحلة النقدية … www.hatemalsagr.net
(3) حلم الفراشة ، 3 .
   (1)  ينظر : حلم الفراشة  ، 12 – 13 .
   (2) ينظر : م – ن ، 3.
   (3)  ينظر : م – ن ، 13.
   (4)  م – ن ، 37 .
   (5 ) ينظر :أساطير إغريقية ورومانية ، غريس كوبر ، ترجمة : غانم الدباغ ، 37 – 39 .
 (1)  ينظر : مرايا نرسيس ، 19.
 (2)  ينظر : م – ن ، 5، 8 .
 (3)  ينظر : المسرح والمرايا ، ادونيس ، الصفحات مثلا : 32- 34 ، 55 ، 59 ، 63 ، 65 ، 69.
 (4)  ينظر : مرايا نرسيس ، 71 .
 (5)  مفرد بصيغة الجمع وقصائد أخرى : ادونيس ، 403 .
   (1)  السيرة الذاتية : جورج ماي ، تعريب : محمد القاضي ، عبدالله صولة ، 118 .
   (2)  مرايا نرسيس ، 151 .
   (3)  كتابة الذات ، 4 .
   (4)   ينظر : عتبات… ، 111.
   (5)  ينظر : كتابة الذات ، 7- 8 .
   (6)  م – ن ، 10 .
   (7)  الخطاب الشعري الحديث في الإمارات : صالح هويدي ، 15 .
 (1)   ينظر : ( تجليات الخطاب السردي : الرواية الكويتية نموذجا : د. مرسل العجمي ) ، من بحوث الندوة الرئيسة( الرواية العربية – ممكنات السرد ) /   مهرجان القرين الثقافي الحادي عشر ، 72 .
 (2)  الربيع الأسود ، 15 .
 (3)   في غيبوبة الذكرى ، 151 .
 (4)   ديوان بدر شاكر السياب ، 453 .
 (5)   م – ن ، 486 .
 (6)   م – ن ، 474 .
 (7)   ينظر : في غيبوبة الذكرى ، 153 .
(1)   بنية العنوان في قصيدة السياب ، الموقع والتحولات : محمود عبد الوهاب ، من بحوث مهرجان المربد الشعري الخامس عشر ،س1999، 6.
(2) ينظر : رماد العنقاء ، 20 – 21 .
(3)  ديوان ( ايليا ابو ماضي )  ، 191.
(4)  م – ن ، 316 .
(5)  الأصابع في موقد الشعر ، 263 .
(6) ينظر : م – ن ، 265 .
(7)   في غيبوبة الذكرى ، 163 .
(8) أغاني الحياة : ديوان شعر أبي القاسم الشابي ، 146 .
(1)   ينظر : عتبات المحكي القصير… ، 222.
(2)  الأصابع في موقد الشعر ، 325 .
(3)  ينظر : الأعمال الشعرية الكاملة : نزار قباني ، الجزء الأول ، ( قصيدة طوق الياسمين)323.
([316] ) في تحليل النص الشعري،عادل ضرغام، 119 .
([317]) ينظر: البنيوية وعلم الإشارة، ترنس هوكز، ترجمة: مجيد الماشطة، 22 .
([318]) ينظر: المعنى والكلمات، سعيد الغانمي، 84 .
([319]) ينظر: المعنى وظلال المعنى، د. محمد محمد يونس علي، 229-230 .
([320]) في تحليل النص الشعري: 120 .
([321]) عنوان القصيدة في شعر محمود درويش: جاسم محمد جاسم خلف، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية التربية – جامعة الموصل، 2001 ، 58 .
([322]) ينظر: العنوان وسميو طيقا الاتصال، 45 .
([323]) ينظر: في تحليل النص الشعري، 122 .
([324]) ينظر: عتبات، 78 .
([325]) ينظر: التحليل السيميائي للخطاب، ناصر شاكر الاسدي، 156 .
([326]) أسطرة العنوان وسردنة الزمن، محمد صابر عبيد، مجلة عمان – الأردن ، س 1998، ع 86 ، 51.
([327]) عتبات المحكي القصير … ، 63 .
([328]) عتبات الكتابة في الرواية العربية، 54 .
([329]) ثريا النص، 9 .
([330]) منهج البحث الأدبي عند العرب، د. احمد جاسم النجدي، 77 .
([331]) ينظر: منهج البحث الأدبي …، 77-78 .
([332]) هوية العلامات ، شعيب حليفي، 36 .
([333]) م- ن ، 33 .
([334]) ينظر: العنوان في النص الشعري الحديث: حمدان محسن عواض الحارثي، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية اللغة العربية – جامعة أم القرى، 2007 ، 126 .
([335]) ينظر: عتبات …، 79 .
([336]) في نظرية العنوان، 108 .
([337]) ينظر: المعنى وظلال المعنى، 210 .
([338]) ينظر: العنوان في النص الشعري الحديث…، رسالة ماجستير…، 124 .
([339]) عنوان القصيدة في شعر محمود درويش…، رسالة ماجستير…، 58 .
([340]) في نظرية العنوان، 41 .
([341]) م-ن ، 33-34 .
([342]) عتبات الكتابة …، 48-49 .
([343]) في نقد النص الشعري/ إشكالية نظرية المنهج: عثمان بن طالب، مجلة الحياة الثقافية – تونس، س 1989، ع 53 ، 7 .
([344]) هوية العلامات، 32 .
([345]) شعرية عنوان كتاب الساق على الساق … ،مجلة عالم الفكر …، 47 .
([346])  ينظر: رفائيل بطي وريادة النقد الشعري في العراق ، 7 .وهنا يجوزان تكون الواوللعطف والمعية على حد سواء ،وتكون المعية بإضمار فعل مناسب . ينظر : معاني النحو : د. فاضل السامرائي، ج2، 207.
([347]) ينظر: م- ن ، 9 .
([348]) رفائيل بطي … ، 17 .
([349]) م- ن ، 19 .
([350]) ينظر: م- ن ، 12 .
([351]) ينظر: م- ن ، 14 .
([352]) ينظر: م- ن ، 15-16 .
([353]) ينظر: م- ن ، 23-24 .
([354]) ينظر: الريادة في منظور علي جواد الطاهر، د. نادية غازي العزاوي، مجلة الأقلام- العراق ، س 1999 ، ع4 ، 36 .
([355]) م-ن ،  35 .
([356]) ما لا تؤديه الصفة، 131 .
([357])  مالاتؤديه الصفة، 136 .
([358]) م- ن ، 131 .
([359]) ينظر :  م- ن ، 136 .
([360]) ينظر: م- ن ، 137 .
([361]) ينظر : م –ن ، 138-139 .
([362]) م- ن ، 136 .
([363]) م- ن ، 133 .
([364]) ينظر: مالاتؤديه الصفة ، 5 .
([365]) م- ن ، 17 .
([366]) ينظر: م-. ن ، والصفحة .
([367]) ينظر: م- ن ، 24 .
([368]) مالاتؤديه الصفة ، 17 .
([369]) ينظر: م- ن، 24 .
([370]) الأصابع في موقد الشعر، 95 .
([371]) ينظر : الأصابع في موقد الشعر، 96 .
([372]) ترويض النص، 25 .
([373]) ترويض النص ، 7 .
([374]) م –  ن ، 6 .
([375]) ينظر: م- ن ، 35 .
([376]) م- ن ، 27 .
([377]) ينظر : م- ن ، 35- 36.
([378]) ترويض النص ، 11 .
([379]) م-ن ، 11 .
([380]) ينظر: معجم المصطلحات الأدبية، إبراهيم فتحي، 124 .
([381]) ينظر: عتبات الكتابة … ، 45 .
([382]) ينظر: عتبات…، 89 .
([383]) ينظر: شعرية عنوان كتاب الساق… ،مجلة عالم الفكر …، 457 .
([384]) ينظر: عتبات …، 90 .
([385]) ينظر: عتبات الكتابة … ، 53 .
([386]) الأجناس الأدبية من منظور مختلف، المجلة العربية للثقافة ، خلدون الشمعة ، ع 32، س 1997، 143 .
([387]) عتبات الكتابة … ، 51 .
([388]) العنوان في النص الشعري الحديث …، رسالة ماجستير…، 125 .
([389]) ينظر: عتبات … ، 90 .
([390]) ينظر: م- ن ، 82 .
([391]) ينظر: م – ن ، 67-68 .
([392]) ينظر: ما الجنس الأدبي، ماري شيفير، ترجمة: د. غسان السيد، 111 .
([393]) ينظر: الأجناس الأدبية من منظور مختلف…، المجلة العربية للثقافة…، 125 .
([394]) ما لا تؤديه الصفة، 22 .
([395]) مرايا نرسيس، 16 .
([396]) ينظر: عنوان القصيدة في شعر محمود درويش…، رسالة ماجستير…، 44 .
([397]) ينظر: دلالات النص الآخر …، 159 .
([398]) الشعر والتوصيل: حاتم الصكَر، 5 .
([399]) م – ن ، 5-6 .
([400]) قواعد النقد الأدبي، لاسل ابركومبي، ترجمة: د. محمد عوض محمد، 31 .
([401]) ينظر: قاموس مصطلحات النقد الأدبي المعاصر (فرنسي – عربي)، د. سمير حجازي، 27 .
([402]) ينظر: المعنى والكلمات، 101 .
([403]) ينظر: عتبات النص الأدبي…، مجلة علامات في النقد  … ،   39 .
([404]) ينظر: الشعر والتوصيل، 7-8 .
([405])  م – ن ، 8-9.
([406]) في حوار مع الناقد حاتم الصكَر…، مجلة عمان…، 46 .
([407]) الشعر والتوصيل، 37 .
([408]) ينظر: في حوار مع الناقد حاتم الصكَر…، مجلة عمان…، 46 .
([409]) ينظر: الشعر والتوصيل، 106 .
([410]) علاقات الحضور والغياب في شعرية النص الأدبي، 106 .
([411]) ينظر: مرايا نرسيس، 303 .
([412]) م – ن ، 140 .
([413]) مرايا نرسيس، 148-149 .
([414]) م  –  ن ، 162 .
([415]) ينظر: م – ن ، 147-148 .
([416]) ينظر: مرايا نرسيس ، 303 .
([417]) م. ن ، 247 .
([418]) ينظر: م – ن ، والصفحة .
([419]) ينظر: م  –  ن  ، 248 .
 ([420]) ينظر: في غيبوبة الذكرى، 253 .
 ([421]) م- ن  ، 79 .
 ([422]) م  – ن، 81 .
 ([423]) م-  ن ، 81-82 .
  (1) ينظر : في غيبوبة الذكرى، 83.
  ([425]) ينظر: م – ن ، 85 .
  (3) ينظر : م- ن ، 224.
  ([427]) م. ن ، 222 .
  ([428]) م – ن ، والصفحة.
([429]) لسان العرب : مجلد 2 ،مادة زوج ، 93.
([430]) المعجم الوسيط : قام بإخراجه إبراهيم مصطفى ، احمد حسن الزيات ، حامد عبد القادر ، محمد علي النجار ، الجزء الأول ، 407.
([431]) ينظر : عتبات … ، 125.
([432]) ينظر : عتبات النص الأدبي …، مجلة علامات في النقد … ، 38.
([433]) البئر والعسل : 9.
([434]) في نظرية العنوان : 82
   ([435]) ينظر : عتبات … ،125.
 
   ([436]) ينظر : م – ن  … ، والصفحة .
    (2 ) ينظر : المغامرة السردية ، سوسن هادي جعفر ، 234.
   ([438]) ينظر : العنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي ، 55-65
([439]) شعرية الحجب في خطاب الجسد ، 28 .
([440]) الدلالية المرئية ، 55 .
([441]) سيمياء العنوان ، 41 .
(4) ينظر : ظاهرة الرثاء في القصيدة الأردنية ، د.عماد الضمور ، 273 .
    (1) علم العنونة : 44 .
    (2) العنوان ودلالاته في النص المسرحي العراقي : علي رضا حسين بقلي ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الفنون الجميلة بجامعة بابل ، 2008 ، الصفحة ( ث ) .
([445]) فلسفة العنوان في قصص الحرب : د. عبد الوهاب العدواني ، مجلة التربية والعلم ، العدد 26، س 2000  ، 11 .
([446]) ينظر  مدخل إلى عتبات النص ،  29 .
([447]) نبوءة العراف …، مجلة الاقلام …، 31.
([448]) ينظر : عتبات … ، 126-127.
([449]) ينظر : م – ن ، 80.
([450]) في نظرية العنوان : 79.
([451])  ينظر : في تحليل النص الشعري ، 123 .
([452])  في نظرية العنوان : 50
(3)  ينظر : دلالات النص الآخر …. ، 158.
([454])  ينظر : في نظرية العنوان ، 493.
([455]) الأصابع في موقد الشعر ، 13.
([456])  م. ن : 17 .
(1)  ينظر : الأصابع في موقد الشعر ، 16.
([458])   م- ن ، 17 .
([459])   م- ن ، 16 .
([460]) ينظر : الأصابع في موقد الشعر ، 17.
([461]) م – ن  ، والصفحة.
(3) ما لاتؤديه الصفة ، 47 .
([463]) ينظر : العنوان في الأدب العربي ، 35-36 .
([464]) ينظر : ما لا تؤديه الصفة ، 47.
([465]) ينظر : م- ن ، 55-56.
([466]) ينظر : م-ن ، 58-59 .
([467]) ينظر : م- ن ، 65 .
(5) ينظر : م – ن  ، 66.
 ([469]) انفجار الصمت : 11 .
 (2) ينظر : م – ن ، 11- 12.
 ([471]) ينظر: م – ن  ، 12 .
 ([472]) م. ن : صفحة الغلاف الخارجي .
  ([473]) ينظر : انفجار الصمت ، 9 .
  ([474]) ينظر : حوار أجراه ياسر حاتم الصكر لصحيفة الهدهد الدولية www.hatemalsagr.net
  (3)  في نظرية العنوان ، 50.
  (4)  ينظر : ثريا النص ، 63 .
  (5)علم العنونة ، 39 .
    (1) السيميائية وقراءة النص الأدبي …، مجلة المعرفة …، 146.
    (2) عضوية الأداة الشعرية : محمد صابر عبيد ، 21.
   (1)  ينظر : النقد التحليلي : محمد محمد عناني ، 5.
   (2)  مناهج النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق : ديفيد ديتش ، ترجمة : محمد يوسف نجم ، 598.
   ([482])  نبوءة العراف…، مجلة الأقلام…، 37
   ([483])  ينظر : م. ن ، 32
   (3)  ينظر : اللغة الشعرية في الخطاب النقدي العربي : محمد رضا مبارك ، 24.
  (1) في نظرية العنوان ، 16 .
 ([486])  ثريا النص ، 59 .
 ([487])  ينظر : في نظرية العنوان ، 108 .
 (4)  ينظر : العنوان ودلالاته في النص المسرحي العراقي ، رسالة ماجستير … ، 13 .
 ([489])  العنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي :   30  .
 ([490]) مرايا السرد وجماليات الخطاب القصصي : محمد صابر عبيد ، سوسن البياتي ، 183.
 ([491]) ينظر : عتبات … ، 26 .
 ([492]) كتابة الذات : 7 .
  (4) البئر والعسل ، 228.
  (5) م – ن  ، والصفحة .
([495]) ينظر : كتابة الذات ، 9 .
([496]) ينظر : م.ن ، 8 .
([497]) ينظر : م. ن ، 9 .
([498]) ينظر : م. ن. ، 7-8 ، 10.
([499]) ينظر من فلسفات التأويل إلى نظريات القراءة – دراسة تحليلية نقدية في النظريات الغربية الحديثة ، عبد الكريم شرقي ، 148.
([500]) كتابة الذات : 10.
([501]) ينظر : كتابة الذات ، 10. .
([502]) ينظر : نظرية التلقي ، مقدمة نقدية ، روبرت هولب ، ترجمة د. عز الدين اسماعيل ، 202 .
([503]) كتابة الذات : 10 .
([504]) ينظر: من فلسفات التأويل إلى نظريات القراءة ، 182 .
([505]) ينظر : كتابه الذات ، 12 .
([506]) ينظر :الخروج من التيه ، دراسة في سلطة النص ، د. عبد العزيز حمودة ،   137 .
([507]) ينظر: كتابة الذات : 11.
(1)  مفهوم القارئ وفعل القراءة في النقد الأدبي المعاصر : د. محمد خرماش ، مجلة الأقلام- العراق  ، ع 5 ، س  1999، 20 .
(2)  نظرية التلقي والنقد العربي الحديث : د. غسان السيد ، مجلة الأقلام- العراق ، ع 4 ، س 1998، 18.
 
([510]) كتابة الذات : 309
([511]) ينظر : حنجرة طرية ، سامي مهدي ، 47
(5) ينظر : كتابة الذات ، 311.
([513]) ينظر : كتابة الذات ، 311
([514]) ينظر : م. ن ، 312
(2) ينظر : الخطاب الشعري الحديث في الإمارات ، 195-196.
(3) ينظر : خطاب العناوين : رشيد يحياوي ، مجلة البحرين الثقافية ، ع 18  ، س 1998  ، 16.
([517]) ينظر : كتابة الذات ، 312-313
([518]) ينظر : م. ن ، 314-315
([519])   ينظر : كتابة الذات ، 316
([520])  ينظر : التناص في شعر الرواد ، 56
(3) ينظر : في أصول الخطاب النقدي الجديد : تزفتان تودوروف وآخرون ، ترجمة : احمد المديني ، 103 .
(4)  ينظر : التناص في معارضات البارودي : تركي المغيض ، مجلة أبحاث اليرموك ، المجلد 9 ، ع 2 ، س 1991، 91 .
([523])  مدخل لجامع النص : جيرار جينت ، ت: عبد الرحمن أيوب ،  90  .
([524]) الأصابع في موقد الشعر : 299  .
([525]) ديوان بدر شاكر السياب : 656  .
([526]) ينظر : الأصابع في موقد الشعر ، 303 .
([527]) ديوان بدر شاكر السياب : 656 .
([528]) الأصابع في موقد الشعر ، 300 .
(1) النقد الأدبي : د. سهير القلماوي ، 44.
([530]) الأصابع في موقد الشعر ، 302 .
([531]) ينظر : ثريا النص ، 315
(4) في الشعرية : كمال أبو ديب ، 19-20
(5) ينظر مثلا عنواناته في كتاب البئر والعسل : الكاهن الأسود ،: تأملات في فضاء الغراب ، 41 /   يقظة النص .. رقدة الجسد : تثنية الحكاية ، 51 / العصا المبصرة : تجليات التوصيل في حاسة غائبة ، 69 / الحكمة الرعناء : حول القدرة التواصلية في الجنون ، 91 / فيض المكتوم : أو الطبيعة التواصـلية للأسـرار ، 121/ الراعي والجرة : الحكاية منظومة ، 133 .
  (4)- التناص : الآلية النقدية ، مقترب تاريخي من المناهج النقدية الحديثة : داود سلمان الشويلي ، مجلة الموقف الثقافي- العراق، ع26 ، س 2000 ، 61.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*